المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثانيفضل الدعاء وبعض أحكامه وآدابه - الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام - جـ ٥

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأولفضل الذكر وفضل مجالسه

- ‌فوائد

- ‌الباب الثانيفضل الدعاء وبعض أحكامه وآدابه

- ‌مسائل وفوائد حول الذكر والدعاء

- ‌الباب الثالثبعض أذكار الصباح والمساء ودعواتهما

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الباب الرابعفي أدعية عامة

- ‌الفصل الأولفي أدعية مطلقة

- ‌الفصل الثانيفي الاستعاذات

- ‌الباب الخامسفي أذكار مطلقة

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأولالتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد والحوقلة

- ‌الفصل الثانيفي الاستغفار

- ‌الفصل الثالثفي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب السادسفي أذكار ودعوات مقيدة بمناسبة أو حال

- ‌الفصل الأولفي بعض أدعية النوم والاستيقاظ وأذكارهما

- ‌الفصل الثانيفي بعض أدعية الدخول إلى البيت والمسجد والخروج منها

- ‌الفصل الثالثفي بعض آداب المجالس ودعواتها

- ‌الفصل الرابعفي بعض أدعية الكرب والهم والفزع

- ‌الفصل الخامسفي ما يقال عند مناسبة أو حال أو عملسوى ما مر أو سيمر معنا في مناسبته

- ‌ما يقوله من سئل عن حاله:

- ‌ما يقول إذا خلع ثوبه لغسل أو نوم أو نحوهما:

- ‌ما يقول إذا أراد دخول الخلاء:

- ‌ما يقول إذا خرج من الخلاء:

- ‌ما يقول بعد الوضوء:

- ‌ما يقول إذا استيقظ من الليل وخرج من بيته:

- ‌ما يقوله إذا راعه شيء أو فزع:

- ‌ما يقول إذا خاف قوماً:

- ‌ما يقول إذا غلبه أمر:

- ‌ما يقول إذا استصعب عليه أمر

- ‌ما يقوله من ابتلي بالدين:

- ‌في الدعاء عند رؤية الهلال

- ‌في دعاء الرعد والسحاب والريح وبعض الآداب فيها:

- ‌في دعاء الحفظ

- ‌ما يقال للزوج بعد عقد النكاح:

- ‌ما يقول من أراد أن يأتي أهله:

- ‌ما يقوله إذا سمع أصوات بعض الحيوان:

- ‌ما يقول إذا اشترى خادماً أو دابة:

- ‌ما يقوله من بلي بالوسوسة

- ‌بعض ما يقوله المريض وما يدعى له به:

- ‌دعاء خطبة الحاجة:

- ‌ما يقول من مات له ميت:

- ‌ما يقول عند الإفطار:

- ‌ما يقول إذا رأى هزيمة في المسلمين والعياذ بالله الكريم:

- ‌ما يقول إذا أشرف على واد:

- ‌ما يقول إذا نزل منزلاً:

- ‌التسمية عند الأكل والشرب

- ‌الأذان في أذن المولود

- ‌ما يقوله عند القيام من المجلس

- ‌ما يقول إذا غضب:

- ‌ما يقول إذا رأى مبتلى بمرض أو غيره

- ‌ما يقوله إذا شرع في إزالة منكر

- ‌ما يقوله إذا عثرت دابته

- ‌ما يقول إذا رأى الباكورة من الثمر

- ‌استحباب دعاء الإنسان لمن عرض عليه ماله أو غيره

- ‌ما يقول من رأى شيئاً فأعجبه:

- ‌ما يقول إذا رأى ما يحب وما يكره

- ‌ما يقول إذا نظر إلى السماء

- ‌ما يقول من لا يثبت على الخيل ويدعى له به

- ‌جواز التعجب بلفظ التسبيح والتهليل ونحوهما

- ‌ما يقول من تكلم بحرام:

- ‌استحباب الدعاء لمن أحسن إليه، وصفة دعائه:

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأولفي القناعة والعفة والترهيب من السؤال إلا إذاكان له مسوغاته ومتى يصلح أخذ العطاء

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأولفي القناعة والعفة

- ‌الفصل الثانيفي الترهيب من السؤال لغير حاجة أو مسوغوالترغيب في إعطاء السائل

- ‌الفصل الثالثفي أخذ العطاء إذا جاء من غيرسؤال أو استشراف

- ‌الباب الثانيفي الصدقات: فضلها وأحكامها وآدابها

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأولفي الحث على الصدقات وفضلها

- ‌عظم أجر من يتصدق من طيب كسبه:

- ‌المتصدق سراً ممن يحبهم الله:

- ‌الصدقة بسبعمائة ضعف:

- ‌أجر الصدقة بحسب القدرة:

- ‌الصدقة تطفئ الغضب وتقي مصارع السوء:

- ‌اللهم أعط منفقاً خلفاً:

- ‌الصدقة وقاية من الهلاك:

- ‌البركة في التصدق:

- ‌الصدقة قبل أن لا يجد من يأخذها:

- ‌مثل المتصدق والبخيل:

- ‌الصدقة وقاية من النار، والتصدق ولو بشق تمرة:

- ‌الصدقة على غير الفقير لمن لا يعلم حاله:

- ‌حث النساء على الصدقة:

