الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إمبراطورا على جميع أنحاء المشرق أي على الشام والجزيرة وآسيا الصغرى خلا بعض نواح في الشام، ودعي ملك الروم. وأول ما سعى له القضاء على الاضطهاد الذي أصاب النصارى في بعض مدن الشام كإنطاكية وحمص ودمشق وقيسارية، فأطلق الحرية الدينية لكل الطوائف، وأوعز إلى الوثنيين ألا يتعرضوا للنصارى في قضاء فروض عبادتهم، ورخص لهم في إقامة البيع والكنائس، وأدب العصاة من بقايا جيوش كاليستوس وكانوا انتشروا في الأرجاء وعكروا صفوها باعتداءاتهم. وقاتل ملك الفرس مرة ثالثة وظفر به ثم قُتل بيد ابن أخيه مَعَنَّى مع ابنه هيروديس وبويع لمعنى. إلا أن أهالي حمص ثاروا به بعد أيام وقتلوه.
زينب أو زنوبيا أو الزباء:
وكانت زينب أو الزباء أو زنوبيا زوجة أُذينة الثاني، فولدت له ثلاثة أولاد أكبرهم وَهْبَلات ثم خَيْران ثم تيم الله، فلما قتل أُذينة أخذت زوجته بأزمة الملك بالنيابة عن وهبلات بكرها، وكان لها مجلس شيوخ ترجع إلى رأيه ولها من الحلم وحسن الإدارة والسياسة والكرم ما عدت به من أعظم الملوك والملكات. وكانت نفسها تحدثها على ما يقال بالاستيلاء على المملكة الرومانية. وعقدت مع سابور ملك الفرس معاهدة وكان يخشى بأسها. وغصت عاصمتها بأجناس الشعوب والعناصر وكان سوادهم الأعظم من العرب والنبط.
وكان بنو السميدع يسكنون بادية الشام في أوائل النصرانية ولهم دولة في تدمر ونواحيها، كما كانت دولة النبطيين في شرقي جنوب الشام. فظهر بنو غسان بعد
خراب سد مأرب وسيل العرم، واستولوا على أرجاء فلسطين ودمشق، وكانت سبقتهم قبيلة بني سليح من قضاعة وسكنت البلقاء فانتشروا في القطر أواخر القرن الثاني للمسيح. وفي خلال تلك المدة قدمت فرقة من بني لخم إلى جنوبي فلسطين وامتدوا في غربي بحيرة لوط، وبرز قوم من مضر يعرفون ببني كلب امتدوا من أنحاء الحجاز إلى جنوبي الشام
ونزلوا في جوار دومة الجندل الجوف فأذعنت بقايا هذه القبائل لزينب فاستأجرتهم وأدخلتهم في جملة جيشها. وخاف غاليانس قيصر عادية زينب وقد أصبحت محبوبة من الشعوب فوجه جيشاً لقتالها فغلبه جيشها وانهزم فلُّ الجيش الروماني. ثم حدثتها نفسها أن تستولي على مملكة بيثينية فقهرتها وبلغت خلقيدونة فدعا سكانها القيصر اوريليانس إلى نصرتهم ففاجأ التدمريين في بيثينية نحو 271 - 272 فطردهم عنها، ثم واصل فتوحاته فتغلب على غلاطية وقبادوقية حتى بلغ مدينة أنقرة ففتحت له أبوابها.
وكانت زينب في سنة 271 أمدت عاملها فيرموس على مصر بالقائد زبدا لصد هجمات الرومان الذين قدموا مصر بقيادة بروبس، فنشب بين الفريقين قتال انهزم فيه التدمريون تاركين مصر إلى الأبد، وعاد زبدا مع بقايا عسكره. وكانت زينب أعدت جيوشها لمقاتلة الرومان وقسمتها ثلاثة أقسام بقيادة زبدا وزباي. وجهت القسم الأول إلى طريق حلب، والثاني إلى طريق حمص، والثالث إلى القريتين وهي تتقدمهم بنفسها. وجاءها جيش الرومان من الشمال ففتحوا مدينة طيانة ومدائن جبال طوروس حتى قربوا من إنطاكية، فأمرت زينب قوادها أن يناوشوا الرومان القتال فشتت عساكرها عسكر الرومان في الوقعة الأولى، ثم ارتد عسكر الرومان على التدمريين فكسروهم، فملك اوريليانوس إنطاكية وذهبت زينب إلى حمص فتأثرها الجيش الروماني ففتح في طريقه عدة مدن على ضفة العاصي مثل أفاميا وشيزر لاريسا والرستن وبلغ ربض حمص.
واستعدت زينب لقتال القائد الروماني في سبعين ألفاً، وكان عدد جيشه أقلَّ من جيشها إلا أنه أكثر مراناً على الحرب وأسرع في الكر والفر. فانكسر جيش زينب كسرةً عظيمة واستولى على حمص. فلم يسع زينب إلا أن تسرع إلى تدمر للدفاع عنها، وخف اوريليانس إلى حصار تدمر. وتخلى عن نصرتها حلفاؤها من الفرس والأرمن والعرب ثم وقعت زينب في قبضة القيصر الروماني، وفتح التدمريون أبواب مدينتهم للرومان في أول سنة 273، فوضع أوريليانس حامية قليلة وأخذ معه زينب وأسرى التدمريين إلى آسيا الصغرى، فبلغه في طريقه إلى رومية أن التدمريين ثاروا