المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الشاهد التاسع والخمسون بعد الستمائة) - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي - جـ ٨

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب الْمَجْمُوع)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(جمع الْمُؤَنَّث السَّالِم)

- ‌(جمع التكسير)

- ‌(الْمصدر)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(اسْم الْفَاعِل)

- ‌(الشَّاهِد الموفي للستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْوَاحِد بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْعَاشِر بعد الستمائة)

- ‌(اسْم الْمَفْعُول)

- ‌(الصّفة المشبهة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي عشر بعد الستمائة)

- ‌(أفعل التَّفْضِيل)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الموفي للعشرين بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْوَاحِد وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الْفِعْل الْمَاضِي)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الْفِعْل الْمُضَارع)

- ‌(الشَّاهِد الثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(النواصب)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْوَاحِد وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السبعون بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

الفصل: ‌(الشاهد التاسع والخمسون بعد الستمائة)

كَانَ ذَلِك لَا يفهم مِنْهُ إِذا قدرته بِقَوْلِك حَاضرا. قلت: فَإِن الْحُضُور لم يَقع وَنحن نعلم أَنه مَا نَهَاهُ وَقد حضر. قَالَ: هَذَا مثل قَوْلك: هَذَا صَاحب صقر صائداً بِهِ غَدا. قلت: فَمَا الْحَاجة إِلَى أَن قدرته حَالا. قَالَ: ليتعلق بِمَا قبله وَإِلَّا فَلَا سَبِيل إِلَى تعلقه بِمَا قبله إِلَّا على هَذَا الْوَجْه. انْتهى.

وَأنْشد بعده

(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

الرمل لَو بِغَيْر المَاء حلقي شرقٌ على أَن الْجُمْلَة الاسمية بعد لَو وضعت مَوضِع الْجُمْلَة الفعلية شذوذاً كَمَا قَالَه فِي بَاب الِاشْتِغَال.

وَهَذَا مَذْهَب ابْن جني وَنسبه أَبُو حَيَّان إِلَى أبي بكر بن طَاهِر.

وَهَذَا صدر وعجزه: كنت كالغصان بِالْمَاءِ اعتصاري وَالْبَاء من بِغَيْر مُتَعَلقَة بالْخبر وَهُوَ شَرق وحلقي: هُوَ الْمُبْتَدَأ. وَهَذَا أحد تخاريج ثلاثةٍ فِي ثَانِيهَا: لبدر الدَّين فِي شرح ألفية وَالِده قَالَ: كَانَ الشأنية محذوفة بعد لَو فَهِيَ على بَابهَا من دُخُولهَا على الْجُمْلَة الفعلية فَتكون

ص: 508

الْجُمْلَة الاسمية خَبرا لَكَانَ المحذوفة. وَنسبه أَبُو حَيَّان إِلَى الْبَصرِيين. وَلم يذكر ابْن هِشَام هَذَا التَّخْرِيج فِي الْمُغنِي.

ثَالِثهَا: لأبي عَليّ الْفَارِسِي فِي الْإِيضَاح الشعري قَالَ فِيهِ: مَوضِع حلقي رفعٌ بِأَنَّهُ فَاعل والرافع لَهُ فعل مُضْمر يفسره شَرق كَأَنَّهُ قَالَ: لَو شَرق حلقي بِغَيْر المَاء. وَلَا يكون شَرق خبر حلقي.

هَذَا الظَّاهِر. لِأَن مَا بعد لَولَا

يكون مُبْتَدأ كَمَا أَن مَا بعد إِن وَمَا بعد إِذا لَا يكون كَذَلِك.

فَإِذا لم يجز أَن تَجْعَلهُ خبر حلقي الْوَاقِع بعد لَو لِأَنَّهُ يرْتَفع بِفعل مُضْمر وَجب أَن تضمر لَهُ مُبْتَدأ وَالتَّقْدِير هُوَ شَرق فَيكون هُوَ شرقٌ بِمَنْزِلَة شَرق تَفْسِيرا للْفِعْل الْمُضمر بعد لَو وَيكون ذَلِك بِمَنْزِلَة مَا يحمل على الْمَعْنى. أَلا ترى أَن هُوَ شَرق بِمَنْزِلَة شَرق فِي الْمَعْنى وَقَوله: بِغَيْر المَاء يتَعَلَّق الْجَار فِيهِ بِالْفِعْلِ الْوَاقِع لحلقي وَهُوَ أسهل من أَن تعلقه بشرقٍ هَذَا الظَّاهِر. وَإِن لم تقدر هَذَا الْمُضمر لزم أَن تكون لَو قد ابْتَدَأَ بعْدهَا الِاسْم فَإِذا ثَبت فِي هَذَا الْموضع إِضْمَار الْفِعْل فَحكم سَائِر مَا أشبهه مثله. انْتهى مُخْتَصرا.

