الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)
الرجز
كَانَ جزائي بالعصا أَن أجلدا على أَن الْفراء اسْتدلَّ بِهِ على جَوَاز تَقْدِيم مَعْمُول مَعْمُول أَن المصدرية عَلَيْهَا فَإِن قَوْله: بالعصا وَقَالَ البصريون: مَعْمُول الصِّلَة من تَمام الصِّلَة فَكلما لَا يجوز تَقْدِيم الصِّلَة على أَن كَذَلِك لَا يجوز تقدم معمولها عَلَيْهَا. وَأَجَابُوا عَن هَذَا كَمَا قَالَ الشَّارِح الْمُحَقق بِأَنَّهُ نَادِر أَو هُوَ مُتَعَلق بأجلد مُقَدرا يُرِيد: بِأَن أجلد. فاختصر.
وَزَاد الشَّارِح الْمُحَقق بِأَن قَوْله: بالعصا خبر مُبْتَدأ مُقَدّر وَتَقْدِيره ذَلِك الْجَزَاء بالعصا وَالْجُمْلَة اعتراضية.
وَقَالَ التبريزي فِي شرح الحاجبية: لم يتَعَلَّق بالعصا بِأَن أجلد بل إِمَّا بأعني للتبيين أَو بِمثل الْمُؤخر أَو بِجعْل كَانَ تَامَّة
وبالعصا مُتَعَلقا بهَا وَأَن أجلد فِي مَوضِع رفع على أَنه بدل من الْجَزَاء. انْتهى.
وَقَالَ أَبُو عَليّ فِي الْإِيضَاح الشعري: لَا يمْتَنع أَن يتَقَدَّم على وَجه التَّبْيِين لَيْسَ على أَنه مُتَعَلق بالصلة لم يجْعَلُوا بالعصا مُتَعَلقا بِالْجلدِ وَلَكِن جَعَلُوهُ تبييناً للجلد كَقَوْلِه: الطَّوِيل أبعلي هَذَا بالرحا المتقاعس
وَقَوله تَعَالَى: وَكَانُوا فِيهِ من الزاهدين.
قَالَ ابْن جني عِنْد قَول الحماسي: الطَّوِيل
(وَلَا يحمل الْقَوْم الْكِرَام أَخَاهُم ال
…
عتيد السِّلَاح عَنْهُم أَن يمارسا)
أَرَادَ: فِي ترك أَن يمارس فَحذف فِي أَولا ثمَّ ترك وَمَعْنَاهُ أَن يمارس عَنْهُم. إِلَّا أَن إعرابه الْآن يمْنَع من حمله عَلَيْهِ لما فِي ذَلِك من تَقْدِيم بعض الصِّلَة على الْمَوْصُول. فَإِذا كَانَ كَذَلِك أضمر لحرف الْجَرّ مَا يتَنَاوَلهُ وَدلّ عَلَيْهِ يمارس.
وَمثله قَول العجاج: كَانَ جزائي بالعصا أَن أجلدا وَقَالَ أَيْضا بعده عِنْد قَول الحماسي من بَيت: الْبَسِيط وَالله أعلم بالصمان مَا جشموا
الْمَعْنى وَالله أعلم: مَا جشموا بالصمان. فَإِن حَملته على هَذَا كَانَ لحناً لتقديم مَا فِي الصِّلَة)
على الْمَوْصُول. لَكِن تَجْعَلهُ تبييناً فتعلقه بِمَحْذُوف يدل عَلَيْهِ الظَّاهِر. وَهُوَ بابٌ فاعرفه.
وَقد تكلم على التَّبْيِين بأبسط من هَذَا فِي شرح تصريف الْمَازِني قَالَ: إِن كَانَ على تَقْدِير أَن أجلد بالعصا فخطأٌ لِأَن الْبَاء فِي صلَة أَن ومحالٌ تَقْدِيم شيءٍ من الصِّلَة على الْمَوْصُول وَلكنه جعل الْبَاء تبييناً وَمثله قَوْله تَعَالَى: وَكَانُوا فِيهِ من الزاهدين. فَلَمَّا قدم جعل تبييناً فَأخْرج عَن الصِّلَة.
وَمعنى التَّبْيِين أَن تعلقه بِمَا يدل عَلَيْهِ معنى الْكَلَام وَلَا تقدره فِي الصِّلَة لِأَن معنى الْبَيْت جلدي بالعصا. فَإِذا فعلت هَذَا سلم لَك اللَّفْظ وَالْمعْنَى وَلم تقدم شَيْئا عَن مَوْضِعه الَّذِي هُوَ أخص أَلا ترى أَن معنى قَوْلهم: أهلك وَاللَّيْل مَعْنَاهُ الْحق بأهلك قبل اللَّيْل وَإِنَّمَا تَقْدِيره فِي الْإِعْرَاب: الْحق بأهلك وسابق اللَّيْل. فَكَذَلِك أَيْضا يكون معنى الْكَلَام كَانَ جزائي أَن أجلد بالعصا وَتَقْدِيره فِي الْإِعْرَاب غير ذَلِك.
وسيبويه كثيرا مَا يمِيل فِي كَلَامه على الْمَعْنى فيتخيل من لَا خبْرَة لَهُ أَنه قد جَاءَ بِتَقْدِير الْإِعْرَاب فيحمله فِي الْإِعْرَاب عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يدْرِي فَيكون مخطئاً وَعِنْده أَنه مُصِيب فَإِذا نوزع فِي ذَلِك قَالَ: هَكَذَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَغَيره.
فَإِذا تفطنت لهَذَا الْكتاب وجدته كثيرا. وَأكْثر مَا يَسْتَعْمِلهُ فِي المنصوبات فِي صدر الْكتاب لِأَنَّهُ موضعٌ مشكلٌ وقلما يهتدى لَهُ. انْتهى.
وَالْبَيْت للعجاج كَمَا قَالَه ابْن جني.
وَقَبله: الرجز
(ربيته حَتَّى إِذا تعمددا
…
وآض نهداً كالحصان أجردا)
كَانَ جزائي
…
. إِلَخ قَالَ ابْن جني فِي شرح التصريف: تمعدد من لفظ معد بن عدنان وَإِنَّمَا كَانَ مِنْهُ لِأَن معنى تمعدد: تكلم بِكَلَام معدٍّ أَي: كبر وخطب. هَكَذَا قَالَ أَبُو عَليّ.
وَمِنْه قَول عمر: اخشرشنوا وَتَمَعْدَدُوا. قَالَ أَحْمد بن يحي: تمعددوا أَي: كونُوا على خلق معد.
انْتهى.
وَأوردهُ الْجَوْهَرِي فِي عدد وَنقل الْخلاف فِي ميمه وَقَالَ: تمعدد الرجل أَي: تزيا بزيهم أَو تنْسب إِلَيْهِم أَو تصبر على عَيْش معد.)
وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي أثر عمر قَولَانِ: يُقَال هُوَ من الغلظ وَمِنْه قيل للغلام إِذا شب وَغلظ: قد تمعدد.
قَالَ الراجز: ربيته حَتَّى إِذا تمعددا وَيُقَال: مَعْنَاهُ تشبهوا بعيش معدٍ. وَكَانُوا أهل قشف وَغلظ فِي المعاش. يَقُول: فكونوا مثلهم ودعوا التنعم وزي الْعَجم. قَالَ: وَهَكَذَا هُوَ فِي حَدِيث آخر: عَلَيْكُم باللبسة المعدية. اه.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد فِي الجمهرة: التمعدد: الشدَّة وَالْقُوَّة. وَأنْشد هَذَا الرجز ثمَّ قَالَ: والمعدة من هَذَا اشتقاقها. ومعدان: اسْم رجل أَحسب اشتقاقه من الْمعدة. اه.
وَقَوله: وآض نهداً إِلَخ آض بِمَعْنى صَار. والنهد بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْهَاء: العالي الْمُرْتَفع.
والحصان بِكَسْر الْحَاء هُوَ الذّكر من الْخَيل. والأجرد: مِمَّا تمدح بِهِ الْخَيل وَمَعْنَاهُ الْقصير