المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وخطب للقائم العباسي، وبدأ ظل الدولة الفاطمية يتقلص، وكان الحامل - خطط الشام - جـ ١

[محمد كرد علي]

فهرس الكتاب

- ‌صدر الخطط

- ‌تقويم الشام

- ‌تعريف الشام للأقدمين:

- ‌معنى الشام وجمعه:

- ‌حد الشام قديما:

- ‌حقيقة حد الشام:

- ‌حدوده مع مصر:

- ‌مساحة الشام وصورته:

- ‌مدخل الفاتحين إلى الشام:

- ‌مدن الشام وقراه:

- ‌طبيعة الشام:

- ‌خيرات الشام:

- ‌هواء الشام وماؤه:

- ‌خصائص الشام:

- ‌سكان الشام

- ‌الأمو واللودانو:

- ‌الآراميون والعناصر الأخرى:

- ‌العناصر القديمة والعرب:

- ‌دول العرب الأقدمين:

- ‌سليح وغسان والضجاعم:

- ‌التنوخيون:

- ‌المهاجرات والايطوريون:

- ‌سليح وعاملة وقضاعة:

- ‌لخم، جذام، عاملة، ذبيان، كلب:

- ‌جهينة، القين، بهراء، تنوخ:

- ‌إياد وطييء وكندة وحمير وعذرة وزبيد وهمدان

- ‌ويحصب وقيس:

- ‌الفرس والزط:

- ‌الأخلاط والسامرة وجذام وعذرة ونهد وجرم والأزد:

- ‌قيس ويمن وإحصاء السكان:

- ‌المردة والجراجمة والأرمن والروم والموارنة:

- ‌التركمان والأتراك والأكراد والشركس وغيرهم:

- ‌المهاجرون والمحدثون اليهود والأرمن:

- ‌عوامل النمو:

- ‌العرب في الشام والاختلاط:

- ‌لغات الشام

- ‌اللغة الآرامية والسريانيية والعبرانية والفينيقية

- ‌والعربية:

- ‌البابلية والكنعانية والكلدانية:

- ‌الحثية والآرية واليونانية واللاتينية:

- ‌تنازع السريانية مع العربية:

- ‌رأي رنان:

- ‌آراء أخرى:

- ‌انتشار العربية:

- ‌العربية لغة كاملة وفصاحة الشام:

- ‌كيف انتشرت العربية:

- ‌اللغة الصفوية:

- ‌الصليبيون ولغاتهم والعربية ولبنان:

- ‌اللغة التركية:

- ‌السواد الأعظم والعربية:

- ‌رسوخ اللغة:

- ‌الشاميون أمة واحدة لسانهم العربية فقط:

- ‌تاريخ الشام قبل الإسلام

- ‌أول شعب غزا الشام والحثيون والكنعانيون:

- ‌تعدد الحكام والحكومات:

- ‌الفراعنة والآشوريون:

- ‌الفينيقيون واستقلالهم التجاري:

- ‌حروب الفرس والإسكندر:

- ‌دولة السلاقسة وملك الأرمن:

- ‌دولة الرومان:

- ‌مملكة يهودا وانقراض اليهود:

- ‌الإيطوريون والنبطيون:

- ‌دولة تدمر:

- ‌زينب أو زنوبيا أو الزباء:

- ‌آخر عهد الرومانيين وسياستهم:

- ‌بنو غسان والعرب في الشام:

- ‌الشام في الإسلام

- ‌من سنة 5 إلى سنة 18 للهجرة

- ‌حالة الشام قبيل الفتح:

- ‌صلح دومة الجندل وغزوة ذات السلاس ومؤتة

- ‌والجرباء وأذرح ومقنا وجيش أسامة:

- ‌جيوش العرب وجيوش الروم نصيحة أبي بكر

- ‌الصديق لقواده:

- ‌مبدأ الحرب بين العرب والروم:

- ‌وقعة اليرموك:

- ‌فتح فِحل وأجْنَادين وَبيْسان:

- ‌الأردن وفلسطين وجبل اللكام:

- ‌فتح دمشق والأحكام العسكرية:

- ‌فتح حمص وشيزر والمعرة وبعلبك وصيدا وبيروت

- ‌وجبيل وعرقة:

- ‌قنسرين وحلب وإنطاكية وكور الشمال:

- ‌وقعة مرج الروم وقيسارية:

- ‌سر نجاح المسلمين وقتال نسائهم يوم اليرموك:

- ‌وداع صاحب الروم وآخر سهم في كنانتهم:

