المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌3 - الجانب السياسي والحضاري من تاريخ الأمة الإسلامية: - دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه - جـ ٢

[إسحاق السعدي]

فهرس الكتاب

- ‌الربانية وموقف المستشرقين منها

- ‌تمهيد

- ‌مفهوم الربانيَّة

- ‌أ- معنى الربانية لغة:

- ‌ب- معنى الرَّبَّانيَّة اصطلاحًا:

- ‌القرآن الكريم المصدر الأساس لربانية تميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة

- ‌أ- تعريف القرآن الكريم وأشهر أسمائه:

- ‌ب- مصدر القرآن الحريم ونصه:

- ‌السنة الشريفة ومنزلتها من القرآن الكريم

- ‌أولًا: تعريف السنة:

- ‌ثانيًا: منزلة السُّنَّة من القرآن الكريم:

- ‌موقف المستشرقين من خصيصة الربَّانيَّة

- ‌أولًا: أقوالهم في القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: أقوالهم في السنة النبوية والسيرة النبوية:

- ‌العالمية وموقف المستشرقين منها

- ‌تمهيد

- ‌مفهوم العالمية

- ‌أ- تعريف العالميَّة لغة:

- ‌ب- تعريف العالميَّة في الاصطلاح:

- ‌دلائل عالمية الإسلام من الكتاب والسنة، ووقائع السيرة النبوية، وأحداث التاريخ الإسلامي

- ‌أولًا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: وأمَّا في السنة النبوية:

- ‌دلائل عالمية الأُمَّة الإسلاميَّة، من العقيدة والنظم

- ‌موقف المستشرقين من خصيصة العالَمِيَّة

- ‌أولًا: موقف المنكرين لخصيصة العالَمِيَّة وأدلة إنكارهم مع الرد عليها:

- ‌ثانيًا: موقف من نفى خصيصة العالمية من حيد حونها من المبادئ التي تميزت بها الأُمَّة الإسلاميَّة على الرغم من الإقرار بها تاريخيًّا بسبب ما أفضى إليها تطور الأمَّة، وتدل على هذا الموقف آراء بعض المستشرقين، كما يتضح مِمَّا يأتي:

- ‌ثالثًا: موقف المتشككين في عالمية الإسلام:

- ‌الوسطية وموقف المستشرقين منها

- ‌تمهيد

- ‌مفهوم الوسطية

- ‌أ- الوسطيَّة في اللغة:

- ‌ب- أمَّا عن معانيها

- ‌وسطية الأُمَّة في مجال العقيدة والعبادة

- ‌أولًا: في الجانب العقدي:

- ‌ثانيًا: في جانب العبادة:

- ‌وسطية الأُمَّة في مجال التشريع والأخلاق

- ‌أولًا: في مجال التشريع:

- ‌ثانيًا: في مجال الأخلاق:

- ‌موقف المستشرقين من خصيصة الوسطية

- ‌وفيما يأتي بعض النماذج على ذلك:

- ‌ومن الأمثلة على ذلك ما ذكره بعض المستشرقين عن هذه الوسطية:

- ‌الإيجابية الخيرة وموقف المستشرقين منها

- ‌تمهيد

- ‌مفهوم الإيجابية الخيرة

- ‌أ- المسارعة:

- ‌ب- السبق:

- ‌جوانب مفهوم إيجابية الأمة الإسلامية

- ‌موقف المستشرقين من خصيصة إيجابيَّة الأُمَّة الإسلاميَّة

- ‌النموذج الأول:

- ‌النموذج الثاني:

- ‌تحقيق العبودية للَّه وموقف المستشرقين منها

- ‌تمهيد

- ‌مفهوم العبادة، ومقتضياتها

- ‌أ- العبادة في اللغة:

- ‌ب- العبادة في الاصطلاح:

- ‌ج- مقتضيات العبادة في الإسلام:

- ‌أنواع العبادة وصورها

- ‌ومن العبادات الاعتقاديَّة:

- ‌ومن العبادات القلبيَّة:

- ‌ومن العبادات اللفظيَّة:

