الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
253 - [مسألة] ما قولكم في قول صاحب العلم المنشور في فضل الأيام والشهور: أولعت فسقة القصاص بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع من يصلي عليه، ثم أبطل ما احتجوا به وفي حديث: "ما من أحد يسلم علي
…
" إلى آخره وهل تعم الصلاة أم لا؟ وهل هو في الحاضر عند
الحرجة الشريفة أو يعم وإن بعدت المسافة أم لا؟ وقول بعض الخطباء في الثانية: فإنه في هذا اليوم يسمع بأذنيه صلاة من يصلي عليه، ومعنى "لتعرض"في حديث أنس "وتبلغني" في غيره، وهل هذا الكتاب مشهور، أو عليه العمل أم لا؟
وفي مسألة في فتاوى النووي، وهي: رجل حلف بالطلاق الثلاث، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع الصلاة عليه وفي الجواب لا يحكم بالحنث للشك في ذلك والورع أن يلتزم الحنث بينوا لنا ذلك مبسوطًا؟
نعم، قد جاء أنه صلى الله عليه وسلم يسمع الصلاة والسلام ممن يصلي ويسلم عليه عند قبره الشريف خاصة. ومن كان بعيدًا عنه يبلغه، ومما ورد في ذلك ما رواه أبو الشيخ الحافظ في كتاب "الثواب" له بسند جيد كما قال شيخنا
رحمه الله عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى علي عند قبري سمعته، ومن صلى علي من بعيد أعلمته" ولا ينافيه ما روي عنه صلى الله عليه وسلم بلفظ: "أكثروا الصلاة علي فإن الله عز وجل وكل بي ملكًا عند قبري فإذا صلى على رجل من أمتي قال لي ذلك الملك: يا محمد إن فلان بن فلان صلى عليك الساعة" فإنه على تقدير مقاومته للأول يحمل على المصلي
عليه من بعد، ونحوه ما روي عنه أيضًا أنه قال:"سلموا علي حيث ما كنتم فسيبلغني صلاتكم وسلامكم" ثم إنه لا فرق في عدم سماعه لمن يكون بعيدًا عنه بين يوم الجمعة وغيرها وإن اختصت الجمعة بمزيد فضل في ذلك وغيره.
وقد روينا عن يزيد الرقاشي قال: إن ملكًا موكل يوم الجمعة بمن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم يبلغه ذلك فيقول: إن فلانًا من أمتك يصلي عليك.
نعم، يروى عن الزهري مما أرسله مروفعًا:"أكثروا علي من الصلاة في الليلة الغراء واليوم الأزهر فإنهما أي اليوم الأزهر الذي هو يومالجمعة والليلة الغراء التي هي ليلته يؤديان عنكم"وعلى كل حال فقول الخطباء أو بعضهم فإنه في هذا اليوم أي يوم الجمعة يسمع بأذنيه من يصلي عليه لا
أعلم له إن حمل على ظاهره، مستندًا.
ويمكن الاستئناس لهم بظاهر رواية عند الطبراني في معجمة الكبير لفظها: "أكثروا الصلاة على يوم الجمعة فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة، ليس من عبد يصلي علي إلا بلغني صوته حيث كان" قلنا: وبعد وفاتك؟ قال: "وبعد وفاتي، إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء" ولكن المعتمد الأول. وقوله بلغني صوته لا تقتضي كونه بلاد واسطة إذا كان بعيدًا، ومما قاله بعضهم:
تراني أراني عند قبرك واقفًا
…
يناديك عبد ماله غيركم مولى
وتسمع عن قرب صلاتي كمثلما
…
تبلغ عن بعد صلاة الذي صلى
وإذا تقرر هذا، فما نقله السائل عن صاحب "العلم المنشور في فضل الأيام والشهور" أنه قال: أولعت فسقه القصاص بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع من يصلي عليه، فيشبه أن يكون إنكارًا منه لمن يقول بسماعه له بلاد واسطة عن بعد، وإذا كان كذلك فهو إنكار صحيح، وأما مطلقًا بحيث يتناول القريب فلا، والعلم المنشور وإن كان مشهورًا ففي مصنفع وهو الإمام أبو الخطاب ابن دحية مع كونه موصوًا بالمعرفة، وسعة العلم مقال وفي
تواليفه أشياء تنقم عليه من تصحيح وتضعيف عفا الله عنا وعنه.
وحديث: "ما من أحد يسلم عليَّ" خاص بالسلام لأن لفظه: "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله تعالى إلى روحي ـ أي نطقي على أحد التوجيهات ـ حتى أرد عليه السلام".
ومع ذلك فالظاهر حمله على القريب، بل قد زاد الشيخ موفق الدين ابن قدامة الحنبلي رحمه الله في الحديث حين إيراده له بعد قوله:"يسلم علي عند قبري" غير أني ما وقفت على هذه الزيادة فيما رأيته من طرق الحديث.
ولكن قد روينا عن أبي عبد الرحمن المقريء أن رده صلى الله عليه وسلم السلام
مختص بمن سلم عليه حال زيارته، وتوقف أبو اليمن ابن عساكر وقال: إنه إذا جوز رده صلى الله عليه وسلم على من يسلم عليه من الزائرين لقبره جوز رده على من يسلم عليه من جميع الآفاق، يعني عندما يبلغه كما تبلغ الصلاة، ويشهد لما قاله أبو اليمن حديث:"ما من مسلم يسلم علي في شرق ولا غرب إلا أنا وملائكة ربي نرد عليه السلام".
لكن قد وهي الحافظ الذهبي هذا الحديث جدًا.