الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقد تقدم شَرحه مفصلا فِي الشَّاهِد الثَّامِن وَالسبْعين بعد الْمِائَتَيْنِ.
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)
وَهُوَ من شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ: الطَّوِيل
(على الحكم المأتي يَوْمًا إِذا قضى
…
قَضيته أَن لَا يجور ويقصد)
على أَن الْقطع قد يَجِيء بعد الْوَاو غير الجمعية. وَقد شَرحه الشَّارِح الْمُحَقق.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَمِمَّا جَاءَ مُنْقَطِعًا قَول الشَّاعِر: على الحكم المأتي
…
...
…
...
…
... . . الْبَيْت كَأَنَّهُ قَالَ: عَلَيْهِ غير الْجور وَلكنه يقْصد أَو هُوَ يقْصد أَو هُوَ قَاصد فابتدأ وَلم يحمل الْكَلَام على أَن كَمَا تَقول: عَلَيْهِ أَن لَا يجوز وَيَنْبَغِي لَهُ كَذَا وَكَذَا فالابتداء فِي هَذَا أسبق وَأعرف.
فَمن ثمَّ لَا يكادون يحملونها على أَن. انْتهى.
وَقَالَ النّحاس فِي شرح شواهده: سَأَلت عَنهُ أَبَا الْحسن فَقَالَ: ويقصد مَقْطُوع من الأول وَهُوَ فِي معنى الْأَمر وَإِن كَانَ مضارعاً كَمَا تَقول: يقوم زيد فَهُوَ خبرٌ وَفِيه معنى الْأَمر. انْتهى.
وَمثله للأعلم قَالَ: قطعه لِأَن الْمَعْنى: وَيَنْبَغِي لَهُ أَن يقْصد وَلم يحملهُ على أول الْكَلَام لِأَن فِيهِ معنى الْأَمر فَكَأَنَّهُ قَالَ: وليقصد فِي حكمه.
وَنَظِيره مِمَّا جَاءَ على لفظ الْخَبَر وَمَعْنَاهُ أمرٌ قَوْله تَعَالَى: والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ أَي:)
ليرضعن أَوْلَادهنَّ وَيَنْبَغِي لَهُنَّ أَن يرضعنهم. انْتهى.
وَنَقله الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح وَقَالَ: قَالَ الْأَخْفَش: أَرَادَ: يَنْبَغِي أَن يقْصد فَلَمَّا حذفه وأوقع يقْصد مَوضِع يَنْبَغِي رَفعه لوُقُوعه موقع الْمَرْفُوع.
وَإِلَيْهِ ذهب ابْن جني فِي الْمُحْتَسب. وَهَذَا توجيهٌ لانقطاعه واستئنافه وَلَيْسَ المُرَاد أَن يقْصد كَانَ مَنْصُوبًا بِأَن فارتفع لما حذفت كَمَا ذهب إِلَيْهِ الدماميني فِي الْحَاشِيَة الْهِنْدِيَّة وَقَالَ: وَيحْتَمل أَن يكون يقْصد مَنْصُوبًا فِي الأَصْل بإضمار أَن وَالْمعْنَى: عَلَيْهِ أَن لَا يجوز وَعَلِيهِ أَن يقْصد ثمَّ حذفت أَن وارتفع الْفِعْل كَمَا فِي تسمع بالمعيدي خيرٌ من أَن ترَاهُ. انْتهى.
وَهَذَا الْمَعْنى وَإِن كَانَ جيدا إِلَّا أَنه لَا يحسن التَّخْرِيج على حذف أَن فَإِنَّهُ غير مقيس.
فَالصَّحِيح الِاسْتِئْنَاف.
قَالَ ابْن الْحَاجِب فِي الْإِيضَاح: الْعَطف على يجور غير مُسْتَقِيم لِأَن غَرَضه أَن يَنْفِي الْجور وَيثبت الْقَصْد ليحصل الْمَدْح وَإِذا أشرك بَينه وَبَين الْجور دخل فِي النَّفْي فَيصير نافياً للجور ونافياً للقصد فَلَا يحصل مدح بل يتناقض. فَوَجَبَ أَن يحمل على أَنه مُسْتَأْنف ليَكُون مثبتاً فَيكون الْجور منفياً وَالْقَصْد مثبتاً فَيحصل الْمَقْصُود ويرتفع التَّنَاقُض. انْتهى.
وَقَوله: على الحكم ظرف وَقع فِي موقع الْخَبَر الْمُقدم.
وروى: على الحكم المأتي حقٌّ إِذا قضى
فَيكون حقٌّ هُوَ الْخَبَر وعَلى مُتَعَلقَة بِهِ.
وَقَوله: أَن لَا يجوز فِي تَأْوِيل مُبْتَدأ مُؤخر وَالْمعْنَى واجبٌ على كل حكم بَين النَّاس يُؤْتى لفصل الْخُصُومَات أَن لَا يجور فِي حكمه إِذا قضى قَضيته وَحكم حكمه وَهُوَ يقْصد ويعدل فِي قضاياه.
