الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علم من علوم العربيَّة يتقرب به إلى اللَّه عز وجل، وهذه غايتهم الأولى! فدانت لهم العربيَّة وذلل لهم علمها) (1).
وبالنظر إلى علماء التجويد فإنَّهُم كما قال أحد الباحثين: (حققوا في مجال الأداء الصوتي القرآني ظاهرة نادرة الحدوث في أيِّ لغة من لغات العالم، وإليهم يرجع الفضل في حفظ النطق العربي الفصيح سالمًا -إلى حد بعيد- من تأثيرات التطور اللغوي)(2).
أمَّا صعوبة التعلم وتدريب اللسان حتى يلين لقواعد اللغة وتصاريفها فإنَّ الصعوبة محدودة وليست عائقًا لمن أراد التعلم؛ ثُمَّ إنَّ الصعوبة أمرٌ نسبي يختلف من شخص لآخر، وتحكمه ظروف عدّة، منها ما يعود إلى المتعلم ذاته، ومنها ما يعود لغيره من معلم أو منهج تعليم (3).
الرد على الشبهة الثالثة:
أمَّا ارتفاع اللغة العربيَّة عن مستوى فهم الناس فهذه شبهة مردودة من عدّة أوجه، أهمهما الآتية:
(1) المرجع السابق نفسه: ص 59.
(2)
محمد مصطفى بن الحاج: عالمية اللغة العربيَّة: ص 271، (مرجع سابق).
(3)
انظر: رمضان عبد التواب: بحوث ومقالات في اللغة: ص 167 - 170، (مرجع سابق)، ذكر المؤلف أوجه الصعوبة في تعليم اللغة العربيَّة، وأكد بأنّ الصعوبة تعود لعرض النحويين لقواعد اللغة وما وقع في ذلك من خلط بين الواقع اللغوي والمنطق العقلي وما ترتب على ذلك من محاكاة لفظية وجدال وخلافات امتلأت بها كتب قواعد اللغة العربيَّة، والحقيقة أن القواعد الأساسية لنحو اللغة العربيَّة ميسورة وسهلة، وهذا ما شهد به المستشرق (مارس) في مجلة التعليم الفرنسية 1930 - 1931 م، إذ قال:(من السهل تعلم أصول اللغة العربيَّة فقواعدها التي تظهر معقدة لأول نظرة هي قياسية ومضبوطة بشكل عجيب لا يكاد يصدق، فذو الذهن المتوسط يستطيع تحصيلها بأشهر قليلة وبجهد معتدل)، نقلًا عن: نايف معروف: خصائص العربيَّة: ص 40، 41، (مرجع سابق).
أ- اتصال العربيَّة بالطبيعة: فقد توصَّلَ علماء اللغة العربيَّة إلى القول: (بأنَّ أصولها الثنائية تحاكي في الغالب -كما هو الحال في بعض اللغات الأُخرى- أصوات الطبيعة بما فيها من جماد وحيوان وإنسان بدائي، ومن هنا كانت بعض كلمات أمثال: خرير الماء، وهبوب الرياح، وهدير العاصفة، ومواءُ الهر، وصهيل الجواد، ونباح الكلب، ورغاءُ الجمل)(1)، وأمثالها انعكاسًا للطبيعة، ومنبثقة عنها.
ب- اتصالها المحكم بالمجتمع: (ذلك أن العرب عاشوا أسرًا محكمة الأواصر، تجتمع في أفخاذ وبطون وعشائر وقبائل، تغوص عمقًا في النسب الصريح، وتنداح اتساعًا بالتزاوج والتوالد، وهي في كل حال متماسكة يشد بعضها بعضًا. . . وعلى صورة هذا المجتمع ومثاله كان كلامهم وجرى لسانهم: الألفاظ تتوالد وبينها آصرة القربى، فالأصل هو المصدر مثل: (عِلْم)، ومنه الماضي المجرد: عَلِمَ، ومنه اسم الفاعل: عالم، واسم المفعول: معلوم، والصفة المشبهة: عليم، ووزن المبالغة: علَّامة، واسم التفضيل: أعلم، ومن فعل (جمع) يؤخذ اسما الزمان والمكان: مَجْمعَ، ومن فعل (فتح) يؤخذ اسم الآلة: مفتاح. . . وجميع هذه المشتقات متفقة في حروفها الأصلية وترتيبها ومعناها الأصلي. . .) (2).
إذًا فاللغة العربيَّة مطبوعة، وتعبر عن الفطرة، وتتفق وحقائق الأشياء، ولها جرسها الشاعري الجميل، وهي سهلة التعلم والتعليم، تامَّة في
(1) شحادة الخوري: دراسات في الترجمة والمصطلح والتعريب: ص 14، (مرجع سابق)، وانظر: المعجم العربي الأساسي الصادر عن المنظمة العربيَّة للتربية والثقافة والعلوم (1989 م) توزيع (لاروس): ص 14.
(2)
شحادة الخوري: المرجع السابق نفسه: ص 144، وانظر: المعجم العربي الأساسي: ص 14، (المرجع السابق نفسه).