الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقد تقدم شرح هَذَا الْبَيْت أَيْضا متسوفى مفصلا فِي الشَّاهِد التَّاسِع وَالسِّتِّينَ بعد الْخَمْسمِائَةِ من شَوَاهِد بَاب الْمثنى.
3 -
(الشَّاهِد الْحَادِي عشر بعد الستمائة)
الرجز
(أنعتها إِنِّي من نعاتها
…
كوم الذرى وادقةً سراتها)
على أَن وادقة صفة مشبهة وفاعلها ضمير مستتر فِيهَا. وسراتها: مَنْصُوب بالكسرة على التَّشْبِيه بالمفعول للصفة المشبهة.
قَالَ أَبُو عَليّ فِي الْمسَائِل البصرية: أنْشد الْفراء عَن الْكسَائي وَقد روينَاهُ عَن ثَعْلَب عَنهُ فِي نَوَادِر ابْن الْأَعرَابِي: الرجز
(أنعتها إِنِّي من نعاتها
…
مدارة الأخفاف مجمراتها)
(غلب الذفارى وعفرنياتها
…
كوم الذرى وادقةً سراتها)
قَالَ أَبُو عَليّ: هَذَا على: هِنْد حسنةٌ وَجههَا. فَفِي وادقة ذكرٌ من الْإِبِل وَلَيْسَت للسرات.
فَافْهَم. انْتهى.
وعد ابْن عُصْفُور هَذَا من ضَرُورَة الشّعْر قَالَ فِي كتاب الضرائر: وَمِنْه نصب مَعْمُول الصّفة المشبهة باسم الْفَاعِل فِي حَال إِضَافَته إِلَى ضمير موصوفها نَحْو قَوْلك: مَرَرْت بِرَجُل حسنٍ وَجهه
(أنعتها إِنِّي من نعاتها
…
كوم الذرى وادقةً سراتها)
أَلا ترى أَنه قد نون وادقة وَنصب معمولها وَهِي مُضَافَة إِلَى ضمير موصوفها وَكَانَ الْوَجْه أَن ترفع السرات إِلَّا أَنه اضْطر إِلَى اسْتِعْمَال النصب بدل الرّفْع فَحمل الصّفة ضميراً مَرْفُوعا عَائِدًا على صَاحب الصّفة وَنصب مَعْمُول الصّفة إِجْرَاء لَهُ فِي حَال إِضَافَته إِلَى ضمير الْمَوْصُوف مجْرَاه إِذا لم يكن مُضَافا إِلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ أَيْضا لَا يجوز خفض معمولها فِي حَال إِضَافَته إِلَى ضمير الْمَوْصُوف إِلَّا عِنْد الِاضْطِرَار لِأَن الْخَفْض لَا يكون إِلَّا من نصب.
وَمن ذَلِك قَول الْأَعْشَى: المتقارب
(فَقلت لَهُ هَذِه هَاتِهَا
…
إِلَيْنَا بأدماء مقتادها)
أَلا ترى أَنه أضَاف الصّفة وَهِي أدماء إِلَى معمولها وَهُوَ مقتاد فِي حَال إِضَافَته إِلَى ضمير موصوفه.
وَقَول الآخر فِي الصَّحِيح من الْقَوْلَيْنِ:)
(أَقَامَت على ربعيهما جارتا صفا
…
كميتا الأعالي جونتا مصطلاهما)
أَلا ترى أَنه أضَاف الصّفة وَهِي جونتا إِلَى معمولها وَهُوَ مصطلًى فِي حَال إِضَافَته إِلَى ضمير وَنقل ابْن النَّاظِم فِي شرح الألفيه عَن سِيبَوَيْهٍ أَن الْجَرّ فِي هَذَا النَّحْو من الضرورات وَأَن النصب من الْقسم الضَّعِيف. وَأنْشد الْبَيْت. وَلم يصب الْعَيْنِيّ فِي
قَوْله: الاستشهاد عِنْد ابْن النَّاظِم فِي نصب سراتها لِأَن فِيهِ شَاهدا على جَوَاز زيد حسنٌ وَجهه بِالنّصب. انْتهى.
وَقَالَ بعض فضلاء الْعَجم فِي شرح أَبْيَات الْمفصل: قَوْله وادقة سراتها نَظِير حسن وَجهه.
وسراتها بِالْكَسْرِ فِي مَوضِع النصب على التَّمْيِيز. انْتهى.
وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ على مَذْهَب المقتبس أَن عبد القاهر قَالَ: الأَصْل وادقة السرات فنابت الْإِضَافَة عَن اللَّام كَمَا تنوب اللَّام عَن الْإِضَافَة. انْتهى.
وَلَا يخفى أَن الْمَعْهُود عِنْد النُّحَاة هُوَ الثَّانِي لَا الأول.
قَالَ: وَالرجز الْمَذْكُور أنْشد ابْن الْأَعرَابِي فِي نوادره على ذَلِك التَّرْتِيب.
وَبعد الْبَيْت الشَّاهِد: حملت أثقالي مصمماتها ثمَّ سَبْعَة أَبْيَات أخر لَا حَاجَة لنا بإيرادها. وَإِنَّمَا جمعُوا فِي الاستشهاد بَين الْبَيْت الأول وَالْبَيْت الرَّابِع للاختصار ولظهور الْمَعْنى إِجْمَالا.