وَاخْتَصَرَهُ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي بقوله: وَقَالَ الْفَارِسِي: الأَصْل لَو شَرق حلقي هُوَ شَرق فَحذف الْفِعْل أَولا والمبتدأ آخرا. انْتهى.

وَنسب أَبُو جَعْفَر النّحاس هَذَا التخرج لأبي الْحسن الْأَخْفَش وَأنْشد الْبَيْت فِي أَبْيَات سِيبَوَيْهٍ وَقَالَ: أنْشدهُ سِيبَوَيْهٍ فِي بَاب من أَبْوَاب أَن فِي نُسْخَة أبي الْحسن وَحده. انْتهى.)

وَقد راجعت الْكتاب وَهُوَ من رِوَايَة الْمبرد فَلم أَجِدهُ فِيهِ.

وَبِتَقْدِير الْمُبْتَدَأ تعرف أَن مَا نَقله ابْن جني عَن شَيْخه الْفَارِسِي

ص: 509

عِنْد الْكَلَام على الْبَيْت الْآتِي خلاف الْوَاقِع. قَالَ: سَأَلنَا يَوْمًا أَبَا عَليّ عَن بَيت عدي فَأخذ يتطلب لَهُ وَجها وتعسف فِيهِ وَأَرَادَ أَن يرفع حلقي بِفعل مُضْمر يفسره قَوْله: شَرق. فَقُلْنَا لَهُ: فَبِمَ يرْتَفع إِذن شَرق فَقَالَ: هُوَ بدلٌ من حلقي. فَأطَال الطَّرِيق وأعور الْمَذْهَب.

وَلَو قَالَ: إِن الْجُمْلَة الاسمية وَقعت موقع الفعلية لَكَانَ أقرب مأخذاً وأسهل

مُتَوَجها. انْتهى.

وَقَوله: بِالْمَاءِ اعتصاري قَالَ أَبُو عَليّ: مَوضِع الْجُمْلَة نصبٌ بِأَنَّهُ خبر كنت والعائد إِلَى الِاسْم الْيَاء فِي اعتصاري وكالغصان فِي مَوضِع حَال وَالْعَامِل فِيهِ كنت وَلَا يكون الْخَبَر لِأَن الْحَال إِذا تقدّمت لم يعْمل فِيهَا معنى الْفِعْل كَمَا يعْمل فِي الظّرْف إِذا تقدمه.

وَلَا تكون الْبَاء فِي قَوْله بِالْمَاءِ كالجار فِي قَوْله: إِنِّي لَكمَا لمن الناصحين. وَلكنه يتَعَلَّق بِمَحْذُوف فِي مَوضِع خبر الْمُبْتَدَأ.

أَلا ترى أَنَّك لَو قلت إِنِّي من الناصحين لَكمَا لتعلقت اللَّام بالناصحين. وَلَو قلت: كنت وَقَوله: وَلَا يكون الْخَبَر أَي: لَا يكون الْعَامِل فِي الْحَال الْخَبَر وَهُوَ قَوْله بِالْمَاءِ الْوَاقِع خَبرا لقَوْله اعتصاري. وَالْجُمْلَة خبر كنت.

وَزعم الْعَيْنِيّ أَن قَوْله: كالغصان خبر كنت. وَلم يذكر موقع الْجُمْلَة الَّتِي بعده من الْإِعْرَاب.

وَيجوز على هَذَا أَن تكون خَبرا ثَانِيًا.

وشرق فلانٌ بريقه أَو بِالْمَاءِ: إِذا غص بِهِ وَلم يقدر على بلعه

ص: 510

وَهُوَ من بَاب تَعب.

