الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأنْشد بعده
3 -
(الشَّاهِد الثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)
الْخَفِيف
(نضر الله أعظماً دفنوها
…
بسجستان طَلْحَة الطلحات)
على أَن السماع والاستعمال فِي نَحْو: طَلْحَة وَهُوَ كل علم مُذَكّر مختوم بِالْهَاءِ جمعه بِالْألف وَالتَّاء وَلم يسمع جمعه بِالْوَاو وَالنُّون.
وَقد بسط ابْن الْأَنْبَارِي الْكَلَام على هَذِه الْمَسْأَلَة فِي مسَائِل الْخلاف فَلَا بَأْس بإيراده قَالَ: ذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَن الِاسْم الَّذِي آخِره تَاء التَّأْنِيث إِذا سمي بِهِ رجلٌ يجوز أَن يجمع بِالْوَاو وَالنُّون نَحْو: طَلْحَة وطلحون. وَإِلَيْهِ ذهب ابْن كيسَان إِلَّا أَنه يفتح اللَّام فَيَقُول: طلحون بِالْفَتْح كَمَا قَالُوا: أرضون حملا على أرضات. وَاحْتج الْكُوفِيُّونَ بِأَنَّهُ فِي تَقْدِير جمع طلح لِأَن جمع قد تستعمله الْعَرَب على تَقْدِير حذف حرفٍ من الْكَلِمَة قَالَ الشَّاعِر: الرجز وَعقبَة الأعقاب فِي الشَّهْر الْأَصَم
فَكَسرهُ على مَا لَا هَاء فِيهِ. وَإِذا كَانَت الْهَاء فِي تَقْدِير الْإِسْقَاط جَازَ جمعه بِالْوَاو وَالنُّون.
وَيدل لنا أَنا أجمعنا على أَنه لَو سمي رجل بِحَمْرَاء أَو حُبْلَى جمع بِالْوَاو وَالنُّون.
وَلَا خلاف أَن مَا فِي آخِره ألف التَّأْنِيث أَشد تمَكنا فِي التَّأْنِيث مِمَّا فِي آخِره تَاء التَّأْنِيث لِأَن ألف التَّأْنِيث صيغت الْكَلِمَة عَلَيْهَا وَلم تخرج الْكَلِمَة من التَّذْكِير إِلَى التَّأْنِيث وتاء
التَّأْنِيث مَا صيغت الْكَلِمَة عَلَيْهَا وأخرجت الْكَلِمَة من التَّذْكِير إِلَى التَّأْنِيث.
وَلِهَذَا الْمَعْنى قَامَ التَّأْنِيث بِالْألف فِي منع الصّرْف مقَام شَيْئَيْنِ بِخِلَاف التَّأْنِيث بِالتَّاءِ. فَإِذا جَازَ أَن يجمع بِالْوَاو وَالنُّون مَا فِي آخِره ألف التَّأْنِيث وَهِي أوكد من التَّاء فَلِأَن يجوز فِيمَا آخِره التَّاء كَانَ ذَلِك من طَرِيق الأولى.
وَأما ابْن كيسَان فاحتج على ذَلِك بِأَنَّهُ إِنَّمَا جَوَّزنَا جمعه بِالْوَاو وَالنُّون لِأَن التَّاء تسْقط فِي الطلحات فَإِذا سَقَطت وَبَقِي الِاسْم بِلَا تَاء جَازَ جمعه بِالْوَاو وَالنُّون كَقَوْلِهِم: أَرض وأرضون. وكما حركت الْعين فِي أرضون بِالْفَتْح حملا على أرضات فَكَذَلِك حركت الْعين من الطلحون حملا على الطلحات لأَنهم يجمعُونَ مَا كَانَ على فعلة من الْأَسْمَاء دون الصِّفَات على فعلات بِالتَّحْرِيكِ.)
