الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
لكل ذكر من هذه الأذكار المطلقة تأثيره على القلب البشري إن في المعرفة الذوقية لله تعالى، أو في القيام بالعبودية له جل جلاله.
فالتسبيح يعمق في القلب تنزيه الله عز وجل، والتنزيه من أرقى ما دعا إليه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقد ندبنا إلى كثرة التسبيح لكثرة ما يطغى على القلب من معاني التشبيه كأثر عن غلبة الحواس على قلب الإنسان.
والحمد يعمق في القلب شعور الإنسان بأن كل شيء هو من نعم الله، وقد ندبنا إلى الإكثار من الحمد لكثرة ما يطغى على القلب من شعور بأن هناك منعماً سوى الله عز وجل.
والتكبير يعمق في القلب تعظيم الله عز وجل، وقد ندبنا إلى الإكثار منه لكثرة ما يطغى على القلب من شعور بعظمة غير الله عز وجل.
والتوحيد أرقى ما بعث به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقد ندبنا إلى الإكثار منه لكثرة ما يطغى على القلب من أنواع الشرك الظاهر والخفي.
وإذا كان من طبيعة النفس البشرية أن تعتد بحولها وقوتها محاولة النزوع إلى منازعة الله ربوبيته، فقد ندبنا إلى الإكثار من الحوقلة لنفر من حولنا وقوتنا إلى حول الله وقوته لنعيد أنفسنا إلى حظيرة المعرفة بالله، وأن كل شيء بعلمه وإرادته وقدرته، ولأن الإنسان كثيراً ما يتطلع إلى غير الله في الشدائد والأزمات فقد ندبنا إلى الإكثار من قول حسبنا الله ونعم الوكيل.
ولأن الذنوب الظاهرة والباطنة تخالط الإنسان إلا من عصم ربي فقد ندبنا إلى الإكثار من الاستغفار، ولأن كل رحمة خاصة ونعمة خاصة إنما تصل إلى الإنسان بواسطة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ندبنا إلى الإكثار من الصلاة عليه- عليه الصلاة والسلام اعترافاً بالجميل وإقراراً بالفضل، وتأكيداً للإيمان به عليه الصلاة والسلام، وبالله الذي أرسله رحمة للعالمين.
وهكذا تجد كل ذكر ندبنا إليه له أثره في القلب تزكية وتنويرا.
ولقد دأب بعض الشيوخ أن يطلب من أهل السير إلى الله عز وجل أن يذكروا الله عز وجل بأحد الأذكار المطلقة عشرات المرات ثم ينقلونه إلى غيره حتى يتعمق في قلبه المعنى الذي من أجله شرع هذا الذكر، وهو اجتهاد طيب نسأل الله القبول.
وقد دأب العارفون بالله أن يوصوا الراغبين في الوصول إلى النور التام في الدنيا والآخرة أن يكثروا من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأي صيغة تحقق الصلاة والتسليم عليه. وهذا الأمر واسع لا كما يظنه بعض الناس، وإن العارفين بالله يعتبرون كثرة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم تنوب مناب الولي المرشد حال فقده، وذلك لأن عز وجل يصلي على من يصلي على رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن صلى عليه أخرجه من الظلمات إلى النور قال تعالى:{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} (1).
(1) الأحزاب: من 43.