الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لمفعول وَاحِد وَبِمَعْنى التصيير فيتعدى لاثْنَيْنِ أَصلهمَا الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَهنا محتملٌ لكلٍّ مِنْهُمَا فشطيرا على الأول حَال من الْيَاء وعَلى الثَّانِي هُوَ الْمَفْعُول الثَّانِي وَفِيهِمْ عَلَيْهِمَا مُتَعَلق بِالتّرْكِ أَو هُوَ الْمَفْعُول الثَّانِي.
وشطيراً حالٌ من ضمير الظّرْف وَيجوز أَن يكون مَفْعُولا آخر مكرراً كَمَا قيل فِي قَوْله تَعَالَى: وتركهم فِي ظلماتٍ لَا يبصرون إِن فِي ظلمات مفعول ثَان وَجُمْلَة: لَا يبصرون مفعول آخر مُكَرر.
وَقَالَ الْعَيْنِيّ: فيهم يتَعَلَّق بشطيراً وشطيراً نصب على الْحَال وَالتَّقْدِير: لَا تتركني حَال كوني شطيراً كَائِنا فيهم.
هَذَا كَلَامه.
وَلَا يخفى أَن ذكر كَائِنا مَعَ قَوْله مُتَعَلق بشطيراً لَا وَجه لَهُ.)
والشطير: الْغَرِيب. وَأهْلك بِكَسْر اللَّام والماضي بِفَتْحِهَا. وَالشعر لم ينْسبهُ أحدٌ إِلَى قَائِله.
وَالله وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الْخَمْسُونَ بعد الستمائة)
وَهُوَ من شَوَاهِد س: الْبَسِيط
(ازجر حِمَارك لَا يرتع بروضتنا
…
إِذن يرد وَقيد العير مكروب)
على أَنه يجوز على مَذْهَب الْكسَائي أَن يكون لَا يرتع مَجْزُومًا بِكَوْن لَا فِيهِ للنَّهْي لَا أَنه جَوَاب الْأَمر.
وَيرد مَجْزُومًا لَا مَنْصُوبًا بِكَوْنِهِ جَوَابا للنَّهْي كَمَا هُوَ مذْهبه فِي
نَحْو: لَا تكفر تدخل النَّار.
فَيكون الْمَعْنى لَا يرتع إِن يرتع يرد. وَعند غَيره: يرد مَنْصُوب وَإِذن مُنْقَطع عَمَّا قبله مصدر كَأَن الْمُخَاطب قَالَ: لَا أزجره. فَأجَاب بقوله: إِذن يرد.
أَقُول: يكون لَا يرتع على قَول الْكسَائي بَدَلا من ازجر وَهُوَ أوفى من الأول فِي تأدية الْمَعْنى المُرَاد كَقَوْلِه: الطَّوِيل أَقُول لَهُ ارحل لَا تقيمن عندنَا وَإِذن تكون مُؤَكدَة للشّرط الْمُقدر وَهُوَ إِن يرتع وَيرد جَوَاب الشَّرْط الْمُقدر.
وَهُوَ مجزوم بِسُكُون مُقَدّر والفتحة لدفع التقاء الساكنين. وَيجوز ضم الدَّال وَكسرهَا أَيْضا للدَّفْع الْمَذْكُور وَالْأَصْل يردد فَلَمَّا أدغم سكنت الدَّال الأولى
وَالثَّانيَِة سَاكِنة أَيْضا للجزم فَالتقى ساكنان فلنا أَن تدفع التقاءهما بِإِحْدَى الحركات الثَّلَاث.
وَقَوله: بِكَوْنِهِ جَوَابا للنَّهْي مُتَعَلق بقوله مَجْزُومًا.
وَقَوله: وَعند غَيره يرد مَنْصُوب أَي: عِنْد غير الْكسَائي يرد مَنْصُوب بِإِذن فالفتحة
فَتْحة إِعْرَاب وَإِذن هُنَا لَيست متضمنة للشّرط وَإِنَّمَا هِيَ متضمنة للنَّهْي وَهُوَ لَا تزجره.
