الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
322 - سؤال: في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر وعبد الرحمن بن عوف من رواها وهل صلى خلف غيرهما
؟
والجواب: أن صلاته صلى الله عليه وسلم خلف كل منهما ثابتة، فابن عوف بلا خوف، والصديق على الأصح ويلتئم اختلاف الروايات في صلاة أبي بكر بالتعدد بحيث كان في المرة الأولى منها التي يكمل منها ركعة امتنع أن أبا بكر إمامًا وحيثكان في الأخرى التي في مرض موت النبي صلى الله عليه وسلم واستمر حتى صلى خلفه الركعة الثانية من صلاة الصبح كما صرح به موسى ن عقبة فكأنه مضى معظم الصلاة، حتى الاستمرار ولما أن لم يمض منها إلا اليسير وكذا وقع لابن عوف حيث صلى النبي صلى الله عليه وسلم خلفه الركعة الثانية من الصبح فإنه استمر في صلاته إمامًا لهذا أفاده شيخنا. وهذه نبذة من اختلاف الروايات فروى سيف عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لم يصل النبي صلى الله عليه وسلم خلف أحد من أمته صلاة تامة إلا خلف أبي بكر وصلى خلف عبد الرحمن بن عوف ركعة. وعن هلال بن عامر عن رافع بن محمد عن أبيه نحوه انتهى. وصلاته صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر ثابتة من حديث موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله بن عائشة، وإليها أشار البيهقي بقوله: وفي هذه الرواية الصحيحة
أنه صلى الله عليه وسلم تقدم في تلك الصلاة، وعلق أبو بكر صلاته بصلاته، قال: وكذلك رواه الأسود بن زيد وابن أختها عروة بن الزبير عنها، وكذلك رواه الأرقم بن شرحبيل عن ابن عباس، ثم ذكر من طريق أسامة بن سوار حدثنا شعبة، عن نعيم بن أبي هند عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة قالت: صلى النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه خلف أبي بكر قاعدًا. ومن طريق مسلم بن إبراهيم عن شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلفه. ومن طريق هشيم أخبرنا يونس عن الحسن قال. وأخبرنا حميد عن أنس أنه صلى الله عليه وسلم خرج وهو في بردة قد خالف بين طرفيها وأبو بكر يصلي بالناس فجلس إلى جنبه فصلى بصلاته.
ومن طريق ابن أب مريم حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير أخبرني حميد أنه سمع أنسًا يقول: آخر صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في ثواب واحد متحفًا به خلف أبي بكر ثم قال. كذا قاله محمد بن جعفر ورواه سليمان بن بلال عن حميد عن ثابت عن أنس. وكذلك قاله يحيى بن أيوب عن حميد عن ثابت أنه حدثه عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر في ثوب واحد برد مخالفًا بين طرفيه ولما أراد أن يقوم قال: ادعو لي أسامة فجاء فأسند ظهره إلى نحره فكانت آخر صلاة صلاها. ورواية حميد عن ثابت عن أنس عند الترمذي وغيره وكذا النسائي
لكن بدون ثابت وإلى هذا الاختلاف أشار البيهقي ثم قال: وفي هذا دلالة على أن هذه الصلاة التي صلاها خلف أبي بكر كانت الصبح فإنها آخر صلاة صلاها وهي التي دعى أسامة حين فرغ منها فأوصاه في مسيرة، كما ذكره أهل المغازي يعني قال في مغازي موسى بن عقبة وغيره أن الصلاة التي صلى النبي صلى الله عليه وسلم بعضها خلف أبي بكر هي الصبح يوم الإثنين وإليه أشار ثم قال: فالذي يدل عليه هذه الروايات مع ما تقدم أنه صلى الله عليه وسلم صلى خلفه في تلك الأيام التي كان يصلي فيها بالناس مرة وصلى أبو بكر خلفه مرة وعلى هذا حمله البيهقي بقوله: وقد ذهب موسى بن عقبة في مغازيه إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في صلاة الصبح من يوم الإثنين حتى وقف إلى جنب أبي بكر فصلى خلفه ركعة، فلما سلم أبو بكر أتم صلى الله عليه وسلم الركعة الآخرة قال: وكذلك هو في مغازي أبي الأسود وعروة، وذلك يوافق ما رويناه عن حميد عن ثابت عن أنس في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر، ورواية نعيم بن أبي هند وغيره في حديث عائشة ولا ينافي ما رويناه عن الزهري وغيره عن أنس، ويكون الأمر فيه محمولاً على أنه رآهم وهم صفوف خلف أبي بكر في الركعة الأولى من الصبح فقال: ما حكى هو وابن عباس ثم خرج فأدرك معه الركعة الآخرة، أو خرج فصلى ثم قال: ما حكيا فنقلا بعض الخبر إلى آخر مقاله لا ينافيه ما رواه عبيد الله عن عائشة وابن عباس من أن الصلاة التي صلاها أبو بكر خلفه بعد ما افتتحها بالناس هي الظهر من يوم السبت والأحد على التعدد.