- ‌المتصدق في ظل صدقته:

- ‌يبقى ما يتصدق به من مال:

- ‌من أخلص في صدقته يظله الله بظله:

- ‌حرمة الكنز من غير إخراج حقه:

- ‌الإعطاء من غير إحصاء:

- ‌الفصل الثانيفي النفقة على حاجات النفس والعيال صدقة

- ‌النصوص

- ‌الفصل الثالثفي النفقة على الأرحام والأقارب والأزواج

- ‌النصوص

- ‌الفصل الرابعفي الصدقة عن الأموات

- ‌النصوص

- ‌الفصل الخامسفي إنفاق المرأة من مال زوجها والخادم من مال سيده

- ‌النصوص

- ‌الفصل السادسفي الإسراع في إخراج الصدقات وعدم كنز المال

- ‌الفصل السابعفي النهي عن العودة في الصدقة وفي شرائها

- ‌النصوص

- ‌الفصل الثامنفي الإخلاص في الصدقة وغيرها

- ‌النصوص

- ‌الفصل التاسعفي أمور متفرقات

- ‌النصوص

- ‌الباب الثالثفي الزكوات وما يتعلق بها

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأولفي وجوب الزكاة وإثم تاركها وعقوبته

- ‌النصوص

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل الثانيشروط وجوب الزكاة وشروط صحة أدائها

- ‌شروط وجوب الزكاة:

- ‌شروط صحة أداء الزكاة:

- ‌النصوص

- ‌فوائد

- ‌الفصل الثالثفي الأموال التي تجب فيها الزكاةوفي أنصبتها ومقادير الزكاة الواجبة

- ‌أنواع الأموال التي تجب فيها الزكاة:

- ‌1 - النقود:

- ‌2 - (زكاة المعادن والركاز)

- ‌3 - (زكاة العروض التجارية):

- ‌4 - زكاة الزروع والثمار

- ‌5 - زكاة الحيوان أو الأنعام:

- ‌النصوصفي النصاب:

- ‌أحاديث جامعة في مقادير الزكاة:

- ‌في زكاة البقر:

- ‌في زكاة الخيل:

- ‌في صفة ما يؤخذ زكاة:

- ‌في زكاة الزروع والثمار:

- ‌في زكاة الحلي:

- ‌في الركاز:

- ‌إخراج القيمة في الزكاة:

- ‌زكاة عروض التجارة:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل الرابعفي بعض آداب العاملين على الزكاة وفي مصارفها

- ‌مصارف الزكاة:

- ‌النصوص

- ‌آداب العاملين على الزكاة:

- ‌في مصارف الزكاة

- ‌لا تحل الزكاة لآل البيت:

- ‌لا تحل الصدقة لغني:

- ‌لمن تحل المسألة:

- ‌لمن تحل الصدقة:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفصل الخامسفي متفرقات في الزكاة

- ‌وسم إبل الصدقة:

- ‌تعجيل الزكاة:

- ‌ما يبرئ من حق الزكاة:

- ‌الباب الرابعفي الأوقاف وما يتعلق بها

- ‌مقدمة

- ‌عرض فقهي إجمالي:

- ‌الأوقاف

- ‌الركن الأول: الموقوف

- ‌الركن الثاني (شروط الواقف):

- ‌الركن الثالث: الموقوف عليه:

- ‌الركن الرابع: صيغة الوقف وألفاظ الوقف:

- ‌شروط صيغة الوقف:

- ‌الشرط الأول- التأبيد:

- ‌الشرط الثاني- التنجيز:

- ‌الشرط الثالث- الإلزام:

- ‌الشرط الرابع: عدم الاقتران بشرط باطل

- ‌الشرط الخامس عند الشافعية: بيان المصرف

- ‌نفقات الوقف:

- ‌جواز استبدال الوقف وبيعه حالة الخراب:

- ‌شروط الاستبدال:

- ‌شروط الناظر:

- ‌عزل الناظر:

- ‌النصوص

- ‌مسائل وفوائد

- ‌خاتمة

الفصل: ‌الباب الثانيفضل الدعاء وبعض أحكامه وآدابه

‌الباب الثاني

فضل الدعاء وبعض أحكامه وآدابه

ص: 2073

2956 -

* روى الترمذي عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الدعاء هو العبادة" ثم قرأ {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (1).

وفي رواية (2) أبي داود قال: "الدعاء هو العبادة" قال ربكم: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} .

أقول: معرفة الله عز وجل ومعرفة صفاته هي أرقى ما كلف به المكلف، ومعرفة أن مقام العبودية للإنسان هو أرقى مقاماته، هذه المعرفة هي لباب التكليف، والدعاء إقرار عملي بوجود الله وصفاته واتصافه بالصفات العليا والأسماء الحسنى، كما أنه المظهر الأسمى لافتقار الإنسان ولإقراره بمقام العبودية لله عز وجل، ولهذا وغيره كان الدعاء هو العبادة وهذا لا ينفي أن يدخل في العبادة غير الدعاء، ولكنه تبيان لأهمية الدعاء في باب العبادة.

