المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الشاهد الرابع عشر بعد الستمائة) - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي - جـ ٨

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب الْمَجْمُوع)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(جمع الْمُؤَنَّث السَّالِم)

- ‌(جمع التكسير)

- ‌(الْمصدر)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(اسْم الْفَاعِل)

- ‌(الشَّاهِد الموفي للستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْوَاحِد بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْعَاشِر بعد الستمائة)

- ‌(اسْم الْمَفْعُول)

- ‌(الصّفة المشبهة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي عشر بعد الستمائة)

- ‌(أفعل التَّفْضِيل)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الموفي للعشرين بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْوَاحِد وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الْفِعْل الْمَاضِي)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الْفِعْل الْمُضَارع)

- ‌(الشَّاهِد الثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(النواصب)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْوَاحِد وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السبعون بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

الفصل: ‌(الشاهد الرابع عشر بعد الستمائة)

المتقارب)

(وقدرك لم يعرها طارقٌ

وكلبك منجحرٌ أخرس)

قَالَ: كَلْبه ينجحر لِأَنَّهُ لَا يَأْتِيهِ طَارق وَلَا يكون فِي مَكَان يَأْتِيهِ فِيهِ.

وَأنْشد بعده

(الشَّاهِد الرَّابِع عشر بعد الستمائة)

الْبَسِيط لأَنْت أسود فِي عَيْني من الظُّلم لما تقدم قبله من أَن أسود أفعل تَفْضِيل من السوَاد جَاءَ على الشذوذ.

وَالْمعْنَى عَلَيْهِ لِأَن الْغَرَض كَون بَيَاض الشيب فِي نظره أَشد من سَواد الظُّلم مُبَالغَة فِي كَرَاهَة الشيب.

وَهُوَ عجز وصدره: ابعد بَعدت بَيَاضًا لَا بَيَاض لَهُ وَالْبَيْت ثَانِي بيتٍ من قصيدةٍ لأبي الطّيب المتنبي قَالَهَا فِي صباه. وَقَبله وَهُوَ مطْلعهَا:

(ضيفٌ ألم برأسي غير محتشم

وَالسيف أحسن فعلا مِنْهُ باللمم)

قَالَ الإِمَام الواحدي فِي شرح ديوَان المتنبي: جَمِيع من فسر هَذَا الشّعْر قَالَ فِي قَوْله:

ص: 238

لأَنْت أسود فِي عَيْني من الظُّلم

إِن هَذَا من الشاذ الَّذِي أجَازه الْكُوفِيُّونَ من نَحْو قَوْله: أَبيض من أُخْت بني أباض وَسمعت الْعَرُوضِي يَقُول: أسود هَا هُنَا: وَاحِد السود. وَالظُّلم: اللَّيَالِي الثَّلَاث فِي آخر الشَّهْر الَّتِي يُقَال لَهَا: ثلاثٌ ظلمٌ. يَقُول لبياض شَيْبه: أَنْت عِنْدِي واحدٌ من تِلْكَ اللَّيَالِي الظُّلم.

على أَن أَبَا الْفَتْح قد قَالَ مَا يُقَارب هَذَا. وَقد يُمكن أَن يكون لأَنْت أسود فِي عَيْني كلَاما تَاما ثمَّ ابْتَدَأَ يصفه فَقَالَ: من الظُّلم كَمَا يُقَال هُوَ كريمٌ من أَحْرَار.

وَهَذَا يُقَارب مَا ذكره الْعَرُوضِي غير أَنه لم يَجْعَل الظُّلم اللَّيَالِي فِي آخر الشَّهْر. انْتهى.

وَهَذَا التَّأْوِيل مُحَصل للْمُبَالَغَة الْمَذْكُورَة بِجعْل الْأسود من أَفْرَاد اللَّيَالِي الحنادس مَعَ تفصيه من الشذوذ.

وَقد مَشى على هَذَا التَّأْوِيل جمَاعَة مِنْهُم الشريف المرتضى فِي أَمَالِيهِ قَالَ: لأَنْت أسود فِي)

عَيْني كَلَام تَامّ ثمَّ قَالَ من الظُّلم أَي: من جملَة الظُّلم كَمَا يُقَال حرٌّ من أَحْرَار ولئيم من لئام أَي: من جُمْلَتهمْ.

(وأبيض من مَاء الْحَدِيد كَأَنَّهُ

شهابٌ بدا وَاللَّيْل داجٍ عساكره)

ص: 239

كَأَنَّهُ قَالَ: وأبيض كَائِن من مَاء الْحَدِيد. فَقَوله: من مَاء الْحَدِيد وصف

لأبيض وَلَيْسَ يتَّصل بِهِ كاتصال من بِأَفْضَل فِي قَوْلك: هُوَ أفضل من زيد وَكَذَلِكَ من الظُّلم فِي بَيت المتنبي.

وَمِنْهُم الحريري فِي درة الغواص قَالَ: وَقد عيب على المتنبي هَذَا الْبَيْت. وَمن تَأْوِيل لَهُ فِيهِ جعل أسود هُنَا من قبيل الْوَصْف الْمَحْض الَّذِي تأنيثه سَوْدَاء وَأخرجه عَن حيّز أفعل التقضيل وَيكون على هَذَا التَّأْوِيل قد تمّ الْكَلَام وكملت الْحجَّة فِي قَوْله: لأَنْت أسود فِي عَيْني وَتَكون من الَّتِي فِي قَوْله من الظُّلم لتبيين جنس السوَاد لِأَنَّهَا صلَة أسود.

وَمِنْهُم ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي قَالَ: علق بَعضهم من بأسود وَهَذَا يَقْتَضِي كَونه اسْم تَفْضِيل وَذَلِكَ ممتنعٌ فِي الألوان. وَالصَّحِيح أَن من الظُّلم صفة لأسود أَي: أسود كَائِن من جملَة الظُّلم.

وَكَذَلِكَ قَوْله أَيْضا: الْكَامِل

(يلقاك مرتدياً بأحمر من دمٍ

ذهبت بخضرته الطلى والأكبد)

من دم إِمَّا تَعْلِيل أَي: أَحْمَر من أجل التباسه بِالدَّمِ أَو صفة. كَأَن السَّيْف لِكَثْرَة التباسه بِالدَّمِ صَار دَمًا.

وَقَوله: ابعد هُوَ بِكَسْر الْهمزَة وَفتح الْعين: أمرٌ من بعد يبعد من بَاب فَرح بِمَعْنى هلك وذل.

قَالَ الواحدي: وعنى بالبياض الأول الشيب. يَقُول: يَا بَيَاضًا لَيْسَ لَهُ بَيَاض يَعْنِي بِهِ معنى قَول أبي تَمام: الطَّوِيل

(لَهُ منظرٌ فِي الْعين أَبيض ناصعٌ

وَلكنه فِي الْقلب أسود أسفع)

ص: 240

وَقَالَ الشريف المرتضى قدس سره: الْمَعْنى ظَاهر للنَّاس فِيهِ أَنه أَرَادَ لَا ضِيَاء لَهُ وَلَا نور وَلَا إشراق من حَيْثُ كَانَ حُلُوله محزناً مُؤذنًا بتقضي الْأَجَل.

وَهَذَا لعمري معنى ظَاهر إِلَّا أَنه يُمكن فِيهِ معنى آخر وَهُوَ يُرِيد: إِنَّك بياضٌ لَا لون بعده لِأَن الْبيَاض آخر ألوان الشّعْر فَجعل قَوْله: لَا بَيَاض لَهُ بِمَنْزِلَة قَوْله لَا لون بعده.

