الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حمص وقنسرين وحلب وديار مضر من الجزيرة وسار إلى بالس ونهبها، وكاتب ابن طولون الخليفة المعتمد في المصير إليه، فمنعه الموفق واشتد الخلاف بين الموفق ولي عهد الخلافة وبين ابن طولون، فخلع ابن طولون الموفق من ولاية العهد في مدينة دمشق وأقبل يلعنه على منابر مصر والشام والموفق يلعنه على منابر العراق وما إليها، وابن طولون يوهم أنه ينصر الخليفة.
وفي سنة 269 غزا الصائفة من ناحية الثغور الشامية خلف الفرغاني عامل ابن طولون، فقتل من الروم بضعة عشر ألفاً وغنم الناس. وبلغ ابن طولون قدوم عرب من الحجاز إلى حوران، فأرسل إلى صحراء أذرعات نحو خمسين ألفاً فتلقاهم الأمير عامر الملقب بالأذرعي بخمسة عشر ألفاً فكسرهم. والأمير عامر هو من نسل الحارث بن هشام المخزومي، الذي أرسله الخليفة الثاني إلى الشام مع أبي عبيدة بن الجراح أميراً على بني مخزوم فسكن ولده حوران وتولوا الأعمال للأمويين، ثم للعباسيين وسموا ببني شهاب نسبة للأمير شهاب المخزومي والي حوران المتوفي سنة 173.
عهد أبي الجيش خمارويه وجيشه:
خلف أحمد بن طولون ابنه أبو الجيش خمارويه، وكان على قدم أبيه في الاستكثار من العَدد والعُدد وترتيب الرواتب الدارة والمشاهرات والجرايات لجيشه وغيره.
وقد بلغ جيشه في الشام ومصر نحو أربعمائة ألف فارس على ما روى بعض أصحاب السير، وهو عدد مبالغ فيه كثيراً والغالب أن جيشه لم يتجاوز المائة ألف، ولا شك أن مثل هذا الجيش، وما يلحقه من الرجالة والمتطوعة تفتح به ممالك الخلافة العباسية كلها. وربما كان جيشه وجيش أبيه من قبله أول جيش جعل على الدوام تحت السلاح.
ولما بايع الجند أبا الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون بعد وفاة أبيه، أمر بقتل أخيه العباس لامتناعه عن مبايعته، وعقد لأبي عبد الله أحمد الواسطي على جيش الشام، وعقد لسعد الأعسر على جيش آخر، وبعث بمراكب
في البحر لتقيم على السواحل الشامية، فنزل الواسطي فلسطين وهو خائف من خمارويه أن يوقع به لأنه كان أشار عليه بقتل أخيه العباس، فكتب إلى أبي أحمد الموفق يصغر أمر خمارويه ويحرضه على المسير إليه، فأقبل من بغداد وانضم إليه إسحاق بن كنداج ومحمد بن أبي الساج، ونزل الرقة فتسلم قنسرين والعواصم وسار إلى شيزر، فقاتل أصحاب خمارويه وهزمهم ودخل دمشق، فخرج خمارويه في جيش عظيم، فالتقى وأحمد ابن الموفق بنهر أبي فُطرس واقتتلا، فانهزم أصحاب خمارويه وكان في سبعين ألفاً وابن الموفق في نحو أربعة آلاف، واحتوى على عسكر خمارويه بما فيه ومضى خمارويه إلى الفسطاط، وأقبل كمين له، عليه سعد الأعسر، ولم يعلم بهزيمة خمارويه فحارب ابن الموفق حتى أزاله عن المعسكر وهزمه اثني عشر ميلاً ومضى إلى دمشق فلم يفتح له، وسار سعد الأعسر والواسطي، فملكا دمشق، وخرج خمارويه من مصر فوصل إلى فلسطين، ثم عاد إلى مصر، ثم خرج سنة 272 فقتل سعداً الأعسر ودخل دمشق.
قال ابن عساكر: وسعد الأعسر ويقال الأعسر التركي ولي إمرة دمشق من قبل أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون 272، ولما قتل في قصر نخلة فيما بين
الرملة وبيت المقدس اضطرب الناس بدمشق. وكان سعد الأعسر قد فتح طريق الشام للحاج، لأن الأعراب كانوا قد تغلبوا على الطريق قبل ولايته، وكان قد بطل الحج من طريق الشام قبل ثلاث سنين، فخرج سعد إلى الأعراب وواقعهم وقتل منهم خلقاً عظيماً وفتح الطريق للحاج، وكانت وقائعهم في المحل المعروف بالقسطل، فأحبه أهل دمشق، واغتموا لقتله، فصاح الناس بدمشق وضجوا في المسجد الأموي ودعوا على من قتله، وافتتن البلد حتى وافاهم أبو الجيش ابن خمارويه فمهد الأمور وبعث إلى طريق الحاج من أصلحها، وفرق في دمشق مالاً عظيماً على الفقراء والمساكين والمستورين وأهل العلم، ومال إليه أهل دمشق وأحبوه. ولما تغلب الأعراب على بعض النواحي وجه