والغصان من غص فلانٌ بِالطَّعَامِ غصصاً من بَاب تَعب وَمن بَاب قتل لُغَة إِذا لم يقدر على بلعه. والغصة: بِالضَّمِّ: مَا غص بِهِ الْإِنْسَان من طَعَام أَو غيظٍ على التَّشْبِيه بِهِ وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ نَحْو: أغصصته بِهِ.

قَالَ الْجَوْهَرِي: الاعتصار: أَن يغص الْإِنْسَان بِالطَّعَامِ فيعتصر بِالْمَاءِ وَهُوَ أَن يشربه قَلِيلا قَلِيلا ليسيغه. وَأنْشد هَذَا الْبَيْت.

وتحقيقه أَن الاعتصار مَعْنَاهُ: الالتجاء كَمَا قَالَه أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن حَمْزَة الْبَصْرِيّ

فِيمَا كتبه على كتاب النَّبَات لأبي حنيفَة الدينَوَرِي وَهَذَا نَص كَلَامه وَفِيه فَوَائِد.

وَأنْشد أَبُو حنيفَة للبعيث: الطَّوِيل)

(وَذي أشرٍ كالأقحوان تشوفه

ذهَاب الصِّبَا والمعصرات الدوالح)

وَقَالَ: الدوالح: الثقال الَّتِي تدلح بِالْمَاءِ. وَيرى أَنه معنى قَول الله عز وجل: وأنزلنا من المعصرات مَاء ثجاجاً. وَقَالَ قوم: إِن المعصرات الرِّيَاح ذَات الأعاصير وَهُوَ الرهج وَالْغُبَار.

قَالَ الشَّاعِر: الْكَامِل

(وَكَأن سهك المعصرات كسونها

ترب الفدافد والنقاع بمنخل)

النقاع: جمع نقع وَهُوَ القاع من القيعان. وَزَعَمُوا أَن معنى من معنى الْبَاء كَأَنَّهُ قَالَ: وأنزلنا بالمعصرات.

وَقَالَ بَعضهم: بل المعصرات الغيوم أَنْفسهَا ذهب إِلَى معنى البعيث. وَلَا يحْتَمل قَوْله

ص: 511

غير السَّحَاب لقَوْله: الدوالح فَتكون المعصرات الَّتِي أمكنت الرِّيَاح من اعتصارها واستنزال قطرها كَمَا يُقَال أمضغ النّخل وآكل وَأطْعم وأفرك الزَّرْع إِذا أمكن ذَلِك فِيهِ.

قَالَ أَبُو الْقَاسِم: ألم أَبُو حنيفَة بِالصَّوَابِ ثمَّ حاد عَنهُ. المعصرات: السحابات بِعَينهَا وَلكنهَا إِنَّمَا سميت بذلك بالعصر بِفتْحَتَيْنِ والعصرة بِالضَّمِّ وهما الملجأ.

قَالَ الشَّاعِر: الْخَفِيف

(فارسٌ يستغيث غير مغاثٍ

وَلَقَد كَانَ عصرة المنجود)

أَي: ملْجأ المكروب. وَتقول: أعصرني فلَان إِذا ألجأك إِلَيْهِ. واعتصرت أَنا اعتصاراً.

لَو بِغَيْر المَاء حلقي شرقٌ

... . الْبَيْت فَمَعْنَى المعصرات المنجيات من الْبلَاء المعصمات من الجدب بِالْخصْبِ لَا مَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَلَا مَا قَالَ من قَالَ: إِنَّهَا الرِّيَاح ذَات الأعاصير. فَلَا تلتفتن إِلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا. انْتهى كَلَامه.

وَكَذَا قَالَ أَبُو عبيد: الاعتصار: الملجأ. وَالْمعْنَى: لَو شَرقَتْ بِغَيْر المَاء أسغت شَرْقي بِالْمَاءِ فَإِذا غصصت بِالْمَاءِ فَبِمَ أسيغه وَقد صَار الْبَيْت مثلا للتأذي مِمَّن يُرْجَى إحسانه. قَالَ ابْن عبد ربه فِي العقد الفريد: هَذَا الْبَيْت أول مَا قيل فِي مَعْنَاهُ.