وَإِنَّمَا سوغ ذَلِك لَهُ أَن الْبيَاض هُوَ الْآتِي بعد السوَاد فَلَمَّا نفى أَن يكون للشيب بياضٌ كَمَا نفيا لِأَن يكون بعده لون. انْتهى.)

وبياضاً: تَمْيِيز محول عَن الْفَاعِل وَالْعرب تكنى بالبياض عَن الْحسن وَمِنْه يَد بَيْضَاء. أَي: أهلك الله من لَا بَيَاض لَهُ.

وَالظُّلم: جمع ظلمَة بِمَعْنى الظلام وَيكون اسْما لثلاث ليالٍ من آخر الشَّهْر.

وَقَوله: ضيفٌ ألم برأسي إِلَخ قَالَ الواحدي: عَنى بالضيف الشيب كَمَا قَالَ الآخر: السَّرِيع

(أَهلا وسهلاً بمضيفٍ نزل

أستودع الله أليفاً رَحل)

يُرِيد الشيب والشباب. والمحتشم: المتقبض والمستحي. يُرِيد أَن الشيب ظهر فِي رَأسه شَائِعا دفْعَة من غير أَن يظْهر فِي تراخ ومهلة. وَهَذَا معنى قَوْله: غير محتشم.

ثمَّ فضل فعل السَّيْف بالشعر على فعل الشيب لِأَن الشيب يبيضه وَذَاكَ أقبح ألوان الشّعْر وَلذَلِك سنّ تَغْيِيره بالحمرة وَالسيف يكسبه حمرَة.

على أَن ظَاهر قَوْله: أحسن فعلا مِنْهُ باللمم يُوجب أَن الشّعْر الْمَقْطُوع بِالسَّيْفِ أحسن من الشّعْر الْأَبْيَض بالشيب لِأَن السَّيْف إِذا صَادف الشيب قطعه وَإِنَّمَا يكسبه حمرَة إِذا قطع اللَّحْم.

وَقد قَالَ البحتري:

ص: 241

الطَّوِيل

(وددت بَيَاض السَّيْف يَوْم لقينني

مَكَان بَيَاض الشيب حل بمفرقي)

فَجعل نزُول السَّيْف بِرَأْسِهِ أحب إِلَيْهِ من نزُول الشيب. انْتهى.

وَقد ضمن البوصيري صَاحب الْبردَة مطلع المتنبي فَقَالَ: وأجاد: الْبَسِيط

(وَلَا أعدت من الْفِعْل الْجَمِيل قرى

ضيفٍ ألم برأسي غير محتشم)

وَقد تقدّمت تَرْجَمَة المتنبي فِي الشَّاهِد الْوَاحِد وَالْأَرْبَعِينَ بعد الْمِائَة.

وَأنْشد بعده الْكَامِل

(إِن الَّذِي سمك السَّمَاء بنى لنا

بَيْتا دعائمه أعز وأطول)

على أَنه يجوز أَن يكون حذف مِنْهُ الْمَفْضُول أَي: أعز من دعائم كل بَيت أَو من دعائم بَيْتك.

وَعَلِيهِ اقْتصر صَاحب الْمفصل واللباب.

وَقدره بَعضهم: أعز من سَائِر الدعائم. وَقَالَ ابْن المستوفي: قَالُوا أعز وأطول من السَّمَاء على مُبَالغَة الشُّعَرَاء.

وَنقل التبريزي فِي شرح الكافية عَن الطرماح أَنه قَالَ للفرزدق: يَا أَبَا فراس أعز مِم وأطول مِم)

فَأذن مُؤذن. وَقَالَ: الله أكب فَقَالَ الفرزدق: يَا لكع ألم تسمع مَا يَقُول الْمُؤَذّن أكبر مِم ذَا فَقَالَ: من كل شَيْء. فَقَالَ: أعز من كل عَزِيز وأطول من كل طَوِيل. انْتهى.

