الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصار إلى إنطاكية واستنفر الروم وأهل الجزيرة وبعث عليهم رجالاً من خاصته وثقاته فلقوا المسلمين بفحل فقاتلوهم أشد قتال وأبرحه حتى ظهروا عليهم، وقُتل بطريقهم وزهاء عشرة آلاف معه وتفرق الباقون في مدن الشام ولحق بعضهم بهرقل.
ولما سار المسلمون بعد أن فرغوا من أجنادين إلى فحل نزلت الروم بَيْسان فبثقوا
أنهارها وفي أرض سبخة فكانت وحلاً، ونزلوا فحل وَبيْسان، فلما غشيها المسلمون ولم يعلموا بما صنعت الروم وِحلَت خيولهم، ولقوا فيها عناء ثم سلموا. وسميت بيسان ذات الردغة لما لقي المسلمون فيها، ثم نهضوا إلى الروم وهم بفحل فاقتتلوا فهزمت الروم ودخل المسلمون فحل ولحقت رافضة الروم بدمشق، فكانت وقعة فحل في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة. قال الطبري: كان الروم في فحل بعد أن رحلت حيارى لا يعرفون مأخذهم، فأسلمتهم هزيمتهم وصيرتهم إلى الوحل فركبوه ولحق أوائل المسلمين بهم وقد وحلوا فركبوهم وما يمنعون يد لامس فوخزوهم بالرماح، فكانت الهزيمة في فحل، وكان مقتلهم في الرَّداغ فأصيب الثمانون ألفاً لم يفلت منهم إلا الشريد. وكان الله يصنع للمسلمين وهم كارهون: كرهوا البثوق فكانت عوناً لهم على عدوهم، وأناة من الله ليزدادوا بصيرة وجداً.
الأردن وفلسطين وجبل اللكام:
افتتح شُرَحْبيل بن حَسنَة الأردن عَنوة ما خلا طبرية فإن أهلها صالحوه على أنصاف منازلهم وكنائسهم، وفتحت جميع مدن الأردن وحصونها على مثل صلح طبرية فتحاً يسيراً بغير قتال، ففتح بيسان وسوسية وأفيق وجرش وبيت رأس وقَدَس والجولان، وغلب على سواد الأردن وجميع أرضها وعلى صفورية وعكا وصور، وبفتح هذين الثغرين من الساحل
انقطع ما بين الروم في إيلياء وبين خط رجعتهم من البر مع إنطاكية وما وراءها من الدروب. وصالح أبو عبيدة السامرة بالأردن وكانوا عيوناً وأدلاء للمسلمين، كما صالح الجراجمة في جبل اللُّكام بين بياس وبوقا على أن يكونوا أعواناً للمسلمين وعيوناً ومسالح في جبل اللُّكام، وفتح عمرو ابن العاص غزة ثم سَبَسْطِية ونابلس ولدّ ويُبنى وعَمَواس وبيت جبرين ويافا ورفح، وظلت القدس وقيسارَية محاصرتين، ولم تفتح القدس إلا سنة خمس عشرة أي بعد فتح دمشق بسنة ونيف، وطلب أهله من أبي عبيدة أن يصالحهم
على صلح أهل مدن الشام وأن يكون المتولي للعقد عمر بن الخطاب، فكتب إليه بذلك فسار عن المدينة وخرج صفرونيوس بطريق بيت المقدس إلى عمر بن الخطاب فأعطاه عمر أماناً وكتب لكل كورة كتاباً واحداً ما خلا أهل إيلياء. وهذا نص عهد أهل إيلياء:
بِسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقض منها ولا من حيّزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود. وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوت اللصوص، فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية. شهد على ذلك خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعبد الرحمن بن عوف ومعاوية ابن أبي سفيان وكتب وحضر سنة 15.