الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأنْشد بعده)
(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)
الْبَسِيط
(وَإِن دَعَوْت إِلَى جلى ومكرمةٍ
…
يَوْمًا سراة كرام النَّاس فادعينا)
على أَن الجلى قد تجرد من اللَّام وَالْإِضَافَة لكَونهَا بِمَعْنى الخطة الْعَظِيمَة.
والخطة بِالضَّمِّ: الشَّأْن وَالْحَالة والخصلة فَتكون الجلى إسماً للشأن وَالْحَال كَمَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْمفصل.
الْجيد أَن تكون مصدرا كالرجعى بِمَعْنى الرُّجُوع والبشرى بِمَعْنى الْبشَارَة. وَلَيْسَ بتأنيث الْأَجَل على حد الْأَكْبَر والكبرى لِأَنَّهُ إِذا كَانَ مصدرا جَازَ تَعْرِيفه وتنكيره.
وَإِلَى هَذَا ذهب الحريري فِي درة الغواص قَالَ: وَأما طُوبَى فِي قَوْلهم: طُوبَى لَك.
وجلى فِي قَول بشامة النَّهْشَلِي: وَإِن دَعَوْت إِلَى جلى ومكرمة
…
...
…
. . الْبَيْت فَإِنَّهُمَا مصدران كالرجعى وفعلى المصدرية لَا يلْزم تَعْرِيفهَا.
وَالْبَيْت وَقع فِي شعرين: أَحدهمَا للمرقش الْأَكْبَر رَوَاهُ الْمفضل بن مُحَمَّد الضَّبِّيّ لَهُ وَكَذَلِكَ ابْن الْأَعرَابِي فِي نوادره وَأَبُو مُحَمَّد الْأَعرَابِي فِيمَا كتبه على شرح الحماسة للنمري وَهُوَ:
(يَا دَار أجوارنا قومِي فحيينا
…
وَإِن سقيت كرام النَّاس فاسقينا)
…
(وَإِن دَعَوْت إِلَى جلى ومكرمةٍ
…
يَوْمًا سراة خِيَار النَّاس فادعينا)
(شعثٌ مقادمنا نهبى مراجلنا
…
نأسو بِأَمْوَالِنَا آثَار أَيْدِينَا)
(المطعمون إِذا هبت شآميةٌ
…
وَخير نادٍ رَآهُ النَّاس نادينا)
قَوْله: يَا دَار أجوارنا إِلَخ قَالَ فِي الْعباب: الْجَار يجمع على جيران وجيرة وأجوار.
وَأنْشد اللَّيْث: وروى: يَا ذَات أجوارنا رُوِيَ أَيْضا: بيضٌ مفارقنا تغلي مراجلنا قَالَ أَبُو مُحَمَّد الْأَعرَابِي: سَأَلت أَبَا الندى عَن هَذِه الرِّوَايَة قَالَ: هَذِه روايةٌ ضَعِيفَة فَإِن بيض)
المفارق قرع ومرجل الحائك يغلي كَمَا يغلي مرجل الْملك. قَالَ: وَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة الأولى وَمَعْنَاهَا إننا أَصْحَاب حروب وقرًى. انْتهى.
وَالشعر الثَّانِي لبشامة بن حزنٍ النَّهْشَلِي رَوَاهُ الْمبرد فِي الْكَامِل وَأَبُو تَمام فِي الحماسة وَهُوَ:
(إِنَّا محيوك يَا سلمى فحيينا
…
وَإِن سقيت كرام النَّاس فاسقينا)
(وَإِن دَعَوْت إِلَى جلى ومكرمةٍ
…
يَوْمًا سراة كرام النَّاس فادعينا)
(إِنَّا بني نهشلٍ لَا ندعي لأبٍ
…
عَنهُ وَلَا هُوَ بالأبناء يشرينا)
(إِن تبتدر غايةٌ يَوْمًا لمكرمةٍ
…
تلق السوابق منا والمصلينا)
(وَلَيْسَ يهْلك منا سيدٌ أبدا
…
إِلَّا افتلينا غُلَاما سيداً فِينَا)
.
