الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على أن ينفعوك لم ينفعوك إلَّا بشيء قد كتبه اللَّه لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلَّا بشيء قد كتبه اللَّه عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف" (1).
ومن العبادات اللفظيَّة:
التلفظ بالشهادتين، والذكر، والدعاء، وقراءة القرآن، والكلمة الطيِّبَة ونحو ذلك من الألفاظ التي يقصدُ بها وجه اللَّه، فتكون عبادة وفقًا لما سبق شرحه وبيانه من أنَّ كل قول يحبه اللَّه فهو عبادة، مثل إفشاء السلام ورد التحيَّة بأحسن منها أو بمثلها، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في إطاره الشرعي وبضوابطه المعيَّنة.
أمَّا التلفظ بالشهادتين فدليله قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلَّا اللَّه، فإذا قالوها، وصلوا صلاتنا، واستقبلوا قبلتنا، وذبحوا ذبيحتنا، فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلَّا بحقها وحسابهم على اللَّه"(2)، ومن هنا قال العلماء بأنَّ من نطق بكلمة التوحيد ولم يعتقدها بقلبه، وقام بأعمال الإسلام الظاهرة من صلاة ونحوها؛ عصم ماله ودمه وحسابه على اللَّه (3).
ومن العبادات البدنيَّة:
الصلاة والصيام والحج ومناسكه، وكذلك
(1) أخرجه الإمام أحمد: مسند الإمام أحمد بن حنبل 1/ 293، ورقم الحديث [2669]، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرون، (مرجع سابق)، وانظر: تخريج الحديث واستقصاء طرقه، وما فيه 4/ 410، 411 (المرجع السابق نفسه)، (مرجع سابق).
(2)
أخرجه البخاري: صحيح البخاري 1/ 153، كتاب الصلاة، باب [10] رقم الحديث [385]، تحقيق: مصطفى ديب البغا (مرجع سابق).
(3)
انظر: الشاطبي: الموافقات 3/ 31، تحقيق: أبي عبيدة، (مرجع سابق) وانظر: ابن قدامة: المغني 12/ 288، 289، 290، 291، 292، تحقيق: عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي، وعبد الفتاح محمد الحلو، (مرجع سابق)، وانظر: المرجع السابق نفسه: 13/ 180، 32، 181، 208، 209.
الجهاد في سبيل اللَّه، وقد سبق أن الصلاة تشتمل على أنواعٍ عدَّة من العبادات الاعتقادية والقلبيَّة واللفظيَّة، وكذلك البدنية، لما فيها من القيام والركوع والسجود، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)} [الحج: 77 - 78].
قال ابن قيم الجوزيَّة: (أخبر تعالى أنَّه اجتباهم، والاجتباء كالاصطفاء، وهو افتعال من اجتبى الشيء يجتبيه إذا ضمه إليه وحازه إلى نفسه، فهم المجتبون الذين اجتباهم اللَّه إليه، وجعلهم أهله وخاصته وصفوته من خلقه بعد النبيين والمرسلين، ولهذا أمرهم تعالى أن يجاهدوا فيه حقَّ جهاده فيبذلوا له أنفسهم، ويفردوه بالمحبَّة والعبوديَّة، ويختاروه وحده إلهًا معبودًا محبوبًا على كل ما سواه، كما اختارهم على من سواهم، فيتخذونه وحده إلههم ومعبودهم الذي يتقربون إليه بألسنتهنم، وجوارحهم، وقلوبهم، ومحبتهم، وإرادتهم، فيؤثرونه في كل حال على من سواه، كما اتخذهم عبيده وأولياءه وأحباءَه، وآثرهم بذلك على من سواهم)(1).
وقد أظهر ابن قيم الجوزية رحمه الله في تفسيره لهذه الآية تميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة، وربط هذا التميُّز بهدف من أهدافه وهو تحقيق العبوديَّة للَّه، وأظهر -أيضًا- مدلول العبوديَّة في الإسلام، وأنَّه يشتمل على عمل القلب واللسان والجوارح (2).
(1) بدائع التفسير: 3/ 223، (مرجع سابق).
(2)
انظر: مدارج السالكين 1/ 123 - 137، (مرجع سابق).