الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
282 - مسألة: قد وقعت من النبي صلى الله عليه وسلم قرائن حالية وأصول كلية تقتضي أن سيدنا أبا بكر الصديق رضي الله عنه وعن سائر الصحابة أحق بالإمامة وأولى بالخلافة من غيره
.
منها تقديمه له في الصلاة بالناس حين مرض موته وفي الحج سنة تسع ومنها قوله للمرأة التي سألته صلى الله عليه وسلم شيئًا وأمرها أن ترجع إليه وقولها: أرايت إن جئت فلم أجدك كأنها تعني الموت: "إن لم تجديني فأتي أبا بكر" ومنها: قوله في مرض موته لعائشة رضي الله عنها: "ادعي لي أبا بكر أباك وأخاك حتى أكتب كتابًا فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر" ومنها: منامه صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: "بينا أنا على بئر أنزع منها إذ جاءني أبو بكر وعمر، أخذ أبو بكر الدلو فنزع ذنوبًا، أو ذوبين، وفي نزعه ضعف فغفر الله له ثم أخذها عمر من يد أبي بكر الحديث".
ولذا كله وغيره من الأدلة ثبت كما في صحيح مسلم من حديث ابن أبي مليكة أن عائشة رضي الله عنها سئلت: من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسخلفًا لو استخلف قالت: أبو بكر فقيل لها: ثم من بعده؟ قالت: عمر الحديث. وفيه إشارة إلى أنه لم يقع تنصيص صري على ذلك. وكذا قصة سقيفة بني ساعدة دالةعلى أنه لم يكن عند أحد من المهاجرين والأنصار في ذلك نص صريح، وما يروي من التنصيص عليه وعلى غيره، فباطل، كما بسطته في بعض الأجوبة، إذ لو ثبت شيء من ذلك لم يقل أبو بكر رضي الله عنه للأنصار رضي الله عنهم: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين عمر أو أبا عبيدة. كما أنه لو كان عند علي رضي الله عنه أو غيره نص فيه، أو إيماء لنقل، ولم ينقل أنه ذكره في يوم من الأيام، ولا أن أحدًا ذكره، بل اتفق المسلمون على أن دعوى الشيعة النص على علي، والوصية إليه
باطلة، وأول من كذبهم علي بقوله:"ما عندنا إلا ما في الصحيفة" أشار إليه النووي قال عقب حديث عائشة: هذا فيه دلالة لمذهب أهل السنة أن خلافة أبي بكر ليست بنص من رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلافته صريحًا، بل أجمعت الصحابة رضي الله عنهم على عقد الخلافة له، وتقديمه لفضيلته ولو كان هناك نص عليه، أو على غيره لم تقع المنازعة من الأنصار وغيرهم أولا، ولذكر حافظ النص ما معه ولرجعوا إليه، لكن تنازعوا أولا ولم يكن هناك نص، ثم اتفقوا على أبي بكر رضي الله عنه واستقر الأمر، ثم إنه قد استشكل قول أبي بكر رضي الله عه "قد رضيت لكم" مع معرفته بأنه الأحق بالقرائن المشار إليها بحيث قال كما للترمذي وغيره بسند رجاله ثقات:"ألست أول من أسلم ألست أحق بهذا الأمر ألست كذا ألست كذا" وأجيب بأنه استحيى أن يزكي نفسه فيقول مثلاً: رضيت لكم نفسي، وانضم إلى ذلك أنه علم أن كلاً منهما لا يقبل ذلك ولا يرضى التقدم عليه، خصوصًا وقد أفصح عمر ذلك في القصة، وأبو عبيدة بطريق الأولى، لأنه باتفاق أهل السنة دون عمر في الفضل، ويكفي أبا بكر كونه جعل الاختيار في ذلك لنفسه، فلم ينكر ذلك عليه أحد، ففيه إيماء إلى أنه الأحق، وظهر أنه ليس في كلامه تصريح بتخليله من الأمر، وقد قال له عمر رضي الله عنه: بل نبايعك أنت فأنت سيدنا وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.