(نكفيه إِن نَحن متْنا أَن يسب بِنَا
…
وَهُوَ إِذا ذكر الْآبَاء يكفينا)
(بيضٌ مفارقنا تغلي مراجلنا
…
نأسو بِأَمْوَالِنَا آثَار أَيْدِينَا)
(إِنَّا لمن معشرٍ أفنى أوائلهم
…
قَول الكماة أَلا أَيْن المحامونا)
(لَو كَانَ فِي الْألف منا واحدٌ فدعوا
…
من فارسٌ خالهم إِيَّاه يعنونا)
(إِذا الكماة تنحوا أَن يصيبهم
…
حد الظبات وصلناها بِأَيْدِينَا)
(وَلَا تراهم وَإِن جلت مصيبتهم
…
مَعَ البكاة على من مَاتَ يبكونا)
(ونركب الكره أَحْيَانًا فيفرجه
…
عَنَّا الْحفاظ وأسيافٌ تواتينا)
قَوْله: إِنَّا محيوك يَا سلمى إِلَخ قَالَ التبريزي: أَي إِنَّا مُسلمُونَ عَلَيْك أيتها
الْمَرْأَة فقابلينا بِمثلِهِ وَإِن سقيت الْكِرَام فأجرينا مجراهم فَإنَّا مِنْهُم.
وَالْأَصْل فِي التَّحِيَّة أَن يُقَال عِنْد اللِّقَاء حياك الله ثمَّ اسْتعْمل فِي غَيره من الدُّعَاء.
وَقيل فِي سقيت مَعْنَاهُ: إِن دَعَوْت لأماثل النَّاس بالسقيا فادعي لنا أَيْضا. وَالْأَشْهر فِي الدُّعَاء أَن يُقَال فِيهِ سقيت فلَانا بِالتَّشْدِيدِ وَالْحجّة بِالتَّخْفِيفِ قَول أبي ذُؤَيْب الْهُذلِيّ: المتقارب سقيت بِهِ دارها إِذْ دنت وَقَوله: وَإِن دَعَوْت إِلَى جلى إِلَخ جلى: فعلى أجراها مجْرى الْأَسْمَاء وَيُرَاد بهَا جليلة كَمَا يُرَاد بأفعل فَاعل وفعيل.
يَقُول: إِن أشدت بِذكر
خِيَار النَّاس بجليلةٍ نابت أَو مكرمةٍ عرضت فأشيدي بذكرنا أَيْضا.
وَلِهَذَا الْكَلَام ظَاهره استعطاف لَهَا وَالْقَصْد بِهِ التَّوَصُّل إِلَى بَيَان شرفه واستحقاقه مَا يسْتَحقّهُ)
الْأَشْرَاف. وَلَا سقِِي ثمَّ وَلَا تَحِيَّة. قَالَه التبريزي.
والمكرمة بِفَتْح الْمِيم وَضم الرَّاء: اسْم من الْكَرم. وَفعل الْخَيْر مكرمَة أَي: سَبَب للكرم أَو التكريم. قَالَه صَاحب الْمِصْبَاح.
والسراة بِالْفَتْح: اسمٌ مُفْرد بِمَعْنى الرئيس وَقيل اسْم جمع وَقيل جمع سري وَهُوَ الشريف.
وَقد تقدم الْكَلَام عَلَيْهِ مشروحاً فِي الشَّاهِد السّبْعين بعد الأربعمائة.
وَلم يتَكَلَّم ابْن جني فِي إِعْرَاب الحماسة على هَذَا الْبَيْت إِلَّا من جِهَة القافية. قَالَ: يرْوى: فادعينا بإشمام الضَّم فِي كسرة الْعين. ويروى بإخلاص الكسرة.