إذا علم هذا قد اثبت مسلم بن إبراهيم عن شعبة في رواية الاسود عن عائشة صلاته صلى الله عليه وسلم خلفه ـ وعند ابن المنذر أيضًا ووقع في رواية ابي داود الطيالسي عن شعبة التي علقها البخاري ووصلها البزار بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم المقدم بين يدي أبي بكر، وهي موافقة لما أورده البخاري وهما متخالفتان ورواه ابن خزيمة من جهة بندار عن الطيالسي فبين الاختلاف ولفظه عن عائشة: من الناس من يقول: كان أبو بكر المقدم بني يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، المقدم في الصف، ومنهم من يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم المقدم وظاهرها أن عائشة لم تشاهد ذلك، وكذا وقع الاختلاف في رواية مسروق عليها أيضًا، فرواه ابن حبان في صحيحه من رواية عاصم عن شقيق عنها بلفظ: كان أبو بكر يصلي بصلاته والناس يصلون بصلاة أبي بكر. وأخرجه الترمذي والنسائي وابن خزيمة كما تقدم من رواية
شعبة عن نعيم بن أبي هند عن شقيق بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر. ومع هذا الاختلاف فقد تضافرت الروايات عنها بالجزم هما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الإمام في تلك الصلاة منها رواية موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله شيخ الزهري عنها ففيها: فجعل أبو بكر يصلي بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس بصلاة أبي بكر. وهذه رواية زائدة بن قدامة عن موسى وخالفه شعبة أيضًا فرواه عن موسى بلفظ: أن أبا بكر صلى بالناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف خلفه. وإليهما أشار البيهقي كما قدمته، ولأجل هذا الاختلاف اختلف العلماء فسلك بعضهم الترجيح فقدم الرواية التي فيها أن ابا بكر كان مأمومًا للجزم بها، ولأن أبا معاوية أحفظ في حديث الأعمش من غيره، ومنهم من عكس ذلك ورجح أنه كان إمامًا، وتمسك بقول أبي بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومنهم من سلك الجمع فحمل القصة على التعدد كما سلف عن البيهقي وهو المعتمد. وأجاب عن قول أبي بكر ويتأيد باختلاف النقل عن الصحابة عائشة وابن عباس.
هذا ما أمكن الوقوف الآن عليه في صلاته صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر.
وأما صلاته خلف عبد الرحمن، فثابتة في صحيح مسلم من حديث المغيرة بن شعبة وكذا ذكرها خليفة بن خياط من حديث المغيرة أنه صلى الله عليه وسلم صلى خلفه في سفرة سافرها ركعة من صلاة الصبح. وأخرها الشافعي في مسنده قال: أخبرنا مسلم وعبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج عن ابن شهاب عن عباد بن زياد أن عروة بن المغيرة أخبره أن المغيرة بن شعبة أخبره أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك قال المغيرة: فتبرز رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الغائط فحملت معه إدواة قبل الفجر فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذت أهريق على يديه من الإدارة وهو يغسل يديه ثلاث مرات ثم غسل وجهه ثم ذهب يحسر جبته عن ذراعيه فضاق كما جبته فأدخل يده في الجبة حتى أخرج ذراعيه من أسفل الجبة وغسل ذراعيه إلى المرفقين ثم توضأ ومسح على خفيه ثم أقبل قال المغيرة: فأقبلت معه حتى نجد الناس قد قدموا عبد الرحمن بن عوف قد صلى لهم فأدرك النبي صلى الله عليه وسلم إحدى الركعتين معه وصلى مع الناس الركعة الأخيرة فلما سلم عبد الرحمن قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتم صلاته فأفزع ذلك المسلمين فأكثروا التسبيح فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته أقبل عليهم ثم قال: "أحسنتم" أو قال: "أصبتم" يغبطهم أنصلوا الصلاة لوقتها.
قال ابن شهاب: وحدثني إسماعيل بن محمد بن سعد ابن أبي وقاص، عن حمزة بن المغيرة نحو حديث عباد. قال المغيرة: فأردت تأخير عبد الرحمن، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم:"دعه" ولم تقع صلاته صلى الله عليه وسلم خلف غيرهما.
وقد روى البيهقي من حديث سليمان بن بلال عن أبي عبد العزيز الربذي عن مصعب بن محمد بن شرحبيل عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن عائشة في حديث أنه صلى الله عليه وسلم لما نظر لأبي بكر وهو يصلي بالناس قال: "الحمد لله ما من نبي يتوفاه الله حتى يؤمه رجل من أمته" وهو عند الواقدي، حدثني سليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن ابن أبي مليكة عن عبيد بن عمير رفعه: "ما هلك حتى يؤمه رجل من أمته
…
" وذكر الحديث. وبالله التوفيق.