الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومشائيم: جمع مشؤوم من شئم عَلَيْهِم بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول فَهُوَ مشؤوم إِذا صَار شؤماً.
يَقُول: لَا يصلحون أَمر الْعَشِيرَة إِذا فسد مَا بَينهم وَلَا يأتمرون بخيرٍ فغرابهم لَا ينعب إِلَّا)
بالتشتيت والفراق. وَهَذَا مثلٌ للتطير مِنْهُم والتشاؤم بهم.
والنعيب: صَوت الْغُرَاب وَمد عُنُقه عِنْد ذَلِك.
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)
الرجز
فِي سعي دنيا طالما قد مدت على أَن دنيا قد جردت من اللَّام وَالْإِضَافَة لكَونهَا بِمَعْنى العاجلة.
يُرِيد أَن الاسمية غلبت عَلَيْهَا لِكَثْرَة اسْتِعْمَالهَا وَلِهَذَا لم تجر على مَوْصُوف غَالِبا كَمَا غلبت الاسمية على نَحْو الأجرع والأبطح.
قَالَ ابْن يعِيش: الْقيَاس فِي دنيا أَن يكون بالأف وَاللَّام لِأَنَّهُ صفة فِي الأَصْل على أَنه فعلى ومذكره الْأَدْنَى مثل الْأَكْبَر والكبرى. وَهُوَ من دَنَوْت فقلبت الْوَاو فِي الْأَدْنَى ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا وَذَلِكَ بعد أَن قلبت يَاء لوقوعها رَابِعَة.
وَقد تقدم أَن الْألف وَاللَّام تلْزم هَذِه الصّفة إِلَّا أَنهم استعملوا دنيا اسْتِعْمَال الْأَسْمَاء فَلَا يكادون يذكرُونَ مَعَه الْمَوْصُوف وَلذَلِك قلبوا اللَّام مِنْهُ يَاء لضربٍ من التعادل والعوض كَأَنَّهُمْ أَرَادوا بذلك الْفرق بَين الِاسْم وَالصّفة فَلَمَّا غلب عَلَيْهَا حكم
الْأَسْمَاء أجروها مجْرى الْأَسْمَاء.
وَكَانَت الْألف وَاللَّام لَا تلْزم الْأَسْمَاء فاستعملوها بِغَيْر ألف وَلَام كَسَائِر الْأَسْمَاء. انْتهى.
وَأوردهُ صَاحب الْكَشَّاف عِنْد قَوْله تَعَالَى: إِنَّمَا صَنَعُوا كيد ساحرٍ من سُورَة طه. قَالَ: إِن تنكير سَاحر مَعَ كَونه مَعْلُوما معينا لأجل تنكير الْمُضَاف وَهُوَ كيد كَمَا نكر الشَّاعِر دنيا لأجل تنكير سعي.
وَالْمرَاد كيدٌ سحريٌّ وسعيٌ دنيويٌّ. وَلَو عرف السحر وَالدُّنْيَا لصار الكيد وَالسَّعْي معرفتين وَالْمرَاد تنكيرهما إِذْ الْغَرَض كيدٌ مَا وسعيٌ مَا.
وَقَالَ أَبُو حَيَّان: الْبَيْت محمولٌ الضَّرُورَة إِذْ دنيا تَأْنِيث الْأَدْنَى لَا يسْتَعْمل إِلَّا بِالْألف وَاللَّام أَو بِالْإِضَافَة.
وَأما قَول عمر: إِنِّي لأكْره أَن أرى الرجل فَارغًا لَا فِي عمل دنيا وَلَا فِي عمل آخِرَة فَيحْتَمل أَن يكون من تَحْرِيف الروَاة. انْتهى.)
وَلَا يخفى أَنه ورد فِي الحَدِيث الصَّحِيح: فَإِن كَانَت هجرته إِلَى دنيا يُصِيبهَا. وَلم يقل غَيره إِن وَقَالَ ابْن جني فِي إِعْرَاب الحماسة عِنْد قَول المثلم بن ريَاح المري: الْكَامِل
(إِنِّي مقسم مَا ملكت فجاعلٌ
…
أجرا لآخرةٍ وَدُنْيا تَنْفَع)
قد اسْتعْملت الْعَرَب فِي غير هَذَا دنيا نكرَة كَمَا ترى قَالَ العجاج:
فِي سعي دنيا طالما قد مدت وروى ابْن الْأَعرَابِي دنيا بِالصرْفِ وَقَالَ أَيْضا فِي ذَلِك: إِنَّهُم شبهوها بفعلل فنونوها.
وَهَذَا نادرٌ غَرِيب وَلم نعلم شَيْئا مِمَّا فِي آخِره ألف التَّأْنِيث مُفردا مصروفاً غير هَذَا الْحَرْف.
وَلَو قَالَ قَائِل إِن دنيا هَذِه المصروفة تكون مُلْحقَة فِي قَول أبي الْحسن بجخدبٍ وكالألف فِي بهماةٍ لم أر بَأْسا.
فَإِن قلت: فَلَو كَانَت ألف دنيا للإلحاق لوَجَبَ فِيهَا دنواً. وَذَلِكَ أَن اللَّام فِي نَحْو هَذَا إِذا كَانَت واواً فَإِنَّهَا إِنَّمَا تبدل يَاء فِي فعلى الَّتِي ألفها للتأنيث.
وَجَاءَت هَذِه للإلحاق فَالْجَوَاب: أَن هَذَا النَّحْو لما غلب عَلَيْهِ مِثَال فعلى الَّتِي ألفها للتأنيث.