فَأَما من أخْلص الكسرة فَلَا سُؤال فِي إنشاده من جِهَة الردف. وَأما من رَوَاهُ بإشمام الضَّم فَفِيهِ السُّؤَال. وَذَلِكَ أَن الْحَرَكَة قبل الردف وَهِي الَّتِي يُقَال لَهَا: الحذو لم تأت عَنْهُم مشمةً وَلَا مشوبة وَإِنَّمَا هِيَ إِحْدَى الحركات مخلصة الْبَتَّةَ.
وَلم يذكر الْخَلِيل وَلَا أَبُو الْحسن وَلَا أَبُو عَمْرو وَلَا أحد من أَصْحَابنَا حَال هَذِه الْحَرَكَة المشوبة كَيفَ اجتماعها مَعَ غَيرهَا. فَدلَّ ذَاك على أَن الْحَرَكَة فِي نَحْو هَذَا يَنْبَغِي أَن تكون مخلصة.
وَمذهب سِيبَوَيْهٍ فِي هَذَا النَّحْو مثل: ادعِي واغزي الإمالة وإشمام الكسرة شَيْئا من الضمة.
وَلم يسْتَثْن ردفاً من غَيره. وَوجه
جَوَاز هَذِه الْحَرَكَة المشوبة مَعَ الكسرة والضمة الصريحتين: أَن مَا فِيهَا من الإشمام لَا يعْتد بِهِ وَلَا ينظر إِلَى قدره وَإِنَّمَا هُوَ كإمالة الفتحة إِلَى الكسرة فِي نَحْو: سَالم وحاتم. وَأَنت تجيزهما فِي شعر وَاحِد مَعَ قادم وغانم وَلَا تحفل بِمَا بَين الحركتين بل إِذا جَازَ سَالم مَعَ قادم وَسلَاح مَعَ صباح وقنا مَعَ فَتى كَانَ اجْتِمَاع ادعينا مَعَ يشرينا وَنَحْو ذَلِك أسهل وأسوغ.
وَإِنَّمَا كَانَ أسهل من قبل أَن الفتحة إِذا نحي بهَا قبل الْألف نَحْو الكسرة انتحيت أَيْضا بِالْألف بعْدهَا نَحْو الْيَاء لَا بُد من ذَلِك من حَيْثُ كَانَت الْألف ناشئة عَن الْحَرَكَة قبلهَا على احتذاء وموازنة اتِّبَاع. فَإِذا أملت الفتحة وَالْألف فهناك عملان فِي الْحَرَكَة والحرف جَمِيعًا كَمَا ترى.
وَأما الْيَاء فِي ادعينا وَقيل وَبيع فَإِنَّهَا وَإِن شيبت الْحَرَكَة قبلهَا خَالِصَة الْبَتَّةَ وَغير مشوبة شوب مَا قبلهَا وَجَاز ذَلِك فِيهَا من حَيْثُ كَانَت الطَّاقَة حاملة وَالْقُدْرَة ناهضةً بالنطق بِالْيَاءِ الساكنة بعد الضمة الناصعة فَكيف بهَا بعد الكسرة الَّتِي إِنَّمَا اعتلت بِأَن انتحي بهَا نَحْو الضمة. وَالْعَمَل فِي ذَلِك خلس خفيٌّ.)
وَأما الْألف الْخَالِصَة فَلَيْسَ فِي الطوق أَن ينْطق بهَا بعد غير الفتحة الْخَالِصَة فَفِي سَالم إِذن فَإِذا جَازَ اجْتِمَاع مَا فِيهِ تغييران نَحْو سَالم وَسلَاح مَعَ قادم وصباح كَانَ اجْتِمَاع مَا فِيهِ تَغْيِير واحدٌ مَعَ مَا لَا تَغْيِير فِيهِ نَحْو: قيل واغزي وادعي مَعَ قيل وَبيع وحيينا واسقينا أحجى بِالْجَوَازِ فاعرف ذَلِك.
