المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الشاهد الرابع والثلاثون بعد الستمائة) - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي - جـ ٨

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب الْمَجْمُوع)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(جمع الْمُؤَنَّث السَّالِم)

- ‌(جمع التكسير)

- ‌(الْمصدر)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(اسْم الْفَاعِل)

- ‌(الشَّاهِد الموفي للستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْوَاحِد بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْعَاشِر بعد الستمائة)

- ‌(اسْم الْمَفْعُول)

- ‌(الصّفة المشبهة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي عشر بعد الستمائة)

- ‌(أفعل التَّفْضِيل)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الموفي للعشرين بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْوَاحِد وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الْفِعْل الْمَاضِي)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الْفِعْل الْمُضَارع)

- ‌(الشَّاهِد الثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(النواصب)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْوَاحِد وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السبعون بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

الفصل: ‌(الشاهد الرابع والثلاثون بعد الستمائة)

برياً لست تحسنها وَهُوَ كَذَلِك فِي نسخ كتاب الميداني.

وَلَعَلَّ الزَّمَخْشَرِيّ إِنَّمَا أَرَادَ بِالْمثلِ آخر هَذَا الْبَيْت الْمَذْكُور فَأوردهُ على مَا قَالَه الشَّاعِر لَا على مَا ورد من الْمثل فِي النثر فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمحل ضَرُورَة.

(يَا باري الْقوس برياً لَيْسَ يصلحه

لَا تظلم الْقوس واعط الْقوس باريها)

وَالْأول أصح. وَيجوز أَن يسكن يَاء باريها وَإِن كَانَ مثلا بِرَأْسِهِ على مَا تقدم تَعْلِيله. اه.

وَالْمَشْهُور تسكين يائه.

وَقد أوردهُ الزَّمَخْشَرِيّ فِي أَمْثَاله وَقَالَ: قيل إِن الرِّوَايَة عَن الْعَرَب: باريها بِسُكُون الْيَاء لَا غير.

يضْرب فِي وجوب تَفْوِيض الْأَمر إِلَى من يُحسنهُ ويتمهر فِيهِ. انْتهى.

وَأنْشد بعده

(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

وَهُوَ من شَوَاهِد س: السَّرِيع

(فاليوم أشْرب غير مستحقبٍ

إِثْمًا من الله وَلَا واغل)

على أَنه يقدر فِي الضَّرُورَة رفع الْحَرْف الصَّحِيح كَمَا فِي أشْرب فَإِن الْبَاء حرفٌ صَحِيح وَقد حذف الضمة مِنْهُ للضَّرُورَة.

قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقد يسكن بَعضهم فِي الشّعْر ويشم وَذَلِكَ قَول امرىء الْقَيْس:

ص: 350

فاليوم أشْرب غير مستحقبٍ

...

. الْبَيْت

وَقَالَ ابْن جني فِي الْمُحْتَسب: اعْتِرَاض أبي الْعَبَّاس الْمبرد هُنَا على الْكتاب إِنَّمَا هُوَ على الْعَرَب لَا على صَاحب الْكتاب لِأَنَّهُ حَكَاهُ كَمَا سَمعه وَلَا يُمكن فِي الْوَزْن أَيْضا غَيره.

وَقَول أبي الْعَبَّاس: إِنَّمَا الرِّوَايَة: فاليوم فَاشْرَبْ فَكَأَنَّهُ قَالَ لسيبويه: كذبت على الْعَرَب وَلم تسمع مَا حكيته عَنْهُم. وَإِذا بلغ الْأَمر هَذَا الْحَد من السَّرف فقد سَقَطت كلفة القَوْل مَعَه.

وَكَذَلِكَ إِنْكَاره عَلَيْهِ أَيْضا قَول الشَّاعِر: السَّرِيع وَقد بدا هنك من المئزر)

فَقَالَ: إِنَّمَا الرِّوَايَة: وَقد بدا ذَاك من المئزر وَمَا أطيب الْعرس لَوْلَا النَّفَقَة. وَلَو كَانَ إِلَى النَّاس تخير مَا يحْتَملهُ الْموضع لَكَانَ الرجل أقوم من الْجَمَاعَة بِهِ وأوصل إِلَى المُرَاد مِنْهُ. اه.