- ‌ومن العبادات البدنيَّة:

- ‌أمَّا العبادات الماليَّة:

- ‌روح العبادة وأسرارها

- ‌آثار العبادة في الفرد وفي الأُمّة

- ‌أولًا: الصلاة:

- ‌ثانيًا: الزكاة:

- ‌ثالثًا: الصوم:

- ‌رابعًا: الحج:

- ‌موقف المستشرقين من قضية العبودية للَّه

- ‌ويعالج هذا في نقطتين بارزتين:

- ‌فمن أقوال المستشرقين وآرائهم:

- ‌أمَّا الرد على أقوالهم وآرائهم فستتركز في النقاط الآتية:

- ‌ولعل مِمَّا يدلُّ على صحة هذا الفهم والتفسير ما يأتي:

- ‌تحقيق الاستخلاف وموقف المستشرقين منها

- ‌تمهيد

- ‌مفهوم الاستخلاف وأهميته

- ‌أ- معنى الاستخلاف في اللغة:

- ‌ب- مفهوم الاستخلاف عند بعض المفسرين والعلماء والباحثين:

- ‌ج- تعريف الاستخلاف في الاصطلاح:

- ‌د- أهمية الاستخلاف:

- ‌مقومات الاستخلاف بعامّة

- ‌أولًا: العلم:

- ‌ثانيًا: التسخير:

- ‌مقومات استخلاف الأمَّة الإسلامية بخاصة

- ‌أولًا: العلم:

- ‌ثانيًا: التسخير:

- ‌موقف المستشرقين من قضية استخلاف الأُمَّة الإسلاميَّة

- ‌وسيلة اللغة العربية وموقف المستشرقين منها

- ‌مكانة اللغة العربيَّة وارتباطها بالإسلام

- ‌موقف المستشرقين من اللغة العربيَّة

- ‌الرد على الشبهة الأولى:

- ‌الرد على الشبهة الثانية:

- ‌الرد على الشبهة الثالثة:

- ‌الرد على الشبهة الرابعة:

- ‌وسيلة تاريخ الإسلام وحضارته وموقف المستشرقين منه

- ‌تمهيد

- ‌الالتزام بالإسلام والاعتزاز به

- ‌أ- أمَّا في المفاهيم

- ‌ب- الالتزام بالإسلام والاعتزاز به في المناهج

- ‌1 - السببيَّة:

- ‌2 - القانونية التاريخيَّة:

- ‌3 - منهج البحث الحسي (التجريبي):

- ‌جـ- الالتزام بالإسلام والاعتزاز به من خلال المواقف

- ‌الوعي الثقافي الشامل

- ‌الناحية الأولى:

- ‌الناحية الثانية:

- ‌التعاون والتكامل

- ‌الدعوة والجهاد

- ‌1 - الجهاد التربوي:

- ‌2 - الجهاد التنظيمي:

- ‌3 الجهاد العسكري:

- ‌موقف المستشرقين من تاريخ الإسلام وحضارته

- ‌أولًا: نقد بعض المستشرقين للمنهج الاستشراقي:

- ‌ثانيًا: نقد بعض المفكرين والباحثين من العرب والمسلمين للمنهج الاستشراقي:

- ‌ثالثًا: نماذج لأهم القضايا التي تطرقت إليها دراسات المستشرقين لتاريخ الإسلام وحضارته:

- ‌1 - الدعوة والجهاد

- ‌2 - العادات والتقاليد:

- ‌3 - الجانب السياسي والحضاري من تاريخ الأُمَّة الإسلاميَّة:

- ‌رابعًا: استخلاص موازين البحث عند المستشرقين:

- ‌مبحث ختامي

- ‌تقويم الحركة الاستشراقية ومنهج الإسلام في مواجهتها

- ‌أساليب مواجهة تحدي الاستشراق والمستشرقين ووسائلها

- ‌الخاتمة

- ‌1 - في ضوء الدراسة التأصيلية لتميز الأُمَّة الإسلاميَّة، تبين الآتي:

- ‌أ- عقيدة التوحيد

- ‌ب- الشريعة الإسلاميَّة الغراء

- ‌ج- الأخُوَّة الإسلاميَّة ووحدة الأمَّة

- ‌د- الخصائص التي تفرد بها تَمَيُّز الأمَّة الإسلاميَّة؛ وأهمها:

- ‌هـ - أهداف تَمَيُّز الأمَّة الإسلاميَّة

- ‌و- وسائل تَمَيُّز الأُمَّة الإسلاميَّة

- ‌2 - وفي ضوء الدراسة النقديَّة لموقف المستشرقين من تَمَيُّز الأُمَّة الإسلاميَّة، تبين الآتي:

- ‌المصادر والمراجع

- ‌نبذة تعريفية الإدارة العامة للأوقاف

الفصل: ‌3 - الجانب السياسي والحضاري من تاريخ الأمة الإسلامية:

‌3 - الجانب السياسي والحضاري من تاريخ الأُمَّة الإسلاميَّة:

انطلق المستشرقون في دراستهم للجانب السياسي من تاريخ الأُمَّة الإسلاميَّة من منطلقات غير علميَّة، من أهمها الآتي:

1 -

إنكار نبوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، وإرجاع ما جاء به إلى أصول يهودية ونصرانيَّة وغيرهما، وبناءً على ذلك أنكروا أن يكون الإسلام وحيًا من عند اللَّه، وأن تكون الأُمَّة الإسلاميَّة أُمَّة ربانية، وبالتالي فإنَّ تفسير تاريخ الإسلام وحضارته يتم عند معظمهم من خلال منظور مادي مجرد بدعوى العلمية والمنهجية (1)، وقد ترتب على ذلك إنكار كثير من أسس السيرة النبوية الشريفة، والتقليل من شأن الرسول صلى الله عليه وسلم، وتناول شخصيته -فيما كانت الدراسات (اللاهوتية) تفرغ عليه الأساطير والخرافات، وأقذع الشتائم وأشنع السباب، وكأنَّه من رجال السياسة أو الحكام العسكريين أو عباقرة الإنسانية، و (مهما كان المستشرق ملتزمًا بقواعد البحث التاريخي وأصوله، فإَّنه من خلال رؤيته الخارجية وتغربه يمارس نوعًا من الهدم

= أحمد محمد العسال: الإسلام وبناء المجتمع: ص 166 - 295، الطبعة السادسة 1404 هـ - 1984 م، عن دار القلم - الكويت.

• نبيل السمالوطي: بناء المجتمع الإسلامي ونظمه (دراسة في علم الاجتماع الإسلامي): ص 75 - 108، (مرجع سابق).

• زاهر عوَّاض الألمعي: مع المفسرين والمستشرقين في زواج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش (دراسة تحليلية): ص 22 - 45 (مرجع سابق).

• محمود مهدي الأستانبولي: نساء حول الرسول والرد على مفتريات المستشرقين: ص 307 - 375، الطبعة الرابعة 1413 هـ - 1992 م، عن مكتبة السوادي - جدة.

(1)

انظر: محمد بركات البيلي: الخلفية التاريخية للاستشراق. .: ص 140، (مرجع سابق)، وانظر: شوقي أبو خليل: الإسقاط في مناهج المستشرقين. .: ص 19، (مرجع سابق)، انظر: محمد بن عبود: منهجية الاستشراق في دراسة التاريخ الإسلامي 1/ 351، 352، (مرجع سابق).

