الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في المنهاج كأصله خلافه، بناء فيما يظهر على عدم إمكان، والحديث شاهد للنص، على أن بعضهم كالشيخ أبي حامد حمل الكسر في الحديث على القلع من أصله، ولكن استبعده شيخنا وقال غيره: إنه خلاف الظاهر. والله أعلم.
298 - مسألة: في الحديث الوارد في تشديد أكل درهم ربا على زيادة على ثلاثين زنية
.
فالجواب: هو في حديث عن عبد الله بن حنظلة الراهب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ: "درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية" أخرجه أحمد والدارقطني في سننه والطبراني في الكبير من حديث حسين محمد المروذي نا جرير بن حازم، عن أيوب عن ابن أبي مليكة عنه به. وحسين ـ مع كونه ثقة وخرج له الشيخان ـ لم ينفرد به، فقد رواه الدارقطني والطبراني أيضًا من حديث ليث بن أبي سليم عن ابن أبي مليكة ولفظه:"درهم من ربا أعظم عند الله من ستة وثلاثين زنية" زاد في رواية الدارقطني: في [الخطيئة] وهي زيادة منكرة، ورواه عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة، فقال عن عبد الله بن حنظلة عن كعب الأحبار قوله
ولفظه: "لأن أزني ثلاثًا وثلاثين زنية أحب إليَّ من أن آكل درهم ربا يعلم الله أني آكله حين آكله ربا" أخرجه أحمد والدارقطني أيضًا وقال: إنه أصح من المرفوع، يعني لأن ابن جريج أحفظ من جرير، وأعلم بحديث ابن أبي مليكة منه، ولكن قد تابع جريرًا ليث بن أبي سليم كما قدمت، ولذا توقف شيخنا في تعليل المرفوع بالوقف وقال: بل الظاهر أنهما حديثان، لاختلاف لفظهما نعم، رواه العقيلي في الضعفاء بلفظ المرفوع من طريق ابن جريج حدثني ابن أبي مليكة أنه سمع عبد الله بن حنظلة يحدث عن كعب الأحبار أنه قال:"درهم ربا يأكله الإنسان وهو يعلم أعز في الإثم من ستة وثلاثين زنية" ومع ذلك فالعلة غير قادحة، فإنه لا مانع أن يكون عند ابن حنظلة مرفوعًا، وموقوفًا، وقد رواه مرفوعًا عمران بن أنس أبو أنس عن ابن ابي مليكة، ولكنه عن عائشة، بدل عبد الله بن حنظلة ولفظه:"لدرهم ربا أعظم عند الله من سبعة وثلاثين زنية" أخرجه العقيلي في الضعفاء وقال: لا يتابع عليه وهو كما قال، وقد توسع ابن الجوزي في إدخال هذا الحديث في موضوعاته وبينا وجه انتقاده مبسوطًا في محل آخر، والحديث حسن، سيما وله شواهد، منها: عن ابن عباس مرفوعًا: "من أكل درهمًا من ربا فهو مثل ثلاثة وثلاثين زنية، ومن نبت لحمه من سحت فالنار أولى به" أخرجه البيهقي في الشعب والطبراني
في الأوسط والصغير وغيرهما من جهة محمد بن حمير عن إسماعل بن عياش عن حنش عن عكرمة عنه، وسنده ضعيف، وهو عند ابن عدي من وجه آخر عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس نحوه.
ومنها ـ وهو شاهد قوي ـ عن عبد الله بن سلام رفعه: "الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله من ثلاثة وثلاثين زنية يزنيها في الإسلام" أخرجه الطبراني في الكبير من حديث عطاء الخراساني عنه، وعطاء لم يسمع منه. وقد رواه ابن أبي الدنيا والبغوي وغيرهما موقوفًا على عبد الله. قال المنذري: وهو الصحيح ولفظه عند بعضهم: قال عبد الله: "الربا اثنان وسبعون حوبًا أصغرها حوبًا كمن أتى أمه في الإسلام، ودرهم من الربا أشد من بضع وثلاثين زنية قال: ويأذن الله بالقيام للبر والفاجر يوم القيامة، إلا آكل الربا، فإنه لا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس".
ومنها عن أنس قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الربا وعظم شأنه،
وقال: "إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ستة وثلاثين زنية يزنيها الرجل، وإن اربى الربا عرض الرجل المسلم".
أخرجه ابن عدي من طريق محمد بن علي بن الحسن بن شقيق عن أبيه أخبرني أبو مجاهد عن ثابت عن أنس به. وهو عند ابن أبي الدنيا في ذمة الغيبة له والبيهقي وآخرين.
ومنها: عن عائشة، أخرجه أبو نعيم في الحلية وبعضها يؤكد بعضا، واستظهر ابن الجوزي لما جنح إليه بأن المعاصي يعلم مقاديرها بتأثيراتها، والزنا يفسد الأنساب ويصرف الميراث إلى غير مستحقه، ويؤثر من القبائح ما لا يؤثر أكل لقمة لا تتعدى ارتكاب نهي. انتهى. بل يتعدى ضرر الزنا إلى غيره أيضًا، وكفى بقوله صلى الله عليه وسلم:"من نبت لحمه من سحت فالنار أولى به" وقوله فيمن يمد يديه إلى السماء ممن غذي بالحرام: "أنى يُستجاب له" وما أشبهها مما يطول. والله الموفق.