الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
251 - مسألة: قد وقعت من النبي صلى الله عليه وسلم قرائن حالية، وأصولكلية تقتضي أن سيدنا أبا بكر الصديق رضي الله عنه وعن سائر الصحابة أحق بالإمامة، وأولى بالخلافة من غيره
.
منها: تقديمه له في الصلاة بالناس حين مرض موته، وفي الحج تسع.
ومنها: قوله للمرأة التي سألته صلى الله عليه وسلم شيئًا وأمرها أن ترجع إليه وقولها: "أرايت إن جئت فلم أجدك كأنها تعني الموت: "إن لم تجديني فأتى أبا بكر".
ومنها: قوله في مرض موته لعائشة رضي الله عنها: "ادعى لي أبا بكر أباك وأخاك حتى أكتب كتابًا فإني أخاف أن يتمنى متمن، ويقول قائل: أنا أولى وبأبي الله والمؤمنون إلا أبا بكر".
ومنها: منامه صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: "بينا أنا على بئر أنزع منها إذ جاءني أبو بكر وعمر، فأخذ أبو بكر الدلو فنزع ذنوبًا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف فغفر الله له ثم أخذها عمر من يد أبي بكر الحديث".
ولذا كله ولغيره من الأدلة ثبت كما في صحيح مسلم من حديث ابن أبي مليكة أن عائشة رضي الله عنها سئلت: من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخلفًا أو استخلف؟ قالت: أبو بكر، فقيل لها: ثم من بعده؟ قالت: عمر
…
الحديث".
وفيه إشارة إلى أنه لم يقع تنصيص صريح على ذلك.
وكذا قصة سقيفة بني ساعدة دالة على أنه لم يكن عند أحمد من المهاجرين والأنصار في ذلك نص صريح، وما يروي في التنصيص عليه
وعلى غيره فباطل، إذ لو ثبت شيء من ذلك لم يقل أبو بكر الصديق رضي الله عنه للأنصار رضي الله عنهم: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين: عمر أو أبا عبيدة. وقد قال النووي رحمه الله عقب حديث عائلة: هذا فيه دلالة لمذهب أهل السنة أن خلافة أبي بكر ليست بنص من رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلافته صريحًا بل أجمعت الصحابة رضي الله عنهم على عقد الخلافة له وتقديمه لفضيلته، ولو كان هناك نص عليه أو على غيره لم تقع المنازعة من الأنصار وغيرهم أولاً ولذكر حافظ النص ما معه ولرجعو إليه، لكن تنازعوا أولاً ولم يكن هناك نص، ثم اتفقوا على أبي بكر رضي الله عنه واستقر الأمر، وأما ما يدعيه الشيعة من النص على علي رضي الله عنه والوصية إليه، فباطل لا أصل له باتفاق المسلمين.
والاتفاق على بطلان دعواهم من زمن علي رضي الله عنه وأول من كذبهم على رضي الله عنه بقوله: "ما عندنا إلا ما في هذه الصحيفة الحديث" ولو كان عنده بعض نص لذكره، ولم ينقل أنه ذكره في يوم من الأيام، ولا أن أحدًا ذكره انتهى كلام النووي.
ثم إن قول أبي بكر رضي الله عنه: "قد رضيت لكم" استشكل مع معرفته بأنه الأحق بالقرىئن المشار إليها بحيث قال كما رواه الترمذي وغيره بسند رجاله ثقات: "ألست أول من أسلم ألست أحق بهذا الأمر ألست كذا ألست كذا؟ ".
ولكن قد أجيب بأنه استحيي أن يزكي نفسه فيقول مثلاً: رضيت لكم نفسي. وانضم إليه ذلك أنه علم أن كلاً منهما لا يقبل ذلك ولا يرضى التقدم عليه، خصوصًا وقد أفصح عمر بذلك في القصة، وأبو عبيدة بطريق الأولى لأنه باتفاق أهل السنة دون عمر في الفضل، ويكفي أبا بكر كونه جعل الاختيار في ذلك لنفسه فلم ينكر ذلك عليه أحد، ففيه إيماء إلى أنه الأحق فظهر أنه ليس في كلامه تصريح بتخليه من الأمر.
وقد قال له عمر رضي الله عنه: "بل نبايعك أنت، فأنت سيدنا وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء".