الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قومك وسيدهم فاطلب بثأر ابن عمك الوليد بن يزيد. فاستعد مروان بجنوده في تميم وقيس وكنانة وسائر قبائل مضر وسار نحو مدينة دمشق.
ولما بويع يزيد بن الوليد خطب وذكر الوليد بن يزيد فقال على رواية ابن الطقطقي: إن سيرته كانت وكان خبيثة منتهكا لحرمات الله فقتلته ثم قال: أيها الناس إن لكم علي أن لا أضع حجرا فوق حجر، ولا لبنة على لبنة، ولا أكري نهرا، ولا أكنز مالا، ولا أنقل مالا من بلد إلى بلد حتى أسد ثغره، وخصاصة أهله بما يغنيهم، فما فضل منه نقلته إلى البلد الآخر الذي يليه، ولا أغلق بابي دونكم، ولكم أعطياتكم في كل سنة، وأرزاقكم كل شهر، حتى يكون أقصاكم كأدناكم، فإن وفيت لكم ما قلت فعليكم بالسمع والطاعة وحسن المؤازرة، وإن لم أف فلكم أن تخلعوني، إلا أن أتوب، وإن كنتم تعلمون أن أحدا ممن يعرف بالصلاح يعطيكم من نفسه ما قد بذلت لكم، وأردتم أن تبايعوه، فأنا أول من يبايعه معكم، إنه لا طاعة لمخلوق، في معصية الخالق.
وخرج على يزيد بن الوليد بشر بن الوليد بقنسرين وعمر بن الوليد ويزيد بن سليمان بفلسطين، ووجه إلى الأردن أخاه إبراهيم ولي عهده، وقد أمروا عليهم محمد بن عبد الملك فاستمال الثائرين بالمال فتفرقوا، وكانت ولايته خمسة أشهر والفتنة في جميع الملكة عامة، وقتل أهل حمص عاملهم عبد الله بن شجرة الكندي وكانوا انتخبوه واليا على جندهم، ولما توفي يزيد بن الوليد ملك إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك فامتنع أهل حمص من البيعة فجاءهم الجند من دمشق وحاصرهم.
مروان بن محمد:
وقدم مروان بن محمد بن مروان من أرمينية خالعا ليزيد بن الوليد، فلما صار
بحران دعا إلى نفسه فبايع له أهل الجزيرة سراً، وأقبل في جموع من أهل الجزيرة، فلقي بشرا ومسرورا ابني الوليد بن عبد الملك معسكرين بحلب فهزم عسكريهما وأسرهما، ثم مضى حتى أتى حمص، وبلغ إبراهيم الخبر فوجه إليه سليمان بن هشام، وكان سليمان في مائة وعشرين ألفا،
فلقي مروان وكان في ثمانين ألفا ومن معه من أهل الجزيرة وقنسرين وحمص فالتقوا بعين الجر فتناوشوا القتال 127 وانصرف بعضهم عن بعض، فلما كان من الغد انهزم سليمان بن هشام وأصحابه فلحقوا بإبراهيم وأقبل مروان فبايع له أهل دمشق ودخلها فخلع إبراهيم نفسه وبايع لمروان. وقد قتل في وقائع عين جر وما تقدمها وتأخر عنها ثمانية عشر ألف مقاتل. وروى الطبري أنه لما قيل قد دخلت خيل مروان دمشق هرب إبراهيم بن الوليد وتغيب، فأنهب سليمان ما كان في بيت المال وقسمه فيمن معه من الجند، وخرج من المدينة، وثار من فيها من موالي الوليد بن يزيد إلى دار عبد العزيز بن الحجاج فقتلوه، ونبشوا قبر يزيد بن الوليد وصلبوه على باب الجابية، ودخل مروان دمشق فنزل دير العالية من ضواحيها.
ولما ملك مروان بن محمد كتب إلى عمال البلدان فأتته كتبهم بالسمع والطاعة، ولم يلبث إلا ثلاثة أشهر حتى أتاه الخبر أن أهل حمص مقيمون على المعصية، فسار إليهم فحاصرهم حتى فتح المدينة، وقاتل الثائرين وقتل خمسمائة أو ستمائة صلبوا حول مدينة حمص، وهدم من حائطها نحواً من غلوة. وثار أهل الغوطة فولوا عليهم يزيد بن خالد القسري وحصروا دمشق وأميرها زامل بن عمرو، فوجه إليهم مروان من حمص أبا الورد بن الكوثر في عشرة آلاف، فلما دنوا من المدينة خرج عليهم من فيها فانهزموا واستباح أهل مروان عسكرهم وأحرقوا المزة وقرى من اليمانية، وأخذ يزيد بن خالد فقتل، وخرج ثابت بن نعيم الجذامي بناحية الأردن فوجه إليه جيشاً، وكان مروان عند دخوله دمشق ترك لأهل كل جند من
أجناد الشام أن يختاروا عمالهم فوقع اختيارهم على هؤلاء العمال الذين ثاروا بهم بعدُ على مروان، وممن ثار سليمان بن هشام في أهل حمص وقنسرين، وقصد حمص فحصنها فبايعه أصحابه بالخلافة، وخرجوا قاصدين مروان وكمنوا له في طريقه في قرية تعرف بتل مير من عمل معرة النعمان فالتقى العسكران وقتل منهما خلق كثير فانهزم سليمان إلى حمص. فجاء مروان