قال في (عون المعبود 1/ 551): الدعاء هو العبادة أي هو العبادة الحقيقية التي تستأهل أن تسمى عبادة لدلالته على الإقبال على الله والإعراض عما سواه بحيث لا يرجو ولا يخاف إلا إياه قائماً بوجوب العبودية معترفاً بحق الربوبية عالماً بنعمة الإيجاد طالباً لمدد الإمداد على وفق المراد وتوفيق الإسعاد وكذا في المرقاة.

2957 -

*روى أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس شيء أكرم على الله من الدعاء".

2956 - الترمذي (5/ 374، 375) 48 - كتاب تفسير القرآن، 42 - باب "ومن سورة المؤمن" وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وهو كما قال.

(1)

غافر: 60.

(2)

أبو داود (2/ 76، 77) كتاب الصلاة، باب الدعاء.

2957 -

أحمد (2/ 362).

الترمذي (5/ 455) 49 - كتاب الدعاء، 1 - باب ما جاء في فضل الدعاء، وقال: حديث حسن.

ابن ماجه (2/ 1258) 34 - كتاب الدعاء، 1 - باب فضل الدعاء.

ابن حبان (2/ 115) باب الأدعية، ذكر البيان أن دعاء المرء لله جل وعلا من أكرم الأشياء عليه.

الحاكم (1/ 490) وصححه، وأقره الذهبي، وقد ذكره البخاري في كتابه (الأدب المفرد).

ص: 2075

2958 -

*روى أبو يعلى عن أنس أنه حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى "أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني".

2959 -

* روى البزار عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم مبتلين فقال "أما كان هؤلاء يسألون الله العافية".

2960 -

*روى أبو يعلى عن أبي هريرة قال "إن أبخل الناس من بخل بالسلام وأعجز الناس من عجز عن الدعاء".

2961 -

*روى أحمد عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد (شك الأعمش) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن لله تعالى عتقاء في كل يوم وليلة، لكل عبد منهم دعوة مستجابة".

وفي رواية (1) عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن لله في كل يوم وليلة عتقاء من النار في شهر رمضان وإن لكل مسلم دعوة يدعو بها فيستجاب له".

2962 -

* روى الترمذي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر".

أقول: ما كان في علم الله عز وجل فإنه لا يطرأ عليه تغيير، وما كان في اللوح المحفوظ فإنه لا يتغير ولا يتبدل، وإنما التغيير والتبدل ممكنان بالنسبة لعلم العباد فزيادة العمر أو

2958 - أبو يعلى (6/ 12، 13).

مجمع الزوائد (10/ 148)، وقال الهيثمي: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح.

2959 -

كشف الأستار (4/ 36) كتاب الأدعية، باب طلب الدعاء.

مجمع الزوائد (10/ 147) وقال الهيثمي: رواه البزار، ورجاله ثقات.

2960 -

مجمع الزوائد (10/ 146) وقال الهيثمي: رواه أبو يعلي موقوفاً في آخر حديث ورجاله رجال الصحيح.

أبو يعلى (12/ 5) موقوف على أبي هريرة.

2961 -

أحمد (2/ 254) وهو حديث صحيح.

(1)

كشف الأستار (4/ 40) باب دعاء المسلم.

مجمع الزوائد (10/ 149) وقال الهيثمي: قلت: رواه ابن ماجه باختصار الدعوة، ورواه البزار، ورجاله ثقات.

2962 -

الترمذي (4/ 448) 33 - كتاب القدر، 6 - باب ما جاء لا يرد القدر إلا الدعاء.

قال محقق الجامع: وهو حديث حسن، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

ص: 2076

رد القضاء متصوران بالنسبة لصحف الملائكة وعلى هذا يحمل رد القضاء أو زيادة العمر الواردان في الحديث، ومن العلماء من حمل زيادة العمر على أن المراد بها البركة فيه.

قال في فيض القدير (6/ 449 - 450): أراد بالقضاء هنا الأمر المقدر لولا دعاؤه .. (ولا يزيد في العمر إلا البر) يعني العمر الذي كان يقصر لولا بره أو أراد بزيادته البركة فيه فعلى الأول يكون الدعاء والبر سببين من أسباب السعادة والشقاوة ولا ريب أنهما مقدران أيضاً قال القاضي: مر أن القضاء قسمان جازم لا يقبل الرد والتعويق ومعلق وهو أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً ما لم يرده عائق وذلك العائق لو وجد كان ذلك أيضاً قدراً مقضياً، وقيل المراد بالقضاء ما يخاف نزوله وتبدو طلائعه وأماراته من الكاره والفتن ويكون القضاء الإلهي خارجاً بأن يصان عنه العبد الموفق للخير فإذا أتى به حرس من حلول ذلك البلاء فيكون دعاؤه كالراد لما كان يظن حلوله ويتوقع نزوله.

قال النووي في (الأذكار 354): قال الغزالي: فإن قيل فما فائدة الدعاء مع أن القضاء لا مرد له، فاعلم أن من جملة القضاء رد البلاء بالدعاء.

2963 -

* روى الجماعة إلا النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت ربي، فلم يستجب لي".

وفي أخرى لمسلم (1) قال: "لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك، ويدع الدعاء".

وفي رواية (2) الترمذي قال: "ما من رجل يدعو الله بدعاء إلا استجيب له،

2963 - البخاري (11/ 140) 80 - كتاب الدعوات، 22 - باب يستجاب للعبد ما لم يعجل.