وَوَقع فِي نسخ الْكَامِل للمبرد: فاليوم أسْقى غير مستحقبٍ فَلَا شَاهد فِيهِ على هَذَا. وَرَوَاهُ أَبُو زيد فِي نوادره كَرِوَايَة الْمبرد:

ص: 351

فاليوم فَاشْرَبْ. قَالَ أَبُو الْحسن الْأَخْفَش فِيمَا كتبه على نوادره: الرِّوَايَة الجيدة

فاليوم فَاشْرَبْ وَالْيَوْم أسْقى.

وَأما رِوَايَة من روى فاليوم أشْرب فَلَا يجوز عندنَا إِلَّا على ضَرُورَة قبيحة وَإِن كَانَ جماعةٌ من رُؤَسَاء النَّحْوِيين قد أَجَازُوا. اه.

وَهُوَ فِي هَذَا تابعٌ للمبرد.

وَأوردهُ ابْن عُصْفُور فِي كتاب الضرائر مَعَ أبياتٍ مثله وَقَالَ: وَمن الضَّرُورَة حذف علامتي الْإِعْرَاب: الضمة والكسرة من الْحَرْف الصَّحِيح تَخْفِيفًا أجراءً للوصل مجْرى الْوَقْف أَو تَشْبِيها للضمة بالضمة من عضد وللكسرة بالكسرة من فَخذ وإبل نَحْو قَول امرىء الْقَيْس فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ: فاليوم أشْرب غير مستحقبٍ إِلَى أَن قَالَ: وَأنكر الْمبرد والزجاج التسكين فِي جَمِيع ذَلِك لما فِيهِ من إذهاب حَرَكَة الْإِعْرَاب وَهِي لِمَعْنى ورويا مَوضِع فاليوم أشْرب: فاليوم فَاشْرَبْ. وَالصَّحِيح أَن ذَلِك جائزٌ سَمَاعا وَقِيَاسًا.

أما الْقيَاس فَإِن النَّحْوِيين اتَّفقُوا على جَوَاز ذهَاب حَرَكَة الْإِعْرَاب للإدغام لَا يُخَالف فِي ذَلِك أحدٌ مِنْهُم.

وَقد قَرَأت الْقُرَّاء: مَا لَك لَا تأمنا بِالْإِدْغَامِ وَخط فِي الْمُصحف بنُون وَاحِدَة فَلم يُنكر ذَلِك وَأما السماع فثبوت التَّخْفِيف فِي الأبيات الَّتِي تقدّمت وروايتهما

ص: 352

بعض تِلْكَ الأبيات على خلاف التَّخْفِيف لَا يقْدَح فِي رِوَايَة غَيرهمَا.

وَأَيْضًا فَإِن ابْن محَارب قَرَأَ: وبعولتهن أَحَق بردهن بِإِسْكَان التَّاء. وَكَذَلِكَ

قَرَأَ الْحسن: وَمَا)

يعدهم الشَّيْطَان. بِإِسْكَان الدَّال. وَقَرَأَ أَيْضا مسلمة ومحارب: وَإِذ يَعدكُم بِإِسْكَان الدَّال.

وَكَأن الَّذِي حسن مَجِيء هَذَا التَّخْفِيف فِي حَال السعَة شدَّة اتِّصَال الضَّمِير بِمَا قبل من حَيْثُ كَانَ غير مُسْتَقل بِنَفسِهِ فَصَارَ التَّخْفِيف لذَلِك كَأَنَّهُ قد وَقع فِي كلمة وَاحِدَة. وَالتَّخْفِيف الْوَاقِع فِي الْكَلِمَة نَحْو: عضد فِي عضد سائغٌ فِي حَال السعَة لِأَنَّهُ لغةٌ لقبائل ربيعَة بِخِلَاف مَا شبه بِهِ من الْمفصل فَإِنَّهُ لَا يجوز إِلَّا فِي الشّعْر.

فَإِن كَانَت الضمة والكسرة اللَّتَان فِي آخر الْكَلِمَة علامتي بِنَاء اتّفق النحويون على جَوَاز حذفهما فِي الشّعْر تَخْفِيفًا. انْتهى مَا أردنَا مِنْهُ.