وَإِذا جَازَ اجْتِمَاع هَذَا الْخلاف فِي المجرى وَهُوَ أغْلظ حُرْمَة وأمس مذمة من
الحذو أَعنِي اجْتِمَاع فَتى مَعَ عتا والروي التَّاء كَانَ ذَلِك فِي الحذو أسهل. وأخف وأدون.
وَقد كَانَ يجب أَن نودع هَذَا الْموضع كتَابنَا فِي تَفْسِير قوافي أبي الْحسن لامتزاجه بِهِ ومماسته إِيَّاه لكنه لم يحضرنا حينئذٍ والخاطر أجول مِمَّا نَذْهَب إِلَيْهِ وَأَشد ارتكاضاً وذهاباً فِي جِهَات النّظر من أَن يقف بك على انتهائه أَو يمطيك ذرْوَة أجواله وأقصائه. انْتهى.
وَقَوله: إِنَّا بني نهشل إِلَخ قَالَ الْمبرد فِي الْكَامِل: من قَالَ: إِنَّا بَنو نهشل فقد خبرك وَجعل بَنو خبر إِن. وَمن قَالَ: بني فَإِنَّمَا جعل الْخَبَر إِن تبتدر غَايَة إِلَخ. وَنصب بني على فعلٍ مضمرٍ للاختصاص وَهُوَ أمدح.
وَأكْثر الْعَرَب ينشد: الْبَسِيط
(إِنَّا بني منقر قومٌ ذَوُو حسبٍ
…
فِينَا سراة بني سعدٍ وناديها)
وَكتب أَبُو الْوَلِيد الوقشي فِيمَا كتبه على الْكَامِل بعد بَيت إِنَّا بني منقر إِلَخ هَذَا وَإِن وَافق الأول بوجهٍ فَإِنَّهُ يُخَالِفهُ بوجهٍ أخص مِنْهُ وأليق بِهِ فِي قانون النَّحْو لِأَن هَذَا نصب على الْمَدْح وَالْأول نصب على الِاخْتِصَاص والمسمى مضارع النداء.
أَلا ترى أَنه يرفع هُنَا مَا يرفع فِي النداء كَقَوْلِهِم: الله اغْفِر لنا أيتها الْعِصَابَة. اه.
وَقَالَ التبريزي: بني نصب على الِاخْتِصَاص والمدح وَخبر إِن لَا ندعي وَلَو رفع وَقَالَ بَنو كَانَ خَبرا وَلَا ندعي فِي مَوضِع الْحَال.
وَالْفرق بَين أَن يكون اختصاصاً وَبَين أَن يكون خَبرا صراحاً: هُوَ أَنه لَو جعله خَبرا لَكَانَ قَصده إِلَى تَعْرِيف نَفسه عِنْد الْمُخَاطب وَكَانَ لَا يَخْلُو فعله لذَلِك من خمولٍ فيهم أَو جهل بشأنهم. فَإِذا جعل اختصاصاً فقد أَمن من الْأَمريْنِ جَمِيعًا.
وَإِنَّمَا قلت خَبرا صراحاً لِأَن لفظ الْخَبَر قد يستعار لِمَعْنى الِاخْتِصَاص لكنه يسْتَدلّ على المُرَاد مِنْهُ بقرائنه.)
وعَلى هَذَا قَوْله: الرجز أَنا أَبُو النَّجْم وشعري شعري وَقَوله: لَا ندعي لأبٍ عَنهُ ندعي: نفتعل وَعنهُ تعلق بِهِ. يُقَال: ادّعى فلانٌ فِي بني فلَان إِذا انتسب إِلَيْهِم. وَادّعى عَنْهُم إِذا عدل بنسبه عَنْهُم. وَهَذَا كَقَوْلِهِم: رغبت فِي كَذَا ورغبت وَقَوله: لأبٍ أَي: من أجل أَب. وَمَعْنَاهُ إِنَّا لَا نرغب عَن أَبينَا فننتسب إِلَى غَيره وَهُوَ لَا يرغب عَنَّا قد رَضِي كلٌّ منا بِصَاحِبِهِ.