وَجَاءَت هَذِه للإلحاق أجروها على الْمُعْتَاد من الْقلب فِيهَا. وَأَيْضًا فَإِن ألف الْإِلْحَاق قد تجْرِي مجْرى ألف التَّأْنِيث.
أَلا ترَاهَا زَائِدَة مثلهَا وَذَات معنى مثلهَا. نعم وَإِذا جعلت مَا فِيهِ ألف الْإِلْحَاق علما لم فَإِن قلت: فأجز أَيْضا أَن يكون دنيا فعلل كسودد قيل: يمْنَع من هَذَا أَن حرف الْإِلْحَاق من حَيْثُ ذكرنَا أشبه بِحرف التَّأْنِيث من لَام الْفِعْل فَإِذا كَانَ إِنَّمَا لتشبيه الملحق بِحرف التَّأْنِيث على ضعف وَضرب من التَّأْوِيل لم يتَجَاوَز ذَلِك إِلَى تَشْبِيه الْأَصْلِيّ بِحرف التَّأْنِيث لإفراط تباعدهما. فَلَو كَانَت دنيا على هَذَا فعللاً لكَانَتْ دنوا.
وَلَو قَالَ قَائِل:
إِن دنيا فِيمَن صرف فعيل بِمَنْزِلَة عليب لَكَانَ لَهُ وجهٌ من التصريف وَلكنه يبْقى عَلَيْهِ شَيْئَانِ: أَحدهمَا: قلَّة عيب فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ. وَالْآخر: أَن دنيا تَأْنِيث الْأَدْنَى. وَهَذَا أَشد شيءٍ تبايناً من حَدِيث فعيل وفعلل وَهُوَ أَيْضا أحد مَا يضعف كَونهَا ألف إِلْحَاق. فاعرف ذَلِك. انْتهى.
وَالْبَيْت من الرجز للعجاج: أَوله:
(الْحَمد لله الَّذِي اسْتَقَلت
…
بِإِذْنِهِ السَّمَاء واطمأنت))
(بِإِذْنِهِ الأَرْض فَمَا تعنت
…
وحى لَهَا الْقَرار فاستقرت)
(وشدها بالراسيات الثبت
…
والجاعل الْغَيْث غياث المسنت)
(وَالْجَامِع النَّاس ليَوْم الموقت
…
بعد الْمَمَات وَهُوَ محيي الْمَوْت)
(يَوْم ترى النُّفُوس مَا أعدت
…
من نزلٍ إِذا الْأُمُور غبت)
قَالَ أَبُو الْقَاسِم الزجاجي فِي أَمَالِيهِ الْوُسْطَى وَالصُّغْرَى: أخبرنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْعَبَّاس اليزيدي قَالَ: أخبرنَا أَبُو الْفضل الرياشي عَن الْأَصْمَعِي عَن عبد الله بن رؤبة بن العجاج عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: أنشدت أَبَا هُرَيْرَة قصيدتي الَّتِي أَولهَا: الْحَمد لله الَّذِي اسْتَقَلت حَتَّى أتيت على آخرهَا فَقَالَ: أشهد إِنَّك لمُؤْمِن. انْتهى.
وَقَوله: اسْتَقَلت أَي: ارْتَفَعت. وَالسَّمَاء فَاعله. واطمأنت أَي: سكنت وَالْأَرْض فَاعله.
وتعنت بالنُّون: تعبت. فِي الصِّحَاح: وعني بِالْكَسْرِ عناءً أَي: تَعب وَنصب وعنيته تعنية فتعنى. وَالْوَحي: الْإِشَارَة والإلهام.
قَالَ صَاحب الصِّحَاح: وَالْكَلَام الْخَفي وكل مَا أَلقيته إِلَى غَيْرك. يُقَال: وحيت إِلَيْهِ الْكَلَام وأوحيت وَهُوَ أَن تكَلمه بِكَلَام تخفيه. وَأنْشد هَذَا الْبَيْت.
والراسيات هِيَ الْجبَال الثوابت والرواسخ. والثبت: جمع ثَابت. والغيث: الْمَطَر. وَفِي الْمِصْبَاح: أغاثه: أَعَانَهُ وَنَصره. وأغاثنا الله بالمطر وَالِاسْم الغياث.
والمسنت: اسْم فَاعل من أَسِنَت الْقَوْم أَي: أجدبوا وَأَصله من السّنة وَهُوَ الْقَحْط.
وَالْمَوْت: جمع مائت. وأعدت أَي: هيأت وَجَعَلته عدَّة. وَمن نزل بِالضَّمِّ بيانٌ لما. والنزل: مَا يهيأ للنزيل أَي: الضَّيْف. وغبت بالغين الْمُعْجَمَة وَالْمُوَحَّدَة أَي: بلغت غبها وعاقبتها.
وَفِي الصِّحَاح: وَقد غبت الْأُمُور إِذا صَارَت إِلَى أواخرها. وَفِي سعي مُتَعَلق بغبت.
ومدت بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي: امتدت وتطاولت. وَأَدت بتَشْديد الدَّال. يُقَال: أدَّت فلَانا داهية تؤده أداً بِالْفَتْح من الإد والإدة بِكَسْر أَولهمَا وَهِي الداهية وَالْأَمر الفظيع.
وترجمة العجاج تقدّمت فِي الشَّاهِد الْحَادِي وَالْعِشْرين من أَوَائِل الْكتاب.