- ‌منزلة أبي عبيدة وبعد نظر عمر:

- ‌الدولة الأموية

- ‌من سنة 18 إلى 177

- ‌إمارة معاوية بن أبي سفيان:

- ‌مقتل عثمان بن عفان:

- ‌آمال علي بن أبي طالب في الخلافة:

- ‌ عثمان

- ‌اتفاق معاوية وعمرو بن العاص على المطالبة بدم

- ‌حرب صِفّين:

- ‌صلح الحسن مع معاوية:

- ‌خلافة يزيد ورأي ابن خلدون:

- ‌غزوات معاوية وأعماله ووصيته:

- ‌خلافة يزيد ومقتل الحسين ووقعة الحرة:

- ‌عهد معاوية الصغير:

- ‌قيام ابن الزبير وخلافة مروان بن الحكم ووقعة مرج

- ‌راهط:

- ‌خلافة عبد الملك بن مروان:

- ‌الجراجمة والمردة في جبل لبنان:

- ‌عهد الوليد:

- ‌سليمان بن عبد الملك:

- ‌عهد عمر بن عبد العزيز وسيرته:

- ‌يزيد بن عبد الملك وهشام والوليد بن يزيد:

- ‌يزيد بن الوليد:

- ‌مروان بن محمد:

- ‌إدبار الأمويين:

- ‌دولة بني مروان وحسناتها:

- ‌قواد الأمويين وأسباب انقراضهم:

- ‌دور الدولة العباسية

- ‌إلى ظهور الدولة الطولونية من سنة 132 - 254ه

- ‌مبدأ الدعوة العباسية:

- ‌فتح العباسيين عاصمة الأمويين:

- ‌فتح فلسطين وإهلاك رجال الأمويين:

- ‌انتقاض الجنوب والشمال والاعتقاد بالسفياني:

- ‌انتقاض العباسيين على أنفسهم:

- ‌نزع اللبنانيين والفلسطينيين طاعة العباسيين:

- ‌قيس ويمن والفتن الداخلية والخارجية:

- ‌الحمصيون وفتنة السفياني:

- ‌فتنة نصر بن شبث:

- ‌المأمون وحكمه على قيس ويمن:

- ‌سبب تباغض النزارية واليمانية وحكمة حكيم:

- ‌قيس ويمن وفتنة المبرقع:

- ‌فتن أهلية وعصبيات حمصية ولبنانية ودمشقية

- ‌وفلسطينية ومعرية:

- ‌الحكم على الدور الأول للعباسيين:

- ‌ظهور الدولة الطولونية وانقراضها

- ‌من سنة 254 إلى 292

- ‌بداية الطولونيين:

- ‌أحمد بن طولون وسيما الطويل وأحداث أخرى:

- ‌عهد أبي الجيش خمارويه وجيشه:

- ‌عهد جيش بن خمارويه وظهور القرامطة الطولونية:

- ‌دور الدولة العباسية الأوسط

- ‌الإخشيدية والحمدانية والفاطمية 292 - 364

- ‌القرامطة والبوادي والخوارج:

- ‌الدولة الإخشيدية:

- ‌الدولة الحمدانية:

- ‌مغازي سيف الدولة:

- ‌محاسن سيف الدولة ومقابحه:

- ‌ابتداء الدولة الفاطمية:

- ‌دور الفاطميين

- ‌من سنة 364 - 394

- ‌الدول الثلاث وغزوات الروم:

- ‌تجاذب السلطة بين العباسيين والفاطميين:

- ‌سوء حالة دمشق واضطراب الأحكام المصرية:

- ‌خوارج على دولة الجنوب ودولة الشمال:

- ‌حملة الفاطميين على الحمدانيين واستنجاد هؤلاء

- ‌بالروم:

- ‌الخوارج على الفاطميين واستنجاد أمراء المسلمين

- ‌بالروم:

- ‌تتمة دور الفاطميين من سنة 394 - 463

- ‌خوارج ومذاهب جديدة وفتن:

- ‌تقسيم الأقاليم بين القبائل ودولة بني مرداس:

- ‌آخرة الفاطميين:

- ‌دور السلجوقيين

- ‌من سنة 463 - 490

- ‌أصل السلجوقيين والتركمان والفتح السلجوقي:

- ‌فتح دمشق:

- ‌أول جمهورية عربية ومقتل آخر أمير عربي:

- ‌تنازع السلجوقيين والفاطميين وانقسام السلجوقيين:

- ‌الدولة الأتابكية وطغتكين وبنو أرتق:

- ‌الحروب الصليبية

- ‌من سنة 490 - 500

- ‌الحملة الصليبية الأولى:

- ‌الصليبيون في شمالي الشام:

- ‌فتح الصليبيين القدس والساحل:

- ‌تخاذل أمراء المسلمين وبلاد طغتكين وابن عمار:

- ‌حرب طغتكين للصليبيين:

- ‌حروب الصليبيين ودولة طغتكين

- ‌وبقايا السلجوقيين من سنة 500 إلى 522

- ‌هدنة طغتكين للصليبيين وشدته عليهم:

- ‌اجتماع كلمة أمراء المسلمين وإنجاد بغداد الشام:

- ‌غارات المسلمين وغارات الصليبيين:

- ‌بقية الغارات:

- ‌مزايا حكم طغتكين:

- ‌مؤاخذة الفاطميين وتوقيف سير الفرنج:

الفصل: وخطب للقائم العباسي، وبدأ ظل الدولة الفاطمية يتقلص، وكان الحامل

وخطب للقائم العباسي، وبدأ ظل الدولة الفاطمية يتقلص، وكان الحامل لآلب أرسلان على فتح الشام أن ناصر الدولة بن حمدان الحاكم المتحكم في الدولة المصرية أرسل يسأله أن يسير له عسكراً من

قبله ليقيم الدعوة العباسية وتكون مصر له، فتجهز آلب أرسلان من خراسان في عساكر جمة، وكان جيشه فيما قيل لا يقل عن أربعمائة ألف.

وخلف آلب أرسلان في الشام طائفة من عسكره فجمع أتسز بن اوق من أمراء السلجوقيين الأتراك الغز، وسار إلى فلسطين ففتح الرملة، وسار منها إلى بيت المقدس وحصره، وفيه عسكر المصريين ففتحه، وملك ما يجاوره ما عدا عسقلان، وقصد دمشق فحصرها وتابع نهب أعمالها حتى خربها وقطع الميرة عنها، فضاق الأمر بسكانها فصبروا ولم يمكنوه من ملك البلد فعاد عنه، وأدام قصد أعماله وتخريبها كل سنة حتى قلّت الأقوات عندهم، فكان يأخذ الغلات عند إدراكها فيقوى بها هو وعسكره ويضعف أهل دمشق وجندها.

ولما ملك السلطان ملكشاه بن آلب أرسلان 465 سير أخاه تاج الدولة تتش إلى الشام، وقرر معه فتح ديار مصر والمغرب واستخلاصهما من العلويين، وأمر مملوكيه بزان صاحب الرّهما وآق سنقر صاحب حلب أن يطيعاه على هذا الغرض. وكان ملكشاه الملقب بالسلطان العادل وأبوه آلب أرسلان من قبل المثل السائر في آل سلجوق بعدلهما، ولم يكن للخليفة العباسي معهما سلطان في الحقيقة، على نحو ما كان العباسيون في الدهر السالف مع سلاطين بني بويه الأعاجم. عرفت الشام ذلك وكان مما يفتح القلوب لحكم السلجوقيين أنهم من أهل السنة يخطبون بأسم بني العباس. وجميع هذه المزايا كانت مفقودة في الدولة العلوية المصرية.

‌فتح دمشق:

وفي سنة 467 حاصر السلاجقة ثغر عكا وقتلوا واليها وساروا عنها إلى طبرية، وسار أتسز إلى دمشق فحصرها وأميرها المعلى بن حيدرة من قبل الخليفة المستنصر ولم يقدر عليها فانصرف عنها، وكان المعلى أساء

ص: 236

السيرة مع الجند

والرعية وظلمهم، فكثر الدعاء عليه وثار به العسكر، وأعانهم العامة فهرب منها، فخرجت دمشق وأعمالها وجلا عنها أهلها، وهان عليهم مفارقة أملاكهم وسلوهم عن أوطانهم، بما عانوه من ظلمه، وخلت الأماكن من قاطنيها، والغوطة من فلاحيها. ولما رحل المعلى عن دمشق اجتمعت المصامدة الفاطميون وولوا عليهم انتصار بن يحيى المصمودي وغلت بها الأسعار حتى أكل الناس بعضهم بعضاً، ووقع الخلاف بين المصامدة وأحداث البلد، وعرف أتسز ذلك فعاد إلى دمشق فحصرها، فعدمت الأقوات وبيعت غرارة القمح إذا وجدت بأكثر من عشرين ديناراً، فسلموها إليه بالأمان وخطب بها للخليفة العباسي، وكان آخر ما خطب فيها للعلويين المصريين. وتغلب على أكثر الشام ومنع الأذان بحي على خير العمل، ففرح أهلها فرحاً عظيماً، وظلم أهلها وأساء السيرة فيهم.

