الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أرض إسرائيل أو أرض الموعد لم يبرح تاريخها غامضا بعض الشيء لقلة المصادر التي يركن إليها وأكثرها أشبه بتقاليد وأساطير منها بتاريخ. وهكذا يقال فيما عرف من تاريخ وسط هذا القطر وشماله في العهد القديم. وكان أكثر إماراته مستقلا متعاديا شأن الشطر الجنوبي منها. وإذا لم تكن البلاد كما قال بوست تحت حكم
القضاة والملوك حكومة واحدة كثرت فيها التغيرات وتعددت القضاة كشمشون وجدعون ويفتاح إلى أن اجتمعت كلمة شعب إسرائيل على إقامة ملك، ولما انقضى ملك سليمان وقام ابنه رحبعام انقسمت المملكة إلى مملكتين مملكة إسرائيل ومملكة يهوذا، وبعد أن تقلبت الأحوال على هاتين المملكتين أخذتا بالانحطاط إلى أن سبي الآشوريون الإسرائيليين والبابليون يهوذا. وجملة الزمن الذي مضى من ملك داود إلى سبي بابل نحو خمسمائة سنة.
الفراعنة والآشوريون:
كانت الشام بين عاملين بل بين سلطانين قويين العامل، الأول دولة الآشوريين والبابليين إذا قويت إحداهما يمتد سلطانها على الشام أو تكتفي من أهله بالجزية وتجنيد بعضهم. وإذا كانت القوة لفراعنة مصر حكموا الشام أو اقتنعوا من سكانها بالجزية وبعض الجند. وقد ظلت الشام تابعة لمصر وأحيانا كانت تبعيتها اسمية نحو أربعة قرون. فقد فتحها تحوتمس الأول وتحوتمس الثالث، وفي أيام تحوتمس الأول تجلت حدود الشام على الفرات. وظل الشام في حكم الفراعنة إلى عهد رعمسيس الخامس. ولما خلص من المصريين داهمه الآشوريين فاستولوا عليه واعترف الشام كله بسلطة أشور وتجلت سلطة الشام على عهد تغلت فلاسر، وكان المصريون يحتلون بعض القلاع مثل غزة ومجدو تل المتسلم في الداخل وجبيل وصيدا في الساحل على ما ثبت ذلك بالآثار.
كان الفراعنة على الأرجح يداهمون الشام من طريق صحراء التيه والجفار لقلة سفنهم بسبب قلة الأشجار عندهم كما هي قليلة في وادي دجلة والفرات، وربما كان وجود الأشجار في الشام من جملة الأسباب التي حملت
أهل بابل وأشور ومصر على مد سلطانهم على الشام. قال أحد الباحثين: كانت الشام في الألف الثالثة قبل المسيح يقطنها خليط من سكان ساميين وهم العموريون والحثيون وهم
غير ساميين فهجموا على بابل. وفي أوائل الألف الثانية هجم الساميون من سكان الشام وربما كان بإيعاز الحثيين على مصر وحكموها، وهذا العهد هو عهد الرعاة الهيكسوس. وما برح ملوك الأشوريين والكلدانيين في القرون الأخيرة يحسنون صلاتهم مع الفراعنة ويرضون بسلطانهم الضئيل على الشام، حتى ثارت الفتن في مصر فاغتنم ولاة الشام من عمال الفراعنة هذه الفرصة وخرجوا عن الطاعة، وجع أحد رؤساء الحثيين قبائله وأسس دولة قوية الشكمية وقاتل المصريين، فلم يكتب لرعمسيس الأول وستي الأول من الأسرة التاسعة عشرة تقويض دعائم تلك الدولة، بل إن رعمسيس الثاني المعروف عند اليونان باسم سيزوستريس اضطر بعد حرب عشرين سنة إلى الرضا بما وقع وعامل ختساروا أمير الحثيين معاملة الأكفاء والأقران. ومن ذلك الحين زال حكم مصر عن فينيقية والشام الجنوبي وقامت في الشمال دولة مستقلة فاصلة بين مصر وأشور، وكان ذلك في حدود سنة 1350 ق. م. .
ضعفت دولة الحثيين وعادت أشور تقوى بملوكها على الأطراف أمثال سالامنزار وتغلت فلاسر وسنحاريب يغيرون على الشام فيلقى منهم المصائب وكانوا يريدون إخضاعه ليكون لهم مجازا إلى الاستيلاء على تجارة مصر والحبشة وليبيا طرابلس وبرقة والبحر الأحمر والمتوسط. ولما سقطت نينوى سنة 605 ق. م. وفي رواية سنة 612 باستيلاء ملوك المملكة الكنعانية الثانية خضع الشام زمنا قليلا للفراعنة ثم عاد بعد انهزام نيخو وخلفائه إلى سلطة ملوك بابل، وكان العهد الكنعاني عهد الخراب والدمار لأن بخت نصر ملك الكلدان فعل في بيت المقدس 586 ق. م. أفعالا مدهشة من الهمجية وأجلى بني إسرائيل إلى بابل. ولما غلب بخت نصر فرعون مصر على كركميش استولى على كل ما كان لهذا الملك بين النهرين والشام وأخذ أورشليم وسبى بعض أهلها وساق الأسرى إلى بابل من
اليهودية وفينيقية وسورية ومصر. واليهودية اسم جزء من فلسطين سكنه الراجعون من