وَقَالَ آخر: الطَّوِيل

(إِلَى المَاء يسْعَى من يغص بريقه

فَقل أَيْن يسْعَى من يغص بِمَاء)

وَقَالَ الْأَحْنَف بن قيس: من فَسدتْ بطانته كَانَ كمن غص بِالْمَاءِ. وَقَالَ الْعَبَّاس بن أحنف:)

ص: 512

السَّرِيع

(قلبِي إِلَى مَا ضرني دَاعِي

يكثر أحزاني وأوجاعي)

(كَيفَ احتراسي من عدوي إِذا

كَانَ عدوي بَين أضلاعي)

وَقَالَ آخر: الْخَفِيف وَالْبَيْت من قصيدة لعدي بن زيد يُخَاطب بهَا النُّعْمَان بن الْمُنْذر وَكَانَ قد حَبسه النُّعْمَان.

وَقَبله وَهُوَ أول القصيدة: الرمل

(أبلغ النُّعْمَان عني مألكاً

أَنه قد طَال حبسي وانتظاري)

وأبلغ فعل أَمر. والمألك: بِسُكُون الْهمزَة وَضم اللَّام: الرسَالَة.

وَقَالَ الزّجاج فِي تَفْسِيره عِنْد قَوْله تَعَالَى: وَإِذ قُلْنَا للْمَلَائكَة اسجدوا: ومألك: جمع مألكة.

وَأنْشد هَذَا الْبَيْت.

وَبَقِيَّة القصيدة مَذْكُورَة فِي العقد الفريد وَفِي الأغاني وَغَيرهمَا.

وَقد استعطفه عديٌّ بعدة قصائد فَلم تَنْفَعهُ شَيْئا ثمَّ قَتله بعد مُدَّة طَوِيلَة فِي الْحَبْس.

وَقد ذكرنَا سَبَب حَبسه وَكَيْفِيَّة قَتله مَعَ تَرْجَمته فِي الشَّاهِد السِّتين.

وَأنْشد بعده: الطَّوِيل

(يَقُولُونَ ليلى أرْسلت بشفاعةٍ

إِلَيّ فَهَلا نفس ليلى شفيعها)

لما تقدم فِي الْبَيْت قبله. وَفِيه التخريجان الْآخرَانِ أَيْضا.

ص: 513

وَقد تقدم شَرحه فِي الشَّاهِد الْخَامِس وَالسِّتِّينَ بعد الْمِائَة.

وَأنْشد بعده الطَّوِيل

(تريدين كَيْمَا تجمعيني وخالداً

وَهل يجمع السيفان وَيحك فِي غمد)

على أَن كي جَاءَت من غير سَبَبِيَّة بعد فعل الْإِرَادَة. وَمَا بعْدهَا زَائِدَة وَالْفِعْل مَنْصُوب بِحَذْف النُّون وَالنُّون الْمَوْجُودَة للوقاية.

قَالَ التبريزي فِي شرح الكافية: فجوز الْفَصْل بَين كي وَبَين الْفِعْل بِلَا النافية بالِاتِّفَاقِ كَقَوْلِه تَعَالَى: كَيْلا يكون دولةً وَبلا الزَّائِدَة كَقَوْل قيس بن سعد ابْن عبَادَة:

(أردْت لكيلا يعلم النَّاس أَنَّهَا

سَرَاوِيل قيسٍ والوفود شُهُود)

)

وَقد فصل بَينهمَا بِمَا الزَّائِدَة وَلَا النافية كَقَوْل الآخر:

(أَرَادَت لكيما لَا تراني عشيرتي

وَمن ذَا الَّذِي يعْطى الْكَمَال فيكمل)

وَلَا يجوز الْفَصْل بَينهمَا بِغَيْر مَا ذكر. اه.

وَالْبَيْت أول أبياتٍ خمسةٍ لأبي ذُؤَيْب الْهُذلِيّ.

