الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
337 - سئلت عمن استدان في طاعة بنية الوفاء ومات ولم يوف لعجزه أيؤخذ أم لا
؟
فأجبت: قد صح أنه صلى الله عليه سلم قال: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أداها الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله" أخرجه البخاري من حديث أبي الغيث سالم عن أبي هريرة به. وهو ناطق بأن الله يؤدي عنه وذلك إما بأن يفتح عليه في الدنيا ويسبب له رزقًا وإما بأن يتكفل عنه في الآخرة بحيث لا يستثنى منه ومن لم يعلم حين استدانته ما سيؤدي منه. وأما ما يثبت من حديث عمران بن حذيفة عن ميمونة مرفوعًا: "ما من مسلم يدان دينًا يعلم الله أنه يريد أداءه إلا أداه الله عنه في الدنيا" فقال
شيخنا: إنه يمكن حمله على الغالب قال: والظاهر أنه لا تبعة عليه والحالة هذه في الآخرة بحيث تؤخذ من حسناته لصاحب الدين بل يتكفل الله عنه له به كما دل عليه الحديث الأول قال: وخالف ذلك ابن عبد السلام انتهى. على أن حديث ميمونة قد رواه أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن حصين بن عبد الرحمن عن عبدي الله بن عبد الله بن عتبة عنها مرفوعًا بلفظ: "من ادان دينًا ينوي قضاءة أداة الله عنه يوم القيامة" ولكن قال: فيه وهب بن جرير بن حارثة عن أبيه ومحمد بن أبي عبيدة بن معن عن أبيه كلاهما عن الأعمش به: "إلا أعانه الله" بدل "أداه الله عنه يوم القيامة" ونحوه من حديث عائشة وغيرها.
وقد لا ينافيه، سيما وعند الديلمي بسنده إلى أبي هريرة رفعه:"من مات وعليه دين علم الله أنه كان يريد قضاءه لم يعذبه ولم يساله عنه" بل في حديث ضعيف: "من تداين بدين وفي نفسه وفائه ثم مات [ولم] يترك وفاءً تجاوز الله عنه وأرضى غريمه بما شاء ومن تداين بدين وليس في نفس وفاءة ثم مات اقتص الله منه لغريمه يوم القيامة" أخرج الحاكم في مستدركه شاهدًا والطبراني في الكبير كلاهما من جهة بشر بن نمير عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة رفعه به.
وقد يستشهد له بحديث حسن: "إن الدين يقضي من صاحبه
يوم القيامة إذا مات إلا من تدين في ثلاث خصال: رجل يضعف قوته في سبيل الله فيستدين يتقوى به لعدو الله وعدوه، ورجل يموت عنده مسلم لا يجد ما يكفنه ويواريه إلا بدين، ورجل خاف الله على نفسه العزبة فينكح خشية على دينه فإن الله يقضي عن هؤلاء يوم القيامة" أخرجه ابن ماجه من حديث عمران بن عبد المعافري عن عبد الله بن عمرو. ورواه أبو نعيم في الحلية عن أبي حازم عن سهل كلاهما مرفوعًا. وفي الترمذي والنسائي وأحمد وأبي يعلى وغيرهم عن أبي هريرة رفعه:"ثلاثة حق على الله عونهم وذكر منهم الناكح يريد العفاف" وللديلمي عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما رفعه: "إن الله يقعد صاحب الدين
يوم القيامة بين يديه فيقول له: يا ابن آدم فيم أخذت هذا الدين وضيعت حقوق الناس؟ فإن قال: يا رب أتى على يدي إما حرق أو عوق أو سرق ولم آكل ولم ألبس ولم أضيع، قال: عبدي أنا أحق من قضى عنك" ولا ينافي كل هذا حديث أبي موسى مرفوعًا: "إن أعظم الديون عند الله أن يلقاها عبد بعد الكبائر التي نهى الله عنها أن يموت رجل وعليه دين لا يدع له قضاءه". وحديث سمرة مرفوعًا: "إن صاحبكم ماسور بدينه" وحديث أبي هريرة مرفوعًا: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضي عنه" وفي لفظ للطبراني: "دين الرجل إذا مات معلق في قبره حتى يقضي الله عنه" وما أشبهها من الأحاديث، كحديث: "الآن بردت
جلدته إذ لا مانع من حمل أولها على من استدان لابنيه الوفاء أو في معصية ونحوها وما بعده على من ترك وفاء وقصر بالتمادي في عدم أدائه ولو بترك الوصية. ونحوه "مطل الغنى ظلم" وحينئذ فهي أدلة للحث على المبادرة للأداء على أن الماوردي قال: إنما تكون ذمته مرهونة بالدين إذا لم يخلف تركة يتعلق بها الدين وهو كذلك إن لم يستدن بنية الوفاء، فإن كانت تركة فالدين يتعلق بها. ثم إن قوله: معلق أي أمرها موقوف لا يحكم لها بنجاة ولا هلاك حتى ينظر هل يقضي عليه من الدين أم لا وهي كقوله تعالى: (فتذروها كالمعلقة) أي لا ممسكة ولامطلقة. ومنه قول
المرأة في حديث أم زرع: وإن أسكت أعلق. ولبعضهم:
إذا شئت أن تستقرض المال منفقا
…
على شهوات النفس في زمن العسر
فسل نفسك الإنفاق من له صدها
…
عليك وإرفاق إلى زمن العسر
وإن فعلت فهي الغنى وإن أبت
…
فكل منوع بعدها واسع العذر