ص: 999

والتجريح في كيان السيرة ونسيجها، فيصطدم بذلك الحس الديني، ويرتطم بالبداهات الثابتة، وهو من خلال منظوره العقلي والوضعي، يسعى إلى فصل الروح عن جسد السيرة، ويعاملها كما لو كانت حقلًا ماديًّا للتجارب والاستنتاجات وإثبات القدرة على الجدل. . إن البحث في السيرة بوجه خاص، يستلزم أكثر من أيِّ مسألة أخرى في التاريخ البشري؛ شرطين من شروطه الأساسية: التأثير الجمالي الذي يُمكنه من أداء وظيفته الوجدانية، والمقومات العلميَّة التي تمكنه من أداء وظيفته الحيويَّة. إنَّ هذين الشرطين اللذين يُمكن أن يوفرهما منهج متماسك سليم يقوم على أسس علميَّة موضوعيَّة لا يخضع لتحزب أو ميل أو هوى. وقد كانت مناهج البحث الغربي (الاستشراقي) في السيرة تفتقر إلى أحد هذين الشرطين) أو كليهما معًا. وكانت النتيجة أبحاثًا تحمل اسم السيرة، وتتحدث عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتحلل حقائق الرسالة، ولكنها -يقينًا- تحمل وجهًا وملامح وقسمات مستمدة من عجينة أخرى غير مادة السيرة، وروح أخرى غير روح النبوة ومواصفات أخرى غير مواصفات الرسالة. . إنَّ نتائجها تنحرف عن العلم؛ لأنها تصدر عن الهوى. . وتسعى لأن تخضع حقائق السيرة لمقاييس تؤدي إلى نسخ كل ما هو جميل، وتزييف كل ما هو أصيل، وتميل بالقيم المشعَّة إلى أن تفقد إشعاعها، وترتمي في الظلمة، أو تؤول إلى البشاعة) (1).

ب- وتناول المستشرقون -المعادون للإسلام- عهد الخلفاء الراشدين وعهد الخلافة الأمويَّة، والخلافة العباسية وما بعد ذلك إلى العصر الحديث، في ضوء مناهج بحثيَّة زائفة أظهرت تاريخ الأُمَّة الإسلاميَّة السياسي في صورة مزيَّفة اعتمدت على تراث الزنادقة والشعوبيين وسائر الفرق المنشقة

(1) انظر: عماد الدين خليل: المستشرقون والسِّيرة النبوية (بحث مقارن في منهج المستشرق البريطاني المعاصر مونتغومري وات) 1/ 116، 117، (مرجع سابق).

ص: 1000

على الأُمَّة الإسلاميَّة، كما أنَّ كثيرًا من تلك الدراسات اهتمت بالنزعات العرقية والقبليَّة وفسرت بها تاريخ الإسلام السياسي، كما اتهمت الحضارة الإسلاميَّة بأنها اصطبغت بالأفكار (الهلينستية)، والآراء الهنديَّة وفلسفة الأفلاطونيَّة الجديدة.

يقول بعض الباحثين: (كان للشعوبيَّة والعصبيَّة أثر في وضع الأخبار التاريخية، والحكايات، والقصص الراميَّة إلى تشويه التاريخ الإسلامي، وإلى إعلاء طائفة على طائفة، أو أهل بلد على آخر، أو جنس على جنس، وإبعاد الميزان الشرعي في التفاضل، وهو ميزان التقوى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، كما أن الفرق المنحرفة استغلت القُصَّاص، وانتشارهم وجهل معظمهم، وقلة علمهم بالسنة، وانحراف طائفة منهم تبتغي العيش والكسب، فنشروا بينهم أكاذيبهم، وحكايتهم، وقصصهم الموضوعة، فتلفقها هؤلاء القصاص دون وعي وإدراك ونشروها بين العامة، وانتشرت عن طريقهم كثير من الأحاديث الموضوعة المنسوبة كذبًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعدد لا يحصى من الأخبار والأقوال المكذوبة على الصحابة والتابعين، وعلماء الإسلام، مِمَّا يسيء لهم، ويشوه تاريخهم وسيرتهم. . . وقد تلفقت هذه الأكاذيب والتحريفات (طائفة) من المستشرقين، فوجدوا فيها ضالتهم، وأخذوا يعملون على إبرازها، والتركيز عليها، مع ما أضافوه إليها -بدافع من عصبيتهم وكرههم للمسلمين- من أكاذيب وافتراءات كاختراع حوادث لا أصل لها، أو التفسير المغرض للحوادث التاريخية بقصد التشويه أو التفسير الخاطئ تبعًا للتصور والاعتقاد الذي يدينون به) (1).

(1) انظر: محمد بن صامل العلياني السلمي: منهج كتابة التاريخ الإسلامي: ص 499 - =

ص: 1001

وقد نتج عن ذلك أن فسرت الخلافة الراشدة بدءًا بحروب الردة وانتهاءً بمقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان ومن بعده علي بن أبي طالب، وقبلهما عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين، وما تلا ذلك من افتراق الأُمَّة، وكأنه نتيجة لنزعات قبليَّة وعرقيَّة، ولرغبات النفوس وشهواتها.

وعن ذلك يقول (بروكلمان): (بيد أنه لَمْ تلبث أن اجتاحت بلاد العرب بأكملها روح الردَّة، ولم يكن للدوافع الدينيَّة في ذلك دور يذكر، وإنَّما أريد -فقط- التخلص من سلطة حكومة المدينة غير المريحة)(1).

ويقول مفسرًا مقتل مالك بن نويرة: (وعندما ظهر خالد بن الوليد في منطقة تميم، وجد الطاعة في كل مكان تقريبًا إلَّا أن مالكًا بن نويرة، سيد يربوع الذي انفصل عن المدينة عقب وفاة محمد مباشرة ظلَّ مؤمنًا بسجاح، بيد أنه عندما حاصره خالد بفصائله، عرض هو أيضًا استسلامه، ومع ذلك سمح خالد بفصائله، عرض هو أيضًا استسلامه، ومع ذلك سمح خالد بالقضاء عليه (بقتله) مع رجال آخرين، وذلك لأنه اشتهى زوجته الجميلة كما يروى) (2).

ويقول (بروكلمان) عن عثمان بن عفان رضي الله عنه: (وقد يكون أصله (الأرستقراطي) هذا، الذي عادل عند النبي نقص كفاءته الشخصية) (3)،

= 502 (مرجع سابق)، وانظر: محمد ياسين مظهر صديقي: الهجمات المغرضة على التاريخ الإسلامي: ص 10، 11، 14 - 17، ترجمة: سمير عبد الحميد إبراهيم، الطبعة الأولى، 1408 هـ - 1988 م، عن دار الصحوة، القاهرة.

(1)

تاريخ الشعوب الإسلاميَّة: ص 48، (مرجع سابق)، وانظر: عبد الكريم علي باز: افترءات فيليب حتي وكارل بروكلمان على التاريخ الإسلامي: ص 111 - 114، (مرجع سابق).

(2)

تاريخ الشعوب الإسلاميَّة: ص 86، (المرجع السابق نفسه).

(3)

تاريخ الشعوب الإسلاميَّة: ص 110، (المرجع السابق نفسه).

ص: 1002

ويقول أيضًا: (وليس من شك أيضًا أن أعضاء المجلس -كبار الصحابة- آثَرُوا اختياره رغبة منهم في أن يروا على رأس المسلمين رجلًا يستطيعون توجيهه والتعامل معه في سهولة ويسر)(1).

وعلى هذا المنوال يفسر (بروكلمان) ونحوه من المستشرقين تاريخ الإسلام في جانبه السياسي بما يشوه صورة الأُمَّة الإسلاميَّة، ويخفي تميُّزها في جميع جوانب حياتها السياسية والحضارية والاجتماعية. وقد تصدى بعض الباحثين للرد على مزاعم (بروكلمان) ومقارنتها بمزاعم (فيليب حتي) والرد عليهما (2)، وتوصل إلى أنهما اتفقا على ذكر القضايا الآتية:

• (أن سبب خروج أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في معركة الجمل كان من أجل التشفي بعلي بن أبي طالب.

• اتهام الحسن بن علي بأنه تنازل عن الخلافة مقابل رشوة قدَّمها له معاوية.

• اتهام عبد الملك بن مروان ببناء بيت المقدس لتحويل الحجاج إليه.

• مسألة العباسة وجعفر البرمكي.

• اتهام بعض خلفاء بني أميَّة وبني العباس بالمجون.

• جعل الناحية الاقتصادية هي الدافع الأساسي للفتوحات الإِسلامية) (3).

(1) المرجع السابق نفسه: ص 110.

(2)

انظر: عبد الكريم علي باز: افتراءات فيليب حتي وكارل بروكلمان على التاريخ الإسلامي: ص 111 - 138، (مرجع سابق)، وانظر: شوقي أبو خليل: كارل بروكلمان في الميزان: ص 89 - 140، (مرجع سابق).

(3)

عبد الكريم علي باز: المرجع السابق نفسه: ص 135، وانظر: في الرد على مسألة =

ص: 1003

ومِمَّا درج عليه المستشرقون في تفسير التاريخ الإسلامي في جانبه السياسي أن بعضهم أبرز (تاريخ الفرق الضالة، ومحمد إلى تضخيم أدوارها، وتصويرها بصورة المصلح المظلوم، وبأنَّ المؤرخين المسلمين، قد تحاملوا عليها، فالقرامطة، والإسماعيلية، والرافضة الإمامية، والفاطمية، والزنج، وإخوان الصفا، والخوارج، كلهم في نظرهم واعتبارهم دعاة إصلاح وعدالة وحريَّة ومساواة، وثوراتهم كانت ثورات إصلاح للظلم والجور)(1).

وأظهر بعض المستشرقين تاريخ الخلافة الأمويَّة من خلال (النزعة القبلية، وشعر النقائض بين جرير والفرزدق والأخطل، ولم يرَ من تاريخ الدولة العباسية كله غير دور الموالي من الفرس، وغير السباق بين العناصر المختلفة، وبداية التنافس والطموح)(2)، وتؤكد الحقيقة التاريخية أنَّ (تاريخ بني أميَّة كما يراه الثقات من أهل العلم هو تاريخ تثبيت دولة الإسلام، وذلك على الرغم مِمَّا ارتبط بهذا التاريخ من أحداث مؤلمة لها ظروفها وملابساتها التاريخية الخاصة، التي يجب أن تفهم في ضوئها)(3).

وقد قال عنها ابن خلدون: (وكذلك عهد معاوية إلى يزيد خوفًا من افتراق الكلمة بما كانت بنو أميَّة لم يرضوا تسليم الأمر إلى من سواهم، فلو قد عهد إلى غيره اختلفوا عليه مع أن ظنهم كان به صالحًا، ولا يرتاب

= العباسية. . .؛ شوقي أبو خليل: كارل بروكلمان في الميزان: ص 124 - 126، (المرجع السابق نفسه).

(1)

محمد بن صامل العلياني السلمي: منهج كتابة التاريخ الإسلامي: ص 505، (مرجع سابق)، وانظر: حسين مؤنس: كتاب مجد الإسلام لجاستون فييت (ملحق بكتاب الفكر الإسلامي الحديث. . .) ص 573 - 575، (مرجع سابق).

(2)

محمد رشاد خليل: المنهج الإسلامي لدراسة التاريخ وتفسيره: ص 17، (مرجع سابق).

(3)

المرجع السابق نفسه: ص 18، 19، 20.

ص: 1004

أحد في ذلك، ولا يُظَنُّ بمعاوية غيره، فلم يكن ليعهد إليه وهو يعتقد ما يُدَّعى عليه من الفسق، حاشا اللَّه لمعاوية من ذلك، وكذلك كان مروان بن الحكم وابنه، وإن كانوا ملوكًا، لم يكن مذهبهم في الملك مذهب أهل البطالة والبغي، وإنَّما كانوا متحرين لمقاصد الحق جهدهم إلَّا في ضرورة تحملهم على بعضها، مثل خشية افتراق الكلمة الذي هو أهم لديهم من كل قصد، يشهد لذلك ما كانوا عليه من الاتباع والاقتداء، وما علم السلف من أحوالهم ومقاصدهم، فقد احتج مالك في الموطأ بعمل عبد الملك، وأمَّا مروان فكان من الطبقة الأولى من التابعين وعدالتهم معروفة) (1).

ويقول عن العباسيين: (كانوا من العدالة بمكان، وصرَّفوا الملك في وجوه الحق ومذاهبه ما استطاعوا حتى جاء بنو الرشيد من بعده فكان منهم الصالح والطالح، ثُمَّ أفضى الأمر إلى بنيهم فأُعطوا الملك والترف حقه وانغمسوا في الدنيا وباطلها، ونبذوا الدين وراءهم ظهريًّا، فتأذن اللَّه بحربهم، وانتزاع الأمر من أيدي العرب)(2).

ومِمَّا يذكر في هذا المقام أنَّ الدراسات الاستشراقية في مجال تاريخ

(1) مقدمة ابن خلدون: ص 206، (مرجع سابق).

(2)

مقدمة ابن خلدون: ص 206، (المرجع السابق نفسه).

ولمزيد الاطلاع على آراء المستشرقين وشبهاتهم حول تاريخ الأُمَّة الإسلاميَّة وحضارتها منذ نهاية الخلافة العباسية وحتى العصر الحديث؛ انظر: شوقي أبو خليل: كارل بروكلمان في الميزان: ص 130 - 172، (مرجع سابق)، وانظر: لوثروب ستودارد الأمريكي: حاضر العالم الإسلامي، ترجمة عجاج نويهض، ويتعليق الأمير شكيب أرسلان: 3/ 208 - 342، (مرجع سابق).

وانظر: شوقي أبو خليل: غوستاف لوبون: ص 49 - 169، الطبعة الأولى 1410 هـ - 1990 م، عن دار الفكر - دمشق، وانظر: أحمد العناني: أطول معارك التاريخ: ص 153 - 173، (مرجع سابق)، وانظر: جمال الدين الشيال: التاريخ الإسلامي وأثره في الفكر التاريخي الأوروبي في عصر النهضة: ص 77 - 113، (مرجع سابق).

ص: 1005

الأُمَّة الإسلاميَّة وحضارتها قد بلغت من التنوع حدًّا يصل بها إلى درجة التعقيد، من حيث طبيعة الموضوع وأسلوب معالجته، إذ إلا يُمكن حصره وتصنيفه في سهولة ويسر، لاختلاف هوية المستشرقين، وخلفيتهم البيئية والفكرية التي ينطلقون منها في دراساتهم، فالمستشرقون اللاهوتيون -مثلًا- يختلفون في ذلك عن المستشرقين العلمانيين، وإذا كان الاستشراق من الظاهر تيارًا عامًّا فإنَّ وراء هذا العموم مدارس متنوعة، وتقاليد متعددة، وتوجهات شتى تختلف فيما بينها بقدر اختلاف مصالحها واحتكاكها بالعالم الإسلامي. . .، كما يرجع ما تتصف به من تعقيد في كثير من الدراسات إلى تنوع منطلقات المعالجة، وأهدافها، وما تحرص على أن لا تحيد عنه من المسلك الاستشراقي المعهود، ومناهجه الخاصَّة (1)؛ وعلى أيِّ حالة فإنَّه مهما اختلفت المنطلقات والأهداف فإنَّ القدر المشترك بين معظم الدراسات الاستشراقية لتاريخ الأُمَّة الإسلاميَّة وحضارتها هو محاولتها نفي التميُّز عنها، واتخاذ أسلوب التشكيك في عقيدتها وشريعتها وأمجادها التاريخية والحضارية (2)، ومن المعروف أنَّهم نسبوا القرآن الكريم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقالوا إنه من تأليفه، وألصقوا الحديث النبوي بتطور المجتمع الإسلامي في عصوره الأولى، وشككوا في نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ونسبوا عمل المسلمين واجتهادهم في الفقه الإسلامي إلى

(1) محمد بركات البيلي: الخلفية التاريخية للاستشراق. . . ص 137، (مجلة المنهل)، (المرجع السابق نفسه).

(2)

عن الحضارة الإسلاميَّة وموقف المستشرقين منها انظر: عفاف صبرة: المستشرقون ومشكلات الحضارة: ص 157 - 176، (مرجع سابق)، وانظر: مصطفى الشكعة: موافف المستشرقين من الحضارة الإسلاميَّة في الأندلس: (مقال مدرج في مناهج المسشرقين في الدراسات العربيَّة الإسلاميَّة): 2/ 273 - 343، (مرجع سابق).

ص: 1006