الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلم أعرف شَاعِرًا كَذَا وَإِنَّمَا الْمَعْرُوف عمر بن لَجأ التَّيْمِيّ. وَعمر مكبر لَا مصغر. ولجأ بِفَتْح اللَّام وَالْجِيم مَهْمُوز الآخر. وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْأَمر.
وَالْبَيْت الَّذِي أنْشدهُ ابْن عُصْفُور لأعشى بكر إِنَّمَا الرِّوَايَة فِيهِ:
(فَقلت لَهُ هَذِه هَاتِهَا
…
بأدماء فِي حَبل مقتادها)
فَلَا ضَرُورَة فِيهِ.
وَقَبله: المتقارب
(فقمنا وَلما يَصح ديكنا
…
إِلَى جونةٍ عِنْد حدادها)
وَيَعْنِي بالحداد الْخمار لِأَنَّهُ يمْنَع من الْخمر ويحفظها. وكل من حفظ شَيْئا وَمنع مِنْهُ فَهُوَ حداد.
وَهَذِه إِشَارَة إِلَى الجونة الْمَذْكُورَة وَهِي الخابية جعلهَا جونة لاسودادها من القار.
وَالْمعْنَى: هَات هَذِه الْجَابِيَة وَخذ هَذِه النَّاقة الأدماء أَي: الْبَيْضَاء بِحَبل قائدها. والأدمة فِي الْإِبِل: الْبيَاض وَفِي النَّاس: السمرَة وَفِي الظباء: سمرةٌ فِي ظُهُورهَا وبياضٌ فِي بطونها. وَضمير لَهُ للحداد. وبأدماء حَال كَأَنَّهُ قَالَ: مشتراة بأدماء. وَفِي حَبل صفة لأدماء كَأَنَّهُ قَالَ: بأدماء مشدودة فِي حَبل قائدها أَو خبر لمبتدأ مَحْذُوف أَي: وَهِي فِي حَبل قائدها. وَالْجُمْلَة حَال.
والجونة بِفَتْح الْجِيم مَعْنَاهُ السَّوْدَاء.
وَأنْشد بعده
3 -
(الشَّاهِد الثَّانِي عشر بعد الستمائة)
وَهُوَ من شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ:
الرجز الْحزن بَابا والعقور كَلْبا على أَنه كِنَايَة عَن الْبُخْل كَمَا أَن جبان الْكَلْب كِنَايَة عَن الْجُود.
وأنشده سِيبَوَيْهٍ على أَن نصب بَاب وكلب على حد الْحسن وَجها.
فَذَاك وخمٌ لَا يُبَالِي السبا والوخم: الثقيل. يَقُول: ذَاك من الرِّجَال وخمٌ ثقيل لَا يرتاح لفعل المكارم وَلَا يهش للجود وَلَا يُبَالِي أَن يسب ويروى المَال أحب إِلَيْهِ من عرضه.
والحزن بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الزَّاي: صفة مشبهة وَهُوَ خلاف السهل. وَكَذَلِكَ الْعَقُور صفة مشبهة.
قَالَ الْأَزْهَرِي: الْكَلْب الْعَقُور: هُوَ كل كلب يعقر من الْأسد والفهد والنمر وَالذِّئْب. يُقَال: عقر النَّاس عقراً من بَاب ضرب أَي: جرحهم فَهُوَ عقور وَالْجمع عقرٌ مثل رَسُول ورسل. وباباً وكلباً تمييزان.
وصف رؤبة رجلا بِشدَّة الْحجاب وَمنع الضَّيْف فَجعل بَابه حزنا وثيقاً لَا يُسْتَطَاع فَتحه وكلبه عقوراً لمن حل بفنائه طَالبا لمعروفه.
يَقُول: إِن من أَتَاهُ لَقِي قبل الْوُصُول إِلَيْهِ مَا يكره من حَاجِب أَو بوابٍ أَو صَاحب. وَجعل لَهُ كَلْبا على طَرِيق الِاسْتِعَارَة كَمَا يكون فِي الْبَادِيَة.
وترجمة رؤبة تقدّمت فِي الشَّاهِد الْخَامِس من أول الْكتاب.
وَأنْشد بعده: الطَّوِيل
على أَن اللَّام فِي قَوْله: وَالْبرد بدل من الضَّمِير وَالتَّقْدِير: وبردي برده. وَهَذَا صدرٌ وعجزه: وَلم يلهني عَنهُ غزالٌ مقنع وَقد تقدم شَرحه فِي الشَّاهِد الثَّالِث وَالتسْعين بعد الْمِائَتَيْنِ.
وَأنْشد بعده: الطَّوِيل رحيب قطاب الجيب مِنْهَا تَمَامه:)
(
…
...
…
... . . رفيقةٌ
…
بجس الندامى بضة المتجرد)
على أَن رحيب مُضَاف إِلَى قطاب وقطاب مُضَاف إِلَى الجيب.
وَتقدم الْكَلَام عَلَيْهِ فِي الشَّاهِد الْحَادِي بعد الثلثمائة من بَاب الْإِضَافَة.
وَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة تَنْوِين رحيب وَرفع قطاب على الفاعلية. وَضمير مِنْهَا لقينة فِي بَيت قبله.
والرحيب: الْوَاسِع. وقطاب الجيب: مجتمعه حَيْثُ قطب أَي: جمع وَهُوَ مخرج الرَّأْس من الثَّوْب. وَإِنَّمَا وصف قطاب جيبها بِالسَّعَةِ لِأَنَّهَا كَانَت توسعه ليبدو صدرها فَينْظر إِلَيْهِ ويتلذذ بِهِ.
ورفيقة
بِالْفَاءِ ثمَّ الْقَاف: الملائمة واللينة. والجس بِفَتْح الْجِيم: اللَّمْس.
وَالْمرَاد بالمتجرد حَيْثُ يتجرد من بدنهَا أَي: يعرى من الثَّوْب وَهُوَ الْأَطْرَاف. وَخَصه بِالذكر مُبَالغَة فِي نعومتها لِأَنَّهُ إِذا كَانَ مَا تصيبه الرّيح وَالشَّمْس وَالْبرد من الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ بضاً نَاعِمًا رَقِيقا كَانَ الْمُسْتَتر بالثياب أَشد بضاضة ونعومة.
وَهَذَا هُوَ معنى الْجيد بِخِلَاف مَا أسلفناه هُنَاكَ تبعا لشراح المعلقات وَهُوَ قَوْلنَا المتجرد: مَا ستره الثِّيَاب من الْجَسَد أَي: هِيَ بضة الْجِسْم عِنْد التَّجْرِيد من ثِيَابهَا. وَلَا يخفى ضعفه وركاكته. وَهَذَا الْمَعْنى لَاحَ لنا وَللَّه الْحَمد.
وَالْبَيْت من معلقَة طرفَة بن العَبْد وَتَقَدَّمت تَرْجَمته فِي الشَّاهِد الثَّانِي وَالْخمسين بعد الْمِائَة.