المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الشاهد الحادي والخمسون بعد الستمائة) - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي - جـ ٨

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب الْمَجْمُوع)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(جمع الْمُؤَنَّث السَّالِم)

- ‌(جمع التكسير)

- ‌(الْمصدر)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(اسْم الْفَاعِل)

- ‌(الشَّاهِد الموفي للستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْوَاحِد بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْعَاشِر بعد الستمائة)

- ‌(اسْم الْمَفْعُول)

- ‌(الصّفة المشبهة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي عشر بعد الستمائة)

- ‌(أفعل التَّفْضِيل)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الموفي للعشرين بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْوَاحِد وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الْفِعْل الْمَاضِي)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الْفِعْل الْمُضَارع)

- ‌(الشَّاهِد الثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(النواصب)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْوَاحِد وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السبعون بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

الفصل: ‌(الشاهد الحادي والخمسون بعد الستمائة)

بعد الْمِائَة.

وَهُوَ ابْن حُصَيْن ابْن ضرار بن عَمْرو بن مَالك بن زيد بن كَعْب بن بجالة. إِلَى آخر النّسَب.

(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

وَهُوَ من شَوَاهِد س: الطَّوِيل

(لَئِن عَاد لي عبد الْعَزِيز بِمِثْلِهَا

وأمكنني مِنْهَا إِذن لَا أقيلها)

على أَن إِذن لَا تعْمل فِي الْمُضَارع الَّذِي يَقع جَوَابا للقسم الَّذِي قبلهَا كَمَا فِي الْبَيْت. ف إِذن مُهْملَة لعدم التصدر وَلَا أقيلها مرفوعٌ وَهُوَ جَوَاب الْقسم الْمَذْكُور فِي بَيت قبله وَهُوَ:

(حَلَفت بِرَبّ الراقصات إِلَى منى

يغول الفيافي نَصهَا وزميلها)

وَاللَّام فِي لَئِن هِيَ اللَّام المؤذنة وَيُقَال لَهَا الموطئة لِأَنَّهَا آذَنت أَي: أعلمت ووطأت أَن الْجَواب للقسم الْمَذْكُور جَريا على المألوف الْمَشْهُور فِي اجْتِمَاع الشَّرْط وَالْقسم أَن يكون الْجَواب للسابق مِنْهُمَا وَجَوَاب الْمُؤخر محذوفٌ لسد الْمَذْكُور مسده.

قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَمن ذَلِك: وَالله إِذا لَا أفعل من قبل أَن أفعل مُعْتَمد على الْيَمين وَإِذن لَغْو.

وَقَالَ كثير عزة: لَئِن عَاد لي عبد الْعَزِيز بِمِثْلِهَا

...

... وَالْبَيْت

ص: 473

قَالَ الأعلم: الشَّاهِد فِيهِ إِلْغَاء إِذن وَرفع لَا أقيلها اعْتِمَادًا على الْقسم الْمُقدر فِي أول الْكَلَام.

وَكَذَا صنع الشاطبي فِي شرح الألفية وَقَالَ: إِن جملَة لَا أقيلها جَوَاب الْقسم: قَالَ: مثله قَول الآخر: الطَّوِيل

(لَئِن نائبات الدَّهْر يَوْمًا أدلن لي

على أم عمروٍ دولةً لَا أقيلها)

وَهَذَا الْبَيْت من الحماسة.

قَالَ ابْن جني فِي إعرابها: رَفعه لَا أقيلها يدلك على أَنه مُعْتَمد للْيَمِين وَأَن اللَّام فِي لَئِن لَيست الْجَواب للقسم فِي الْبَيْت الَّذِي قبله. اه.

وَلَا يَصح هُنَا جعل الْجُمْلَة جَوَابا للشّرط وَإِلَّا قيل لَا أقلهَا بِالْجَزْمِ فَإِن الْمُضَارع الْمَنْفِيّ بِلَا وَلم)

يجْزم شرطا وجواباً وَلم يفْتَقر إِلَى الْفَاء.

وَزعم ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي أَن جملَة لَا أقيلها جَوَاب إِن. قَالَ فِيهِ: وَالْأَكْثَر أَن تكون إِذن جَوَابا لإن أَو لَو ظاهرتين أَو مقدرتين.

فَالْأول كَقَوْلِه: لَئِن عَاد لي عبد الْعَزِيز بِمِثْلِهَا

...

