الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ ابْن المستوفي فِي شرح أَبْيَات الْمفصل: وَالْعَامِل فِي فِي وَالْكَاف على الِاخْتِلَاف فِي تَوْجِيه العاملين رَأَيْت الْوَاقِع دون أرى المتوقع. وَإِن جَازَ إِعْمَال كل واحدٍ مِنْهُمَا على الْخلاف فِيهِ لَكِن الأولى مَا ذكرته لوُجُود الرُّؤْيَة متحققة مَعَ إِعْمَال الأول وَعدمهَا متوهمة مَعَ إِعْمَال الثَّانِي.
وَيُقَوِّي ذَلِك زِيَادَة إِن مَعَ مَا. وَمَوْضِع الْكَاف نصب وَكَذَا مَوضِع فِي أَيْضا. هَذَا كَلَامه.)
وَالْبَيْت مَعَ كَثْرَة تداوله فِي كتب النَّحْو واللغة لم أَقف على قَائِله. وَالله أعلم.
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)
الطَّوِيل
أَبى الله أَن أسموا بِأم وَلَا أَب على أَن النصب على الْوَاو يقدر كثيرا لأجل الضَّرُورَة.
وَأوردهُ أَبُو الْحسن سعيد بن مسْعدَة الْمُجَاشِعِي الْأَخْفَش فِي كتاب المعاياة وَقَالَ: إِنَّمَا جَازَ ذَلِك للشاعر لِأَن الحركات مستثقلة فِي حُرُوف الْمَدّ واللين فَلَمَّا جَازَ إسكانها فِي الِاسْم فِي مَوضِع الْجَرّ وَالرَّفْع أجري عَلَيْهِ فِي مَوضِع النصب أَيْضا لما أَخْبَرتك بِهِ. انْتهى.
وَأوردهُ ابْن عُصْفُور أَيْضا فِي كتاب الضرائر وَقَالَ: حذف الفتحة من آخر أسمو إِجْرَاء للنصب مجْرى الرّفْع.
والمصراع من أَرْبَعَة أبياتٍ لعدو الله عَامر بن الطُّفَيْل على مَا فِي ديوانه. وَكَانَت كنيته فِي السّلم أَبُو عَليّ وَفِي الْحَرْب أَبُو عقيل وَهِي:
(وَمَا سودتني عامرٌ عَن وراثةٍ
…
أَبى الله أَن أسمو بِأم وَلَا أَب)
(وَلَا شرفتني كنيةٌ عربيةٌ
…
وَلَا خَالَفت نَفسِي مَكَارِم منصبي)
(ولكنني أحمي حماها وأتقي
…
أذاها وأرمي من رَمَاهَا بمنكب)
(وأتركها تسمو إِلَى كل غايةٍ
…
وتفخر حييّ مشرق بعد مغرب)
قَالَ جَامع ديوانه: أَرَادَ تغلب حَيّ الْمشرق وَحي الْمغرب.
وَقَوله: وَمَا سودتني عَامر أَي: جَعَلتني سيد قَبيلَة بني عَامر بِالْإِرْثِ عَن آبَائِهِم بل سدتهم بأفعالي.
وَقَوله: أَبى الله إِلَخ أَبى لَهُ مَعْنيانِ: أَحدهمَا: بِمَعْنى كره وَهُوَ المُرَاد هُنَا. وَالثَّانِي: بِمَعْنى امْتنع.
وَأَن أسمو مَفْعُوله. والسمو: الْعُلُوّ.
وَهَذَا المصراع أوردهُ ابْن هِشَام فِي الْبَاب الثَّامِن من الْمُغنِي قَالَ فِي الْقَاعِدَة الأولى: قد يعْطى إِلَى أَن قَالَ مِنْهَا: الْعَطف ب وَلَا بعد الْإِيجَاب فِي نَحْو قَوْله: أَبى الله أَن أسمو بأمٍّ وَلَا أَب)
لما كَانَ مَعْنَاهُ قَالَ الله لي: لَا تسمو بأمٍّ وَلَا أَب. انْتهى.
وَقَالَ الْعَيْنِيّ: الإباء: شدَّة الِامْتِنَاع وَأَن أسمو مَفْعُوله وَالتَّقْدِير: أَبى الله سموي وسيادتي بأمٍّ وَلَا أَب.
وَقَوله: وَلَا أَب عطفٌ على قَوْله: بأمٍّ. وَزَاد كلمة لَا تَأْكِيدًا للنَّفْي. هَذَا كَلَامه فَتَأَمّله.
وَأوردهُ جَامع ديوانه كَذَا:
أَبى الله أَن أسمو بأمي وَالْأَب فَلَا شَاهد فِيهِ على مَا ذكره ابْن هِشَام. وَاللَّام فِي الْأَب عوض عَن الْمُضَاف إِلَيْهِ أَي: بأمي وَأبي.
