الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقد تقدّمت تَرْجَمَة ابْن قيس الرقيات فِي الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّلَاثِينَ بعد الْخَمْسمِائَةِ.
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)
فثم إِذا أَصبَحت أَصبَحت غاديا على أَن الْحَرْف قد يُبدل من مثله الْمُوَافق لَهُ فِي الْمَعْنى كَمَا فِي الْبَيْت فَإِن ثمَّ بدلٌ من الْفَاء.
وَذهب ابْن جني فِي سر الصِّنَاعَة وَتَبعهُ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي إِلَى أَن الْفَاء زَائِدَة. قَالَ: لِأَن الْفَاء قد عهد زيادتها.
وَكَذَا فِي كتاب الضرائر لِابْنِ عُصْفُور قَالَ: وَمن زِيَادَة الْفَاء قَوْله: الطَّوِيل
(يَمُوت أناسٌ أَو يشيب فتاهم
…
وَيحدث ناسٌ وَالصَّغِير فيكبر)
يُرِيد: وَالصَّغِير يكبر.
وَقَول أبي كَبِير: الْكَامِل
(فَرَأَيْت مَا فِيهِ فثم رزئته
…
فَلَبثت بعْدك غير راضٍ معمري)
يُرِيد: ثمَّ رزئته.
وَقَول الْأسود بن يعفر: الْكَامِل
(فلنهشلٌ قومِي ولي فِي نهشلٍ
…
نسبٌ لعمر أَبِيك غير غلاب)
زد الْفَاء فِي أول الْكَلَام لِأَن الْبَيْت أول القصيدة. اه.
وَقَالَ النيلي فِي شرح الكافية: الَّذِي أرَاهُ أَن الْفَاء للتَّرْتِيب الْمُتَّصِل فِي الحكم وَكَأن الشَّاعِر وَنقل السُّيُوطِيّ فِي شرح أَبْيَات الْمُغنِي: عَن السيرافي أَنه قَالَ: الأجود فثم بِفَتْح الْمُثَلَّثَة لكَرَاهَة دُخُول عاطف على عاطف.
وَالْبَيْت من قصيدةٍ لزهير بن أبي سلمى وَهِي: الطَّوِيل)
(أَلا لَيْت شعري هَل يرى النَّاس مَا أرى
…
من الْأَمر أَو يَبْدُو لَهُم مَا بدا ليا)
(بدا لي أَن النَّاس تفنى نُفُوسهم
…
وَأَمْوَالهمْ وَلَا أرى الدَّهْر فانيا)
(وَأَنِّي مَتى أهبط من الأَرْض تلعةً
…
أجد أثرا قبلي جَدِيدا وعافيا)
(أَرَانِي إِذا مَا بت بت على هوى
…
فثم إِذا أَصبَحت أَصبَحت غاديا)
(إِلَى حفرةٍ أهوي إِلَيْهَا مقيمةٍ
…
يحث إِلَيْهَا سائقٌ من ورائيا)
(كَأَنِّي وَقد خلفت تسعين حجَّة
…
خلعت بهَا عَن مَنْكِبي ردائيا)
(بدا لي أَنِّي عِشْت تسعين حجَّة
…
تباعا وَعشرا عشتها وثمانيا)
(بدا لي أَن الله حقٌّ فزادني
…
من الْحق تقوى الله مَا قد بدا ليا)
(بدا لي أَنِّي لست مدرك مَا مضى
…
وَلَا سَابِقًا شَيْئا إِذا كَانَ جائيا)
(أَرَانِي إِذا مَا شِئْت لاقيت آيَة
…
تذكرني بعض الَّذِي كنت نَاسِيا)
(وَمَا إِن أرى نَفسِي تقيها كَرِيمَتي
…
وَمَا إِن تَقِيّ نَفسِي كَرِيمَة ماليا)
…
(وَإِلَّا السَّمَاء والبلاد وربنا
…
وأيامنا مَعْدُودَة واللياليا)
(ألم تَرَ أَن الله أهلك تبعا
…
وَأهْلك لُقْمَان بن عادٍ وعاديا)
(وَأهْلك ذَا القرنين من قبل مَا ترى
…
وَفرْعَوْن أردى كَيده والنجاشيا)
(إِذا أعجبتك الدَّهْر حالٌ من امرىءٍ
…
فَدَعْهُ وواكل حَاله واللياليا)
(أَلا لَا أرى ذَا إمةٍ أَصبَحت بِهِ
…
فتتركه الْأَيَّام وَهِي كَمَا هيا)
(ألم تَرَ للنعمان كَانَ بنجوةٍ
…
من الشَّرّ لَو أَن امْرأ كَانَ ناجيا)
(فَغير عَنهُ ملك عشْرين حجَّة
…
من الدَّهْر يومٌ واحدٌ كَانَ غاويا)
(فَلم أر مسلوباً لَهُ مثل ملكه
…
أقل صديقا معطياً أَو مواسيا)
(فَأَيْنَ الَّذين كَانَ يُعْطي جياده
…
بأرسانهن والحسان الغواليا)
(وَأَيْنَ الَّذين كَانَ يعطيهم الْقرى
…
بغلاتهم والمئين العواديا)
(وَأَيْنَ الَّذين يحْضرُون جفانه
…
إِذا قدمت القوا عَلَيْهَا المراسيا)
(رَأَيْتهمْ لَو يشركوا بنفوسهم
…
منيته لما رَأَوْا أَنَّهَا هيا)
(سوى أَن حَيا من رَوَاحَة حَافظُوا
…
وَكَانُوا أُنَاسًا يَتَّقُونَ المخازيا)
(فَسَارُوا لَهُ حَتَّى أناخوا بِبَابِهِ
…
كرام المطايا والهجان المتاليا))
(وَأجْمع أمرا كَانَ مَا بعده لَهُ
…
وَكَانَ إِذا مَا اخلولج الْأَمر مَاضِيا)
قَالَ صعوداء والأعلم الشنتمري فِي شرحيهما لديوان زُهَيْر: هَذِه القصيدة قَالَهَا زُهَيْر يذكر النُّعْمَان بن الْمُنْذر حَيْثُ طلبه كسْرَى ليَقْتُلهُ ففر فَأتى طيئاً وَكَانَت ابْنة أَوْس بن حَارِثَة بن لأم عِنْده فَأَتَاهُم فَسَأَلَهُمْ أَن يدخلوه جبلهم فَأَبَوا عَلَيْهِ.
وَكَانَت لَهُ يدٌ فِي بني عبس فِي مَرْوَان بن زنباع وَكَانَ أسر فَكلم فِيهِ عَمْرو بن
هِنْد عَمه وشفع لَهُ فشفعه وَحمله النُّعْمَان بن الْمُنْذر وكساه. فَكَانَت بَنو عبس يشكرون ذَلِك للنعمان فَلَمَّا هرب من كسْرَى وَلم تدخله طيىءٌ جبلها لَقيته بَنو رَوَاحَة من عبس وهم رَهْط مَرْوَان بن زنباع فَقَالُوا لَهُ: أقِم فِينَا فَإنَّا نَمْنَعك من كسْرَى وَمِمَّا نمْنَع مِنْهُ أَنْفُسنَا. فَقَالَ لَهُم: لَا طَاقَة لكم بكسرى وَجُنُوده. فَأبى وَسَارُوا مَعَه فَأثْنى عَلَيْهِم خيرا وودعهم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: لَيست لزهير وَيُقَال هِيَ لصرمة الْأنْصَارِيّ. وَلَا تشبه كَلَام زُهَيْر.
وَقَوله: وَلَا أرى الدَّهْر فانيا قَالَ صعوداء: يُقَال إِن الدَّهْر هُوَ الله جلّ وَعز ثَنَاؤُهُ وَإِنَّمَا يُرَاد بذلك أَن الَّذِي يحدثه الدَّهْر إِنَّمَا هُوَ من تَقْدِير الله فَلَا يَنْبَغِي أَن يسب الدَّهْر لِأَنَّهُ يرجع إِلَى سبّ مَا قدر الله.
وَقَوله: وَأَنِّي مَتى أهبط إِلَخ قَالَ الأعلم: التلعة: مجْرى المَاء إِلَى
الرَّوْضَة وَتَكون فِيمَا علا عَن والعافي: الدارس. يَقُول: حَيْثُمَا سَار الْإِنْسَان من الأَرْض فَلَا يَخْلُو من أَن يجد فِيهِ أثرا قَدِيما أَو حَدِيثا.
وَقَوله: أَرَانِي إِذا مَا بت إِلَخ مَعَ الْبَيْت بعده قَالَ صعوداء: على هوى أَي: على أَمر. يَقُول: أَرَانِي إِذا مَا بت على أمرٍ أَو حَاجَة أريدها ثمَّ أغدو وأدع.
وَقَالَ الأعلم: أَي: لي حَاجَة لَا تَنْقَضِي أبدا لِأَن الْإِنْسَان مَا دَامَ حَيا فَلَا بُد من أَن يهوى شَيْئا وَيحْتَاج إِلَيْهِ.
وَلم يتَعَرَّض كلٌّ مِنْهُمَا إِلَى قَوْله فثم.
وَفِي جَمِيع النّسخ: غاديا بالغين الْمُعْجَمَة. وروى الْبَيْت فِي مُغنِي اللبيب كَذَا:
(أَرَانِي إِذا أَصبَحت أَصبَحت ذَا هوى
…
فثم إِذا أمسيت أمسيت عاديا)
قَالَ ابْن الملا: أَرَانِي من أَفعَال الْقُلُوب الَّتِي يجوز أَن يكون فاعلها ومفعولها الأول ضميرين متصلين متحدي الْمَعْنى.)
والهوى: إِرَادَة النَّفس أَي: أصبح مرِيدا لشيءٍ وأمسي تَارِكًا لَهُ متجاوزاً عَنهُ. يُقَال: عدا فلَان الْأَمر إِذا تجاوزه.
قَالَ الشمني: وَهَذَا يدل على أَن عادياً بِالْعينِ الْمُهْملَة. وَهُوَ مضبوطٌ فِي بعض نسخ الْمُغنِي وَغَيره
قَالَ ابْن القطاع: غَدا إِلَى كَذَا: أصبح إِلَيْهِ. وَرِوَايَة الإعجام أنسب بِالْبَيْتِ بعده إِذْ يُقَال غَدا إِلَى كَذَا بِمَعْنى صَار إِلَيْهِ. وَإِن صَحَّ أَن يُقَال: الْمَعْنى متجاوزاً إِلَى حُفْرَة. وَوصف الحفرة بِكَوْنِهَا مُقِيمَة إِمَّا على مُعْتَقد الْجَاهِلِيَّة من أَنه لَا فنَاء للْعَالم وَلَا بعث أَو المقيمة عبارةٌ عَن ذَات الْمدَّة الطَّوِيلَة.
والسائق: الَّذِي يحث على الْعَدو إِلَى تِلْكَ الحفرة وَهُوَ الزَّمَان فَإِنَّهُ المفني المبيد عِنْدهم. اه.
وَقَوله: كَأَنِّي وَقد خلفت إِلَى آخِره قَالَ الأعلم: أَي لَا أجد مس شيءٍ مضى فَكَأَنَّمَا خلعت بِهِ رِدَائي عَن مَنْكِبي.
وَقَوله: بدا لي أَنِّي لست مدرك مَا مضى
يَأْتِي إِن شَاءَ الله شَرحه فِي الجوازم.
وَقَوله: أَرَانِي إِذا مَا شِئْت إِلَخ أَي: إِذا غفلت عَن حوادث الدَّهْر من موت وَغَيره ونسيتها رَأَيْت آيةٌ مِمَّا تصيب غَيْرِي فذكرتني مَا كنت نسيت. وَالْآيَة: الْعَلامَة.
وَقَوله: وَمَا إِن رأى إِلَخ قَالَ صعوداء: كَرِيمَة مَاله: أَهله وخاصته. وروى الأعلم: كريهتي وَقَالَ: لَا تَقِيّ نَفسِي من الْمَوْت كريهتي أَي: شدتي وجراءتي وَلَا تقيها كرائم مَالِي.
وعادياء أَبُو السموءل بن حَيا بن عادياء. وَكَانَ لَهُ حصن بتيماء وَهُوَ الَّذِي استودعه امراء الْقَيْس أدراعه.
وَقَالَ صعوداء: عادياء ابْن عَاد. وَأول من سنّ الدِّيَة لُقْمَان بن عَاد. وَأول من تكلم بِالْعَرَبِيَّةِ العمالقة بِمَكَّة مُلُوك كَانَ يُقَال لَهُم العمالقة وَلَا يدرى لأي شَيْء سموا بذلك. اه.
وَالنَّجَاشِي: ملك الْحَبَشَة. وَالْأمة بِالْكَسْرِ: النِّعْمَة وَالْحَالة الْحَسَنَة أَي: من كَانَ ذَا نعْمَة فالأيام لَا تتركه وَنعمته كَمَا عهِدت أَي: لابد من أَن تغيرها الْأَيَّام.
وَقَوله: كَانَ بنجوة من الشَّرّ أَي: كَانَ بمعزل مِنْهُ. يُقَال: فلانٌ بنجوةٍ من السَّيْل إِذا كَانَ بِموضع مُرْتَفع حَيْثُ لَا يُدْرِكهُ السَّيْل. وروى صعوداء: بنجوة من الْعَيْش وَقَالَ: أَي كَانَ بمرتفع من)
السُّلْطَان وَالْملك.
وَقَوله: فَغير عَنهُ ملك إِلَخ وَالْحجّة بِالْكَسْرِ: السّنة. والغاوي هُنَا: الْوَاقِع فِي هلكة. وَقَالَ صعوداء: نسب الْيَوْم إِلَى الغي لِأَن الغي كَانَ فِيهِ.
وَقَوله: فَلم أر مسلوباً إِلَخ يَقُول: لم أر إنْسَانا سلب النَّعيم وَالْملك وَله عِنْد النَّاس أيادٍ وَنعم كَثِيرَة فَلم يَفِ لَهُ أحدٌ وَلم يواسه كالنعمان حِين لم يجره من استجار بِهِ.
والباذل: الْمُعْطِي. وَقَوله: والمئين الغواديا أَي: كَانَ يهب المئين من الْإِبِل فتغدو عَلَيْهِم.
وَقَوله: ألقوا عَلَيْهَا المراسيا أَي: ثبتوا عَلَيْهَا آكلين مِنْهَا. والمراسي: