الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولذلك اضطهد الرومان اليهود كثيرا فنالهم في أيام هيرودس من الاضطهاد وإهراق الدماء ما نالهم، وفي أيام فلورس الوالي الروماني لحقهم في كثير من مدن فلسطين ضروب الأذى والقتل. ونكل السوريون باليهود عملا بإشارة الوالي الروماني. وأحرق الرومان أورشليم ودمروا المدن وسبوا اليهود وثار هؤلاء على الرومان سنة 132 فقتل الرومان منهم 580 ألفا وأحرقوا ودمروا تسعمائة قرية عدا الحصون، وأسروا كثيرا منهم بعثوا بهم إلى رومية حتى انقطعت شأفتهم من
فلسطين مدة خمسة عشر قرنا.
قالوا: لما دخل المسلمون أرض اليهودية لم يجدوا يهودا لأن حروب فسباسين وتيطس وتراجان وأدريانوس واضطهادات ملوك النصرانية لم تترك حجرا على حجر من اليهودية السياسية والوثنية، أمعنوا في القضاء عليها وذروا رمادها في الرياح الأربعة، ففقدت في فلسطين جميع التقاليد اليهودية وجماع اليهود الذين تراهم هم من الطراء على فلسطين مؤخرا نزلوها بعد أن بادوا منها مدة خمسة عشر قرنا.
الإيطوريون والنبطيون:
ذكر مومسن في كلامه على الاضطرابات والمنافسات بين الرؤساء في الشام أن المدن الكبرى مثل إنطاكية والسويدية ودمشق هي التي كان ينالها الأذى من جراء ذلك، فيصاب الزراع بزراعتهم، والتجار بتجارتهم البرية والبحرية. ولا يستطيع سكان جبيل وبيروت حماية حقولهم وسفنهم من هجمات الإيطوريين وكانوا استولوا على اللبنانيين الشرقي والغربي ونزلوا فينيقية وجعلوا عين جر عنجر عاصمتهم الأولى، ثم اتخذوا طرابلس عاصمتهم الأخرى، وغدوا يطيلون أيدي التعدي على البر والبحر من حصونهم العالية. ويحاول سكان دمشق أن يدفعوا عن أنفسهم عادية الإيطوريين والبطالسة، وذلك بخضوعهم لملوك القاصية مثل النبطيين واليهود. وتدخل سامسيكراموس وازيوس في إنطاكية في الخلافات المدنية بين الوطنيين فأصبحت هذه المدينة اليونانية عاصمة أمير عربي.
خضع سكان دمشق للنبطيين أصحاب البتراء أو سلع لأنهم أصبحوا
أصحاب الحول والطول في الشام ومصر لما دب فيهما من الضعف نحو سنة 110 إلى 120 ق. م. بالحروب المتأصلة. وقد كان النبط يغيرون على أرض مصر والشام بعصاباتهم فحاربوا الأدوميين وأسسوا ملكا بالبتراء. ولم تبرح دمشق ملكا للنبطيين
والأولى أن يقال: إن هذه المدينة أعطاها كاليجولا الروماني إلى الحارث صاحب البتراء 85 ق. م وتراجع أمر النبطيين بسرعة على عهد مالتوس الثاني نحو سنة 48 إلى 70 ق. م فأضاعوا دمشق. ثم فقد النبطيون استقلالهم في سنة 105 م عقيب حملة كرنيليوس بالما حاكم الشام الذي استولى على البتراء، وأصبحت جرش إلى سنة 162 خاضعة لولاية الشام ثم للبتراء، ثم ضمت فينيقية إلى الشام. وكانت لمملكة النبط القديمة بلدتان مهمتان بصرى والبتراء.
وروى بعضهم أن بومبيوس لما فتح الشام واستولى على دمشق وما جاورها أبقى لهذه العاصمة بعض استقلالها وكذلك لبصرى وجرش وعمان، وبعد فتح البتراء وجعلها ولاية رومانية غدت بصرى عاصمة حوران مقر الفيلق فعمرت الأقاليم وكانت ميدان السلب والنهب من قبل، وازدانت المدن بآثار تدهش خرائبها وأطلالها. وغزا أنطوخيوس النبطيين سنة 132 ق. م فلم ينل منهم ثم حاصرهم ديمتريوس.
كانت مملكة النبط على عهد المكابيين ممتدة بين فلسطين وخليج العقبة ووادي الحجر والبحر الرومي، وهي عبارة عن مملكة أدوم قديما ويسميها اليونان مملكة العرب الحجرية وعاصمتها مدينة سلع أو البتراء في وادي موسى، وسماها بعضهم مدينة الرقيم ظناً منه بأنها مدينة أصحاب الكهف. واسم البتراء أقرب إلى الاسم الذي عرفها به اليونان وإن كانت البتراء على ما ورد من وصفها في كتب العرب هي في أرض الحجاز. قامت هذه الدولة العربية على حين غفلة من دولة البطالسة والسلاقسة في مصر والشام وقوي سلطانها في القرن الثاني قبل الميلاد. ولقب الحارث الثالث نحو سنة 85 بمحب اليونان وهو الذي فتح البقاع سنة 85 واستولى الحارث الرابع على دمشق وفي أيامه حدث المصافُّ الأول بينه وبين الرومان فاضطر الحارث أن يؤدي إليهم الجزية. واضطر النبطيون على عهد
الإمبراطور بومبيوس