الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتشتمل أيضًا على العبادة القلبيَّة، ممثلة في القصد والنيَّة عندما يقف العبد بين يدي اللَّه ليؤدي الصلاة بما فيها من خضوع وذل وخوف ورجاء، ودعاء وإنابة، واستغفار، وذكر، ونحو ذلك من العبادات القلبيَّة.
وتشتمل -أيضًا- على العبادات اللفظية، وهي القراءة والذكر والدعاء وقراءة القرآن، وأمَّا البدنيَّة فتتمثل في أعمال التكبير والركوع والقيام والسجود، وغير ذلك من أركان الصلاة وواجباتها وشروطها (1).
ومن العبادات الاعتقاديَّة:
الإيمان باللَّه وأنَّه المتفرد بالخلق والأمر، وأنَّه الذي يملك الضرر والنفع والموت والحياة والنشور وأنَّه المستحق للعبادة دون سواه، ويدخل فيها أنواع التوحيد الأخرى وأركان الإيمان الستة وهي الإيمان باللَّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقضاء والقدر، وقد جاءت الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة مبينة لهذه العبادات، وجعلتها أساسًا لشعائر الدين الأخرى، كقوله تعالى:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [البقرة: 177]، وقال تعالى:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: 22].
ومن العبادات القلبيَّة:
المحبَّة، والرجاء، والإنابة، والتوكل، والخوف، والنيَّة، والتوبة، ونحو ذلك من المشاعر المرتبطة باللَّه كحب ما يحب وبغض ما يبغض، وما يتصل بهذه المشاعر من الولاء والبراء في طيات النفس وأعماق الشعور، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ
(1) لمزيد من الاطلاع على دراسة تطبيقية على عبادة الصلاة وما اشتملت عليه من خصائص ووظائف؛ انظر: محمد أبو الفتح البيانوني: العبادات خصائصها وآثارها: ص 18 - 32 (المرجع السابق نفسه).
أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165]، وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 218]، وقال تعالى:{وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} [الزمر: 54]، قال بعض المفسرين في تفسيرها:({وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ} بقلوبكم {وَأَسْلِمُوا لَهُ} بجوارحكم)(1)، ثُمَّ قال:(إذا أفردت الإنابة، دخلت فيها أعمال الجوارح، وإذا جمع بينهما كما في هذا الموضع، كان المعنى ما ذكرنا)(2).
وقال في معنى الآية: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} : (دليل على الإخلاص، وأنَّه من دون إخلاص، لا تفيد الأعمال الظاهرة والباطنة شيئًا)(3).
وأمَّا التوكل فدليله: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23]، كذلك الخوف عبادة قلبيَّة لا تصرف إلَّا للَّه تعالى؛ لأنَّه المستحق أن يخاف منه العبد؛ قال تعالى:{فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} [المائدة: 44] ولأنَّه تعالى هو كاشف الضر، وهو صاحب الفضل ومالك الخير ومسديه إلى عباده، قال تعالى:{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس: 107].
وفي الحديث الشريف قال الرسول صلى الله عليه وسلم، فيما رواه عبد اللَّه بن عباس رضي الله عنهما: "أنَّه ركب خلف الرسول صلى الله عليه وسلم يومًا، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا غلام، إني معلمك كلمات: احفظ اللَّه يحفظك، احفظ اللَّه تجده تجاهك، وإذا سألت فاسأل اللَّه، وإذا استعنت فاستعن باللَّه، واعلم أنَّ الأُمَّة لو اجتمعوا
(1) السعدي: تيسير الكريم الرحمن. . . 6/ 484، (مرجع سابق).
(2)
المرجع السابق نفسه 6/ 484.
(3)
المرجع السابق نفسه 6/ 485.