الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إليه وقد طعن أو جرح خلع عليه وأحسن إليه. وكان بكجور شحيحاً فإذا عاد إليه رجل من رجاله على هذه الحال أمر بأن يكتب اسمه لينظر مستأنفا في أمره. فقضى شح بكجور عليه حتى أسلمه إلى خصمه فقتله.
وقد أعطى سعد الدولة سلامة الرشيقي عهدا بالإبقاء على آل بكجور وأموالهم على أن يسلمه حصن الرافعة، وهو بلد متصل بالرقة، فخرجوا منها ومعهم من الأموال والزينة ما كثر في عين سعد الدولة، فإنه كان يشاهدهم من وراء سرادقه، وبين يديه ابن أبي الحصين القاضي. وقال له: ما ظننت أن حال بكجور انتهت إلى ما أراه من هذه الأثقال والأموال. فقال ابن أبي الحصين: إن بكجور وأولاده مماليكك وكل ما ملكه وملكوه فهو لك، لا حرج عليك فيما تأخذه منهم، ولا حنث
في الإيمان التي حلفت بها، ومهما كان من وزر وإثم فعليَّ، فلما سمع هذا القول أصغى إليه، وغدر بهم وقبض جميع ما كان معهم.
قال مسكويه: فما كان أسوأ محضر هذا القاضي الذي حسن لسعد الدولة تسويل الشيطان، وأفتاه بنقض الأيمان، ثم لم يقنع بما زين له من غدره، ولبّس عليه من أمره، حتى تكفل له بحمل وزره، وهل أحد حامل وزر غيره، أما سمع قول الله تعالى في أهل الضلالة:(وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون).
حملة الفاطميين على الحمدانيين واستنجاد هؤلاء
بالروم:
مات سعد الدولة فقام بعده ابنه أبو الفضائل ووصيه لؤلؤ فأخذ هذا العهد على الأجناد لأبي الفضائل، وتراجعت العساكر إلى حلب، فرأى العزيز أن الوقت قد حان لاستصفاء الشام بأسرها وإنقاذها من هذا التذبذب بين الدولتين، جنوبها للعزيز وشمالها للحمدانيين، ولا يفتأ كل فريق يدس للآخر، فسير جيشا كثيفا على حلب وعليه منجوتكين أنفق عليه ألف ألف دينار ونيفا، فلما وصل إلى دمشق تلقاه أهلها وقوادها وعساكر الشام كلها، فأقام بها مدة ثم رحل إلى حلب. قال ابن ميسر:
بل كانت بينه وبين أهل دمشق حروب آلت إلى ظفره. وقد استعد واحتشد ونزلها في ثلاثين ألف رجل، وتحصن بها أبو الفضائل ولؤلؤ.
ووقع القتال بين منجوتكين والحمدانية على أفامية فانهزم الحمدانية 382 وقتل وأسر جماعة منهم، ونزل منجوتكين على حلب ووقع الحرب في جميع جوانب المدينة ودخل إلى أعمال الروم بسبب اعتقال البرجي لرسوله، ونزل على حصن عم ضيعة البرجي في بلد أرتاح فقاتله وفتحه وسبى وقتل وسار إلى إنطاكية
فرشقه الإنطاكيون بالنشاب وعاد منجوتكين إلى منازلة حلب وراجع القتال. وعصى المسلمون في اللاذقية فسار البرجي إليهم وسباه وحملهم إلى الروم، وعاد منجوتكين من دمشق ونزل على أفامية فسلمها إليه وفاء خادم سيف الدولة 383 ورحل إلى شيزر وقاتلها وتسلمها من سوسن غلام سعد الدولة وعاد إلى منازلة حلب.
وكان أبو الفضائل كتب إلى بسيل ملك الروم يستنجده وهو يقاتل البلغار، فأرسل بسيل إلى نائبه بإنطاكية ميخائيل البرجي يأمره بإنجاد أبي الفضائل؛ فسار في خمسين ألفا حتى نزل على الجسر الحديد بالعاصي، فلما سمع منجوتكين الخبر سار إلى الروم ليلقاهم قبل اجتماعهم بأبي الفضائل، وعبر إليهم العاصي وأوقع بالروم فهزمهم وولوا الأدبار إلى إنطاكية وكثر القتل فيهم، وجمع من رؤوس قتلاهم نحو عشرة آلاف رأس وحملت إلى مصر. قال الإنطاكي: قتل من الروم في هذه الوقعة التي دعيت بوقعة المخاضة 384 زهاء خمسة آلاف ويمم منجوتكين إلى إنطاكية ونهب رساتيقها وأحرقها، وكان وقت إدراك الغلة فأنفذ لؤلؤاً وأحرق ما يقارب حلب منها إضرارا بالعسكر المصري. وعاد منجوتكين إلى حلب فحصرها وأقام عليها ثلاثة عشر شهرا. فقلت الأقوات فيها وعاد صاحب حلب إلى مراسلة ملك الروم والاعتضاد به، فلما قلت الأقوات إلى العزيز على نفسه أن يمد عسكره بالميرة من غلات مصر، فحمل مائة ألف تلّيس في