وَمَا نَقله عَن الزّجاج مذكورٌ فِي تَفْسِيره عِنْد قَوْله تَعَالَى: فتوبوا إِلَى بارئكم من سُورَة الْبَقَرَة قَالَ: وَالِاخْتِيَار مَا رُوِيَ عَن أبي عَمْرو أَنه قَرَأَ: إِلَى بارئكم بِإِسْكَان الْهمزَة.

وَهَذَا رَوَاهُ سِيبَوَيْهٍ باختلاس الْكسر وأحسب أَن الرِّوَايَة الصَّحِيحَة مَا روى سِيبَوَيْهٍ فَإِنَّهُ أضبط لما رُوِيَ عَن أبي عَمْرو.

وَالْإِعْرَاب أشبه بالرواية عَن أبي عَمْرو وَلِأَن حذف الْكسر فِي مثل هَذَا وَحذف الضَّم إِنَّمَا يَأْتِي باضطرارٍ من الشّعْر. وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ وَزعم أَنه مِمَّا يجوز فِي الشّعْر خَاصَّة:

ص: 353

الرجز إِذا اعوججن قلت صَاحب قوم بِإِسْكَان الْبَاء

وَأنْشد أَيْضا: فاليوم أشْرب غير مستحقبٍ فَالْكَلَام الصَّحِيح أَن يَقُول: يَا صَاحب أقبل أَو يَا صَاحب أقبل وَلَا وَجه للإسكان. وَكَذَلِكَ: الْيَوْم أشْرب يَا هَذَا.

وروى غير سِيبَوَيْهٍ هَذِه الأبيات على الإستقامة وَمَا يَنْبَغِي أَن يجوز فِي الْكَلَام وَالشعر.

رووا هَذَا الْبَيْت على ضَرْبَيْنِ: فاليوم أسْقى غير مستحقبٍ وَرووا: إِذا اعوججن قلت صَاح قومِ وَلم يكن سِيبَوَيْهٍ ليروي إِلَّا مَا سمع إِلَّا أَن الَّذِي سَمعه هَؤُلَاءِ هُوَ الثَّابِت فِي اللُّغَة. وَقد ذكر)

وَالْبَيْت فِي قصيدة لامرىء الْقَيْس. قَالَ عبد الرَّحْمَن السَّعْدِيّ فِي كتاب مساوي الْخمر: غزا امْرُؤ الْقَيْس بني أَسد ثائراً بِأَبِيهِ وَقد جمع جموعاً من حمير وَغَيرهم من ذؤبان الْعَرَب وصعاليكها وهرب بَنو أسدٍ من بَين يَدَيْهِ حَتَّى أنضوا الْإِبِل وحسروا الْخَيل ولحقهم فظفر بهم وَقتل بهم

ص: 354

مقتلة عَظِيمَة وأبار حلمة بن أَسد وَمثل فِي عمروٍ وكاهل ابْني أَسد.

وَذكر الْكَلْبِيّ عَن شُيُوخ كِنْدَة أَنه جعل يسمل أَعينهم ويحمي الدروع فيلبسهم إِيَّاهَا.

وروى أَبُو سعيد السكرِي مثل ذَلِك وَأَنه ذبحهم على الْجَبَل ومزج المَاء بدمائهم إِلَى أَن بلغ الحضيض وَأصَاب قوما من جذامٍ كَانُوا فِي بني أَسد. وَفِي ظفره ببني أَسد يَقُول: السَّرِيع

(قولا لدودان عبيد الْعَصَا

مَا غركم بالأسد الباسل)

(لَا تسقيني الْخمر إِن لم يرَوا

قَتْلَى فِئَامًا بِأبي الْفَاضِل)

(حَتَّى أبير الْحَيّ من مالكٍ

قتلا وَمن يشرف من كَاهِل)

(وَمن بني غنم بن دودان إِذْ

يقذف أعلاهم على السافل)

(نعلوهم بالبيض مسنونةً

حَتَّى يرَوا كالخشب الشائل)

(حلت لي الْخمر وَكنت امْرأ

من شربهَا فِي شغلٍ شاغل)

(فاليوم أشْرب غير مستحقبٍ

إِثْمًا من الله وَلَا واغل)

وَكَانَ أَبُو امرىء الْقَيْس إِذا غضب على أحد مِنْهُم ضربوه

ص: 355

بالعصا فسموا عبيد الْعَصَا أَي: يُعْطون على الضَّرْب والهوان. وَأَرَادَ بالأسد الباسل أَبَاهُ. والفئام بِكَسْر الْفَاء بعْدهَا همزَة ممدودة: الْجَمَاعَة.