وَعبر التبريزي فِي شَرحه عَن هَذَا بِأَن إِذن هُنَا على بَابهَا لِأَنَّهَا جَوَاب كَلَام مُقَدّر لِأَنَّهُ قدر أَن الْمَأْمُور بِالرَّدِّ قَالَ: لَا أرد. فَأَجَابَهُ بذلك وحذفه لفهم الْمَعْنى. اه.
وَهَذَا من غير الْغَالِب كَمَا قَالَ الشَّارِح الْمُحَقق: الْغَالِب فِي إِذن تضمن الشَّرْط. وَهَذَا الْوَجْه هُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ قَالَ فِي الْكتاب: وَاعْلَم أَن إِذن إِذا كَانَت بَين الْفِعْل وَبَين شيءٍ الْفِعْل معتمدٌ عَلَيْهِ)
فَإِنَّهَا ملغاة لَا تنصب الْبَتَّةَ كَمَا لَا تنصب أرى إِذا كَانَت بَين الْفِعْل وَالِاسْم فِي قَوْلك: كَانَ أرى زيدٌ ذَاهِبًا.
فَإِذن لَا تصل فِي ذَا الْموضع إِلَى أَن تنصب كَمَا لَا تصل أرى هُنَا إِلَى أَن تنصب. فَهَذَا تَفْسِير الْخَلِيل. وَذَلِكَ قَوْلك: أَنا إِذن آتِيك فَهِيَ هُنَا بِمَنْزِلَة أرى حَيْثُ لَا تكون إِلَّا ملغاة.
وَلَيْسَ هَذَا كَقَوْل ابْن عنمة الضَّبِّيّ:
(ارْدُدْ حِمَارك لَا تنْزع سويته
…
إِذن يرد وَقيد العير مكروب)
من قبل أَن هَذَا مُنْقَطع من الْكَلَام الأول وَلَيْسَ مُعْتَمدًا على مَا قبله لِأَن مَا قبله مستغن.
انْتهى.
وَأَجَازَ الأعلم هُنَا رفعٌ يرد قَالَ: الشَّاهِد فِيهِ نصب مَا بعد إِذن لِأَنَّهَا مُبتَدأَة. وَالرَّفْع جائزٌ على إلغائها وَتَقْدِير الْفِعْل وَاقعا للْحَال لِأَن حُرُوف النصب لَا تعْمل إِلَّا فِيمَا خلص للاستقبال.
اه.
وَالْبَيْت من أبياتٍ ستةٍ لعبد الله بن عنمة أوردهَا الْمفضل فِي المفضليات وَأَبُو تَمام فِي الحماسة وَهِي:
(مَا إِن ترى السَّيِّد زيدا فِي نُفُوسهم
…
كَمَا ترَاهُ بَنو كوز ومرهوب)
(إِن يسْأَلُوا الْحق نعط الْحق سائله
…
والدرع محقبةٌ وَالسيف مقروب)
(وَإِن أَبَيْتُم فَإنَّا معشرٌ أنفٌ
…
لَا نطعم الْخَسْف إِن السم مشروب)
فازجر حِمَارك لَا يرتع
…
... . الْبَيْت
(إِن تدع زيدٌ بني ذهل لمغضبةٍ
…
نغضب لزرعة إِن الْفضل مَحْسُوب)
قَوْله: مَا إِن ترى السَّيِّد إِلَخ إِن زَائِدَة مُؤَكدَة لما النافية. وَالسَّيِّد بِالْكَسْرِ وَزيد وكوز ومرهوب كلٌّ من الْأَرْبَعَة: أَبُو حيٍّ من بني ضبة. وَزيد وكوز أَخَوان ابْنا كَعْب بن بجالة بن ذهل بن مَالك بن بكر بن سعد بن ضبة بن أد ابْن طابخة.
وَالسَّيِّد هُوَ أَخُو ذهل الْمَذْكُور.