وَهَذَا مِنْهُ إرشادٌ للْحَاكِم إِلَى الْعدْل فِي الحكم وحث على النصفة. وَالْحكم بِفتْحَتَيْنِ: وصفٌ من حكمت بَين الْقَوْم: فصلت بَينهم فَأَنا حَاكم وَحكم بِفتْحَتَيْنِ. وَالْحكم بِالضَّمِّ: الْقَضَاء وَأَصله الْمَنْع يُقَال: حكمت عَلَيْهِ إِذا منعته من خِلَافه فَلم يقدر على الْخُرُوج من ذَلِك.
والمأتي: اسْم مفعول من أَتَيْته يكون مُتَعَدِّيا بِنَفسِهِ وَيَجِيء لَازِما يتَعَدَّى بإلى. وعَلى الأول يكون اسْم الْمَفْعُول مِنْهُ بِدُونِ إِلَى بِلَا حَاجَة إِلَى قَول ابْن الملا فِي شرح الْمُغنِي: المأتي مَعْنَاهُ المأتي)
إِلَيْهِ فَهُوَ على الْحَذف والإيصال كَقَوْلِهِم الْمُشْتَرك.
وَقضى: حكم. وَقَضِيَّة فعلية بِمَعْنى مفعولة. وجار فِي حكمه أَي: ظلم. وَالْقَصْد: الْعدْل يُقَال: قصد فِي الْأَمر من بَاب ضرب إِذا توَسط وَطلب الْأسد وَلم يُجَاوز الْحَد.
وَالْبَيْت من قصيدة عدتهَا تِسْعَة عشر بَيْتا لأبي اللحام التغلبي
أوردهَا أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ فِي أشعار تغلب لَهُ وانتخبها أَبُو تَمام فأورد مِنْهَا خَمْسَة أَبْيَات فِي مُخْتَار أشعار الْقَبَائِل وَهَذَا أَولهَا:
(عمرت وأطولت التفكر خَالِيا
…
وساءلت حَتَّى كَاد عمري ينْفد)
(فأضحت أُمُور النَّاس يغشين عَالما
…
بِمَا يتقى مِنْهَا وَمَا يتَعَمَّد)
(جديرٌ بِأَن لَا أستكين وَلَا أرى
…
إِذا الْأَمر ولى مُدبرا أتبلد)
على الحكم المأتي حقٌّ إِذا قضى
…
...
…
... . . الْبَيْت
عمرت أَي: عِشْت عمرا طَويلا من بَاب فَرح والمصدر الْعُمر بِفَتْح الْعين وَضمّهَا مَعَ سُكُون ويغشين: يَأْتِين. والغشيان: الْإِتْيَان. وَأَرَادَ بالعالم نَفسه. والفعلان بعده يجوز أَن يَكُونَا بِالْبِنَاءِ للمعلوم وبالبناء للْمَجْهُول. ويتعمد: بِمَعْنى يقْصد.
وجديرٌ: خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: أَنا جدير بِأَن لَا أستكين أَي: لَا أخضع وَلَا أذلّ. وَأرى بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول.
وَرُوِيَ المصراع الثَّانِي هَكَذَا: إِذا حل أمرٌ سَاءَنِي أتبلد أَي: أتحير كالبليد.
وَمن هَذِه القصيدة:
(وَلَيْسَ الْفَتى كَمَا يَقُول لِسَانه
…
إِذا لم يكن فعلٌ مَعَ القَوْل يُوجد)
…
(عَسى سائلٌ ذُو حاجةٍ إِن منعته
…
من الْيَوْم سؤلاً أَن يكون لَهُ غَد)
(وَإنَّك لَا تَدْرِي بِإِعْطَاء سائلٍ
…
أَأَنْت بِمَا تعطيه أم هُوَ أسعد)
وَأَبُو اللحام شاعرٌ جاهلي اسْمه حريثٌ مصغر حَارِث. واللحام بِفَتْح اللَّام وَتَشْديد الْحَاء الْمُهْملَة.
وَهَذَا شيءٌ من أخباره أوردهُ أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ قَالَ:
كَانَ أَبُو اللحام خرج فِي نَاس من بني تغلب فَأَغَارَ على قرى من قرى السوَاد وَأقَام يجبيهم)
وَيَأْخُذ مِنْهُم فَبعث إِلَيْهِم كسْرَى النخيرجان فِي خيلٍ من الأساورة فَهزمَ ذَلِك الْجَيْش وَأخذ أَبَا اللحام فَحَمله على بعير وعدله بفراش وَهُوَ مغلولٌ فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْخَبيث الَّذِي جَاءَ يُغير على الْملك وَهُوَ عدل فراشٍ فِي الخفة ثمَّ إِنَّه نزل فِي نَاحيَة الْفُرَات على شاطئه الغربي فَبعث خيله إِلَى الْعَرَب فَلم يصب أحدا إِلَّا قَتله. وَجعل مَعَ أبي اللحام رجلا من أهل الْحيرَة عَرَبيا كَانَ من أعوانه يُقَال لَهُ: بريم فِي سلسلةٍ شمال أبي اللحام بِيَمِينِهِ وَهُوَ يُرِيد أَن يقدم الْحيرَة ليصلبه بهَا فيراه من يقدم الْحيرَة من الْعَرَب.
فلقي رجلا نبطياً كَانَ يعرفهُ فِي بعض السوَاد إِلَى جنب أجمة فَأخذ