الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
276 - مسألة:
قوال قال في مجتمع لنكاح مما عزاه للصحيحين من حديث ابن أعبد قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أحدثك عني وعن فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت من أحب أهله إليه؟ قلت: بلى، قال: إنهاجرت بالرحي حتى أثر في يدها واستقت بالقرية حتى أثر في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم خدم فقلت: لو أتيت أباك فسألتيه خادمًا، فأتته فوجدت عنده حداثًا فرجعت فأتاها من الغد فقال:"ما كان حاجتك؟ " فسكتت، فقلت: أنا أحدثك يا رسول الله، جرت بالرحي حتى أثر في يدها، وحملت بالقرية حتى أثرت في نحرها، فلما أن جاءك الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادمًا يقيها حر ما هي فيه قال:"اتقي الله يا فاطمة، وأدي فريضة ربك، واعملي عمل أهلك، وإذا أخذت مضجعك فسبحي ثلاثًا وثلاثين، واحمدي ثلاثًا وثلاثين، وكبري أربعًا وثلاثين، تلك مائة، هي خير لك من خادم" قالت: رضيت عن الله عز وجل وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل عزوه للصحيحين صحيح أم لا؟ وإذا لم يكن فيهما أو في أحدهما فهل هو صحيح أم لا؟
فالجواب: قصة مجيء فاطمة رضي الله عنها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستخدم رواها غير واحد من الصحابة، منهم: علي، وأبو هريرة، وأم سلمة، وأم الحكم، أو ضباعة ابنتا الزبير على الشك من الراوي وأولها أصحها، ولها عنه طرق، فرواها عنه حبيب بن عبد الرحمن، والحسين بن علي، والسائب بن مالك الثقفي، وشبث بن ربعي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعبد الله بن يعلي، وهمام النهدي، وعبيدة بن عمرو، وعلي بن أعبد، والقاسم مولى معاوية، ومحمد بن الحنفية، وهبيرة بن يريم، وأبو أمامة، وأبو مريم، وأصحها طريق ابن أبي ليلى، فقد اتفق الشيخان على تخريجها من جهته وهي في البخاري في أربعة أماكن: في
الخمس وفي فضل علي وفي النفقات وفي الدعوات ولم يزد على أنها اشتكت ما تلقى من الرحي، وكون التكبير أربعًا وثلاثين، إلا الدعوات، فإنه وقع التكبير فيها كالتسبيح والتحميد، وأخرجها مسلم في الدعوات مقتصرًا على شكوى الرحي وكون التكبير أربعًا وثلاثين، وممن راوها عن ابن أبي ليلى الحكم بن عتيبة وعمرو بن مرة، ومجاهد، ومن أضعف الطرق عن علي طريق ابن أعبد، وهي المقصودة الآن بالبيان، وهي عند أبي داود في الخراج من سننه والنسائي في مسند علي وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند والطبراني في الدعاء، وآخرون ومدارها على سعيد الجريرري وهو وإن كان قد اختلط فهو مما حدث به قبل اختلاط ولكن تابعيها ولم يقع تسميته في شيء من الطرق المشار إليها، قال فيه ابن المديني: إنه ليس بمعروف ولا أعرف له غير هذا
الحديث. والراوي عنه وهو أبو الورد لم أر فيه توثيقًا لأحد من الأئمة، سوى أن ابن سعد قال: إنه كان معروفًا قليل الحديث. وإذا لم يكن الراوي معروفًا بالعدالة، والضبط لا يقبل منه ما ينفرد به عن الثقات، لا سيما وقد صح من حديث السائب أن عليًا رضي الله عنه قال: لقد سنوت أي استقيت من البئر بحيث كنت مكان السانية وهي الناقة حتى قد اشتكيت صدري فقالت له فاطمة رضي الله عنها: وأنا والله لقد طحنت حتى مجلت يداي وهذا هو اللائق بالمقام، فالاستقاء، وحمل القربة إنها هو للرجال غالبًا خصوصًا سيدة نساء أهل الجنة فإن زوجها رضي الله عنه لا يصل بها إلى هذه الحالة، وإن كن رضي الله عنهن يبالغن في مرضات أزواجهن حتى قالت ابنة أبي بكر الصديق رضي الله عنهما: تزوجني الزبير، وما له في الأرض مال، ولا مملوك، ولا شيء غير فرسه قالت: فكنت أعلف فرسه، وأكفيه مؤنته وأسوسه، وأدق النوى لناضحه، وأعلفه، وأسقيه الماء، وأخرز غربه وأعجن، ولم أكن أحسن أخبز،
قالت: وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على راسي وهي على ثلثي فرسخ فقد قال الزبير حين قالت له: أنها لقيت النبي صلى الله عليه وسلم يومًا وعلى رأسها النوى ومعه نفر من أصحابه، فدعاها ليحملها خلفه فاستحيت أن تسير مع الرجال، لما تعلمه من شدة غيرة زوجها، وعرف صلى الله عليه وسلم ذلك منها فمضى: والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه. قالت: حتى أرسل إلى أبو بكر بعد ذلك بخادم فكفتني سياسة الفرس فكأنما أعتقتني. وإذا كان هذا حال الزبير مع أسماء رضي الله عنهما في تأمله بامتهانها بحمل النوى، فحال علي مع السيدة الزهراء رضي الله عنهما في حمل القربة الذي هو أبلغ في ذلك، وما ثبت من أن عائشة، وأم سليم كانتا تنقلان القرب على متونهما تفرغانه في أفواه القوم. فذاك فيما يظهر، لاشتغال الرجال بما هو أهم، بل ذلك معدود في مناقبهما رضي الله عنهما وهذا كاف في نكارة هذه الزيادة، فكيف يحكم بصحتها، فضلاً عن عزوها للصحيحين، أو أحدهما، ولا يجوز حمله على إرادة أصل