ومرهوب هُوَ ابْن عبيد بن هَاجر بن كَعْب بن بجالة الْمَذْكُور.
وَقد روى الضَّبِّيّ فِي المفضليات كرز بالراء الْمُهْملَة بدل الْوَاو. قَالَ المرزوقي: يَقُول: بَنو السَّيِّد لَا يقسمون لزيد بن التَّعْظِيم وَلَا يوجبون لَهُ فِي نُفُوسهم من الْحُرْمَة والتبجيل مَا يُوجِبهُ ويقسمه بَنو كوز ومرهوب. وَالضَّمِير على
هَذَا فِي نُفُوسهم للسَّيِّد. وَلَا يمْتَنع أَن يكون لزيد لِأَنَّهُ قَبيلَة.)
وَهَذَا كَمَا يُقَال: لَك فِي نَفسك حقٌّ ومنزلة كَأَن زيدا كَانَ لَهُ إِذا رَجَعَ نَفسه من التَّوَجُّه والإدلال والتخصيص والاعتزاز فِي بني كوز ومرهوب مَا لَا يكَاد يجده فِي بني السَّيِّد.
وَقَوله: إِن تسألوا الْحق إِلَخ قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: قَالَ الضَّبِّيّ: قَوْله محقبة أَي: تكون الدرْع فِي حقيبة الْبَعِير. وَكَذَلِكَ كَانَت الْعَرَب تفعل بالدروع إِذا هموا بِالْقِتَالِ اسْتخْرجُوا الدروع من الحقائب فَلَبِسُوهَا.
وَقَوله: مقروب أَي: فِي قرَابه. يُقَال: قربت السَّيْف: أدخلته فِي قرَابه وَهُوَ غمده. يَقُول: إِن أردتم الصُّلْح أجبناكم وَالسِّلَاح مَسْتُور وَإِن أَبَيْتُم أظهرناه لكم.
وَقَوله: وَإِن أَبَيْتُم إِلَخ الْأنف بِضَمَّتَيْنِ: جمع أنوف وَهُوَ الَّذِي بِهِ أنفةٌ ونخوة. والخسف: حمل الْإِنْسَان على مَا يكرههُ ثمَّ اسْتعْمل فِي معنى الذل. يُقَال: سمته الْخَسْف إِذا حَملته على الهوان. وأصل الْخَسْف أَن تبيت الدَّابَّة على غير علف.
يَقُول: إِن اقتصرتم على أَخذ حقكم أعطيناكموه وَالْحَرب موضوعةٌ بَيْننَا وَبَيْنكُم وَإِن طلبتم أَكثر
مِنْهُ أَبينَا أَن نعطيكم إِيَّاه. واستعار الطّعْم وَالشرب لتجرع الغصة وتوطين النَّفس على الْمَشَقَّة عِنْد إِزَالَة المذلة ورد الكريهة. قَالَ المرزوقي: لَا نطعم الْخَسْف وَإِن شربنا السم.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد الْأَعرَابِي فِي شَرحه: لَا نطعم: لَا نذوق. وطعمت الشَّيْء: ذقته وطعمته: أَكلته أَيْضا.
وَالْمعْنَى وَإِن أَبَيْتُم الْحق فَإنَّا لَا نقر بالخسف أَي: الهوان ونؤثر عَلَيْهِ شرب السم كَمَا قَالَ: الطَّوِيل
ويركب حد السَّيْف من أَن تضيمه وَقَالَ التبريزي: مَعْنَاهُ نَحن نأبى الذل وَإِن كَانَ غَيرنَا يقر بِمَا هُوَ أبلغ فِي الهوان. أَو يُرِيد: إِن السم مشروبٌ وَإِن احتجنا إِلَى شربه شربناه وَلم نقبل ضيماً لِأَن الْإِنْسَان يصبر على شرب السم وَيكون ذَلِك أيسر عَلَيْهِ من صبره على الضيم.