مسلم (4/ 2095) 48 - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، 25 - باب بيان أنه يستجاب للداعي ما لم يعجل .. إلخ.

أبو داود (2/ 78) كتاب الصلاة، باب الدعاء.

الترمذي (5/ 464) 49 - كتاب الدعاء، 12 - باب ما جاء فين يستعجل في دعائه. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ابن ماجه (2/ 1266) 34 - كتاب الدعاء، 7 - باب يستجاب لأحدكم ما لم يعجل.

(1)

مسلم (4/ 2096) الموضع السابق.

(2)

الترمذي (5/ 566) 49 - كتاب الدعوات، 116 - باب في انتظار الفرج وغير ذلك.

ص: 2077

فإما أن يعجل له في الدنيا، وإما أن يدخر له في الآخرة، وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، أو يستعجل، قالوا: يا رسول الله، وكيف يستعجل؟ قال: يقول: دعوت ربي فما استجاب لي".

وفي أخرى (1) له قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يرفع يديه حتى يبدو إبطه يسأل الله مسألة، إلا آتاه الله إياها ما لم يعجل، قالوا: يا رسول الله، وكيف عجلته؟ قال: يقول: قد سألت وسألت فلم أعط شيئاً".

2964 -

*روى أحمد عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها، أو صرف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، فقال رجل من القوم: إذاً نكثر، قال: الله أكثر".

قال الجراحي في تفسير قوله عليه الصلاة والسلام: الله أكثر: أي أكثر إجابة.

2965 -

*روى رزين عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من عبد مسلم يدعو بدعاء، إلا آتاه الله ما سأل، أو ادخر له في الآخرة خيراً منه، أو كف عنه من السوء مثله، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم".

وفي رواية (2)"ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ما سأل، أو كف عنه من السوء مثله، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم".

(1) الترمذي (5/ 462) 49 - كتاب الدعاء، 9 - باب ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة.

(قطيعة رحم) القطيعة: الهجر والصد، والرحم: الأقارب والأهون، والمراد: أن لا يصل أهله ويبرهم ويحسن إليهم.

(فيستحسر) الاستحسار: الاستنكاف عن السؤال، وأصله من حسر الطرف: إذا كل وضعف نظره، يعني: أن الداعي إذا تأخرت إجابته تضجر ومل، فترك الدعاء واستنكف.

2964 -

أحمد (5/ 329).

الترمذي (5/ 566) 49 - كتاب الدعوات، 116 - باب في انتظار الفرج وغير ذلك، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح وهو كذلك.

2965 -

رواه رزين في مسنده، وهو حديث صحيح.

(2)

الترمذي (5/ 462) 49 - كتاب الدعاء، 9 - باب ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة.

ص: 2078

2966 -

*روى أحمد عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها في الآخرة. وأما أن يصرف عنه من السوء مثلها قالوا: إذاً نكثر قال الله أكثر".

أقول: وعلى ما ورد في هذين النصين نفهم قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فالاستجابة محققة، ولكن نوع الاستجابة منوط بالمشيئة الإلهية. فإما تعجيل أو تأجيل أو صرف سوء.

2967 -

* روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ ".

وفي رواية (1) لمسلم: "إن الله عز وجل يمهل حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول، نزل إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من مستغفر؟ هل من تائب؟ هل من داع؟ حتى ينفجر الفجر".

وفي أخرى (2): "إذا مضى شطر الليل، أو ثلثاه، ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من سائل فيعطى؟ هل من داع فيستجاب له؟ هل من مستغفر فيغفر له؟ حتى ينفجر الصبح".

2966 - أحمد (3/ 18).

كشف الأستار (4/ 40) كتاب الأدعية، باب دعاء المسلم.

أبو يعلى (2/ 296).

مجمع الزوائد (10/ 148، 149) وقال الهيثمي: رواه أحمد وأبو يعلي بنحوه والبزار والطبراني في الأوسط، ورجال أحمد، وأبي يعلي، وأحد إسنادي البزار رجاله رجال الصحيح، غير علي بن علي الرفاعي، وهو ثقة، وقال عنه في التقريب لا بأس به.

2967 -

البخاري (3/ 29) 19 - كتاب التهجد، 14 - باب الدعاء والصلاة من آخر الليل.

مسلم (1/ 521) 6 - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، 24 - باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه.

(1)

مسلم (1/ 523) الموضع السابق.

(2)

مسلم (1/ 522) الموضع السابق.

ص: 2079

وفي أخرى (1) له قال: "ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول، فيقول: "أنا الملك أنا الملك، من ذا الذي يدعوني" .. الحديث، إلى آخره-: وقال: "حتى يضيء الفجر".

وفي أخرى (2) له نحوه، وفي آخره:"ثم يقول: من يقرض غير عديم ولا ظلوم". وفي أخرى (3) نحوه، وفيه:"ثم يبسط يديه تبارك وتعالى، ويقول: من يقرض .. وذكر الحديث".

قال الحافظ في الفتح (3/ 30): وقد اختلف في معنى النزول على أقوال:

- فمنهم من حمله على ظاهره وحقيقته، وهم المشبهة، تعالى الله عن قولهم.

- ومنهم من أنكر صحة الأحاديث الواردة في ذلك جملة، وهم الخوارج والمعتزلة وهو مكابرة، والعجب أنهم أولوا ما في القرآن من نحو ذلك. وأنكروا ما في الحديث. إما جهلاً وإما عناداً.

- ومنهم من أجراه على ما ورد، مؤمناً به على طريق الإجمال منزهاً الله تعالى عن الكيفية والتشبيه، وهم جمهور السلف. ونقله البيهقي وغيره عن الأئمة الأربعة والسفيانين والحمادين والأوزاعي والليث وغيرهم.

- ومنهم من أوله على وجه يليق، مستعمل في كلام العرب.

- ومنهم من أفرط في التأويل حتى كاد أن يخرج إلى نوع من التحريف.

- ومنهم من فصل بين ما يكون تأويله قريباً مستعملاً في كلام العرب، وبين ما يكون بعيداً مهجوراً، فأول في بعض وفوض في بعض. وهو منقول عن مالك، وجزم به من المتأخرين ابن دقيق العيد.

(1) مسلم (1/ 522) الموضع السابق.

(2)

مسلم (1/ 522) الموضع السابق.

(3)

مسلم (1/ 522) الموضع السابق.

(عديم) العديم: الذي لا شيء عنده، فعيل بمعنى فاعل.

(ظلوم) الظلوم: الظالم.

ص: 2080

قال البيهقي: وأسلمها الإيمان بلا كيف، والسكوت عن المراد، إلا أن يرد ذلك عن الصادق، فيصار إليه. من الدليل على ذلك، اتفاقهم على أن التأويل المعين غير واجب، فحينئذ التفويض أسلم.

وقال النووي: هذا الحديث من أحاديث الصفات وفيه مذهبان مشهوران للعلماء: أحدهما، وهو مذهب جمهور السلف وبعض المتكلمين أنه يؤمن بأنها حق على ما يليق بالله تعالى. وأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد. ولا يتكلم في تأويلها. مع اعتقاد تنزيه الله تعالى عن صفات المخلوق وعن الانتقال والحركات وسائر سمات الخلق. والثاني مذهب أكثر المتكلمين وجماعات من السلف، أنها تتأول على ما يليق بها بحسب مواطنها، فعلى هذا تأولوا هذا الحديث تأويلين: أحدهما تأويل مالك بن أنس رضي الله عنه، وغيره، معناه تنزل رحمته وأمره أو ملائكته. كما يقال: فعل السلطان كذا، إذا فعله أتباعه بأمره. والثاني أنه على الاستعارة، ومعناه الإقبال على الداعين بالإجابة واللطف. انظر صحيح مسلم رقم 758 والفتح (13/ 464).

أقول: المراد من النص حث الإنسان على الدعاء في ذلك الوقت ونرجح من الأقوال الإثبات مع التنزيه أي نرجح مذهب البيهقي.

قال الحافظ: وفي حديث الباب من الفوائد: تفضيل صلاة آخر الليل على أوله، وتفضيل تأخير الوتر، لكن ذلك في حق من طمع أن ينتبه، وأن آخر الليل أفضل للدعاء والاستغفار، ويشهد له قوله تعالى:{وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} وأن الدعاء في ذلك الوقت مجاب، ولا يعترض على ذلك بتخلفه عن بعض الداعين، لأن سبب التخلف وقوع الخلل في شرط من شروط الدعاء، كالاحتراز في المطعم والمشرب والملبس، أو لاستعجال الداعي، أو بأن يكون الدعاء بإثم أو قطيعة رحم أو تحصل الإجابة ويتأخر وجود المطلوب لمصلحة العبد أو لأمر يريده الله.

2968 -

*روى أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا بقي ثلث الليل

2968 - أحمد (2/ 521).

مجمع الزوائد (10/ 154) وقال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

ص: 2081

ينزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا فيقول: من ذا الذي يدعوني فأستجيب له من ذا الذي يستغفرني فأغفر له من الذي يسترزقني فأرزقه، من ذا الذي يستكشف الضر أكشفه عنه حتى ينفجر الفجر".

2969 -

* روى الطبراني عن عثمان بن أبي العاص الثقفي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد هل من داع فيستجاب له هل من سائل فيعطي هل من مكروب فيفرج عنه فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله له إلا زانية تسعى بفرجها أو عشاراً".

2970 -

* روى الترمذي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال: "جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات".

2971 -

* روى الطبراني عن ابن عمر قال: نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الليل أجوب دعوة؟ قال "جوف الليل الآخر".

2972 -

*روى أبو داود عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم": "ثنتان لا تردان - أو قلما تردان- عند النداء، وعند البأس، حين يلحم بعضهم بعضاً".

وفي رواية (1) الموطأ قال: "ساعتان تفتح لهما أبواب السماء، وقل داع ترد عليه

2969 - الطبراني (المعجم الكبير)(96/ 51).

مجمع الزوائد (10/ 209) وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

(العشار): هو آخذ العشر ظلماً أو جامع الضرائب ظلماً، أو جامع ضرائب الجمارك خاصة ظلماً.

2970 -

الترمذي (5/ 527) 49 - كتاب الدعوات، 79 - باب.