وَقَوله: يشرينا قَالَ الْمبرد: يُرِيد يبيعنا. يُقَال شراه يشريه إِذا بَاعه. فَهَذِهِ اللُّغَة الْمَعْرُوفَة قَالَ الله عز وجل: وشروه بثمنٍ بخس وَيكون شريت فِي معنى اشْتريت وَهُوَ من الأضداد.
وَقَوله: إِن تبتدر غايةٌ إِلَخ يُقَال: بادرت مَكَان كَذَا وَكَذَا وَإِلَى مَكَان كَذَا وَكَذَلِكَ ابتدرنا الْغَايَة وَإِلَى الْغَايَة.
وَقَوله: لمكرمة أَي: لِاكْتِسَابِ مكرمَة. وَيجوز أَن تكون اللَّام مضيفة للغاية إِلَى المكرمة كَأَنَّهُ يُرِيد
تسابقهم إِلَى أقصاها. وَإِنَّمَا قَالَ الْمُصَلِّين وَلم يقل الْمُصَليَات مَعَ السوابق لِأَن قَصده إِلَى الْآدَمِيّين وَإِن كَانَ استعارهما من صِفَات الْخَيل.
وَيجوز أَن يكون أخرج السَّابِق لانقطاعه عَن الْمَوْصُوف فِي أَكثر الْأَحْوَال. ولنيابته عَن المجلي وَهُوَ اسْم الأول من خيل الحلبة إِلَى بَاب الْأَسْمَاء فَجَمعه على السوابق كَمَا يُقَال كَاهِل وكواهل وغارب وغوارب.
وَالْمُصَلي: الَّذِي يَتْلُو السَّابِق فَيكون رَأسه عِنْد صلاه. والصلوان: العظمان الناتئان من جَانِبي الْعَجز.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: هُوَ الْعظم الَّذِي فِيهِ مغرز عجب الذَّنب. وَقَالَ بعض أهل اللُّغَة: هما عرقان فِي مَوضِع الردف.
وَأَسْمَاء خيل الحلبة عشرَة لأَنهم كَانُوا يرسلونها عشرَة عشرَة. وَسمي كل وَاحِد مِنْهَا باسمٍ.
فَالْأول: المجلي وَالثَّانِي: الْمُصَلِّي وَالثَّالِث: الْمسلي وَالرَّابِع:
التَّالِي وَالْخَامِس: المرتاح وَالسَّادِس: العاطف وَالسَّابِع: المؤمل وَالثَّامِن: الحظي وَالتَّاسِع: اللطيم والعاشر: السّكيت بِالتَّصْغِيرِ وَيُقَال: سكيت بِالتَّشْدِيدِ.
وَقَوله: إِلَّا افتلينا الافتلاء: الافتطام وَالْأَخْذ عَن الْأُم وَمِنْه الفلو. قَالَ الْمبرد: مَأْخُوذ من قَوْلهم)
فلوت الفلو يَا فَتى إِذا أَخَذته عَن أمه. وَأخذ هَذَا الْمَعْنى من قَول أبي الطمحان: الطَّوِيل إِذا مَاتَ منا سيدٌ قَامَ صَاحبه وَقَوله: إِنَّا لنرخص إِلَخ قَالَ الْمبرد: أَخذه من قَول الْهَمدَانِي
وَهُوَ الأجدع أَبُو مَسْرُوق بن الأجدع الْفَقِيه: الطَّوِيل
(لقد علمت نسوان هَمدَان أنني
…
لَهُنَّ غَدَاة الروع غير خذول)
(وأبذل فِي الهيجاء وَجْهي وإنني
…
لَهُ فِي سوى الهيجاء غير بذول)
وَمن الْقِتَال الْكلابِي حَيْثُ يَقُول: الوافر
(نعرض للسيوف إِذا الْتَقَيْنَا
…
نفوساً لَا تعرض للسباب)
وَقَوله: وَلَو نسام بهَا أَي: نحمل على أَن نسام بهَا. وَيُقَال: سَام بسلعته كَذَا وأسمته أَنا أَي: حَملته على أَن يسام. وَيحْتَمل أَن يكون من سمته خسفاً. وأغلينا الْألف للإطلاق وَالنُّون ضمير الْأَنْفس وَمعنى أغلين وجدت غَالِيَة.
وَقَوله: بيضٌ مفارقنا إِلَخ قَالَ التبريزي: ويروى: بيضٌ معارفنا وَهِي الْوُجُوه وَالْمرَاد بِهِ نقاء الْعرض وَانْتِفَاء الذَّم جمع معرفٍ بِفَتْح الرَّاء وَكسرهَا سمي الْوَجْه بِهِ لِأَن معرفَة الْأَجْسَام وتمييزها بِهِ. وَالْأَشْهر: مفارقنا.
وَالْمرَاد ابْيَضَّتْ مفارقنا من كَثْرَة مَا نقاسي الشدائد كَمَا يُقَال أمرٌ يشيب الذوائب.
وتغلي مراجلنا أَي: حروبنا كَقَوْل الآخر:
الطَّوِيل
(تَفُور علينا قدرهم فنديمها
…
ونفثؤها عَنَّا إِذا حميها غلا)
وَيجوز: ابْيَضَّتْ مفارقنا من كَثْرَة اسْتِعْمَال الطّيب كَقَوْل الآخر: الطَّوِيل جلا الأذفر الأحوى من الْمسك فرقه
فَقَوله: تغلي مراجلنا أَي: قدورنا للضيافة. وَيجوز أَن يُرِيد: مشينا مشيب الْكِرَام لَا مشيب اللئام كَقَوْلِه: الطَّوِيل فالمراجل: قدور الضِّيَافَة. وَقَوله: نأسو بِأَمْوَالِنَا يُرِيد ترفعهم عَن الْقود وَدفع أطماع النَّاس عَن مقاصتهم. والأسو: المداواة أَي: نقْتل وندي. وَقَوله: لَو كَانَ فِي الْألف إِلَخ قَالَ الْمبرد: أَخذه من قَول طرفَة: الطَّوِيل
(إِذا الْقَوْم قَالُوا من فَتى خلت أنني
…
عنيت فَلم أكسل وَلم أتبلد))
وَمن قَول متمم:
الطَّوِيل
(إِذا الْقَوْم قَالُوا من فَتى لعظيمةٍ
…
فَمَا كلهم يَدعِي وَلكنه الْفَتى)
وَقَوله: إِذا الكماة تنحوا إِلَخ قَالَ الْمبرد: الظبة: الْحَد بِعَيْنِه يُقَال: أَصَابَته ظبة السَّيْف وظبة النصل. وَأَرَادَ بالنصل هُنَا مَوضِع الضَّرْب وَأخذ هَذَا من قَول كَعْب بن مَالك: الْكَامِل
(نصل السيوف إِذا قصرن بخطونا
…
قدما ونلحقها إِذا لم تلْحق)
وَقَوله: وَلَا تراهم وَإِن جلت إِلَخ يَعْنِي أَنهم لَا يموتون إِلَّا بِالْقَتْلِ فقد صَار لَهُم عَادَة وَإِن كل من يُولد مِنْهُم يكون سيدا فَلَا يجزعون على من مَاتَ مِنْهُم. وَقَوله: ونركب الكرة إِلَخ يكشفه.
وَقَوله: أسياف تواتينا يجوز أَن يكون كَقَوْلِه: الطَّوِيل فحالفنا السيوف على الدَّهْر وَيجوز أَن يكون أَرَادَ بِالسُّيُوفِ رجَالًا كَأَنَّهُمْ السيوف مضاء. وَالْأول أولى. قَالَه التبريزي.