وَقَوله: مشروب أَي: كل أحد يشربه وَلَا يُعْفَى مِنْهُ كَقَوْلِك: إِن الْحَوْض مورود يُرِيد بِهِ الْمَوْت أَيْضا. يَقُول: فعلام نحمل الضيم ومصيرنا إِلَى الْمَوْت ورده أَبُو مُحَمَّد الْأَعرَابِي فِيمَا كتبه عَلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّمَا أَرَادَ: إِنَّا نَخُوض الْمَوْت ونحتمل الشدائد وَلَا ننزل تَحت الضيم.)
قَالَ التبريزي بَعْدَمَا نقل هَذَا الْكَلَام: هَذِه الْأَقْوَال يقرب بَعْضهَا من بعض وَكلهَا ترجع إِلَى معنى وَاحِد وَلَيْسَ فِيهَا مَا يرد.
وَقَوله: فازجر حِمَارك إِلَى آخِره هَكَذَا فِي جَمِيع الرِّوَايَات بِالْفَاءِ وَقد سَقَطت من رِوَايَة الشَّارِح الْمُحَقق تبعا لرِوَايَة سِيبَوَيْهٍ: ارْدُدْ حِمَارك فِي إِسْقَاط الْفَاء.
ورتعت الْمَاشِيَة رتعاً من بَاب نفع ورتوعاً: رعت كَيفَ شَاءَت.
وَالرَّوْضَة: الْموضع المعجب الزهور. قيل: سمي بذلك لاستراضه الْمِيَاه المسائلة إِلَيْهَا أَي: لسكونها بهَا. وأراض الْوَادي واستراض إِذا استنقع فِيهِ المَاء. كَذَا فِي الْمِصْبَاح.
وروى سِيبَوَيْهٍ هَذَا المصراع:
ارْدُدْ حِمَارك لَا تنْزع سويته وَالرَّدّ: الإرجاع. والنزع: السَّلب. قَالَ الأعلم. والسوية: شيءٌ يَجْعَل تَحت البرذعة للحمار وَكَذَا أوردهُ الْجَوْهَرِي وَقَالَ: السوية: كساءٌ محشوٌ بثمام وَنَحْوه كالبرذعة وَالْجمع سوايا.
وَكَذَلِكَ الَّذِي يَجْعَل على ظهر الْإِبِل إِلَّا أَنه كالحلقة لأجل السنام وَتسَمى الحوية. وَالْحمار وَالْعير بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة هما الذّكر من الْحمير.
وَكَانَ الظَّاهِر أَن يَقُول وَهُوَ مكروب لكنه أعَاد الْحمار باسمه الظَّاهِر المرادف لَهُ للضَّرُورَة.
وَحسنه وُقُوعه فِي جملَة مُسْتَقلَّة.
قَالَ المرزوقي قَوْله: ازجر حِمَارك: هَذَا مثلٌ وَالْمعْنَى انقبض عَن التَّعَرُّض لنا وَالدُّخُول فِي حريمنا ورعي سوامك بروضتنا فَإنَّك إِن لم تفعل ذَلِك ذممت عَاقِبَة أَمرك. وَجعل إرْسَال الْحمار فِي حماهم كِنَايَة عَن التحكك بهم والتعرض لمساءتهم وَلَا حمَار ثمَّ وَلَا روض.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اكفف لسَانك. وَقَوله: إِذن قَالَ سِيبَوَيْهٍ: هُوَ جوابٌ وجزاءٌ فالابتداء الَّذِي هُوَ جَوَابه وجزاؤه مَحْذُوف مستدلٌ عَلَيْهِ مِمَّا فِي كَلَامه كَأَنَّهُ قَالَ: فَإِنَّهُ إِن رتع رَجَعَ إِلَيْك وَقد ضيق قَيده أَي ملىء قَيده فَتلا حَتَّى لَا يمشي إِلَّا بتعب. كَأَنَّهُ يضْرب أَو يسْتَعْمل حَتَّى يرم جِسْمه وَيُؤَدِّي الوجع مِنْهُ إِلَى مَوضِع حَافره فيضيق عَلَيْهِ الْقَيْد. اه.
وَكَذَا قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي عَن الضَّبِّيّ: إِن المكروب الشَّديد الفتل يُقَال: قد كرب حبله إِذا شدّ فتله كَأَنَّهُ من قَوْلهم: فلَان مكروبٌ أَي: ممتلىءٌ غماً. وَكَذَلِكَ الْحَبل ممتلىءٌ فَتلا.
وَالْمعْنَى: انته عَنَّا وازجر نَفسك عَن التَّعَرُّض لنا وَإِلَّا رددناك مضيقاً عَلَيْك مَمْنُوعًا من)
إرادتك. اه.
وَقَالَ التبريزي: يَقُول: اكفف شرك عَنَّا. وَجعل الْحمار كِنَايَة عَن الأذاة أَو عَن رجلٍ من أَصْحَاب هَذَا الْمُخَاطب يتَعَرَّض لَهُم بالمكاره.
وَهَذَا نحوٌ من قَول النَّابِغَة: الطَّوِيل
(سأمنع كَلْبِي أَن يريبك نبحه
…
وَإِن كنت أرعى مسحلان فحامرا)
وَالْعرب تكني بالحمار وَالْعير فِي أنحاء الْكَلَام فَيَقُولُونَ: قد
حل حِمَاره أَو عيره بمَكَان كَذَا إِذا أَقَامَ فِيهِ وَتمكن. وَقَوله: وَقيد العير إِلَخ أَي: مدانى مضيق حَتَّى لَا يقدر على الخطو. اه.
وَنقل النمري فِي شَرحه عَن الْبَاهِلِيّ صَاحب كتاب الْمعَانِي أَن المكروب من كربت الشَّيْء إِذا أحكمته فأوثقته. وَمعنى الْبَيْت إِنَّا نرد الْحمار مملوءاً قَيده فَتلا كَمَا يمتلىء الْإِنْسَان كرباً.
وَحكى ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْله: فازجر حِمَارك أَي: اكفف لسَانك.
وَقَالَ يَعْقُوب: هَذَا مثل يَقُول: رد أَمرك وشرك عَنَّا وَلَا تعرض لنا فَإِن لَا تفعل يرجع عَلَيْك أَمرك مضيقاً. هَذَا كَلَامه.
ورد عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّد الْأَعرَابِي فِيمَا كتبه عَلَيْهِ وَقَالَ: هَذَا مَوضِع الْمثل: عيٌّ ناطقٌ أعيا من عيٍّ سَأَلت أَبَا الندى رحمه الله عَن مَعْنَاهُ فَقَالَ: قَوْله: ازجر حِمَارك يَعْنِي فرس زيد الفوارس واسْمه عرقوب فكنى عَنهُ بالحمار على سَبِيل التهكم والهزء. قَالَ: وَبعد الْبَيْت مَا يدلك على ذَلِك وَهُوَ: وَلَا يكونن كمجرى داحسٍ لكم
…
... . الْبَيْت قَالَ: وَقَوله: وَقيد العير مكروب أَي: إِنَّهُم يعقرونه. والعقر أضيق الْقُيُود. وَجعل الْقَعْقَاع بن عَطِيَّة الْبَاهِلِيّ الْعقر عقَالًا فَقَالَ:
الطَّوِيل
(فَخر وظيف القرم فِي نصف سَاقه
…
وَذَاكَ عقالٌ لَا ينشط عاقله)
انْتهى.
وَقَوله: إِن يدع زيد بني ذهل إِلَخ قَالَ المرزوقي: يَقُول: إِن غضب بَنو ذهلٍ لزيد وامتعضوا من ضيمٍ يركبهَا فأغاثوها
إِذا استجارت بهم غضبنا نَحن لزرعة وانتقمنا لَهُ مِمَّن يهتضمه إِن الْفضل مَعْدُود.
وَالْمعْنَى: إِنَّه لَا فضل لكم علينا فقد عددنا مَا لكم وَلنَا فَلم نجد زِيَادَة لكم توجب لكم)
التعلي والتغلب. وَإِذا كَانَ الْأَمر بَيْننَا على التَّسَاوِي فَلَا استبداد وَلَا احتكام.