قال ابن عساكر: إن أتسز التركماني لما دخل دمشق وكان حاصرها دفعات، أنزل جنوده دور الدمشقيين، واعتقل من وجوههم جماعة، وشمسهم بمرج راهط حتى افتدوا نفوسهم بمال أدوه له، ورحل جماعة منهم عن البلد إلى طرابلس إلى أن أريحوا منه بعد. وقال ابن الأكفاني: نزل أتسز محاصراً لدمشق ثم انصرف عنها، ثم عاد إلى منازلتها، ثم رحل عنها، ثم رجع إليها فحاصرها، ثم إنه فتح البلد صلحاً، ودخلها هو وعسكره سنة 468 وسكن دار الإمارة وخطب بها للمقتدي العباسي، وكتب إليه يذكر له تسليمها إليه، وغلو الأسعار بها، وموت أهلها، وأن غرارة القمح بيعت بمائتي دينار مما لم يعهد مثله. وأن أتسز نظر في أمور دمشق بما يعود بصلاح أعمالها، وأطلق لفلاحي المرج والغوطة الغلات للزراعات فصلحت الأحوال ورخصت الأسعار.

ولما فتح أتسز دمشق وأقام الخطبة العباسية طمعت نفسه في ملك مصر، فسار 469 من دمشق فيمن استطاع من الأحداث والجند ورجع خائباً بعد أن قتل من

جنده جملة كثيرة جداً، ثم أقام بدمشق وجاءه التركمان من الروم ولم يستخدم غيرهم، وعصى عليه الشام وأعيدت خطبة صاحب

ص: 237

مصر في جميع الشام، قام بذلك المصامدة والسودان. وكان أتسز وأصحابه تركوا أموالهم بالقدس، فوثب القاضي والشهود ومن بالقدس على أموالهم ونسائهم فنهبوها واستعبدوا الأحرار، فخرج من دمشق فيمن انضوى إليه، ودخل القدس فقتل ثلاثة آلاف إنسان، واحتمى قوم بالصخرة والجامع فقرر عليهم الأموال لأنه لم يقتلهم وأخذ مالا كثيرا، وسار إلى الرملة فلم ير فيها من أهلها أحدا، فجاء إلى غزة وقتل كل من فيها فلم يدع بها عينا تطرف، وجاء إلى العريش فأقام فيه وبعث سرية فنهبت الريف وعادت، ثم مضى إلى يافا فحصرها وهدم سورها، ثم عاد إلى دمشق ولم يبق من أهلها عشر العشر من الجوع والفاقة، بل لم يبق من أهلها سوى ثلاثة آلاف إنسان بعد خمسمائة ألف أفناهم الوباء والغلاء والجلاء. وكان بها مائتان وأربعون خبازا فصار بها خبازان والأسواق خالية، والدار التي كانت تساوي ثلاثة آلاف دينار ينادي عليها بعشرة دنانير فلا يشتريها أحد، والدكان الذي كان يساوي ألف دينار ما يشترى بدينار، وأكلت الكلاب والسنانير والفيران، وكان الناس يقفون في الأزقة الضيقة فيأخذون المجتازين فيذبحونهم ويشوونهم.

وعاد الفاطميون يحاولون فتح دمشق وعليهم ناصر الدولة الجيوشي فحاصروها مدة 471 وترحلوا، ثم حاصروها مرة ثانية واستولوا على أعمالها وأعمال فلسطين، فاضطر صاحبها أتسز إلى الاستنصار بتاج الدولة، فلما عرف ناصر الدولة الخبر رحل عن دمشق وقصد الساحل. وكان ثغرا صور وطرابلس في أيدي قاضييهما قد تغلبا عليهما، ولا طاعة عندهما لأمير الجيوش الفاطمي، ويصانعان الأتراك بالهدايا والألطاف. ووصل تاج الدولة إلى عذراء في عسكره لإنجاد دمشق فخرج أتسز إليه وخدمه ثم قبض عليه وقتله وملك تاج الدولة

دمشق، واستقام له الأمر وأحسن السيرة في أهلها بالضد من فعل أتسز وملك أعمال فلسطين، ثم قصد حلب وملك حصن بزاعة 470 وقتل جميع من فيه، وملك البيرة وأحرق ربض عزاز وغيرها من الحصون مع ما غلب عليه من القلاع المجاورة.

ص: 238