الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المنسرح
(لما رَأينَا خيلاً محجلةً
…
وَقوم بغيٍ فِي جحفلٍ لجب)
(طرنا إِلَيْهِم بِكُل سلهبةٍ
…
وكل صافي الْأَدِيم كالذهب)
(وكل عراصةٍ مثقفةٍ
…
فِيهَا سنانٌ كشعلة اللهب)
(وكل عضبٍ فِي مَتنه أثرٌ
…
ومشرفي كالملح ذِي شطب)
(وكل فضفاضةٍ مضاعفةٍ
…
من نسج دَاوُد غير مؤتشب)
(لما الْتَقَيْنَا مَاتَ الْكَلَام ودا
…
ر الْمَوْت دور الرَّحَى على القطب)
(إِن حملُوا لم نرم مواضعنا
…
وَإِن حملنَا جثوا على الركب))
انْتهى.
وَهَذَا الشّعْر لم يروه ابْن الْأَعرَابِي وَابْن السّكيت فِي ديوانه.
وحبِيب بِالْحَاء الْمُهْملَة الْمَفْتُوحَة أوردهُ الْآمِدِيّ مكبراً اسْما لخمسة شعراء أحدهم أَبُو محجن.
ثمَّ قَالَ: وَأما حبيب بِالتَّصْغِيرِ فَهُوَ حبيب بن تَمِيم الْمُجَاشِعِي. وَأوردهُ لَهُ شعرًا.
وَبعد أَن نقل الْعَيْنِيّ الْخلاف فِي اسْمه هَل هُوَ مالكٍ بن حبيب أَو عبد الله بن حبيب قَالَ: وَضبط عَن أبي عمر حبيب مُصَغرًا. وَتَبعهُ السُّيُوطِيّ فِي شرح
أَبْيَات الْمُغنِي على هَذَا الضَّبْط.
وَالله أعلم.
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)
الطَّوِيل
(فَلَمَّا رأى أَن ثَمَر الله مَاله
…
وأثل مَوْجُودا وسد مفاقره)
على أَن الْفراء وَابْن الْأَنْبَارِي جوزا وُقُوع أَن المصدرية بعد فعل علم غير مؤول بِالظَّنِّ كَمَا فِي الْبَيْت فَإِن رأى فِيهِ علمية. وَيجوز أَن تكون فِيهِ مُخَفّفَة من غير فصل بَينهَا وَبَين ثَمَر على الشذوذ. ف أَن وَمَا بعْدهَا فِي تَأْوِيل مصدر سَاد مسد مفعولي رأى إِلَّا أَنَّهَا فِي القَوْل الثَّانِي مُخَفّفَة وَاسْمهَا ضمير شَأْن مَحْذُوف وَجُمْلَة: ثَمَر الله خَبَرهَا.
وَلم يتَعَرَّض لكَون رأى بصرية فَتكون أَن هِيَ المصدرية الدَّاخِلَة على الْفِعْل لِأَن ذَلِك لَا يجوز لِأَن التثمير أَمر معنويٌّ غير مدرك بحاسة الْعين وَمَعْنَاهُ التكثير.
قَالَ صَاحب الصِّحَاح: وأثمر الرجل بِالْمُثَلثَةِ أَي: كثر مَاله. وثمر الله مَاله أَي: كثره.
ففاعل رأى ضمير الحليف أَي: الْمعَاهد فِي بيتٍ قبله.
وأثل أَي: أصل وَثَبت. والتأثيل: التأصيل والتثبيت.
قَالَ صَاحب الصِّحَاح: يُقَال سد الله مفاقره أَي: أغناه وسد وُجُوه فقره. انْتهى.
فَيكون جمع مفقر كجعافر جمع جَعْفَر. والمفقر: مَكَان الْفقر وجهته.
وَجَوَاب لما فِي بَيت بعده.
وَالْبَيْت من قصيدة للنابغة الذبياني يُعَاتب بهَا بني مرّة فِيمَا كَانَ بَينه وَبَين يزِيد بن سِنَان بن أبي)
حَارِثَة واجتماع قومه عَلَيْهِ وطواعيتهم
لَهُ وَطَلَبه بحوائجهم عِنْد الْمُلُوك. وَكَانَ النَّابِغَة يحْسد وَهَذَا أَولهَا:
(أَلا أبلغا ذبيان عني رِسَالَة
…
فقد أَصبَحت عَن مَنْهَج الْقَصْد جائره)
(أَجِدكُم لم تزجروا عَن ظلامةٍ
…
سَفِيها وَلنْ ترعوا لذِي الود آصره)
(فَلَو شهِدت سهمٌ وأفناء مالكٍ
…
فتعذرني من مرّة المتناصره)
إِلَى أَن قَالَ بعد بَيْتَيْنِ:
(فَإِن يَك مَوْلَانَا تجانف نَصره
…
وأسلمنا لمرة المتظاهره)
(فَإِنِّي لألقى من ذَوي الضغن مِنْهُم
…
بِلَا عثرةٍ وَالنَّفس لَا بُد عاثره)
(كَمَا لقِيت ذَات الصَّفَا من حليفها
…
وَكَانَت تديه المَال غبا وَظَاهره)
(تذكر أَنى يَجْعَل الله جنَّة
…
فَيُصْبِح ذَا مالٍ وَيقتل واتره)
(فَلَمَّا رأى أَن ثَمَر الله مَاله
…
وأثل مَوْجُودا وسد مفاقره)
(أكب على فأس يحد غرابها
…
مذكرةٍ من المعاول باتره)
…
(فَلَمَّا وقاها الله ضَرْبَة فأسه
…
وللبر عينٌ مَا تغمض ناظره)
(تندم لما فَاتَهُ الذحل عِنْدهَا
…
وَكَانَت لَهُ إِذْ خاس بالعهد قاهره)
(فَقَالَ تعالي نجْعَل الله بَيْننَا
…
على مَا لنا أَو تنجزي لي آخِره)
(أَبى لي قبرٌ لَا يزَال مقابلي
…
وضربة فأسٍ فَوق رَأْسِي فاقره)
وَهَذَا آخر القصيدة.
والآصرة: الْقَرَابَة. يُقَال: فلانٌ مَا تأصره عَليّ آصرةٌ أَي: لَا تعطفه عَليّ رحم. وسهمٌ هُوَ ابْن مرّة بن عَوْف الذبياني. وَمَالك هُوَ أَخُو سهم قبيلتان. وَلِهَذَا قَالَ: المتناصره أَي: الَّتِي ينصر بَعْضهَا بَعْضًا. وتجانف: تمايل.
والمتظاهرة: الَّتِي صَار كلٌّ مِنْهُم ظهيراً ومعيناً للْآخر. والضغن: الحقد. وَذَات الصفاة هِيَ الْحَيَّة كَمَا يَأْتِي شرحها.
والحليف: الْمعَاهد. وَقَوله: وَكَانَت تديه المَال إِلَخ روى الْأَصْمَعِي بدله: وَمَا انفكت الْأَمْثَال فِي النَّاس سائره وَقَالَ: تِلْكَ الرِّوَايَة منحولة لِأَنَّك تَقول وديت فلَانا للمقتول نَفسه وَلَا تَقول وديت وليه وَلَا)
أَهله. وودى فلانٌ فلَانا: أعْطى دِيَته. وغباً أَي: تعطيه من الدِّيَة فِي يَوْم وَلَا تعطيه فِي الْيَوْم الثَّانِي.
وَالْغِب
بِالْكَسْرِ: فصل الْفِعْل وَتَركه بيومٍ بَين فعل يَوْمَيْنِ. وَمِنْه حمى الغب إِذا أَتَت يَوْمًا وَتركت يَوْمًا. وَالظَّاهِرَة: البارزة غير مختفية وَقيل الظَّاهِرَة الَّتِي تشرب كل يَوْم.
(فواثقها بِاللَّه حِين تَرَاضيا
…
فَكَانَت تديه المَال غبا وَظَاهره)
وَقَوله: تذكر فَاعله ضمير الحليف. وأنى بِمَعْنى كَيفَ. وَالْجنَّة بِضَم الْجِيم: الْوِقَايَة. والواتر: الَّذِي عِنْده الثأر من الْوتر بِفَتْح الْوَاو عِنْد قوم وَكسرهَا عِنْد آخَرين وَهُوَ الذحل والثأر.
وَقَوله: فَلَمَّا رأى فَاعله ضمير الحليف. وَقَوله: أكب هُوَ جَوَاب لما. يُقَال: أكب على كَذَا أَي: لَازمه. وَيحد: مضارع أحده أَي: جعله حديداً قَاطعا.
والغراب بِضَم الْمُعْجَمَة: رَأس الفأس الْقَائِم وَلها رأسان. فالرأس العريض يُقَال لَهُ: قدوم وَالْآخر يُقَال لَهُ غراب.
قَالَ صَاحب الصِّحَاح: الذّكر من الْحَدِيد: خلاف الأنيث. وَسيف ذكرٌ ومذكر بِفَتْح الْكَاف المشدودة أَي: ذُو ماءٍ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: هِيَ سيوفٌ شفراتها حديدٌ ذكر ومتونها أنيث. قَالَ: وَيَقُول: النَّاس إِنَّهَا من عمل الْجِنّ. انْتهى.
وَالذكر هُوَ الفولاذ والصلب. والأنيث هُوَ الْحَدِيد الْمَعْرُوف. والمعاول: جمع معول بِكَسْر الْمِيم وَفتح الْوَاو وَهِي الفأس الْعَظِيمَة الَّتِي ينقر بهَا الصخر. والباترة: القاطعة. والذحل بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة: الثأر والحقد. وَكَانَت أَي: الْحَيَّة.
وخاس بالعهد بإعجام الأول وإهمال الآخر بِمَعْنى غدر بِهِ. وَأَرَادَ بقهرها إِيَّاه قطع الْعَطِيَّة من الدِّيَة. أَو تنجزي: إِلَى أَن تنجزي.
وَقَوله: يَمِين الله أفعل أَي: أقسم يَمِينا بِاللَّه لَا أفعل أَي: لَا أعطي. كَمَا كنت أُعْطِيك. أَو بِمَعْنى لَا أقبل عَهْدك بعد هَذَا.
والمسحور: المخدوع يُقَال: سحره أَي: خدعه وَعلله. وأرادت: إِنَّك إنسانٌ خادعٌ غدار.
وفاقرة: قَاطِعَة يُقَال: فقر الْحَبل أنف الْبَعِير إِذا حزه وَأثر فِيهِ.
وَهَذِه الأبيات موقوفةٌ على سَماع حكايةٍ هِيَ من أكاذيب الْعَرَب قَالَ أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ وَابْن)
الْأَعرَابِي: ذكرُوا أَن أَخَوَيْنِ كَانَا فِيمَا مضى فِي إبلٍ لَهما فأجدبت بلادهما وَكَانَ قَرِيبا مِنْهُمَا وادٍ يُقَال لَهُ: عُبَيْدَان فِيهِ حَيَّة قد أحمته فَقَالَ أَحدهمَا
لصَاحبه: هَل لَك فِي وَادي الْحَيَّة فَإِنَّهُ ذُو كلإٍ فَقَالَ أَخُوهُ: إِنِّي أَخَاف عَلَيْك الْحَيَّة أَلا ترى أَن أحدا لم يهْبط ذَلِك الْوَادي إِلَّا أهلكته فَقَالَ: وَالله لَأَفْعَلَنَّ فهبط ذَلِك الْوَادي فرعى فِيهِ إبِله فَبينا هُوَ ذَات يومٍ فِي آخر الْإِبِل نائمٌ إِذْ رفعت الْحَيَّة رَأسهَا فأبصرته فَأَتَتْهُ فَقتلته ثمَّ دخلت جحرها وأبطأت الْإِبِل على أَخِيه فَعرف أَنه قد هلك فَقَالَ: مَا فِي الْحَيَاة بعد أخي خيرٌ ولأطلبن الْحَيَّة ولأقتلنها أَو لأتبعن أخي.
فهبط ذَلِك الْوَادي فَطلب الْحَيَّة ليقتلها فَقَالَت لَهُ: أَلَسْت ترى أَنِّي قد قتلت أَخَاك فَهَل لَك فِي الصُّلْح فأدعك ترعى الْوَادي فَتكون فِيهِ وَأُعْطِيك مَا بقيت دِينَارا يَوْمًا وَيَوْما لَا قَالَ: أَو فاعلة أَنْت قَالَت: نعم. قَالَ: فَإِنِّي أقبل. فَحلف لَهَا وَأَعْطَاهَا المواثيق لَا يَضرهَا وَجعلت تعطيه مَا ضمنت لَهُ فَكثر مَاله ونبتت إبِله حَتَّى صَار من أحسن
النَّاس حَالا.
ثمَّ إِنَّه ذكر أَخَاهُ ذَات يَوْم فَدَمَعَتْ عَيناهُ وَقَالَ: كَيفَ يَنْفَعنِي الْعَيْش وَأَنا أنظر إِلَى قَاتل أخي فَعمد إِلَى فأس فأحدها ثمَّ قعد فمرت بِهِ فتبعها وضربها فأخطأها وَدخلت جحرها وَوَقعت الفأس فَوق جحرها فأثرت فِيهِ فَلَمَّا رَأَتْ مَا فعل قطعت عَنهُ الدِّينَار الَّذِي كَانَت تعطيه.
فَلَمَّا رأى ذَلِك تخوف شَرها وَنَدم فَقَالَ لَهَا: هَل لَك أَن نتواثق ونعود إِلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ فَقَالَت: كَيفَ أعاودك وَهَذَا أثر فاسك وَأَنت ترى قبر أَخِيك وَأَنت فَاجر لَا تبالي بالعهد.
وَكَانَ حَدِيث الْحَيَّة والفأس من مَشْهُور أَمْثَال الْعَرَب.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: لما حج عبد الْملك بن مَرْوَان أول حجَّة حَجهَا فِي خِلَافَته قدم الْمَدِينَة فَخَطب فَقَالَ: يَا أهل الْمَدِينَة وَالله لَا تحبوننا وَلَا نحبكم أبدا وَأَنْتُم
أَصْحَاب عُثْمَان إِذْ نقيتمونا عَن الْمَدِينَة وَنحن أصحابكم يَوْم الْحرَّة فَإِنَّمَا مثلنَا ومثلكم كَمَا قَالَ النَّابِغَة. وَأنْشد هَذِه ثمَّ قَالَ: إِنَّه كَانَت حيةٌ مجاروةً رجلا فوكعته فَقتلته ثمَّ إِنَّهَا دعت أَخَاهُ إِلَى أَن يصالحها على أَن تدي لَهُ أَخَاهُ فعاهدها ثمَّ كَانَت تعطيه يَوْمًا وَلَا تعطيه يَوْمًا فَلَمَّا تنجز عَامَّة دِيَته قَالَت لَهُ نَفسه: لَو قتلتها وَقد أحذت عَامَّة الدِّيَة فيجتمعان لَك فَأخذ فأساً فَلَمَّا خرجت لتعطيه الدِّينَار ضربهَا على رَأسهَا وسبقته فأخطأها وَنَدم فَقَالَ:)
تعالي نتعاقد وَلَا نغدر وتنجزي آخر ديتي. فَقَالَت: أَبى الصُّلْح الْقَبْر الَّذِي بَين عَيْنَيْك والضربة الَّتِي فَوق رَأْسِي. فَلَنْ تحبني أبدا مَا رَأَيْت قبر أَخِيك وَلنْ أحبك مَا كَانَت الضَّرْبَة برأسي. إِنَّا لن نحبكم مَا ذكرنَا مَا صَنَعْتُم بِنَا وَلنْ تحبونا مَا ذكرْتُمْ مَا صنعنَا بكم. انْتهى.