الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دور الدولة العباسية الأوسط
الإخشيدية والحمدانية والفاطمية 292 - 364
القرامطة والبوادي والخوارج:
اشتدت شوكة القرامطة 289 في الشام جاءوها من المطرق، وهزموا جيش طغج بن جف أمير دمشق للأمويين بوادي القردان والأفاعي ثم حاصروا دمشق فاجتمعت عليهم العساكر وقتلوا مقدمهم يحيى المعروف بالشيخ فقام في القرامطة أخوه الحسين وتسمى بأحمد وأظهر شامة بوجهه زعم أنها آيته فسمي بصاحب الشامة، وكثر جمعه فصالحه أهل دمشق على مال دفعوه، وتقرمط أكثر من حولها من أهل الغوطة وغيرها وعاضدوه، ثم انصرف عن دمشق إلى حمص فغلب عليها وخطبوا له من منابرها وتسمى بالمهدي أمير المؤمنين، ثم سار إلى حماة والمعرة وغيرهما وقتل أهلها حتى الأطفال والنساء وأخذ سلمية بالأمان فبدأ بمن فيها من بني هاشم وكانوا جماعة فقتلهم أجمعين، ثم قتل البهائم وأباد أهل بعلبك، وعندها صحت
جماعة فقتلهم أجمعين، ثم قتل البهائم وأباد أهل بعلبك، وعندها صحت عزيمة الخليفة المكتفي فأرسل من العراق جيشاً، والى الطولونيين فأرسلوا من مصر جيشاً آخر فواقعوهم في كناكر وكوكب، فأصبح القرامطة بين جيشين جيش الطولونيين من أمامهم وجيش الخليفة من ورائهم. وكان من أمر جيش العراق أن وصل من طريق الموصل إلى وادي بطنان قرب حلب وفي جملة قواده أبو الأغر فنزع فيما ذكر جماعة من أصحابه ثيابهم، ودخلوا الوادي يتبردون بمائه، وكان يوماً شديد الحر، فبينما هم كذلك إذ وافى جيش القرمطي فكبسهم على تلك الحالة فقتل منهم خلقاً كثيراً، وانتهب العسكر وأفلت أبو الأغر في جماعة من أصحابه، فدخل حلب وأفلت معه مقدار ألف رجل، وكان في عشرة آلاف بين فارس وراجل، وكان قد ضمّ إليه جماعة ممن كان على باب السلطان من قواد
الفراغنة ورجالهم، فلم يفلت منهم إلا اليسير، ثم صار أصحاب القرمطي إلى باب حلب فحاربهم أبو الأغر ومن بقي معه من أصحابه وأهل البلد، فانصرفوا عنه بما أخذوا من عسكره من الكراع والسلاح والأموال والأمتعة، ومضى المكتفي بمن معه من الجيش حتى انتهى إلى الرقة فنزلها وسرّح الجيوش إلى القرمطي جيشا بعد جيش.
وفي سنة 290 أيضا تحارب القرمطي صاحب الشامة وبدر مولى ابن طولون، فانهزم القرمطي وقتل من أصحابه خلق كثير ومضى من سلم منهم نحو البادية فوجه المكتفي في أثرهم الحسين بن حمدان وغيره من القواد.
وكان المكتفي عهد بإمارة الشام إلى أحمد بن كيغلغ سنة 291 وصار هذا إلى مصر لقتال الخليجي الثائر، فواقعه بالقرب من العريش فانهزم أقبح هزيمة فطمعت القرامطة في دمشق لغيبة ابن كيغلغ عنها، فنهبوا فيها وساعدهم أن بعض السكان دانوا بمذهبهم، ثم سار القرامطة إلى طبرية 293 وقتلوا أكثر أهلها رجالا ونساء وأولادا. وقال المسعودي: إن القرمطي الذي خرج يكنى أبا غانم وقد خرج في جمع من كلب وقوي أمره وكثر أتباعه، فوجه الخليفة إلى القرامطة الحسين بن حمدان بن حمدون فحاربهم إلى أن ظفر بهم وأحضر رأس صاحبهم إلى بغداد، وكان القرمطي في طريقه إلى طبرية مر بمدينتي بصرى وأذرعات
فحارب أهلها ثم أمنهم، فلما استسلموا له قتل مقاتلهم وسبى ذراريهم واستاق أموالهم، ثم نهض إلى دمشق فخرج إليه من كان بقي بها مع صالح بن الفضل خليفة أحمد بم كيغلغ، فقتل صالحا وفض عسكره، ولم يطمع في دمشق إذ دافعهم أهلها عنها.
وبالحزم الذي أظهره المكتفي في قتال القرامطة بالشام وبالجيوش التي سرحها من بغداد وسرحت له من مصر اضمحل أمر الباطنية، ولم يبق لهم أمل في ملك، وانقض عنهم الأعراب والمتلصصة ومن قال بقولهم وشايعهم على قيام أمرهم:
ولولا الحزم لأوشكوا أن ينشئوا لهم ملكا بالشام، كما حاول الزنج في العراق أن ينشئوا لهم دولة لولا قيام الموفق ولي عهد الخلافة العباسية ذلك القيام المحمود في قمع شأفتهم. وكان ادعى القائمون بالقرمطة الشرف وأنهم يمتون بالقرابة إلى آل البيت. قال بعض المؤرخين: إن القرمطي في الشام المكنى أبا القاسم كان ينتمي إلى آل أبي طالب.
وفي سنة 291 سار نائب طرسوس المعروف بغلام زرافة نحو بلاد الروم ففتح مدينة إنطاكية وقتل خمسة آلاف وأسر مثلهم واستنفد من الأسارى خمسة آلاف وأخذ لهم ستين مركبا فحمل فيها ما غنم من الأموال والمتاع والرقيق وقدر نصيب كل رجل ألف دينار فاستبشر المسلمون بذلك. عاث بنو تميم في أعمال حلب وأفسدوا إفسادا عظيما وحاصروا واليها زكا ابن الأعور. فكتب المقتدر بالله إلى الحسين بن حمدان في إنجاد زكا بحلب، فكانت وقعة بين الحسين بن حمدان وأعراب كلب والنمر وأسد وغيرهم 294 فاجتمعوا عليه وهزموه حتى بلغوا به باب حلب ثم أسر منهم وقتل. وفي سنة 298 كان دخول الروم إلى ساحل الشام فافتتح صاحبهم حصن القبة بعد حروب طويلة وعدم مغيث يغيثهم من المسلمين وافتتح مدينة اللاذقية فسبى منها خلقا كثيرا.
ومن أهم الأحداث ما وقع من الهيج بدمشق في زمن وصيف البكتمري الذي ولي إمارة دمشق في أيام المقتدر بعد هلال بن بدر 316 وفي أيامه خلع المقتدر المرة الثانية ثم رجعت إليه الخلافة فطلب الأولياء من