(جوف الليل) جوف كل شيء: داخله ووسطه.

(دبر الصلوات) دبر كل شيء: وراءه وعقبه، والمراد به: الفراغ من الصلوات.

2971 -

مجمع الزوائد (10/ 155) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الثلاثة والبزار ورجال البزار والكبير رجال الصحيح.

2972 -

أبو داود (3/ 21) كتاب الجهاد، باب الدعاء عند اللقاء، وهو حسن صحيح كذا قال الحافظ.

(1)

الموطأ (1/ 70) 3 - كتاب الصلاة، 1 - باب ما جاء في النداء للصلاة.

ورواية الموطأ موقوفة على سهل بن سعد رضي الله عنه، قال ابن عبد البر: ومثله لا يقال بالرأي ثم ذكر أنه روي مرفوعاً أيضاً.

(النداء): الآذان بالصلاة.

(البأس) الخوف والمراد به: القتال.

ص: 2082

دعوته: حضرة النداء للصلاة، والصف في سبيل الله".

2973 -

*روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أقرب ما يكون العبد من ربه عز وجل وهو ساجد، فأكثروا الدعاء".

قال (النووي 4/ 200):

قوله صلى الله عليه وسلم "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء" معناه أقرب ما يكون من رحمة ربه وفضله، وفيه الحث على الدعاء في السجود وفيه دليل لمن يقول إن السجود أفضل من القيام وسائر أركان الصلاة، وفي هذه المسألة ثلاثة مذاهب.

. الثاني: أن تطويل القيام أفضل

الثالث: أنهما سواء

أ. هـ.

2974 -

* روى الترمذي عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أقرب ما يكون العبد من ربه في سجوده، وإذا قام يصلي في ثلث الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن".

وفي رواية الترمذي: "أقرب ما يكون العبد من الرب في جوف الليل الآخر فإن استطعت

الحديث.

2975 -

* روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء".

2973 - مسلم (1/ 350) 4 - كتاب الصلاة، 42 - باب ما يقال في الركوع والسجود.

أبو داود (1/ 231) كتاب الصلاة، 151 - باب في الدعاء في الركوع والسجود.

النسائي (2/ 226) 12 - كتاب التطبيق، 78 - أقرب ما يكون العبد من الله عز وجل.

2974 -

الترمذي (5/ 570) 49 - كتاب الدعوات، 119 - باب وصححه.

النسائي (1/ 283) 6 - كتاب المواقيت، 40 - إباحة الصلاة إلى أن يصلي الصبح.

ابن خزيمة (2/ 182) 485 - باب استحباب الدعاء في النصف الآخر رجاء الإجابة.

الحاكم (1/ 263).

2975 -

الترمذي (5/ 462) 49 - كتاب الدعاء، 9 - باب ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة.

الحاكم (1/ 544) وصححه وأقره الذهبي.

(الشدائد) جمع شديدة: وهي كل ما يمر بالإنسان من مصائب الدنيا.

(الرخاء) السعة في العيش وطيبه، وهو ضد الشدة.

ص: 2083

2976 -

*روى أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجراً ففجوره على نفسه".

2977 -

* روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم، يرفعها الله فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين".

وفي رواية (1): "ثلاث دعوات مستجابات، لا شك في إجابتهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على الولد".

وأخرج أبو داود (2) الثانية، وقال:"دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم".

2978 -

* روى الجماعة إلا الموطأ عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن، فقال: "اتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين

2976 - أحمد (2/ 367).

مجمع الزوائد (10/ 151) وقال الهيثمي: رواه أحمد والبزار بنحوه وإسناده حسن.

2977 -

الترمذي (5/ 578) 49 - كتاب الدعوات، 129 - باب في العفو والعافية.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وحسنه الحافظ ابن حجر وقد ضعفه بعضهم.

(1)

الترمذي (5/ 502) 49 - كتاب الدعوات، 48 - باب، وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

وهذه الرواية وردت في الترمذي في (4/ 314) 28 - كتاب البر والصلة، 7 - باب ما جاء في دعوة الوالدين، وهذه الرواية حسنة.

(2)

أبو داود (2/ 89) كتاب الصلاة، باب الدعاء بظهر الغيب.

(الغمام): السحاب، واحده: غمامة.

2978 -

البخاري (5/ 100، 101) 46 - كتاب المظالم، 9 - باب الاتقاء والحذر من دعوة المظلوم.

مسلم (1/ 50) 1 - كتاب الإيمان، 7 - باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام.

أبو داود (2/ 105) كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة.

الترمذي (3/ 21) 5 - كتاب الزكاة، 6 - باب ما جاء في كراهية أخذ خيار المال في الصدقة وهذا الحديث جاء أيضاً في الترمذي في (4/ 368) 28 - كتاب البر والصلة، 68 - باب ما جاء في دعوة المظلوم، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

النسائي (5/ 55) 23 - كتاب الزكاة، 46 - إخراج الزكاة من بلد إلى بلد.

ص: 2084

الله حجاب".

2979 -

*روى مسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل".

وفي رواية (1) أبي داود قال: "إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة: آمين، ولك بمثل".

وفي أخرى (2) لمسلم: قال صفوان بن عبد الله بن صفوان: "قدمت الشام، فأتيت أبا الدرداء في منزله، فلم أجده، ووجدت أم الدرداء، فقالت: أتريد الحج العام؟ فقلت: نعم، قالت: فادع لنا بخير، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل، كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل".

قال: فخرجت إلى السوق فلقيت أبا الدرداء، فقال لي مثل ذلك، يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

2980 -

* روى البزار عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا المرء لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة آمين ولك بمثله".

2981 -

* روى أبو داود عن مالك بن يسار السكوتي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سألتم الله عز وجل فسلوه ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها".

= ابن ماجه (1/ 568) 8 - كتاب الزكاة، 1 - باب فرض الزكاة.

2979 -

مسلم (4/ 2094) 48 - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، 23 - باب فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب.

(1)

أبو داود (2/ 89) كتاب الصلاة، باب الدعاء بظهر الغيب.

(2)

مسلم (4/ 2094) نفس الموضع السابق.

(بظهر الغيب): معناه في غيبة المدعو له وفي سره لأنه أبلغ في الإخلاص، قاله النووي.

2980 -

كشف الأستار (4/ 50) باب دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب.

مجمع الزوائد (10/ 152) وقال الهيثمي: رواه البزار، ورجاله ثقات.

2981 -

أبو داود (2/ 78) كتاب الصلاة، باب الدعاء، وهو حديث حسن.

ص: 2085

2982 -

* روى الطبراني عن أبي بكرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سلوا الله ببطون أكفكم ولا تسلوه بظهورها.

2983 -

* روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن المسألة: أن ترفع يديك حذو منكبيك أو نحوهما، والاستغفار: أن تشير بإصبع واحدة، والابتهال: أن تمد يديك جميعاً".

2984 -

* روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: رفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه".

2985 -

*روى أحمد عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه يدعو حتى إني لأسأم له مما يرفعهما.

2986 -

*روى أبو داود عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين".

2987 -

*روى أبو داود عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: "سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو في صلاته، فلم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عجل هذا، ثم دعاه فقال له- أو لغيره: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه، ثم ليصل

2982 - مجمع الزوائد (10/ 169) وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عمار بن خالد الواسطي وهو ثقة.

2983 -

أبو داود (2/ 79) كتاب الصلاة، باب الدعاء، وهو حديث صحيح.

2984 -

البخاري (2/ 516) 15 - كتاب الاستسقاء، 21 - باب رفع الناس أيديهم مع الإمام

2985 -

أحمد (6/ 225).

مجمع الزوائد (10/ 168) وقال الهيثمي: روه أحمد بثثة أسانيد ورجالها كلها رجال الصحيح.

2986 -

أبو داود (2/ 78) كتاب الصلاة، باب الدعاء، إلا أن أبا داود لم يذكر "خائبتين".

الترمذي (5/ 556، 557) 49 - كتاب الدعوات، 105 - باب، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وصححه الحاكم، قال الحافظ ابن حجر في الفتح وسنده جيد.

2987 -

أبو داود (2/ 77) كتاب الصلاة، باب الدعاء.

الترمذي (5/ 517) 49 - كتاب الدعوات، 65 - باب، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

النسائي (3/ 44) 13 - كتاب السهو، 48 - باب التمجيد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 2086

على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليدع بعد ما شاء".

2988 -

* روى الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة، ولا يقل: اللهم إن شئت فأعطني، فإن الله لا مستكره له".

2989 -

* روى الجماعة إلا النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ولكن ليعزم المسألة، فإن الله لا مكره له".

وفي رواية (1) للبخاري قال: "لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، ارحمني إن شئت، ارزقني إن شئت، وليعزم مسألته، إنه يفعل ما يشاء، لا مكره له".

وفي رواية (2) لمسلم: "لا يقولن أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، ارحمني إن شئت، ليعزم في الدعاء، فإن الله صانع ما شاء، لا مكره له".

وفي أخرى (3) له: "إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت، ولكن ليعزم وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه".

= الحاكم (1/ 230) كتاب الصلاة، وصححه ووافقه الذهبي.

2988 -

البخاري (11/ 139) 80 - كتاب الدعوات، 21 - باب ليعزم المسألة، فإنه لا مكره له.

مسلم (4/ 2063) 48 - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، 3 - باب العزم بالدعاء، ولا يقل إن شئت.

(فليعزم) عزمت على الأمر: إذا عقدت قلبك عليه، وجددت في فعله، والعزم: الجد والقطع على فعل الشيء ونفي التردد عنه، المعنى: لا تكن في دعائك متردداً، بل اجزم المسألة.

2989 -

البخاري، الموضع السابق.

مسلم، الموضع السابق.

(1)

البخاري، المواضع السابقة.

(2)

مسلم، المواضع السابقة.

(3)

مسلم، المواضع السابقة.

أبو داود (2/ 77) كتاب الصلاة، باب الدعاء.

الترمذي (5/ 526) 49 - كتاب الدعوات، 78 - باب.

ابن ماجه (2/ 1267) 34 - كتاب الدعاء، 8 - باب لا يقول الرجل: اللهم اغفر لي إن شئت.

ص: 2087

2990 -

* روى الطبراني عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تمنى أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه عز وجل".

