الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)
وَهُوَ من شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ: الوافر
(سأترك منزلي لبني تميمٍ
…
وَألْحق بالحجاز فأستريحا)
على أَن أستريح جَاءَ مَنْصُوبًا بعد الْفَاء فِي ضَرُورَة الشّعْر فِيمَا لَيْسَ فِيهِ معنى النَّفْي أصلا.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقد يجوز النصب فِي الْوَاجِب فِي اضطرار الشّعْر ونصبه فِي الإضطرار من حَيْثُ انتصب فِي غير الْوَاجِب وَذَلِكَ لِأَنَّك تجْعَل أَن العاملة. فمما نصب فِي الشّعْر اضطراراً قَوْله: وَهُوَ ضعيفٌ فِي الْكَلَام. انْتهى.
قَالَ الأعلم: ويروى: لأستريحا: وَلَا ضَرُورَة فِيهِ على هَذَا.
وَقَالَ ابْن السراج فِي الْأُصُول: جعل لحاقه بالحجاز سَببا لاستراحته فتقديره لما نصب كَأَنَّهُ قَالَ: يكون لحاقٌ فاستراحة.
وَقد جَاءَ مثله فِي الشّعْر لقومٍ فصحاء إِلَّا أَنه قبح النصب فِي الْعَطف على الْوَاجِب الَّذِي على غير شَرطه لِأَنَّهُ قد جعل لهَذَا الْمَعْنى آلاتٌ وَكَانَ حق الْكَلَام أَن يَقُول: لَو كَانَ فِي غير شعر: وَألْحق بالحجاز فَإِذا لحقت استرحت أَو: وَإِن ألحق أسترح.)
وَمَعَ ذَلِك فَإِن الْإِيجَاب على غير شَرط أصل الْكَلَام وَإِزَالَة اللَّفْظ عَن جِهَته فِي الْفُرُوع أحسن مِنْهَا فِي الْأُصُول لِأَنَّهَا أدل على الْمعَانِي. انْتهى.
وَنقل أَبُو عَليّ هَذِه الْعبارَة بِعَينهَا فِي التَّذْكِرَة.
وَأورد ابْن عُصْفُور فِي كتاب الضرائر لهَذَا الْبَيْت نَظَائِر ثمَّ قَالَ:
لما اضْطر إِلَى اسْتِعْمَال النصب بدل الرّفْع حكم لَهَا حكم الْأَفْعَال الْوَاقِعَة بعد الْفَاء فِي الْأَجْوِبَة الثَّمَانِية فنصب بإضمار أَن وتؤولت الْأَفْعَال الَّتِي قبلهَا تَأْوِيلا يُوجب النصب فَحكم لقَوْله وَألْحق بالحجاز بِحكم: وَيكون مني لحاقٌ بالحجاز فاستراحة فعطفت بِالْفَاءِ على الْمصدر المتوهم. انْتهى.
وَلبس عباءةٍ وتقر عَيْني غير جيد. وَقَالَ أَيْضا: لقائلٍ أَن يَقُول: لَا نسلم أَن أستريح مَنْصُوب بل هُوَ مَرْفُوع مُؤَكد بالنُّون الْخَفِيفَة مَوْقُوفا عَلَيْهَا بِالْألف وتأكيد مثل هَذَا جَائِز فِي الضَّرُورَة.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: يجوز للْمُضْطَر: أَنْت تفعلن. وَلَا شكّ أَن التَّخْرِيج على هَذَا مُتَّجه بِخِلَاف التَّخْرِيج على النصب مَعَ فقد شَرطه.
هَذَا كَلَامه.
وَهُوَ من بَاب غسل الدَّم بِالدَّمِ لِأَنَّهُ تفصى من ضَرُورَة ولجأ إِلَى ضَرُورَة وَشرط كلٍّ من النصب والتأكيد مَفْقُود.
وَنقل الدماميني أَن بَعضهم رام تَخْرِيجه على النصب فِي جَوَاب النَّفْي الْمَعْنَوِيّ الْمُسْتَفَاد من قَوْله: سأترك منزلي إِذْ مَعْنَاهُ: لَا أقيم بِهِ. ثمَّ تعقبه بِأَنَّهُ غير مُتَّجه لِأَن جَوَاب النَّفْي منفيٌّ لَا ثَابت نَحْو: مَا جَاءَ زيد فَأكْرمه بِالنّصب والاستراحة ثَابِتَة لَا منفية.
وَالْبَيْت لم يعزه أحدٌ من خدمه كتاب سِيبَوَيْهٍ إِلَى قائلٍ معِين.