وَقَوله: أنعتها إِلَخ الضَّمِير لِلْإِبِلِ فَإِن النعوت الْآتِيَة إِنَّمَا هِيَ لَهَا. نَعته نعتاً من بَاب نفع: وَصفه.
وَقَوله: مدارة الأخفاف مَنْصُوب بِتَقْدِير أَعنِي وَنَحْوه على الْمَدْح وَكَذَا الْحَال فِي الْأَوْصَاف الْآتِيَة.
وَالْمعْنَى أَن أخفافها مُدَوَّرَة. مجمراتها أَي: مجمرات الأخفاف. والمجمر
بِضَم الْمِيم وَسُكُون الْجِيم
وَفتح الْمِيم الثَّانِيَة قَالَ صَاحب الصِّحَاح: حافر مجمر أَي: صلب.
وَقَوله: غلب إِلَخ والغلب بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَاللَّام: غلظ الرَّقَبَة وَالْوَصْف أغلب وَالْجمع غلب.
والذفارى بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة بعْدهَا فَاء آخِره ألف مقصورةٌ: جمع ذفرى بِكَسْر الأول وَسُكُون الثَّانِي وَالْقصر قَالَ صَاحب الصِّحَاح: الذفرى من الْقَفَا هُوَ الْموضع الَّذِي يعرق من البعي خلف الْأذن وَالْألف للتأنيث وَقيل للإلحاق بدرهم.)
وَأَرَادَ بالذفرى الْعُنُق من قبيل الْمجَاز الْمُرْسل. وعفرنياتها: جمع عفرناة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَالْفَاء وَسُكُون الرَّاء وَالنُّون وَالْألف للإلحاق بسفرجل وَالتَّاء للتأنيث قَالَ صَاحب الصِّحَاح: وناقة عفرناة أَي: قَوِيَّة. وَأنْشد هَذَا الْبَيْت.
وَقَوله: كوم الذرى مَنْصُوب على الْمَدْح كَالَّذي قبله كَمَا تقدم. وَهُوَ بِضَم الْكَاف: جمع كوماء بِفَتْحِهَا وبالمد وَهِي النَّاقة الْعَظِيمَة السنام. والذرى بِضَم الذَّال: جمع ذرْوَة بِكَسْرِهَا وَهِي ووادقة مَنْصُوب أَيْضا من ودق إِذا دنا لِأَنَّهَا إِذا سمنت دنت إِلَى الأَرْض من سمنها. وَيُقَال: بعيرٌ وديق السُّرَّة أَي: سمينها.
ووادقة صفة مشبهة لِأَنَّهُ أُرِيد بِهِ ثبات مَعْنَاهُ ودوامه وَإِن كَانَ بزنة اسْم الْفَاعِل الموازن يفعل لِأَنَّهُ لَا يُرَاد بِهِ تجدّد مَعْنَاهُ وانقطاعه.
وَقَالَ الْخَوَارِزْمِيّ: ودق: دنا وَالْمرَاد بِهِ السّمن هَا هُنَا لِأَنَّهَا مَتى سمنت خرجت من السّمن سرتها وَدنت إِلَيْك.
وسراتها بِضَم السِّين وَتَشْديد الرَّاء: جمع سرة وَهِي مَوضِع مَا تقطعه الْقَابِلَة من الْوَلَد.
قَالَ التبريزي فِي شرح الكافية الحاجبية بعد إِيرَاد هَذَا الْبَيْت: وَلَا يجوز تَقْدِيم الْمَنْصُوب على الْعَامِل لِأَنَّهُ مَرْفُوع فِي الْمَعْنى.
وَيجوز فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَفِي مَرَرْت بزيد الْحسن وَجهه بِنصب وَجهه أَن تثنى الصّفة فيهمَا وَتجمع وتؤنث وتذكر بِحَسب الْمَعْنى. انْتهى.
وَقَوله: حملت إِلَخ هُوَ بتَشْديد الْمِيم يتَعَدَّى إِلَى مفعولين الأول أثقالي وَهُوَ جمع ثقل بِفتْحَتَيْنِ وَهُوَ الْمَتَاع كسبب وَأَسْبَاب وَالثَّانِي: مصمماتها جمع مصممة بِكَسْر الْمِيم الْمُشَدّدَة من صمم الْأَمر إِذا مضى فِيهِ.
والزمخشري إِنَّمَا أورد الْبَيْت الشَّاهِد. وَزعم بعض شرَّاح أبياته من فضلاء الْعَجم أَنه عجز وصدره: الرجز رعت كَمَا شَاءَت على غراتها وَقَالَ: الْغرَّة بِالْكَسْرِ: الْغَفْلَة. وكوم الذرى بِالرَّفْع: فَاعل رعت. وَهَذَا من عدم تَمْيِيزه بَين الرجز وَالشعر مَعَ أَن الَّذِي ضمه لَيْسَ من الرجز.
وَهَذَا الرجز لم ينْسبهُ ابْن الْأَعرَابِي إِلَى أحد وَإِنَّمَا قَالَ: هُوَ لبَعض الأسديين يصف إبِلا. وَقَالَ)
الْعَيْنِيّ: قَائِله عُمَيْر بن لحا بِالْحَاء الْمُهْملَة التَّيْمِيّ.