وَبعده:

(أخالد مَا راعيت من ذِي قرابةٍ

فتحفظني بِالْغَيْبِ أَو بعض مَا تبدي)

(دعَاك إِلَيْهَا مقلتاها وجيدها

فملت كَمَا مَال الْمُحب على عمد)

ص: 514

(فآليت لَا أَنْفك أحدو قصيدةً

تكون وَإِيَّاهَا بهَا مثلا بعدِي)

وَسبب هَذِه الأبيات أَن أَبَا ذُؤَيْب كَانَ يعشق امْرَأَة اسْمهَا أم عَمْرو وَكَانَ رَسُوله إِلَيْهَا خَالِدا وَهُوَ ابْن أختٍ لَهُ وَقيل ابْن عمٍّ لَهُ وَكَانَ جميلاً فعشقته أم عَمْرو فَلَمَّا أَيقَن أَبُو ذُؤَيْب بغدر خَالِد صرمها فَأرْسلت تترضاه فَلم يفعل وَقَالَ هَذِه الأبيات.

وَكَانَ أَبُو ذُؤَيْب فعل كَذَلِك بِرَجُل يُقَال لَهُ مَالك بن عويمرٍ وَكَانَ رَسُوله إِلَيْهَا.

وَتقدم شرح هَذِه الْقِصَّة مَبْسُوطا بأبسط من هَذَا فِي الشَّاهِد الثَّامِن وَالْأَرْبَعِينَ بعد الثلثمائة.

وَجرى بَين أبي ذُؤَيْب وَبَين خالدٍ أشعارٌ مذكورةٌ فِي أشعار الهذليين مِنْهَا قَول خالدٍ يجِيبه قصيدةً على هَذَا الروي وَالْوَزْن: الطَّوِيل

(فَلَا تجزعن من سنةٍ أَنْت سرتها

فَأول راضٍ سنة من يسيرها)

وَقَوله: تريدين كَيْمَا تجمعيني وخالداً هَكَذَا رَوَاهُ السكرِي وَغَيره. وَرَوَاهُ ابْن السّكيت فِي إصْلَاح الْمنطق وَصَاحب الصِّحَاح: تريدين كَيْمَا تضمديني وخالداً وَقَالَ: الضمد: أَن تتَّخذ الْمَرْأَة خليلين وَفعله من بَاب ضرب.

وَهل: للاستفهام الإنكاري. والغمد بِالْكَسْرِ: قرَاب

ص: 515

السَّيْف. وَفِي أَمْثَال الْعَرَب: لَا يجمع سيفان وَقد اسْتعْمل هَذَا المصراع مثلا. قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي أَمْثَاله: هُوَ من قَول أبي ذُؤَيْب. يضْرب فِي قلَّة الِاتِّفَاق. اه.

وَمِنْه قَول يزِيد بن خذاق الشني من قصيدةٍ مذكورةٍ فِي المفضليات:

(لن تجمعُوا ودي ومعتبتي

أَو يجمع السيفان فِي غمد))

وَقَول العديل بن الفرخ الْعجلِيّ من قصيدة مَذْكُورَة فِي الحماسة: الطَّوِيل

(وعل النَّوَى بِالدَّار تجمع بَيْننَا

وَهل يجمع السيفان وَيحك فِي غمد)

وَقَوله: أخالد مَا راعيت إِلَخ الْهمزَة للنداء.

قَالَ السكرِي: أَرَادَ: فتحفظني بِالْغَيْبِ أَو فِي بعض مَا تظهر لي من الإخاء والمودة. والغيب: السِّرّ.

وَقَوله: فَكنت كرقراق إِلَخ قَالَ السكرِي: يَقُول: ظَنَنْت أَن

ص: 516

لَك أَمَانَة فَكنت كالسراب الَّذِي يكذب من رَآهُ يظنّ أَنه ماءٌ وَلَيْسَ بماءٍ وَكَذَلِكَ أَنْت.

وَقَوله: فآليت إِلَخ هَذَا الْبَيْت من شَوَاهِد النَّحْوِيين فِي بَاب الْمَفْعُول مَعَه. وآليت: حَلَفت. وَلَا أَنْفك: لَا أَزَال. وأحذو رَوَاهُ السكرِي بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة لَا غير. بِمَعْنى أطابق.

قَالَ ابْن السَّيِّد فِي شرح أَبْيَات الْجمل: وَمعنى أحذو: أصنع وأهيىء كَمَا تحذى النَّعْل على الْمِثَال إِذا سويت عَلَيْهِ. وَمن روى: أحدو بدال غير مُعْجمَة فَهُوَ من قَوْلهم: حدوت الْبَعِير إِذا سقته وَأَنت تتغنى فِي أَثَره لينشط فِي السّير.