وَأورد المصراع أَبُو الْعَبَّاس الْمبرد فِي الْكَامِل فِي أَبْيَات ثَلَاثَة كَذَا:
(إِنِّي وَإِن كنت ابْن فَارس عامرٍ
…
وَفِي السِّرّ مِنْهَا والصريح الْمُهَذّب)
(فَمَا سودتني عامرٌ عَن وراثةٍ
…
أَبى الله أَن أسمو بأمٍّ وَلَا أَب)
(ولكنني أحمي حماها وأتقي
…
أذاها وأرمي من رَمَاهَا بمقنب)
(تَقول ابْنة الْعمريّ مَا لَك بَعْدَمَا
…
أَرَاك صَحِيحا كالسليم المعذب)
(فَقلت لَهَا: همي الَّذِي تعلمينه
…
من الثأر فِي حييّ زبيدٍ وأرحب)
(إِن اغزو زبيداً أغز قوما أعزةً
…
مركبهم فِي الْحَيّ خير مركب)
(وَإِن أغز حييّ خثعمٍ فدماؤهم
…
شفاءٌ وَخير الثأر للمتأوب)
(فَمَا أدْرك الأوتار مثل محققٍ
…
بأجرد طاوٍ كالعسيب المشذب)
(وأسمر خطي وأبيض باترٍ
…
وزغفٍ دلاصٍ كالغدير المثوب)
(سلَاح امرىءٍ قد يعلم النَّاس أَنه
…
طلوبٌ لثارات الرِّجَال مطلب)
فَإِنِّي وَإِن كنت
…
...
…
...
…
... . إِلَى آخر الأبيات الثَّلَاثَة.
قَالَ الْأَخْفَش: السَّلِيم: الملدوغ وَقيل لَهُ: سليمٌ تفاؤلاً لَهُ بالسلامة. وزبيد وأرحب: قبيلتان من الْيمن. والثأر: مَا يكون لَك عِنْد من أصَاب حميمك من الترة.
والمتأوب: الَّذِي يَأْتِيك لطلب ثَأْره عنْدك
يُقَال: آب يؤوب إِذا رَجَعَ. والتأوب فِي غير هَذَا: السّير بِالنَّهَارِ بِلَا توقف. والأوتار والأحقاد واحدهما وتر وحقد. والأجرد: الْفرس المتحسر الشّعْر والضامر أَيْضا.)
والعسيب: السعفة. والمشذب: الَّذِي قد أَخذ مَا عَلَيْهِ من العقد والسلاء والخوص. وَمِنْه قيل وخطيٌّ: رمحٌ نسب إِلَى الْخط وَهِي جَزِيرَة بِالْبَحْرَيْنِ يُقَال: إِنَّهَا تنْبت الرماح.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: لَيست بهَا رماح وَلَكِن سفينة كَانَت وَقعت إِلَيْهَا فِيهَا رماحٌ وأرفئت بهَا فِي بعض السنين الْمُتَقَدّمَة فَقيل لتِلْك الرماح الخطية ثمَّ عَم كل رمح هَذَا النّسَب إِلَى الْيَوْم.
والزغف: الدروع الرقيقة الدقيقة النسج. والمثوب: الَّذِي تصفقه الرِّيَاح فَيذْهب وَيَجِيء. وَهُوَ من ثاب يثوب. إِذا رَجَعَ. وَإِنَّمَا سمي الغدير غديراً لِأَن السَّيْل غَادَرَهُ أَي: تَركه. اه.
وَقد أورد الْعَيْنِيّ رِوَايَة الْأَخْفَش وَفسّر جَمِيع الأبيات وَقَالَ: الأوتار جمع وتر بِالْكَسْرِ: الْجِنَايَة.
والطاوي: ضامر الْبَطن. والأسمر: الرمْح. والأبيض: السَّيْف. والباتر: الْقَاطِع.
والزغف بِفَتْح الزَّاي وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة: جمع زغف بِفتْحَتَيْنِ وَهِي الدرْع الواسعة.
ومنكب بِفَتْح الْمِيم وَكسر الْكَاف: أعوان الْعرْفَان وَقيل: رَأس العرفاء
من النكابة وَهِي العرافة والنقابة.
وروى بدله: بمنقب بِكَسْر الْمِيم وَفتح النُّون: جمَاعَة الْخَيل والفرسان. انْتهى المُرَاد مِنْهُ.
وترجمة عَامر بن الطُّفَيْل تقدّمت فِي الشَّاهِد الثَّامِن وَالسِّتِّينَ بعد الْمِائَة.
وَأنْشد بعده الرجز
(كَأَن أَيْدِيهنَّ بالقاع القرق
…
أَيدي جوارٍ يتعاطين الْوَرق)
على أَن تسكين الْيَاء من أَيْدِيهنَّ ضَرُورَة وَالْقِيَاس فتحهَا.
قَالَ ابْن جني فِي الْمُحْتَسب عِنْد قِرَاءَة الْحسن: أَو يعْفُو الَّذِي. سَاكِنة اللَّام: وَسُكُون الْوَاو من الْمُضَارع فِي مَوضِع النصب قَلِيل وَسُكُون الْيَاء فِيهِ أَكثر. وأصل السّكُون فِي هَذَا إِنَّمَا هُوَ للألف لِأَنَّهَا لَا تحرّك أبدا ثمَّ شبهت الْيَاء بِالْألف لقربها مِنْهَا فجَاء عَنْهُم مجيئاً كالمستمر نَحْو قَوْله: الرجز
(كَأَن أَيْدِيهنَّ بالموماة
…
أَيدي جوارٍ بتن ناعمات)
وَقَالَ الآخر: كَأَن أَيْديهم بالقاع القرق وَقَالَ الآخر: الْبَسِيط)
يَا دَار هندٍ عفت إِلَّا أثافيها
وَكَانَ أَبُو الْعَبَّاس الْمبرد يذهب إِلَى أَن إسكان هَذِه الْيَاء فِي مَوضِع النصب من أحسن الضرورات وَذَلِكَ لِأَن الْألف ساكنةٌ فِي الْأَحْوَال كلهَا فَكَذَلِك جعلت هَذِه ثمَّ شبهت الْوَاو فِي
(إِذا شِئْت أَن تلهو بِبَعْض حَدِيثهَا
…
رفعن وأنزلن القطين المولدا)
وَقَالَ الآخر: الطَّوِيل أَبى الله أَن أسمو بأمٍّ وَلَا أَب فعلى ذَاك يَنْبَغِي أَن تحمل قِرَاءَة الْحسن: أَو يعْفُو الَّذِي فَقَالَ ابْن مُجَاهِد: وَهَذَا إِنَّمَا يكون فِي الْوَقْف. فَأَما فِي الْوَصْل فَلَا يكون. وَقد ذكرنَا مَا فِيهِ. وعَلى كل حَال فالفتح أعرف. اه وَقَالَ ابْن الشجري فِي أَمَالِيهِ: قَالَ الْمبرد: هَذَا من أحسن الضرورات لأَنهم ألْحقُوا حَالَة بحالتين يَعْنِي أَنهم جعلُوا الْمَنْصُوب كالمجرور وَالْمَرْفُوع مَعَ أَن السّكُون أخف الحركات. وَلذَلِك اعْترضُوا على إسكان الْيَاء فِي ذَوَات الْيَاء من المركبات نَحْو معديكرب وقالي قلا. اه.
والبيتان من الرجز نسبهما ابْن رَشِيق فِي الْعُمْدَة إِلَى رؤبة بن العجاج وَلم أرهما فِي ديوانه.
وَضمير أَيْدِيهنَّ لِلْإِبِلِ. والقاع هُوَ الْمَكَان المستوي. والقرق بِفَتْح الْقَاف الأولى وَكسر الرَّاء: الأملس. وَجوَار بِفَتْح الْجِيم: جمع جَارِيَة.
ويتعاطين أَي: يناول بَعضهنَّ بَعْضًا. وَالْوَرق: الدَّرَاهِم. وَفِي التَّنْزِيل: فَابْعَثُوا أحدكُم بورقكم هَذِه. كَذَا فِي أمالي ابْن الشجري.
وَقَالَ الشريف المرتضى رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَمَالِيهِ: القرق: الخشن الَّذِي فِيهِ الْحَصَى. وَشبه
وَقَالَ آخَرُونَ: القرق هُنَا المستوى من الأَرْض الْوَاسِع. وَإِنَّمَا خص بِالْوَصْفِ لِأَن أَيدي الْإِبِل إِذا أسرعت فِي المستوي فَهُوَ أَحْمد لَهَا وَإِذا أَبْطَأت فِي غَيره فَهُوَ أجهد لَهَا. تَتِمَّة أورد الشَّارِح الْمُحَقق بعد هَذَا الشّعْر الْمثل الْمَشْهُور: أعْط الْقوس باريها وَقَالَ: قد يقدر نصب الْيَاء فِي السعَة أَيْضا. وَذكر الْمثل فَإِن باريها مفعول أعْط وَهُوَ سَاكن الْيَاء. وَهُوَ فِي هَذَا تابعٌ للزمخشري فِي الْمفصل. قَالَ الميداني فِي أَمْثَاله: أَي اسْتَعِنْ على عَمَلك بِأَهْل الْمعرفَة والحذق فِيهِ.
وينشد: الْبَسِيط)
(يَا باري الْقوس برياً لست تحسنها
…
لَا تفسدنها وَأعْطِ الْقوس باريها)
قَالَ شَارِح أبياته ابْن المستوفي: قرأته على شَيخنَا أبي الْحرم مكي بن رَيَّان فِي الْأَمْثَال لأبي الْفضل أَحْمد بن مُحَمَّد الميداني: أعْط الْقوس باريها بِفَتْح وَكَانَ فِي الأَصْل: لَيْسَ يُحسنهُ فأصلحه وَجعله