الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَرَادَ بالذوين مُلُوك الْيمن. كذي نواسٍ وَذي رعين وَذي أصبح.
وَهُوَ عجزٌ وصدره: فَلَا أَعنِي بذلك أسفليكم والمشار إِلَيْهِ بذلك هُوَ الهجو.
وَأنْشد بعده
3 -
(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)
الطَّوِيل
(ذراني من نجدٍ فَإِن سنينه
…
لعبن بِنَا شيباً وشيبننا مردا)
على أَن نون الْجمع الَّذِي جَاءَ على خلاف الْقيَاس قد يَجْعَل معتقب الْإِعْرَاب أَي: مَحل تعاقبه. أَي: تجْرِي عَلَيْهَا الحركات وَاحِدًا بعد واحدٍ وَلَا تحذف للإضافة كَمَا فِي قَوْله: سنينه.
فالنون لما جرى عَلَيْهَا الْإِعْرَاب لم تحذف مَعَ إِضَافَة الْكَلِمَة إِلَى ضمير نجد.
وَفِي كَلَامه شَيْئَانِ: أَحدهمَا: أَنه غير خاصٍّ بِالضَّرُورَةِ.
وَالْأول موافقٌ لكَلَام أبي عَليّ فِي إِيضَاح الشّعْر دون الثَّانِي. قَالَ فِي بَاب مَا جعلت فِيهِ النُّون الْمَفْتُوحَة اللاحقة بعد الْوَاو وَالْيَاء فِي الْجمع حرف إِعْرَاب بعد أَن أنْشد جَمِيع الأبيات الْآتِيَة.
اعْلَم أَن هَذِه النُّون إِذا جعلت حرف الْإِعْرَاب صَارَت ثَابِتَة فِي الْكَلِمَة فَلم تحذف فِي الْإِضَافَة كَمَا لَا تحذف نون فرسن ورعشن
وَنَحْوه وَإِن كَانَت زَائِدَة وَيكون حرف اللين قبلهَا الْيَاء وَلَا يكون الْوَاو لِأَن الْوَاو تدل على إِعْرَاب بِعَيْنِه فَلم يجز ثباتها من حَيْثُ لم يجز ثبات إعرابين فِي الْكَلِمَة.
فَأَما من أجَاز ثبات الْوَاو فِي هَذَا الضَّرْب من الْجمع وَزعم أَن ذَلِك يجوز فِيهِ قِيَاسا على قَوْلهم: زيتون فَقَوله: بعيد من جِهَة الْقيَاس مَعَ أَنا لَا نعلمهُ جَاءَ فِي شَيْء مِنْهُم.
وَذَلِكَ أَن هَذِه الْوَاو لم تكن قطّ إعراباً كَمَا فِي مُسلمُونَ. وعَلى مَا ذهب إِلَيْهِ جَاءَ التَّنْزِيل: فِي)
عليين. انْتهى.
وَمَا ذهب إِلَيْهِ الشَّارِح الْمُحَقق هُوَ ظَاهر كَلَام الْفراء عِنْد تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: الَّذين جعلُوا الْقُرْآن عضين.
قَالَ: العضون فِي كَلَام الْعَرَب: السحر. وَيُقَال: عضوه أَي: فرقوه كَمَا تعضى الشَّاة وَالْجَزُور وَوَاحِد العضون عضة ورفعها عضون ونصبها وخفضها عضين.
وَمن الْعَرَب من يَجْعَلهَا بِالْيَاءِ على كل حالٍ ويعرب نونها فَيُقَال هَذِه عضينك ومررت بعضينك وسنينك.
وَهِي كثيرةٌ فِي أَسد وَتَمِيم وعامر أَنْشدني بَعضهم من بني عَامر: ذراني من نجدٍ فَإِن سنينه
…
...
…
... الْبَيْت ثمَّ قَالَ بعد أَبْيَات مثلهَا: وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِك فِي هَذَا المنقوص الَّذِي كَانَ على ثَلَاثَة أحرف فنقصت لامه فَلَمَّا جَمَعُوهُ بالنُّون وتوهموا أَنه فعول إِذْ جَاءَت الْوَاو وَهِي وَاو جمع فَوَقَعت فِي موقع النَّاقِص فتوهموا أَنَّهَا الْوَاو الْأَصْلِيَّة وَأَن الْحَرْف على فعول.
أَلا ترى أَنهم لَا يَقُولُونَ ذَلِك
فِي الصَّالِحين وَالْمُسْلِمين وَمَا أشبهه. وَمَا كَانَ من حرف نقص من أَوله مثل زنة ودية ولدة فَإِنَّهُ لَا يُقَاس على هَذَا. فَمَا كَانَ مِنْهُ مؤنثاً أَو مذكراً فاجره على التَّمام مثل الصَّالِحين. انْتهى كَلَامه.
وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن الشجري فِي أَمَالِيهِ قَالَ: وَمِنْهُم من جعل النُّون فِي جمع سنة حرف الْإِعْرَاب وألزمها صأالياء وَأثبت النُّون فِي الْإِضَافَة. ورفعها وخفضها ونونها تَشْبِيها لَهَا بنُون غسلين فَقَالُوا: أَقمت عِنْده سنيناً وَعَجِبت من سِنِين زيد وأعجبتني سنينك. وَأنْشد الْبَيْت.
وَهَذَا مُخَالف لصنيع ابْن جني فِي سر الصِّنَاعَة فَإِنَّهُ خصّه بِالضَّرُورَةِ وَجوزهُ فِي الْجمع الْحَقِيقِيّ.
وَتَبعهُ ابْن عُصْفُور فِي كتاب الضرائر قَالَ: وَمن الْعَرَب من يَجْعَل الْإِعْرَاب فِي النُّون من جمع الْمُذكر السَّالِم.
وَذَلِكَ كُله لَا يحفظ إِلَّا فِي الشّعْر نَحْو قَول الفرزدق: الْبَسِيط
(مَا سد حيٌّ وَلَا ميت مسدهما
…
إِلَّا الخلائف من بعد النَّبِيين)
وَقَوله: الْبَسِيط
(وَإِن أتم ثمانيناً رَأَيْت لَهُ
…
شخصا ضئيلاً وكل السّمع وَالْبَصَر))
وَقَوله: الوافر
(وَأَن لنا أَبَا حسنٍ عليا
…
أبٌ برٌّ وَنحن لَهُ بَنِينَ)
وَقَوله: الوافر وماذا يدْرِي الشُّعَرَاء مني
…
... . . الْبَيْت وَوجه ذَلِك إِجْرَاء جمع السَّلامَة وَمَا يجْرِي مجْرَاه مجْرى الْمُفْرد وَلذَلِك ثبتَتْ النُّون فِي حَال الْإِضَافَة كَقَوْلِه: الْكَامِل
(وَلَقَد ولدت بَنِينَ صدقٍ سادةً
…
ولأنت بعد الله كنت السيدا)
وَقَول الآخر: الوافر وَقَوله: ذراني من نجدٍ فَإِن سنينه
…
...
…
. . الْبَيْت انْتهى.
وَمن إِعْرَاب الْجمع بالحركة قَول الشَّاعِر: الْخَفِيف
(رب حيٍّ عرندس ذِي طلالٍ
…
لَا يزالون ضاربين القباب)
فضاربين منصوبٌ بالفتحة على أَنه خبر يزالون وَهُوَ مُضَاف للقباب. والحي: الْقَبِيلَة.
والعرندس كسفرجل: الشَّديد. والطلال بِفَتْح الْمُهْملَة: الْحَالة الْحَسَنَة والهيئة الجميلة.
وَمثله قَول الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْمفصل: وَقد يَجْعَل إِعْرَاب مَا يجمع بِالْوَاو وَالنُّون فِي النُّون وَأكْثر مَا يَجِيء ذَلِك فِي الشّعْر وَيلْزم الْيَاء إِذْ ذَلِك قَالُوا: أَتَت عَلَيْهِ سِنِين.
وَقَالَ الشَّاعِر: دَعَاني من نجدٍ فَإِن سنينه
…
...
…
...
…
الْبَيْت وَقَالَ سحيم: وماذا تَدْرِي الشُّعَرَاء مني
…
...
…
... الْبَيْت انْتهى.
قَالَ شَارِحه ابْن يعِيش: اعْلَم أَن من الْعَرَب من يَجْعَل إِعْرَاب هَذَا الْجمع فِي النُّون بِشَرْط أَن يلْحقهُ نقصٌ كسنين.
وَالشَّيْخ قد أطلق هُنَا وَالْحق مَا ذكرته. انْتهى.)
وَالْبَيْت من قصيدة للصمة بن عبد الله الْقشيرِي وَبعده: الطَّوِيل
(لحا الله نجداً كَيفَ يتْرك ذَا الندى
…
بَخِيلًا وحر النَّاس تحسبه عبدا)
(على أَن نجداً قد كساني حلَّة
…
إِذا مَا رَآنِي جاهلٌ ظنني عبدا)
(سواداً وأخلاقاً من الصُّوف بَعْدَمَا
…
أَرَانِي بنجدٍ نَاعِمًا لابساً بردا)
(على أَنه قد كَانَ للعين قُرَّة
…
وللبيض والفتيان منزله حمدا)
(سقى الله نجداً من ربيعٍ وصيفٍ
…
وجودٍ وتسكابٍ سقى مزنه نجدا)
قَالَ ابْن هِشَام فِي شرح الشواهد: وَكَانَ من خَبره أَي: الصمَّة أَنه خطب ابْنة عَمه فاشتط عَمه فِي الْمهْر عَلَيْهِ وبخل عَلَيْهِ أَبوهُ بالجمال فزوجت من غَيره فَغَضب من عَمه وَأَبِيهِ وَخرج إِلَى طبرستان وَهِي مقرّ الديلم فَأَقَامَ بهَا مُدَّة حَيَاته إِلَى أَن مَاتَ فِيهَا. فَلهَذَا تَارَة يحن إِلَى نجد وَتارَة يذمه. انْتهى.
وَقَوله: ذراني من نجد ويروى أَيْضا: دَعَاني من نجد وهما بِمَعْنى أَي: اتركاني من ذكر نجدٍ.
ونجد من بِلَاد الْعَرَب وَهُوَ خلاف الْغَوْر والغور هُوَ
تهَامَة. وكل مَا ارْتَفع من تهَامَة إِلَى أَرض الْعرَاق فَهُوَ نجد. وَهُوَ مُذَكّر. كَذَا فِي الصِّحَاح.
والسنين: جمع سنة وَهِي هُنَا إِمَّا بِمَعْنى الْعَام وَإِمَّا بِمَعْنى الْقَحْط. وَيُقَال: أَرض بني فلَان سنة إِذا كَانَت مُجْدِبَة.
وشيباً حَال من نَا فِي بِنَا وَهُوَ بِالْكَسْرِ جمع أشيب وَهُوَ الَّذِي ابيض شعره. ومردا: حالٌ أَيْضا من نَا فِي شيبننا وَهُوَ جمع أَمْرَد وَهُوَ الَّذِي لَا شعر بعارضيه.
وَقَوله: لحا الله نجداً إِلَخ فِي الصِّحَاح لحاه الله أَي: قبحه ولعنه. والندى: الْجُود.
وروى بدله: الْغنى وحر: مَعْطُوف على ذَا الندى وَجُمْلَة: تحسبه فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي.
وَهَذَا الْبَيْت تعريضٌ بِأَبِيهِ وَعَمه.
وَنقل ابْن المستوفي عَن ثَعْلَب أَن المُرَاد من هَذَا الْبَيْت أَن عَيْش نجدٍ عيشٌ شَدِيد لَا بُد أَن يقوم بِالْمَالِ فِيهِ وَإِلَّا ضَاعَ.
وَنقل عَن ابْن الْأَعرَابِي أَيْضا أَنه ذمّ نجداً لشتائه وقيظه. وَهَذَا إِنَّمَا يَصح مَعَ قطع النّظر عَن
سَبَب الشّعْر. وَنقل أَيْضا عَن أبي زيد الْبَيْتَيْنِ الْمَذْكُورين وَأَنه قَالَ: ذمّ نجداً لشدَّة شتائه وقيظه.)
وَلم أر فِي ديوَان أبي زيد إِلَّا الْبَيْت الشَّاهِد غير مشروح بِهَذَا الشَّرْح وَنَقله أَبُو عَليّ عَن أبي زيد فِي التَّذْكِرَة القصرية ثمَّ قَالَ: قَالَ ابْن الهيصم هَذَا الشَّيْخ الْكُوفِي الَّذِي يجلس إِلَى أبي حَاتِم قَالَ: أَنْشدني أعرابيٌّ بِالشَّام هَذَا الْبَيْت وَقَبله بَيْتا آخر وَهُوَ:
(لحا الله نجداً كَيفَ يتْرك ذَا الْغنى
…
فَقِيرا وحر الْقَوْم تحسبه عبدا)
وَهَذَا إنشاد طريف. وَسمعت أَيْضا هَذَا الْبَيْت بقصر ابْن هُبَيْرَة من أَعْرَابِي. انْتهى.
وَكَأَنَّهُ لم يقف على هَذِه القصيدة وَلَا على شَيْء من خَبَرهَا.
وَقَوله: على أَن نجداً إِلَخ على هُنَا للاستدراك والإضراب وَكَذَلِكَ على الْآتِيَة. يُرِيد أَنه لما تغرب وَفَارق نجداً افْتقر وَلبس الثِّيَاب الْأَخْلَاق السود من الصُّوف. وناعماً: متنعماً مترفهاً.
وَقَوله: وللبيض والفتيان الْجَار وَالْمَجْرُور خبر مقدم ومنزله: مُبْتَدأ مُؤخر وَهُوَ مُضَاف لضمير نجد.
وَالْبيض: النِّسَاء الحسان. والفتيان: جمع الْفَتى وَهُوَ الشَّاب. وَالْحَمْد هُنَا بِمَعْنى الْمَحْمُود. وَهَذَا تشوق مِنْهُ إِلَى وَطنه وتحزن على مُفَارقَته مِنْهُ.
ثمَّ دَعَا لَهُ على طَريقَة