الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
301 - مسألة: فيما وقع في كلام بعض الفقهاء أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سلم إمامكم ولم يقم فانخسوه" وأنه قال: "جلوس الإمام بعد سلامه في محرابه جفاء منه وخديعة به، وكأنه قعد على جمرة من النار" وأن عليًا رضي الله عنه قال: "ما من إمام يقعد في مجلسه ب
عد سلامه إلا مقته الله والعباد، وأعرضت عنه الملائكة، وكأنه عصى الله ورسوله في أمره ونهيه، سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم" هل له أصل أم لا؟
فالجواب: لم أقف عليه في شيء من كتب الحديث المعتمدة، وأحسبه باطل. نعم، روى عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان أبو بكر وعمر إذا قضيا الصلاة وثبا من المحراب وثوب البعير إذا حل من عقاله. وعن أبي بكر أنه قال: خير للإمام أن يقعد سبعين خريفًا على رضف أو حفرة من حفر النار من أن يقعد بعد سلامه في محرابه. وأسند البيهقي عن أنس أنه صلى خلف أبي بكر فكان إذا سلم وثب من مكانه كأنه يقوم عن رضف. وفي لفظ عن مسروق: كان أبو بكر إذا سلم قام كأنه جالس على الرضف. وعن خارجة بن زيد أنه كان يعيب على الأئمة جلوسهم في صلاتهم بعد أن يسلموا، ويقول: السنة في ذلك أن يقوم الإمام ساعة يسلم. قال البيهقي: وروينا عن الشعبي
وإبراهيم النخعي أنهما كرهاه، ويذكر عن عمر بن الخطاب، وروينا عن علي أنه سلم ثم قام. انتهى.
ويشهد لهم ما صح عن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قام النساء حين يقضي تسليمه، ومكث النبي صلى الله عليه وسلم يسيرًا، قال ابن شهاب: فترى مكثه ذلك ـ والله أعلم ـ لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم. ووجه الاستشهاد منه أنه يقتضي أن المأمومين إذا كانوا رجالاً فقط لا يستحب المكث، وقد قال الشافعي رحمه الله عقب حديث أم سلمة: هذا ثابت عندنا وبه نأخذ. وقال في مختصر المزني: ويثب أي الإمام ساعة يسلم. ولكن اختلف في المراد بالنص على وجهين: أحدهما: بعد الفراغ من الذكر المستحب عقب السلام لورود ذلك مفسرًا في حديث عائشة: كان إذا سلم لا يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام.
ثانيهما: أنه على ظاهره في الوثوب ساعة يسلم، ثم اختلفوا فمنهم من
قال: يدعو قائمًا، وعللوه كما قال النووي في «شرح المهذب» بعلتين: أحداهما: كي لا يشك هو أو من خلفه هل سلم أم لا. الثانية: كي لا يدخل غريب فيظنه بعد في الصلاة فيقتدي به، انتهى.
والعلتان تنفيان بانحرافه عن مصلاه وهو في موضعه، وقد جاء: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاته انحرف. وكذا باستقباله المأمومين وفيه أحاديث أوردها البخاري في باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم، أو برفع الصوت بالذكر، فقد ثبت: أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة، كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بل جاء: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم من صلاته يقول بصوته الأعلى: "لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون" وأما تطوع الإمام مكانه مما حكى البخاري عن
القاسم. وسالم فعله، فلا يمنع الإلباس إلا أن تقدم أو تأخر أو تكلم، كما جاء عن معاوية من قوله. بل يروى في غير حديث مرفوع. ونحوه قول علي: من السنة أن لا يتطوع الإمام حتى يتحول من مكانه والله أعلم.