وَقَالَ البصريون: لَا يجوز هَذَا الْجمع. وَالدَّلِيل على امْتِنَاعه أَن نَحْو طَلْحَة فِيهِ عَلامَة التَّأْنِيث وَالْوَاو وَالنُّون عَلامَة التَّذْكِير فَلَو قُلْنَا إِنَّه يجوز الْجمع بِالْوَاو وَالنُّون لَأَدَّى إِلَى أَن يجمع فِي اسْم علامتان متضادتان وَذَلِكَ لَا يجوز. وَلِهَذَا إِذا وصفوا الْمُذكر بالمؤنث فَقَالُوا: رجل ربعَة جَمَعُوهُ ربعاتٍ بِلَا خلاف وَلم يَقُولُوا: ربعون.
وَالَّذِي يدل على صِحَة هَذَا الْقيَاس أَنه لم يسمع من الْعَرَب فِي جمع هَذَا الِاسْم إِلَّا بِالْألف وَالتَّاء كَقَوْلِهِم فِي طَلْحَة: طلحات وهبيرة: هبيرات وَلم يسمع عَن أحدٍ من الْعَرَب أَنهم قَالُوا: الطلحون.
فَإِذا كَانَ هَذَا الْجمع
مدفوعاً من جِهَة الْقيَاس مَعْدُوما من جِهَة النَّقْل وَجب أَن لَا يجوز.
وَأما قَوْلهم إِنَّه فِي التَّقْدِير جمع طلح ففاسد لِأَن الْجمع إِنَّمَا وَقع على جَمِيع حُرُوف الِاسْم وتاء التَّأْنِيث من جملَته فَلم ننزعها عَنهُ قبل الْجمع وَإِن كَانَ اسْما لمذكر لِئَلَّا يكون بِمَنْزِلَة مَا سمي بِهِ وَلَا عَلامَة فِيهِ. فالتاء فِي جمعه مَكَان التَّاء فِي واحده.
وَأما مَا اسْتشْهدُوا بِهِ من قَوْلهم: وَعقبَة الأعقاب فِي الشَّهْر الْأَصَم فَهُوَ مَعَ شذوذه وقلته لَا تعلق لَهُ بِمَا وَقع الْخلاف فِيهِ لِأَن الْجمع التَّصْحِيح لَيْسَ على قِيَاس جمع التكسير ليحمل عَلَيْهِ.
وَأما قَوْلهم: إِنَّا أجمعنا على جمع نَحْو حَمْرَاء وحبلى علمين بِالْوَاو وَالنُّون.
قُلْنَا: إِنَّمَا جَازَ لِأَن ألف التَّأْنِيث يجب قَلبهَا إِلَى بدل لِأَنَّهَا صيغت الْكَلِمَة عَلَيْهَا فتنزلت منزلَة بَعْضهَا فَلم يفْتَقر لعلامة تَأْنِيث الْجمع بِخِلَاف التَّاء فَإِنَّهُ يجب حذفهَا إِلَى غير بدل لِأَنَّهَا مَا صيغت عَلَيْهَا الْكَلِمَة وَإِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَة اسمٍ ضم إِلَى اسْم فَجعلت عَلامَة تَأْنِيث الْجمع عوضا مِنْهَا.
وَأما قَول ابْن كيسَان: إِن التَّاء تسْقط فِي الطلحات فَإِذا سَقَطت جَازَ الْجمع ففاسد لِأَن التَّاء وَإِن كَانَت محذوفة لفظا إِلَّا أَنَّهَا ثَابِتَة تَقْديرا لأَنهم لما أدخلُوا تَاء التَّأْنِيث فِي الْجمع حذفوا هَذِه التَّاء الَّتِي كَانَت فِي الْوَاحِد لأَنهم كَرهُوا أَن يجمعوا بَين علامتي تَأْنِيث.
وَكَانَ
حذف الأولى أولى لِأَن فِي الثَّانِيَة زِيَادَة معنى فَإِن الأولى تدل على التَّأْنِيث فَقَط وَالثَّانيَِة تدل على التَّأْنِيث وَالْجمع وَهِي حرف إِعْرَاب فَحذف الأولى بِمَنْزِلَة مَا حذف لالتقاء الساكنين فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ محذوفاً لفظا إِلَّا أَنه ثَابت تَقْديرا.)
وَالَّذِي يدل على فَسَاد مَا ذهب إِلَيْهِ من فتح الْعين من الطلحون أَن هَذَا الْجمع يسلم فِيهِ نظم
فَأَما قَوْله: إِن الْعين حركت من أرضون بِالْفَتْح حملا على أرضات. قُلْنَا: لَا نسلم وَإِنَّمَا غير فِيهِ لفظ الْوَاحِد لِأَنَّهُ جمعٌ على خلاف الأَصْل لِأَن الأَصْل فِي هَذَا الْجمع أَن يكون لمن يعقل وَلَكنهُمْ لما جَمَعُوهُ بِالْوَاو وَالنُّون غيروا فِيهِ نظم الْوَاحِد تعويضاً عَن حذف تَاء التَّأْنِيث فِيهِ تَخْصِيصًا لَهُ بِشَيْء لَا يكون فِي سَائِر أخواته مَعَ أَن هَذَا التعويض تعويض جَوَاز لَا تعويض وجوب.
أَلا ترى أَنهم لَا يَقُولُونَ فِي جمع شمس شمسون وَلَا فِي جمع قدر قدرون فَلَمَّا كَانَ هَذَا الْجمع فِي أَرض على خلاف الْقيَاس أَدخل فِيهِ ضربٌ من التَّغْيِير فَأَما إِذا جمع من يعقل بِالْوَاو وَالنُّون فَلَا يجوز أَن يَجْعَل بِهَذِهِ المثابة لِأَن جمعه بِحكم الأَصْل فَلَا يجوز أَن يدْخلهُ تَغْيِير.
وَيخرج على هَذَا حذف التَّاء وَفتح الْعين من طلحات. أما حذف التَّاء فَلِأَن التَّاء الثَّانِيَة صَارَت عوضا عَنْهَا لِأَنَّهَا للتأنيث. وَأما أَنْتُم فحذفتم من غير عوض فَبَان الْفرق.
وَأما فتح الْعين فلأجل الْفَصْل بَين الِاسْم وَالصّفة فَإِن مَا كَانَ
على فعلة من الْأَسْمَاء فَإِنَّهُ يفتح مِنْهُ الْعين نَحْو: جفنان وقصعات. وَمَا كَانَ صفة فَإِنَّهُ لَا يُحَرك مِنْهُ الْعين نَحْو: صعبات.
وَأما جمع التَّصْحِيح فَلَا يدْخلهُ شيءٌ من هَذَا التَّغْيِير. سواءٌ كَانَ اسْما أَو صفة. فَبَان الْفرق بَينهمَا. وَالله أعلم.
انْتهى كَلَام ابْن الْأَنْبَارِي مُخْتَصرا.
وَاعْلَم أَن فتح عين فعلة الاسمي فِي الْجمع واجبٌ وَيجوز تسكينه فِي الضَّرُورَة كَمَا يَأْتِي فِي بَابه.
وَمِنْه قَول البحتري: المتقارب
(وَكَيف يسوغ لكم جَحده
…
وطلحتكم بعض طلحاته)
خلافًا لأبي الْعَلَاء المعري فِي شَرحه فَإِنَّهُ زعم أَنه غير ضَرُورَة.
وَقَوله: طَلْحَة الطلحات رُوِيَ بِالْجَرِّ وَالنّصب.
قَالَ أَبُو حَيَّان فِي تَذكرته: حكى الْكسَائي وَالْفراء عَن الْعَرَب هَذَا الْبَيْت بخفض طَلْحَة على تَكْرِير الْأَعْظَم أَي: أعظم طَلْحَة الطلحات.
وَمَا اخْتلفُوا فِي جَوَاز نصب طَلْحَة بِالرَّدِّ على الْأَعْظَم وَالْحمل على إعرابها. انْتهى.
وَجعل ابْن عُصْفُور فِي كتاب الضرائر الْجَرّ من الضَّرُورَة. قَالَ: وَمِنْه حذف الْمُضَاف من غير أَن يُقَام الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه نَحْو قَوْله:)
بسجستان طَلْحَة الطلحات فِي رِوَايَة من خفض طَلْحَة يُرِيد أعظم طَلْحَة الطلحات فَحذف
الْمُضَاف الَّذِي هُوَ أعظم لدلَالَة أعظم الْمُتَقَدّم الذّكر عَلَيْهِ. وَلم يقم الْمُضَاف إِلَيْهِ وَهُوَ طَلْحَة مقَامه بل أبقاه على خفضه.
انْتهى.
وَقَالَ ابْن بري فِي شرح أَبْيَات الْإِيضَاح: وَالْأَشْبَه عِنْدِي أَن تخفضه بِإِضَافَة سجستان إِلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ أميرها. انْتهى.
وَقَول ابْن حَيَّان: نصب طَلْحَة بِالرَّدِّ على الْأَعْظَم يَعْنِي الْبَدَلِيَّة.
وَزعم بَعضهم أَنه بدل كل من بعض. وَزَاد هَذَا الْقسم فِي الأبدال. وَالصَّحِيح أَنه بدل كل من كل بِجعْل أعظم من قبيل ذكر الْبَعْض وَإِرَادَة الْكل بِدَلِيل الْمَعْنى.
وَقَالَ ابْن السَّيِّد البطليوسي فِي أَبْيَات الْمعَانِي: من نصب طَلْحَة فعلى إِضْمَار أَعنِي لِأَنَّهُ نبه عَلَيْهِ بِضَرْب من الْمَدْح لما تقدم من الترحم عَلَيْهِ.
وَذهب آخَرُونَ فِي نَصبه إِلَى حذف حرف الْجَرّ كَأَنَّهُ أَرَادَ رحم الله أعظماً دفنوها لطلْحَة فَلَمَّا حذف الْجَار نصب. وَقد دفع قومٌ النصب وأنشدوه بِالْجَرِّ
على تَقْدِير مُضَاف كَأَنَّهُ فِي التَّقْدِير: أعظم طَلْحَة الطلحات ثمَّ حذف الثَّانِي لدلَالَة الأول عَلَيْهِ. وَهَذَا شاذٌّ يقل فِي كَلَامهم حذف الْجَار مَعَ بَقَاء عمله. انْتهى.
وَطَلْحَة الطلحات هُوَ أحد الأجواد الْمَشْهُورين فِي الْإِسْلَام واسْمه طَلْحَة بن عبد الله بن خلف الْخُزَاعِيّ. وأضيف إِلَى الطلحات لِأَنَّهُ فاق فِي الْجُود خَمْسَة أجواد اسْم كل واحدٍ مِنْهُم طَلْحَة وهم طَلْحَة الْخَيْر
وَطَلْحَة الْفَيَّاض وَطَلْحَة الْجُود وَطَلْحَة الدَّرَاهِم وَطَلْحَة الندى.
وَقَالَ إِبْرَاهِيم الوطواط فِي كتاب الْغرَر والخصائص الْوَاضِحَة: قيل سمي بذلك لِأَنَّهُ كَانَ أجودهم وَقيل لِأَنَّهُ وهب فِي عامٍ واحدٍ ألف جَارِيَة فَكَانَت كل جَارِيَة مِنْهُنَّ إِذا ولدت غُلَاما تسميه طَلْحَة على اسْم سَيِّدهَا.
وَذكر الطلحات الْخَمْسَة وهم طَلْحَة بن عبيد الله التَّيْمِيّ وَهُوَ طَلْحَة الْفَيَّاض وَطَلْحَة بن عمر بن عبيد الله بن معمر التَّيْمِيّ أَيْضا وَهُوَ طَلْحَة الْجُود.
وَطَلْحَة بن عبد الله بن عَوْف الزُّهْرِيّ أخي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَهُوَ طَلْحَة الندى. وَطَلْحَة بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب وَهُوَ طَلْحَة الْخَيْر.)
وَطَلْحَة بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق وَيُسمى طَلْحَة الدَّرَاهِم. وَطَلْحَة ابْن عبد الله بن خلف الْخُزَاعِيّ وَهُوَ سادسهم الْمَشْهُور بطلحة الطلحات. انْتهى.
وَقَالَ ابْن بري فِي شرح أَبْيَات الْإِيضَاح: سمي طَلْحَة الطلحات بِسَبَب أمه وَهِي صَفِيَّة بنت الْحَارِث بن طَلْحَة بن أبي طَلْحَة وأخوها طَلْحَة بن الْحَارِث فقد تكنفه الطلحات كَمَا ترى ففصل بِهَذِهِ الْإِضَافَة من غَيره من الطلحات. وَكَانُوا سِتَّة. انْتهى.
وَكَانَ وَالِي سجستان وَبهَا مَاتَ.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي أَمْثَاله:
(يَا طلح أكْرم من مَشى
…
حسباً وَأَعْطَاهُ لتالد)
(مِنْك الْعَطاء فَأعْطِنِي
…
وَعلي حمدك فِي الْمشَاهد)
فَحكمه فَقَالَ: فرسك الْورْد وقصرك بزرنج وغلامك الخباز وَعشرَة آلَاف دِرْهَم. فَقَالَ طَلْحَة: أفٍّ لَك لم تَسْأَلنِي على قدري وَإِنَّمَا سَأَلتنِي على قدرك وَقدر قبيلتك باهلة وَالله لَو سَأَلتنِي كل فرسٍ وقصرٍ وغلامٍ لي لأعطيتك ثمَّ أَمر لَهُ بِمَا سَأَلَ وَقَالَ: وَالله مَا رَأَيْت مَسْأَلَة مُحكم ألأم مِنْهَا.
قَالَ ياقوت فِي مُعْجم الْبلدَانِ: سجستان: ناحيةٌ كَبِيرَة وَولَايَة وَاسِعَة. ذهب بَعضهم إِلَى أَن سجستان اسمٌ للناحية وَأَن اسْم مدينتها زرنج بِتَقْدِيم
الْمُعْجَمَة على الْمُهْملَة وَبَينهَا وَبَين هراة عشرَة أَيَّام ثَمَانُون فرسخاً وَهِي جنوبي هراة. وأرضها كلهَا رَملَة سبخَة والرياح فِيهَا لَا تسكن أبدا. وَلَا تزَال شَدِيدَة تدير رحيهم وطحنهم كُله على تِلْكَ الرحي. وَهِي من الإقليم الثَّالِث وفيهَا نخلٌ كثير وتمر.
ونضر بِمَعْنى حسن. وَالْمَشْهُور: رحم الله أعظماً.
وَالْبَيْت أول قصيدةٍ عدتهَا أَرْبَعَة عشر بَيْتا لقيس الرقيات رثى بهَا طَلْحَة الطلحات وَبعده:
(كَانَ لَا يحرم الْخَلِيل وَلَا يع
…
تل بالبخل طيب العذرات)
فِي الزَّاهِر لِابْنِ الْأَنْبَارِي قَالَ الْأَصْمَعِي: الْعذرَة: فنَاء الدَّار. والعذرات: أفنية الدّور. وَكَانُوا فِيمَا مضى يطرحون النَّجَاسَات فِي أفنية دُورهمْ فسموها باسم الْموضع وَكَذَلِكَ الْغَائِط هُوَ عِنْد الْعَرَب مَا اطْمَأَن من الأَرْض وَكَانُوا فِيمَا مضى إِذا أَرَادَ الرجل قَضَاء حَاجته طلب الْموضع المطمئن من الأَرْض فَكثر هَذَا حَتَّى سموا الْحَدث باسم الْموضع.)
وَكَذَلِكَ الكنيف فِي كَلَام الْعَرَب: الحظيرة الَّتِي تعْمل لِلْإِبِلِ فتكنفها من الْبرد فسموا مَا حظروه وجعلوه موضعا للْحَدَث بذلك الِاسْم تَشْبِيها بِهِ. انْتهى.
وَقد تقدّمت تَرْجَمَة قيس الرقيات فِي الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّلَاثِينَ بعد الْخَمْسمِائَةِ.
وَأنْشد بعده: الوافر
(فَمَا وجدت بَنَات ابْني نزارٍ
…
حلائل أسودين وأحمرينا)