الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في هذا ضربان: عبد للَّه مخلص، وعبدٌ للدنيا وأغراضها، وهو المعتكف على خدمتها ومراعاتها) (1).
ب- العبادة في الاصطلاح:
للعبادة في الاصطلاح تعريفات كثيرة، بعضها عام، وبعضها الآخر خاص، والعام قد يراد به خضوع المخلوقات للَّه من حيث كونها خاضعة له سبحانه كونًا وقدرًا؛ لذلك تطلق العبادة ويُراد بها:(الخضوع الشامل، والطاعة الكاملة بصفة قسريَّة من جميع المخلوقات، ويشمل ذلك الكون كلَّه بأملاكه ومشمولاته، من جمادٍ وحيوان ونبات وإنسان، فالكل خاضع للَّه، ولا يخرج عن طاعته قيد شعرة)(2).
والدليل على ذلك قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [الرعد: 15]، وقوله تعالى:{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11]، وقوله تعالى:{وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران: 83](3).
وقد تُعَرَّفُ العبادة تعريفًا عامًّا، ولكنَّه فيما يخص المكلفين، وقد عرَّفها بعض الباحثين بأنَّهَا:(عمل العبد الإرادي الموافق (لمراد) المعبود) (4)، وعلى هذا تكون العبادة شاملة لجميع ما يقوم به المكلف من
(1) مفردات ألفاظ القرآن: مادة (عَبَد)، (مرجع سابق). وانظر: محمد عبد الرّؤوف المناوي: التوقيف على مهمات التعاريف. مادة (العَبْد)، (مرجع سابق).
(2)
محمد أبو الفتح البيانوني: تحول العبادات إلى عادات وأثره في حياة المسلمين: ص 187 (مرجع سابق).
(3)
وانظر: ابن تيمية: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 10/ 155، (مرجع سابق).
(4)
محمد أبو الفتح البيانوني: العبادات؛ خصائصها وآثارها في الفرد والمجتمع: ص 3، محاضرة ألقاها ضمن البرنامج العام لعام 1400 هـ - 1401 هـ، قسم الثقافة الإسلاميَّة، كلية الشريعة - الرياض.
عمل، فإذا وافق عمله مراد المعبود كان طاعةً وقربة، وإذا خالف مراده كان معصية.
وقد جاء تعريف العبادة بصفة شاملة وواضحة في قول شيخ الإسلام ابن تيمية: (العبادة: هي اسم جامع لكل ما يحبه اللَّه ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة)(1)، ثُمَّ شرح هذا الشمول وذلك العموم وما يتناوله من أنواع العبادات؛ فقال:(فالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد للكفار والمنافقين، والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والمملوك من الآدميين والبهائم، والدعاء والذكر والقراءة، وأمثال ذلك من العبادة)(2).
وإذا كانت هذه الأنواع تشتمل على الأفعال والأقوال الظاهرة؛ فإنَّه يضيف إليها أنواعًا أُخرى من الأعمال الباطنة، ويقول:(وكذلك حب اللَّه ورسوله وخشية اللَّه، والإنابة إليه، وإخلاص الدين له، والصبر لحكمه، والشكر لنعمه، والرضا بقضائه، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، والخوف لعذابه، وأمثال ذلك هي من العبادة)(3).
أما تعريف العبادة بصفة خاصَّة فهي: (الأعمال الخاصَّة المحدَّدة (من اللَّه) التي كُلِّف العبدُ بالقيام بها كتمرين عملي له على الخضوع الكامل) (4)،
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 10/ 149، (مرجع سابق).
(2)
المرجع السابق نفسه 10/ 149.
(3)
المرجع السابق نفسه 10/ 149.
(4)
محمد أبو الفتح البيانوني: العبادات وخصائصها وآثارها ص 4، (المرجع السابق نفسه) وانظر: أبو الأعلى المودودي: المصطلحات الأربعة في القرآن الكريم: ص 95 - 115، الطبعة الثامنة، 1401/ 1981 م، عن دار القلم، الكويت.