وروى: إِن القبص مَحْسُوب بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون الْمُوَحدَة وَآخره صَاد مُهْملَة وَهُوَ الْعدَد الْكثير وَيكون الْكَلَام مثلا. وَيُقَال: إِنَّهُم لفي قبص الْعدَد وَفِي قبص الْحَصَا: فِي أَكثر مَا يُسْتَطَاع عدده من كثرته.
وَالْمرَاد أَن الْأَعْدَاد الْكَثِيرَة تضبط وتحصر فَكيف مَا بَيْننَا من تقَارب أَو تفاضلٍ أَو تساوٍ وتعادل.
وَقَوله: وَلَا يكونن كمجرى داحس إِلَخ قَالَ المرزوقي: كَانَ التَّنَازُع بَينهم فِي رهانٍ وَقع على عرقوب وَهُوَ فرسٌ لَهُم فَيَقُول: لَا يكونن جري عرقوبٍ عَلَيْكُم فِي الشؤم. كجري داحس فِي غطفان غَدَاة شعب الحيس.
فَقَوله: عرقوب ارْتَفع على أَنه اسْم وَلَا يكونن وَقد حذف الْمُضَاف مِنْهُ أَي: لَا يكونن مجْرى عرقوب كمجرى داحس. وغداة ظرفٌ لمجرى.
وَجعل النَّهْي فِي اللَّفْظ لعرقوب وَهُوَ فِي الْمَعْنى لَهُم. حذرهم اسْتِعْمَال اللجاج لَيْلًا يتَأَدَّى الْأَمر إِلَى مثل مَا تأدى فِي رهان داحسٍ والغبراء. وَمثل هَذَا فِي النَّهْي قَوْلهم: لَا أرينك هَا هُنَا.
انْتهى.
وَلم يذكر أحد قصَّة هَذِه الأبيات.
وَعبد الله بن عنمة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَالنُّون وَالْمِيم. والعنمة فِي اللُّغَة:
وَاحِدَة العنم وَهِي قضبانٌ حمرٌ تنْبت فِي جَوف السمرَة تشبه بهَا البنان المخضوبة. وَقيل: هِيَ أَطْرَاف الخروب الشَّامي. وَيُقَال:
هُوَ دودٌ أَحْمَر يكون فِي الرمل يشبه بِهِ. وَيُقَال: بل هُوَ شيءٌ ينْبت ملتفاً على الشّجر يَبْدُو أَخْضَر ثمَّ يحمر.
وَعبد الله هَذَا شاعرٌ إسلاميٌّ مخضرم وَذكره ابْن حجر فِي الْقسم الأول فِي تَرْجَمَة عبد الله بن عنمة الْمُزنِيّ وَهُوَ صحابيٌ وَلم يفرد الضَّبِّيّ بترجمة فِي قسم المخضرمين من الْإِصَابَة. وَالظَّاهِر أَنه من المخضرمين. وَهَذِه عِبَارَته فِي تَرْجَمَة الْمُزنِيّ.
وَفِي الشُّعَرَاء مِمَّن لَهُ إدراكٌ: عبد الله بن عنمة الضَّبِّيّ.
قَالَ ابْن مَاكُولَا شهد الْقَادِسِيَّة. انْتهى.
وَهُوَ من بني غيظ بن السَّيِّد بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة.)
وَهَذَا نسبه من الجمهرة: عبد الله بن عنمة بن حرثان بن ثَعْلَبَة بن ذُؤَيْب ابْن السَّيِّد بن مَالك بن بكر بن سعد بن ضبة.
وَأما زيد الفوارس الَّذِي ذكره أَبُو مُحَمَّد الْأَعرَابِي فَهُوَ شاعرٌ فارسٌ جاهليٌّ من بني ضبة وَقد ذكرنَا تَرْجَمته فِي الشَّاهِد السَّابِع والثمانين