وَنقل الْعَيْنِيّ عَن ابْن يسعون أَنه قَالَ على هَذِه الرِّوَايَة: عِنْدِي فِي أحدو ثَلَاثَة أوجه: الأول: أَن يُرِيد أحدو قصيدةً إِلَيْك أَي: أسوقها حَادِيًا كَمَا يفعل الْحَادِي بِالْإِبِلِ عِنْد سوقها لِأَنَّهُ يتَغَنَّى وَإِنَّمَا أَرَادَ بذلك الشُّهْرَة.

الثَّانِي: أَن يُرِيد أحدو غدرتك لي قصيدةً أبلغ بتخليدها فِيك أملي. فَحذف الْمَفْعُول للْحَال الدَّالَّة عَلَيْهِ وَنصب قصيدةً نصب الْمصدر أَي: حدو قصيدةٍ فَلَمَّا حذف الْمُضَاف أَقَامَ الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه.

الثَّالِث: أَن يُرِيد: أتحدى لَهَا وأتبعها ناظماً لَهَا حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ: أوالي قصيدة.

ثمَّ قَالَ الْعَيْنِيّ: وَقَالَ السكرِي: أحدو مَعْنَاهُ: أُغني فعلى هَذَا يَنْبَغِي أَن يكون قَوْله قصيدة مَفْعُولا بِإِسْقَاط حرف الْجَرّ وَهُوَ الْبَاء. اه.

ص: 517

أَقُول: إِن السكرِي لم يرو أحدو بدال مُهْملَة فَكيف يُفَسِّرهَا بِمَا ذكر. وَإِنَّمَا أحدو مَعْنَاهُ أسوق فَلَا حذف.

وَقَوله: تكون وَإِيَّاهَا إِلَخ قَالَ ابْن السَّيِّد: تكون فِي مَوضِع الصّفة لقصيدة وَهِي صفةٌ جرت على غير من هِيَ لَهُ وَلَو جَعلتهَا صفة مَحْضَة لبرز الضَّمِير الْفَاعِل الْمُسْتَتر فِيهَا وَكنت تَقول:)

كَائِنا بهَا أَنْت وَإِيَّاهَا.

وَالضَّمِير فِي قَوْله: وَإِيَّاهَا يعود على الْمَرْأَة كَأَنَّهُ قَالَ: حَلَفت لَا أَزَال أصنع قصيدةً تكون مَعَ هَذِه الْمَرْأَة مثلا بعدِي أَي: إِنَّهَا تبقى مَا بَقِي الدَّهْر.

قَالَ الْعَيْنِيّ: فَإِن قلت: كَيفَ يكون مثلا خَبرا والتطابق شَرط قلت: هُوَ مُفْرد وَقع موقع التَّثْنِيَة. وَكَذَلِكَ قد يَقع موقع الْجمع لما فِيهِ من الْعُمُوم المتقضي للكثرة. هَذَا كَلَامه. فَتَأَمّله.

قَالَ أَبُو عَليّ: نصب وَإِيَّاهَا على الْمَفْعُول مَعَه بتوسط الْوَاو لما لم يُمكنهُ الْعَطف فَيَقُول: تكون وَهِي لأمرين: أَحدهمَا: كسر الْبَيْت لَو فعل ذَلِك.

وَالثَّانِي: قبح الْعَطف على الضَّمِير الْمَرْفُوع وَهُوَ غير مُؤَكد.

وَقَالَ ابْن بري فِي شرح أَبْيَات الْإِيضَاح لأبي عَليّ: لما لم يُمكنهُ الْعَطف على الضَّمِير فِي تكون من غير تَأْكِيد نصب على معنى مَعَ. وَكَانَ أَبُو الْحسن يذهب إِلَى انتصابه على الظّرْف كَمَا كَانَت مَعَ فَلَمَّا حذفت وَقَامَت الْوَاو مقَامهَا انتصب الِاسْم على ذَلِك الْمَعْنى وَدخلت مهيئة لعمل الْفِعْل فِيهِ ونصبه على الظّرْف.

وَمعنى الْعَطف قائمٌ فِيهَا وجائزٌ فِيهَا وَلذَلِك لم تعْمل الْجَرّ كَمَا لَا تعمله حُرُوف الْعَطف بِخِلَاف

ص: 518