الْبَيْت وَاعْترض عَلَيْهِ الدماميني فِي الْحَاشِيَة الْهِنْدِيَّة بِأَنَّهُ مخالفٌ للقاعدة الْمَشْهُورَة وَهِي أَن الْقسم وَالشّرط مَتى اجْتمعَا فَالْجَوَاب للسابق مِنْهُمَا وَاللَّام مصاحبة لقسمٍ مَذْكُور فِي بيتٍ قبلهَا فَالْجَوَاب للقسم السَّابِق لَا للشّرط اللَّاحِق وَلِهَذَا لم يجْزم

الْفِعْل. وَإِلَّا فَلَو كَانَ للشّرط لجزم.

انْتهى.

ص: 474

وَمَا ذكره من الْقَاعِدَة فِي اجْتِمَاعهمَا هُوَ مَا نظمه ابْن مَالك فِي الألفية وَقَالَ:

(واحذف لَدَى اجْتِمَاع شرطٍ وَقسم

جَوَاب مَا أخرت فَهُوَ مُلْتَزم)

وَلم يذكر الشاطبي فِي شَرحه خلافًا فِي هَذَا. وَبِه تعلم سُقُوط قَول ابْن الملا فِي شرح الْمُغنِي: إِطْلَاق أَن إِذن جوابٌ مجَاز فَلَا يرد أَن رابط هَذَا الشَّرْط إِنَّمَا هُوَ الْفَاء أَو إِذا الفجائية ليقال: أَرَادَ بِكَوْنِهَا حرف جوابٍ أَنَّهَا تخْتَص بِهِ وَإِن لم تكن رابطةً لَهُ بِالشّرطِ.

والاعتراض بِأَن مَا ذكره مخالفٌ للقاعدة فَالْجَوَاب أَن التَّمْثِيل هُنَا لَيْسَ على الْمَشْهُور بل على رَأْي ابْن مَالك كَمَا هُوَ مَذْهَب الْفراء من جعل الْجَواب للشّرط الْمُتَأَخر. هَذَا كَلَامه إِن كَانَ لَهُ.

وَقد عرفت أَن الْجَواب لَو كَانَ للشّرط لجزم وَلم يحْتَج للفاء أَو إِذا.

وَأغْرب من هَذَا قَول الْعَيْنِيّ: لَا أقيلها: فِي مَوضِع جزم على جَوَاب الشَّرْط وعملت إِن فِي الْموضع دون اللَّفْظ.

والاستشهاد فِي إِذن حَيْثُ ألغيت لوقوعها بَين الْقسم وَالْجَوَاب وهما: حَلَفت وَلَا أقيلها. تَتِمَّة قَالَ أَبُو عَليّ فِي الْمسَائِل البغدادية: ذكر سِيبَوَيْهٍ لَئِن أتيتني لَأَفْعَلَنَّ وَمَا أشبهه نَحْو قَوْله تَعَالَى: وَلَئِن جئتهم بِآيَة ليَقُولن الَّذين كفرُوا فَزعم أَن الَّذِي يعْتَمد عَلَيْهِ الْيَمين اللَّام الثَّانِيَة فاعتل أَبُو إِسْحَاق لذَلِك فِي كِتَابه فِي الْقُرْآن عِنْد

قَوْله تَعَالَى:

ص: 475

وَلَقَد علمُوا لمن اشْتَرَاهُ بِأَن قَالَ: إِن اللَّام)

الثَّانِيَة هِيَ لَام الْقسم فِي الْحَقِيقَة لِأَنَّك إِنَّمَا حَلَفت على فعلك لَا على فعل غَيْرك فِي قَوْلك: وَالله لَئِن جئتني لأكرمنك.

وَهَذَا الَّذِي اعتل بِهِ فاسدٌ جدا ضَعِيف وَذَلِكَ أَنه لَو قَالَ: وَالله لَئِن جئتني ليقومن عَمْرو لَكَانَ الَّذِي يعْتَمد عَلَيْهِ الْقسم اللَّام الثَّانِيَة مَعَ أَن الْحَالِف لم يحلف على فعل نَفسه وَإِنَّمَا حلف على فعل غَيره. فَهَذَا عِنْدِي بَين الْفساد. وَلَكِن مِمَّا يدل على أَن الِاعْتِمَاد على اللَّام الثَّانِيَة أَو مَا يقوم مقَامهَا مِمَّا يتلَقَّى بِهِ الْقسم قَول كثير: لَئِن عَاد لي عبد الْعَزِيز بِمِثْلِهَا

...

الْبَيْت فَلَو كَانَ الِاعْتِمَاد على اللَّام فِي لَئِن دون لَا أقيلها لوَجَبَ أَن ينجزم الْفِعْل بعد لَا فِي الْجَزَاء فَلَمَّا ارْتَفع الْفِعْل الَّذِي هُوَ لَا أقيلها علمت أَن مُعْتَمد الْيَمين إِنَّمَا هُوَ على اللَّام الثَّانِيَة أَو مَا أشبه اللَّام. فَمن هُنَا تعلم أَن الِاعْتِمَاد على الثَّانِيَة لَا من حَيْثُ ذكر. اه.

(وَإِن ابْن ليلى فَاه لي بمقالةٍ

وَلَو سرت فِيهَا كنت مِمَّن ينيلها)

(عجبت لتركي خطة الرشد بَعْدَمَا

بدا لي من عبد الْعَزِيز قبُولهَا)

(وَأمي صعبات الْأُمُور أروضها

وَقد أمكنتني يَوْم ذل ذلولها)

(حَلَفت بِرَبّ الراقصات إِلَى منى

يغول الْبِلَاد نَصهَا وزميلها)

لَئِن عَاد لي عبد الْعَزِيز

... . الْبَيْت

(فَهَل أَنْت إِن رَاجَعتك القَوْل مرّة

بِأَحْسَن مِنْهَا عائدٌ فمقيلها)

ص: 476

. قَالَ ابْن هِشَام اللَّخْمِيّ فِي شرح أَبْيَات الْجمل: ذكر أهل الْأَخْبَار أَن كثيرا لما دخل على عبد الْعَزِيز فأنشده قصيدته الَّتِي ألحق فِيهَا الْبَيْت المستشهد بِهِ مَعَ الأبيات الْمُتَقَدّمَة أعجب بقوله فِيهَا: الطَّوِيل

(إِذا ابتدر النَّاس المكارم بذهم

عراضة أَخْلَاق ابْن ليلى وطولها)

فَقَالَ: حكمك يَا أَبَا صَخْر. قَالَ: فَإِنِّي أحكم أَن أكون مَكَان ابْن رمانة.

وَكَانَ ابْن رمانة كَاتب عبد الْعَزِيز وَصَاحب أمره. فَقَالَ لَهُ عبد الْعَزِيز: ترحاً لَك مَا أردْت وَيلك وَلَا علم لَك بخراجٍ وَلَا كِتَابَة اخْرُج عني فَخرج كثير نَادِما على مَا حكم ثمَّ لم يزل يتلطف حَتَّى دخل عَلَيْهِ فأنشده: فَلَمَّا أَتَى إِلَى قَوْله:)

فَهَل أَنْت إِن رَاجَعتك القَوْل مرّة

...

... الْبَيْت قَالَ لَهُ عبد الْعَزِيز: أما الْآن فَلَا وَلَكِن قد أمرنَا لَك بِعشْرين ألف دِرْهَم.

فَقَوله فِي الْبَيْت: لَئِن عَاد لي عبد الْعَزِيز بِمِثْلِهَا أَي: بمقالةٍ مثلهَا وَهِي قَول عبد الْعَزِيز لَهُ: حكمك.

وَقَوله: إِذن لَا أقيلها أَي: أطلب مِنْهُ مَا لَا اعْتِرَاض عَليّ فِيهِ وَلَا قدح. هَكَذَا فسره الْعلمَاء وَهُوَ الصَّحِيح. وَمَا قَالَه ابْن سَيّده أَن عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان كَانَ أعطَاهُ جَارِيَة فَأبى كثير من قبُولهَا ثمَّ نَدم بعد ذَلِك فَيَقُول: لَئِن عَاد لي بِجَارِيَة مثلهَا مرّة أُخْرَى لَا أقيلها غلط. وَهُوَ قياسٌ مِنْهُ وَالصَّحِيح مَا تقدم. اه.

ص: 477

وَمِمَّنْ حكى هَذَا ابْن السَّيِّد فِي شرح أَبْيَات الْجمل قَالَ: وَقيل بل عرض عَلَيْهِ أَن يهب لَهُ جَارِيَة وَيتْرك التغزل بعزة فَأبى من ذَلِك ثمَّ نَدم على مَا فعل فَقَالَ هَذَا الشّعْر. اه.