ص: 242

وَيجوز أَن يكون الْمَحْذُوف مُضَافا إِلَيْهِ أَي: أعز دعامةٍ وأطولها.

وَبَقِي احتمالٌ ثَالِث وَهُوَ أَن يكون أفعل فِيهِ بِمَعْنى فَاعل. قَالَ الْمبرد فِي الْكَامِل: وَجَائِز أَن يكون التَّقْدِير: دعائمه عزيزة وطويلة.

وَبِه أوردهُ ابْن النَّاظِم وَابْن عقيل فِي شرح الألفية.

قَالَ الْعَيْنِيّ: الاستشهاد فِيهِ أَنَّهُمَا على وزن أفعل التَّفْضِيل وَلَكِن لم يقْصد بهما تَفْضِيل فَإِنَّهُمَا وعمم الخلخالي فِي شرح تَلْخِيص الْمِفْتَاح فَقَالَ: أَي من كل شَيْء أَو من بَيْتك يَا جرير أَو من السَّمَاء أَو غزيزٍ طَوِيل.

وَنقل أَبُو حَيَّان فِي تَذكرته عَن أبي عُبَيْدَة أَنه قَالَ: يكون أفعل بِمَعْنى فعيل وفاعل غير مُوجب تَفْضِيل شَيْء على شَيْء كَقَوْلِه تَعَالَى: وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ. وَبقول الْأَحْوَص: الْكَامِل قسما إِلَيْك مَعَ الصدود لأميل وَبقول الفرزدق: بَيْتا دعائمه أعز وأطول وَبقول الآخر: الطَّوِيل

(تمنى رجالٌ أَن أَمُوت وَإِن أمت

فَتلك سبيلٌ لَيست فِيهَا بأوحد)

ص: 243

. قَالَ أَبُو حَيَّان: وزرى النحويون عَلَيْهِ هَذَا القَوْل وَلم يسلمُوا لَهُ هَذَا الِاخْتِيَار وَقَالُوا: لَا يَخْلُو أفعل من التَّفْضِيل. وعارضوا حججه بالإبطال وتأولوا مَا اسْتدلَّ بِهِ. انْتهى.

وَنقل الْخلاف ابْن الْأَنْبَارِي فِي الزَّاهِر قَالَ: قَوْلهم الله أكبر سَمِعت أَبَا الْعَبَّاس يَقُول: اخْتلف أهل الْعَرَبيَّة فَقَالُوا: مَعْنَاهُ كَبِير.

وَاحْتَجُّوا بقول الفرزدق: أَرَادَ: دعائمه عزيزة طَوِيلَة.

وَاحْتَجُّوا بقول الآخر: لست فِيهَا بأوحد وَبقول معن: الطَّوِيل)

لعمرك مَا أَدْرِي وَإِنِّي لأوجل أَرَادَ: لوجلٌ.

وَبقول الْأَحْوَص: قسما إِلَيْك مَعَ الصدود لأميل أَرَادَ: المائل. وَاحْتَجُّوا بقوله تَعَالَى: وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ قَالُوا: مَعْنَاهُ هَين عَلَيْهِ. وَقَالَ الْكسَائي وَالْفراء وَهِشَام: الله أكبر مَعْنَاهُ أكبر من كل شَيْء فحذفت من لِأَن أفعل خبر.

وَاحْتَجُّوا بقول الشَّاعِر: الطَّوِيل

(إِذا مَا ستور الْبَيْت أرخين لم يكن

سراجٌ لنا إِلَّا ووجهك أنور)

ص: 244

أَرَادَ: أنور من غَيره.

وَقَالَ معن: الطَّوِيل أَرَادَ: أفضل من قَوْلهم. انْتهى.

وَقَالَ الْمبرد فِي الْكَامِل فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: يعلم السِّرّ وأخفى تَقْدِيره فِي الْعَرَبيَّة: وأخفى مِنْهُ.

وَالْعرب تحذف مثل هَذَا فَيَقُول الْقَائِل: مَرَرْت بالفيل أَو أعظم وَإنَّهُ كالبقة أَو أَصْغَر. فَأَما قَوْله تَعَالَى: وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ فَفِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: وَهُوَ المرضي عندنَا إِنَّمَا هُوَ: وَهُوَ عَلَيْهِ هَين لِأَن الله جلّ وَعز لَا يكون شيءٌ أَهْون عَلَيْهِ من شَيْء آخر.

وَقَالَ معن بن أَوْس: لعمرك مَا أَدْرِي وَإِنِّي لأوجل أَرَادَ: وَإِنِّي لوجلٌ. وَكَذَلِكَ يكون مَا فِي الْأَذَان: الله أكبر الله أكبر أَي: الله كَبِير لِأَنَّهُ إِنَّمَا يفاضل بَين الشَّيْئَيْنِ إِذا كَانَا من جنس وَاحِد فَيُقَال: هَذَا أكبر من هَذَا إِذا شاكله فِي بابٍ.

فَأَما: الله أَجود من فلَان وَالله أعلم بذلك مِنْهُ فوجهٌ بَين لِأَنَّهُ من طَرِيق الْعلم والمعرفة والبذل والإعطاء. وَقوم يَقُولُونَ: الله أكبر من كل شَيْء. وَلَيْسَ يَقع هَذَا على

ص: 245

مَحْض الرُّؤْيَة لِأَنَّهُ تبارك وتعالى لَيْسَ كمثله شَيْء.

وَكَذَلِكَ قَول الفرزدق: جَائِز أَن يكون قَالَ للَّذي يخاطبه: من بَيْتك فاستغنى عَن ذكر ذَلِك بِمَا جرى من المخاطبة)

والمفاخرة.

وَجَائِز أَن تكون دعائمه عزيزة طَوِيلَة كَمَا قَالَ الآخر: الرجز

(قبحتم يَا آل زيدٍ نَفرا

ألأم قومٍ أصغراً وأكبرا)

يُرِيد صغَارًا وكباراً. فَأَما قَول مَالك بن نُوَيْرَة فِي ذؤاب بن ربيعَة حَيْثُ قتل

عتيبة بن الْحَارِث بن شهَاب وفخر ببني أَسد بذلك مَعَ كَثْرَة من قتل بَنو يَرْبُوع مِنْهُم: الْكَامِل

(فخرت بَنو أسدٍ بمقتل مَالك

صدقت بَنو أسدٍ عتيبة أفضل)

فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أفضل مِمَّن قتلوا. على ذَلِك يدل الْكَلَام. وَقد أبان مَا قُلْنَا فِي بَيته الثَّانِي بقوله:

(فَخَروا بمقتله وَلَا يُوفي بِهِ

مثنى سراتهم الَّذين نقْتل)

وَالْقَوْل الثَّانِي فِي الْآيَة: وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ عنْدكُمْ لِأَن إِعَادَة الشَّيْء عِنْد النَّاس أَهْون من ابْتِدَائه حَتَّى يَجْعَل شيءٌ من غير شَيْء. انْتهى.

ص: 246

وَقَوله: سمك السَّمَاء إِلَخ سمك بِمَعْنى رفع وَأَرَادَ بِالْبَيْتِ بَيت الْعِزّ والشرف.

وَقَالَ الخلخالي: المُرَاد بِالْبَيْتِ هُوَ الْكَعْبَة وَقيل: هُوَ الْعِزَّة. وَتَبعهُ الْعَيْنِيّ والعباسي فِي الْمعَاهد.

قَالَ ابْن يعِيش: وأطول هَا هُنَا من الطول بِالْفَتْح الَّذِي هُوَ فِي الْفضل لَا من الطول بِالضَّمِّ الَّذِي وَهَذَا الْبَيْت أوردهُ عُلَمَاء الْمعَانِي على أَن فِيهِ جعل الْإِيمَاء إِلَى وَجه الْخَبَر وَسِيلَة إِلَى التَّعْرِيض بالتعظيم لشأنه. وَذَلِكَ فِي قَوْله: إِن الَّذِي سمك فَفِيهِ إيماءٌ إِلَى أَن الْخَبَر الْمَبْنِيّ عَلَيْهِ أَمر من جنس الرّفْعَة بِخِلَاف مَا لَو قيل إِن الله وَنَحْوه.

ثمَّ فِيهِ تَعْرِيض بتعظيم بنائِهِ لكَونه فعل من رفع السَّمَاء الَّتِي لَا أرفع من بنائها وَلَا أعظم. قَالَ الخلخالي: وَإِدْرَاك مثل ذَلِك يحْتَاج إِلَى لطف طبع.

وَالْبَيْت مطلع قصيدةٍ عدتهَا تسعةٌ وَتسْعُونَ بَيْتا للفرزدق يفخ بهَا على جرير ويهجوه. وَبعده:

(بَيْتا بناه لنا المليك وَمَا بنى

حكم السَّمَاء فَإِنَّهُ لَا ينْقل)

(بَيْتا زُرَارَة محتبٍ بفنائه

ومجاشعٌ وَأَبُو الفوارس نهشل)

(يلجون بَيت مجاشع وَإِذا احتبوا

برزوا كَأَنَّهُمْ الْجبَال الْمثل)

(لَا يحتبي بِفنَاء بَيْتك مثلهم

أبدا إِذا عد الفعال الْأَفْضَل)

وَتقدم بعض أَبْيَات مِنْهَا فِي بَاب الظروف فِي الشَّاهِد السَّابِع وَالتسْعين بعد الأربعمائة.

ص: 247

وبيتاً فِي الْبَيْتَيْنِ بِالتَّنْوِينِ بدل من الأول. وزرارة بِالضَّمِّ هُوَ زُرَارَة بن عدس بِالضَّمِّ أَيْضا ابْن)

زيد بن عبد الله بن دارم. ومجاشع: ابْن درام. ونهشل: ابْن دارم. ومحتبٍ: اسْم فَاعل من الاحتباء.

روى صَاحب الأغاني بِسَنَدِهِ عَن سَلمَة بن عَيَّاش قَالَ: دخلت على الفرزدق السجْن وَهُوَ محبوسٌ فِيهِ وَقد قَالَ قصيدته: إِن الَّذِي سمك السَّمَاء بنى لنا

...

. الْبَيْت وَقد أفحم وأجبل فَقلت لَهُ: أَلا أرفدك فَقَالَ: وَهل ذَلِك عنْدك فَقلت: نعم.

ثمَّ قلت: بَيْتا زُرَارَة محتبٍ بفنائه

...

الْبَيْت فاستجاده وغاظه قولي فَقَالَ لي: مِمَّن أَنْت قلت: من بني عَامر بن لؤَي. فَقَالَ: لئامٌ وَالله جاورتهم بِالْمَدِينَةِ فَمَا أحمدتهم. فَقلت: ألأم وَالله مِنْهُم قَوْمك جَاءَك رَسُول مَالك بن الْمُنْذر وَأَنت سيدهم وشاعرهم فَأخذ بأذنك يقودك حَتَّى

حَبسك فَمَا اعْتَرَضَهُ أحد وَلَا نصرك.

فَقَالَ: قَاتلك الله مَا أمكرك وَأخذ الْبَيْت فَأدْخلهُ فِي قصيدته. انْتهى.

ويلجون من الولوج وَهُوَ الدُّخُول. والمثل: جمع ماثل كركع جمع رَاكِع. والفعال بِالْفَتْح: الْجَمِيل.

وَقد عَارضه جريرٌ بقصيدةٍ مثلهَا عدتهَا اثْنَان وَسِتُّونَ بَيْتا مِنْهَا:

ص: 248