وَهَذِه الأبيات قد اخْتلف فِي قَائِلهَا وَالصَّحِيح أَنَّهَا لبشامة بن حزن النَّهْشَلِي. وَعَلِيهِ الْآمِدِيّ فِي كِتَابه المؤتلف والمختلف
ونسبها الْمبرد فِي الْكَامِل لأبي مَخْزُوم النَّهْشَلِي.
وَقَالَ ابْن السَّيِّد البطليوسي فِيمَا كتبه على الْكَامِل: هَذِه الأبيات لبسامة بن حزن النَّهْشَلِي.
وَقَالَ السكرِي: هُوَ بشامة بن حري. وَالْأول قَول أبي رياش. وَيُقَال: بشامة بن جُزْء. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ لحجر بن خَالِد بن مَحْمُود الْقَيْسِي. وَزعم ابْن قُتَيْبَة
أَنَّهَا لِابْنِ غلفاء التَّمِيمِي.
انْتهى.
أَقُول: الَّذِي قَالَه ابْن قُتَيْبَة فِي كتاب الشُّعَرَاء أَن الأبيات لنهشل بن حري.
وَقَالَ النمري: هِيَ لرجل من بني قيس ثَعْلَبَة.
قَالَ أَبُو أَحْمد الْأَعرَابِي: لم يفرق النمري بَين بني نهشل الَّذين هم مضربة. وَبَين بني قيس ثَعْلَبَة الَّذين هم ربيعَة فلزهما فِي قرن.
وَالْبَيْت الَّذِي فبه إِنَّا بني نهشل لبشامة بن حزن النَّهْشَلِي.
والأبيات الْأُخَر الْأَرْبَعَة للمرقش الْأَكْبَر وَهُوَ عَمْرو بن سعد بن مَالك بن ضبيعة بن قيس بن ثَعْلَبَة. انْتهى. وَتَقَدَّمت الأبيات الْأَرْبَعَة أَولا.
قَالَ التبريزي: من قَالَ إِن الشّعْر للقيسي روى: إِنَّا بني مَالك.
(الدَّار وَحش والرسوم كَمَا
…
رقش فِي ظهر الْأَدِيم قلم))
وَهُوَ أحد من قَالَ شعرًا فلقب بِهِ واسْمه فِيمَا ذكر أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ عَمْرو.
وَقَالَ غَيره: عَوْف بن سعد بن مَالك بن ضبيعة بن قيس بن ثَعْلَبَة الْحصن ابْن عكابة بن صَعب بن عَليّ بن بكر بن وَائِل.
وَهُوَ أحد المتيمين كَانَ يهوى ابْنه عَمه أَسمَاء بنت عَوْف بن مَالك بن ضبيعة وَيُقَال لَهُ المرقش الْأَكْبَر لِأَنَّهُ عَم المرقش الْأَصْغَر. والمرقش الْأَصْغَر عَم طرفَة بن العَبْد.
وَكَانَ للمرقشين مَعًا موقعٌ من بكر بن وَائِل فِي حروبها مَعَ بني تغلب وبأسٌ وشجاعة ونجدة وَتقدم فِي الحروب ونكايةٌ فِي الْعَدو.
وَأما ابْن غلفاء بالغين الْمُعْجَمَة وَالْفَاء فَهُوَ أَوْس بن غلفاء من بني الهجيم بن عَمْرو بن تَمِيم وَهُوَ شَاعِر جاهلي وَهُوَ الْقَائِل: الوافر
(أَلا قَالَت أُمَامَة يَوْم غولٍ
…
تقطع يَا ابْن غلفاء الحبال)
(ذَرِينِي إِنَّمَا خطإي وصوبي
…
عَليّ وَإِن مَا أنفقت مَال)
يَقُول: إِن الَّذِي أهلكت مالٌ وَلم أتلف عرضا. وَالْمَال يسْتَخْلف. كَذَا فِي كتاب الشُّعَرَاء لِابْنِ قُتَيْبَة.
قَالَ ابْن جني فِي الْمُبْهِج: مَعْنَاهُ عود شجر يستاك بِهِ.
قَالَ جرير: