الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لغزو الروم فقتل منهم أربعين ألف رجل، وغزا قلقية وفتح فيها حصوناً كثيرة بالأمان، وحمل أهلها إلى الشام وفتح أمسية وحصوناً كثيرة.
سليمان بن عبد الملك:
توفي الوليد سنة 96 فبويع أخوه سليمان بن عبد الملك سابعهم، وكان حسن السيرة فصيحاً مفوّهاً، أتته بيعة الأجناد وهو بالبلقاء فأتى القدس وأتته الوفود بالبيعة، فلم ير الناس وفادة أحسن منها، جلس في قبة صحن المسجد، وقد بسطت البسط لديه والنمارق عليها والكراسي، فجلس وأذن للناس أن يجلسوا على الكراسي والوسائد، والى جانبه الأموال والكساوي وآنية الذهب والفضة والدواوين، فيدخل وفد الجند ويتقدم صاحبهم فيتكلم عنهم وعمن قدموا من عنده ويقول: إن من جندنا كذا ومن حاجتهم كذا وكذا ومما يصلحهم كذا، فيأمر سليمان بذلك كله.
ردّ المظالم وعزل عمال الحجاج، وأخرج من كان في سجن العراق، وأعتق سبعين ألف مملوك ومملوكة وكساهم، وكانت أيامه ذات فتوح متوالية، جاء الخبر إلى سليمان بن عبد الملك أن الروم خرجت على ساحل حمص، فسبت امرأة وجماعة، فغضب سليمان وقال: والله لأغزونهم غزوة افتتح بها القسطنطينية أو أموت دون ذلك، فأغزى جماعة أهل الشام والجزيرة والموصل في البر في نحو مائة وعشرين ألفاً، وأغزى أهل مصر وإفريقية في البحر في ألف مركب، وعلى جماعة الناس مسلمة بن عبد الملك، وأغزى داود بن سليمان في جماعة من أهل بيته، وقدم سليمان من القدس إلى دمشق، ومضى حتى نزل مرج دابق فأمضى البعث وأقام بالمرج. واتخذ ابن عمه عمر بن عبد العزيز وزيراً وأوصى له سليمان بالخلافة، فسمي سليمان مفتاح الخير لاستخلافه عمر بن عبد العزيز.
عهد عمر بن عبد العزيز وسيرته:
لما تولى الخلافة عمر بن عبد العزيز أوائل سنة تسع وتسعين أبطل سب علي رضي الله عنه على المنابر، وكان من العادة سبه عقيب كل خطبة
منذ عهد
معاوية بن أبي سفيان الذي قدم الخطبة على صلاة الجمعة، لأن الناس كانوا يكرهون سماع اللعن، فكانوا إذا أدوا الصلاة خرجوا من المسجد. أراد معاوية من ذلك كما قال ابن أبي الحديد: تشييد الملك وتأكيد ما فعله الأسلاف، وأن يقرر في أنفس الناس أن بني هاشم لاحظ لهم في هذا الأمر، وأن سيدهم الذي به يصولون، وبفخره يفخرون، هذا حاله وهذا مقداره، فيكون من ينتمي إليه ويدلي به عن الأمر أبعد، وعن الوصول إليه أشحط وأنزح. على أن الطالبين كانوا يقنتون عقيب كل صلاة ويلعنون أيضاً بني أمية.
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى نوابه بإبطال السب وكانوا يقولون: لعن الله أبا تراب. ولما خطب يوم الجمعة، أبدل السب في الخطبة بقوله تعالى:(ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم). وقيل: بل جعل مكان ذلك قوله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون). فاستمر الخطباء على قراءتها إلى هذا اليوم، وشكر سعيه كل عاقل. وردّ عمر بن عبد العزيز المظالم، وسار سيرة عمر بن الخطاب جده لأمه، واستعمل أصلح من قدر عليه، فسلك عماله طريقته، واستدعى الجيش الإسلامي من حصار القسطنطينية ساعة ولي الخلافة حقناً لدماء المسلمين، وكان قد بلغ منهم الجهد، ولم يغفل مع ذلك عن غزو الروم عند الاقتضاء الشديد. ولو طال أجله لأجلي المسلمين عن الأندلس لأنه رأى مقامهم فيها غير طبيعي لإحاطة الأعداء بهم، وردّ جيوش المسلمين من الشرق ومنعهم من التوغل فيه قائلاً: يكفي ما فتح الله على المسلمين من الفتوح.
ويرجع الفضل في العهد لعمر بن عبد العزيز إلى سليمان بن عبد الملك الذي عرف بحكمته أن ابن عبد العزيز أعدل رجل وأعقل رجل في بني أمية، فعهد إليه
بالخلافة فأحسن للأمة وأي إحسان، وحنق عليه بعض المتلاعبين من أهل بيته فسقوه السم فيما قيل فهلك سنة 101، وخلافته