وَلم يذكر الجاحظ فِي الْبَيَان والتبيين إِلَّا الْوَجْه الأول قَالَ فِيهِ: وَمن الحمقى كثير عزة. وَمن حمقه أَنه دخل على عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان فمدحه بمديحٍ استجاده فَقَالَ لَهُ: سلني حوائجك. قَالَ: تجعلني فِي مَكَان ابْن رمانة. قَالَ: وَيلك ذَاك رجلٌ كَاتب وَأَنت شَاعِر فَلَمَّا خرج وَلم ينل عجبت لتركي خطة الرشد

...

. الأبيات الْمُتَقَدّمَة وَقَوله: وَإِن ابْن ليلى فَاه لي بمقالة إِلَخ قَالَ السيرافي: أَرَادَ بِمثل الْمقَالة الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الْبَيْت.

وَالْمعْنَى مِمَّن ينيلهوها. والعائد إِلَى من هُوَ ضمير الْمَذْكُور الْمَنْصُوب الْمَحْذُوف وَضمير الْمُؤَنَّث للمقالة.

وَفِي ينيلها ضمير فَاعل لِابْنِ ليلى وَالْمعْنَى ينيله ابْن ليلى إِيَّاهَا أَي: لَو سرت فِي طلبَهَا.

وَقَالَ الأندلسي: فَإِن قلت: كَيفَ ينيله الْمقَالة قلت: يُرِيد الْمقَالة فِيهِ.

قَالَ ابْن المستوفي: وَهَذَا قولٌ غير مُشكل لِأَن عبد الْعَزِيز حكمه وَلَا نيل أوفى من أَن يحكم المسؤول سائله أَي: لَو طلبتها من عبد الْعَزِيز لعاد لي بِمِثْلِهَا محكما فَكنت مِمَّن ينيله عبد الْعَزِيز إِيَّاهَا على مَا ذكره السيرافي.

ص: 478

وَقَوله: وَلَو سرت فِيهَا أَي: لَو رحلت لأَجلهَا أَي: لطلبها.

وَقَوله: عجبت لتركي إِلَخ الخطة بِالضَّمِّ: الْأَمر والقصة. وَأَرَادَ بخطة الرشد تحكيم عبد الْعَزِيز إِيَّاه فِيمَا يطْلب.)

وفسرها الْعَيْنِيّ وَتَبعهُ السُّيُوطِيّ بخصلة الْهِدَايَة. وَهَذَا مَعْنَاهَا اللّغَوِيّ وَلم يذكر المُرَاد مِنْهَا.

وَعبد الْعَزِيز هُوَ عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان بن الحكم وَالِد عمر بن عبد الْعَزِيز أَمِير مصر وَولي الْعَهْد بعد أَخِيه عبد الْملك من أَبِيهِمَا مَرْوَان. وَقَول الدماميني: هُوَ أحد الْخُلَفَاء الأمويين يَنْبَغِي حمله على ولَايَة الْعَهْد وَإِلَّا فَهُوَ لم يل الْخلَافَة أصلا.

لَكِن يبْقى عَلَيْهِ أَن الصَّحِيح أَن خلَافَة مَرْوَان غير صَحِيحَة وَأَنه خارجٌ على ابْن الزبير باغٍ عَلَيْهِ فَلَا يَصح عَهده إِلَى ولديه.

وَلما ملك مَرْوَان الشَّام سَار إِلَى مصر وَغلب عَلَيْهَا واستخلف عَلَيْهَا وَلَده عبد الْعَزِيز فَبَقيَ أميرها إِلَى أَن مَاتَ سنة خمس وَثَمَانِينَ عِنْد الْأَكْثَر.

حُكيَ عَنهُ أَنه رجلا دخل عَلَيْهِ يشكو صهراً لَهُ فَقَالَ: إِن ختني فعل بِي كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ لَهُ: وَمن خنتك وَفتح النُّون. فَقَالَ: ختنني الْخِتَان الَّذِي يختن النَّاس. فَقَالَ عبد الْعَزِيز لكَاتبه: مَا هَذَا الْجَواب فَقَالَ: إِن الرجل يعرف النَّحْو وَكَانَ يَنْبَغِي أَن تَقول: من ختنك بِضَم النُّون.

فَقَالَ: وَالله لَا شاهدت النَّاس حَتَّى أعرف النَّحْو وَأقَام فِي بَيته جُمُعَة لَا يظْهر وَمَعَهُ من يُعلمهُ الْعَرَبيَّة ثمَّ صلى بِالنَّاسِ الْجُمُعَة الْأُخْرَى وَهُوَ من أفْصح النَّاس.

ص: 479

وَقَوله: وَأمي صعبات إِلَخ الْأُم بِفَتْح الْهمزَة وَتَشْديد الْمِيم: الْقَصْد مصدرٌ مُضَاف إِلَى فَاعله ومفعوله الصعبات بِسُكُون الْعين. وأروضها: أذللها. والذلول بِالْفَتْح: السهل المنقاد.

وَقَوله: حَلَفت بِرَبّ الراقصات إِلَخ قَالَ ابْن السيرافي: الرقص. ضرب من الخبب فِي الْعَدو.

وَحلف بِرَبّ الْإِبِل الَّتِي يسَار عَلَيْهَا إِلَى الْحَج. وتغول الْبِلَاد: تقطعها. وَالنَّص والذميل: ضَرْبَان من الْعَدو.

وَقَوله: لَئِن عَاد لي عبد الْعَزِيز الضَّمِير فِي قَوْله بِمِثْلِهَا راجعٌ لمقالة عبد الْعَزِيز وَهِي: حكمك أَو سلني حوائجك. وَيجوز أَن يرجع لخطة الرشد الَّتِي هِيَ عبارةٌ عَن مقَالَة عبد الْعَزِيز. وَلم يذكر غَيره الْعَيْنِيّ.

وَيُؤَيِّدهُ قَول الزَّمَخْشَرِيّ: مِنْهَا أَي من الخطة. لَا أقيلها أَي: العثرة. اه.

والعثرة غير مَذْكُورَة فِي الْكَلَام وَإِنَّمَا أعَاد الضَّمِير عَلَيْهَا لفهمها من الْمقَام. وَالْإِقَالَة: الرَّد. وَفِي الدُّعَاء يُقَال: لَا أقَال الله عثرته قَالَ ابْن المستوفي وَبَعض فضلاء الْعَجم فِي شرح أَبْيَات الْمفصل: ويروى: لَا أفيلها بِالْفَاءِ أَي: لَا)

أفيل رَأْيه فِيهَا أَو فِي التَّأَخُّر عَنهُ والتثبط عَن تَنْجِيز مَا وَعَدَني بِهِ. يُقَال: فال يفيل فيلولة إِذا ترك الرَّأْي الْجيد وَفعل مَا لَا يَنْبَغِي للعقلاء أَن يفعلوه. فالفيلولة: ضعف الرَّأْي. وَهَذِه الرِّوَايَة هِيَ الْمُنَاسبَة. وَالله أعلم.

وترجمة كثير عزة تقدّمت فِي الشَّاهِد الثَّالِث وَالسبْعين بعد الثلثمائة.

ص: 480

وَأنْشد بعده وَهُوَ من شَوَاهِد الْمفصل: الطَّوِيل

(فَقَالَت: أكل النَّاس أَصبَحت مانحاً

لسَانك كَيْمَا أَن تغر وتخدعا)

على أَن كي عِنْد الْأَخْفَش حرف جر دَائِما وَنصب الْفِعْل بعْدهَا بِأَن مضمرة وَقد تظهر كَمَا فِي الْبَيْت.

نقل ابْن المستوفي عَن صَاحب الْمفصل أَنه قَالَ فِي الْحَوَاشِي: لما دخل عَلَيْهَا حرف الْجَرّ تعيّنت أَنَّهَا حرفٌ ناصب للْفِعْل. فَإِذا جَاءَت كي وَمَعَهَا أَن كَانَ شاذاً للْجمع بَين المنوب والنائب كالجمع بَين الْعِوَض والمعوض عَنهُ. اه.

وَهَذَا عِنْد ابْن عُصْفُور ضَرُورَة قَالَ فِي كتاب الضرائر: وَمِنْهَا زِيَادَة أَن كَقَوْلِك: الطَّوِيل أردْت لكيما أَن تطير بقربتي أَن فِيهِ زَائِدَة غير عاملة لِأَن لكيما تنصب الْفِعْل بِنَفسِهَا وَلَا يجوز إِدْخَال ناصب على ناصب.

وَأما قَول حسان: الطَّوِيل فَقَالَت أكل النَّاس أَصبَحت مانحاً

...

. . الْبَيْت فَأن فِيهِ ناصبة لَا زَائِدَة أظهرت للضَّرُورَة لِأَن كَيْمَا إِذا لم تدخل عَلَيْهَا اللَّام كَانَ الْفِعْل بعْدهَا

ص: 481

وَمثله لِابْنِ هِشَام قَالَ فِي الْمُغنِي: وَلَا تظهر أَن بعد كي بِلَا لَام إِلَّا فِي الضَّرُورَة. وَأنْشد الْبَيْت ثمَّ قَالَ: وَعَن الْأَخْفَش أَن كي جارةٌ دَائِما وَأَن النصب بعْدهَا بِأَن ظَاهِرَة أَو مضمرة. وَيَردهُ نَحْو: لكيلا تأسوا. فَإِن زعم أَن كي

تأكيدٌ للام كَقَوْلِه: الوافر وَلَا للما بهم أبدا دَوَاء رد بِأَن الفصيح الْمَقِيس لَا يخرج على الشاذ. اه.

وَقَالَ ابْن يعِيش: ويروى:)

لسَانك هَذَا كي تغر وتخدعا وَقَالَ السُّيُوطِيّ: رَأَيْته فِي ديوَان جميل كَمَا قَالَ ابْن يعِيش فَلَا شَاهد وَلَا ضَرُورَة.

وَكَذَا قَالَ ابْن المستوفي: هَكَذَا هُوَ فِي شعره وَلَعَلَّ مَا أوردهُ الزَّمَخْشَرِيّ روايةٌ أُخْرَى. وَالْمعْنَى أَنَّهَا قَالَت لَهُ: أهكذا منحت لسَانك هَذَا لتغرهم كَمَا تغرني وتخدعهم كَمَا تخدعني.

وَالصَّحِيح أَن الْبَيْت من قصيدة لجميل العذري صَاحب بثينة لَا لحسان بن ثَابت. وَهَذَا مطلع القصيدة: الطَّوِيل

(عرفت مصيف الْحَيّ والمتربعا

كَمَا خطت الْكَفّ الْكتاب المرجعا)

(معارف أطلالٍ لبثنة أَصبَحت

معارفها قفراً من الْحَيّ بلقعا)

(فَقَالَت: أفق مَا عندنَا لَك حاجةٌ

وَقد كنت عَنَّا ذَا عزاءٍ مشيعا)

ص: 482

(فَقلت لَهَا: لَو كنت أَعْطَيْت عَنْكُم

عزاءً لأقللت الْغَدَاة التضرعا)

(فَقَالَت: أكل النَّاس أَصبَحت مانحاً

لسَانك هَذَا كي تغر وتخدعا)

المصيف مَوضِع الْإِقَامَة فِي الصَّيف. والمتربع: مَوضِع الْإِقَامَة فِي الرّبيع. وَقَوله: كَمَا خطت إِلَخ حَال مِنْهُمَا. أَرَادَ أَن الْآثَار قد انمحت كالخط الْقَدِيم الَّذِي قد رُوجِعَ للْقِرَاءَة فِيهِ مراتٍ كَثِيرَة.

والمعارف: الْأَمَاكِن الْمَعْرُوفَة. والبلقع: الْخَالِي من الأنيس. والخود بِالْفَتْح: الْجَارِيَة الناعمة وَالْجمع خود بِالضَّمِّ. وأجملي: أمرٌ من الْإِجْمَال وَهُوَ الْمُعَامَلَة بالجميل.

وأصفيت مَجْهُول أصفيته الود أَي: أخلصته لَهُ. والعزاء: الصَّبْر. والمشيع بِفَتْح الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة الْمُشَدّدَة. يُقَال: قلبٌ مشيع أَي: مشجع أَي: ذُو شيعَة وهم الْأَنْصَار والأتباع.

وَقَوله: فَقَالَت أكل النَّاس إِلَخ الْهمزَة للاستفهام التقريري وكل: مفعول ثَان لمانحاً وَفِيه تَقْدِيم مفعول مَعْمُول أصبح عَلَيْهِ لِأَن مانحاً خبر أصبح. والمنح: الْإِعْطَاء يتَعَدَّى لمفعولين. يُقَال: منحه كَذَا بِفَتْح النُّون فِي الْمَاضِي وتفتح وتكسر فِي الْمُسْتَقْبل. وَلِسَانك: مَفْعُوله الأول. ومنح اللِّسَان عبارةٌ عَن التلطف والتودد وغره: خدعه.

وَقَالَ بعض فضلاء الْعَجم فِي شرح أَبْيَات الْمفصل: وروى: ماتحاً بِالْمُثَنَّاةِ من فَوق من متح المَاء من الْبِئْر إِذا استقى مِنْهَا. وَجعله هُنَا بِمَعْنى سقى فعداه إِلَى

ص: 483