وأبير: أفني. وَمَالك هُوَ ابْن أَسد. وَأَرَادَ بِمن يشرف من كَاهِل علْبَاء بن

الْحَارِث من بني كَاهِل بن أَسد.

وَقَوله: يقذف أَي: يرْمى بَعضهم على بعض إِذا قتلوا. والمسنونة: المحددة. والشائل: السَّاقِط.

وَقَوله: حلت لي الْخمر إِلَخ قَالَ السَّعْدِيّ فِي مساوي الْخمر. إِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّهُ لم يكن حضر قتل أَبِيه وَكَانَ أَبوهُ أقصاه لِأَنَّهُ كره مِنْهُ قَول الشّعْر وَإِنَّمَا جَاءَهُ الْأَعْوَر الْعجلِيّ بِخَبَرِهِ وَهُوَ يشرب فَقَالَ: ضيعني صَغِيرا وحملني ثقل الثأر كَبِيرا. الْيَوْم خمرٌ وَغدا أَمر. لَا صحو الْيَوْم وَلَا سكر غَدا.

ثمَّ شرب سبعا ثمَّ لما صَحا حلف أَن لَا يغسل رَأسه وَلَا يشرب خمرًا حَتَّى يدْرك ثَأْره.)

فَذَلِك قَوْله: حلت لي الْخمر. وَهَذَا معنى مَا زَالَت الْعَرَب تطرقه.

قَالَ الشنفرى يرثي خَاله تأبط شرا وَيذكر إِدْرَاكه ثَأْره من قصيدةٍ لَهُ: المديد

(فادركنا الثأر فيهم وَلما

ينج من لحيان إِلَّا الْأَقَل)

وافهم أَنهم إِنَّمَا حرمُوا الْخمر على أنفسهم فِي مُدَّة طَلَبهمْ لِأَنَّهَا مشغلة لَهُم عَن كريم الْأَخْلَاق والإقبال على الشُّهْرَة. اه.

ص: 356

قَالَ إِسْمَاعِيل بن هبة الله الْموصِلِي فِي كتاب الْأَوَائِل أول من اخترع هَذَا الْمَعْنى امْرُؤ الْقَيْس فِي هَذَا الشّعْر.

وَأما قَول أبي نواس: الْكَامِل

(فِي مجلسٍ ضحك السرُور بِهِ

عَن ناجذيه وحلت الْخمر)

فَكَانَ نذر لَا يشرب حَتَّى يظفر بِمن يهوى فَلَمَّا ظفر بِهِ وَشرب قَالَ هَذَا الْبَيْت.

وَكَذَا أَيْضا قَول البحتري: الْبَسِيط

(حَتَّى نحل وَقد حل الشَّرَاب لنا

جنَّات عدنٍ على الساجور ألفافا)

فَإِنَّهُ نذر أَن لَا يشرب خمرًا حَتَّى يصير إِلَى بَلَده فَلَمَّا صَار إِلَيْهِ حل لَهُ الشَّرَاب. اه.

وَبَيت أبي نواس قبله: الْكَامِل

(ظلت حميا الكاس تبسطنا

حَتَّى تهتك بَيْننَا السّتْر)

قَالَ السَّيِّد المرتضى قدس الله روحه فِي أَمَالِيهِ: قَوْله: وحلت الْخمر يحْتَمل أَن مَا وصف بِهِ من طيب الْموضع وتكامل السرُور بِهِ وَحُضُور المأمول فِيهِ صَار مقتضياً لشرب الْخمر. وملجئاً وَتَكون فَائِدَة وصفهَا بِأَنَّهَا حلت الْمُبَالغَة فِي وصف الْحَال بالْحسنِ وَالطّيب. وَيحْتَمل أَيْضا أَن يكون عقد على نَفسه وآلى أَن لَا يتَنَاوَل الْخمر إِلَّا بعد

ص: 357