2991 -

* روى أبو داود عن ابن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: "سمعني أبي وأنا أقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وبهجتها، وكذا وكذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها، وكذا وكذا، فقال لي: يا بني، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيكون قوم يعتدون في الدعاء" فإياك أن تكون منهم، إنك إن أعطيت الجنة أعطيتها وما فيها من الخير، وإن أعذت من النار أعذت منها وما فيها من الشر.

2992 -

* وى أحمد أحمد عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه "سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، فقال: أي بني سل الله الجنة، وتعوذ به من النار، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء".

2993 -

* روى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء، ويدع ما سوى ذلك".

2990 - مجمع الزوائد (10/ 150) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح.

2991 -

أبو داود (2/ 77) كتاب الصلاة، باب الدعاء.

(وبهجتها) البهجة: الحسن والنضارة.

(يعتدون) الاعتداء: مجاوزة الحد في الأمر، والمراد: الخروج في الدعاء عن الوضع الشرعي والسنة المأثورة.

2992 -

أحمد (4/ 87)

أبو داود (1/ 24) كتاب الطهارة، 45 - باب الإسراف في الماء، وإسناده صحيح.

ابن ماجه (2/ 1271) 34 - كتاب الدعاء، 12 - باب كراهية الاعتداء في الدعاء.

2993 -

أبو داود (2/ 77) كتاب الصلاة، باب الدعاء، وجود إسناده النووي في الأذكار وقال الحافظ السخاوي: هذا حديث حسن أخرجه أحمد وأبو داود.

(الجوامع): الأشياء التي تجمع الأشياء، جمع جامعة، أي: خصلة جامعة وألفاظ جامعة لمقاصد الحاجة، أو جامعة للثناء على الله تعالى والسؤال.

ص: 2088

2994 -

*روى أبو داود عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله عز وجل ساعة نيل، فيها عطاء، فيستجيب لكم".

2995 -

* روى الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها، حتى يسأل شسع نعله إذا انقطع".

2996 -

* روى البزار عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليسألن أحدكم ربه حاجته أو حوائجه كلها حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع وحتى يسأله الملح".

2997 -

* روى أبو يعلي عن عائشة قالت: سلوى الله كل شيء حتى الشسع فإن الله إن لم ييسره لم يتيسر.

2998 -

* روى الترمذي عن ابن مسعود البدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سلوا الله من فضله، فإن الله يحب أن يسأل، وأفضل العبادة انتظار الفرج".

2994 - أبو داود (2/ 88) كتاب الصلاة، باب النهي عن أن يدعو الإنسان على أهله وماله وهذا الحديث قد أخرجه مسلم بنحوه من حديث أبي اليسر رقم 3009 وفيه (لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم).

(نيل) النيل والنوال: العطاء.

2995 -

رواه الترمذي في سننه وحسنه.

ابن حبان (2/ 126) ذكر استحباب تفويض المرء للأمور كلها إلى بارئه .. إلخ وقد صححه ابن حبان وضعفه بعضهم.

(شسع نعله) شسع النعل: سير من سيورها التي تكون على وجهها يدخل بين الأصابع.

2996 -

كشف الأستار (4/ 37) باب سؤال العبد جميع حاجته.

مجمع الزوائد (10/ 150) وقال الهيثمي: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير سيار بن حاتم وهو ثقة، وقال ابن حجر: سيار بن حاتم صدوق له أوهام.

2997 -

مجمع الزوائد (10/ 150) وقال الهيثمي: رواه أبو يعلي ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن عبيد الله بن المنادى وهو ثقة، في التقريب محمد بن عبيد الله صدوق.

2998 -

الترمذي (5/ 565) 49 - كتاب الدعوات، 116 - باب في انتظار الفرج وغير ذلك وهو حديث حسن.

ص: 2089

2999 -

*روى أبو داود عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن امرأة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: صل علي وعلى زوجي، فقال:"صلى الله عليك وعلى زوجك".

3000 -

* روى الترمذي عن أبي بن كعب رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكر أحداً فدعاً له، بدأ بنفسه".

3001 -

* روى الطبراني والبزار عن أبي أيوب: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا بدأ بنفسه. وعن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله أي الدعاء أفضل قال: "دعاء المر لنفسه".

3002 -

* روى البزار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تبارك وتعالى ليرفع للرجل الدرجة فيقول أني لي هذه؟ فيقول بدعاء ولدك لك".

3003 -

*روى أبو داود عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه أن يدعو ثلاثاً ويستغفر ثلاثاً".

3004 -

* روى الترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنت أصلي والنبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر معه، فلما جلست بدأت بالثناء على الله، ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم دعوت لنفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"سل تعطه، سل تعطه".

2999 - أبو داود (2/ 88/ 89) كتاب الصلاة، باب الدعاء.

3000 -

الترمذي (5/ 463) 49 - كتاب الدعاء، 10 - باب ما جاء أن الداعي يبدأ بنفسه، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح.

3001 -

كشف الأستار (4/ 51) باب دعاء المرء لنفسه.

مجمع الزوائد (10/ 152) وقال الهيثمي: رواه البزار بإسنادين وأحدهما جيد.

حديث الطبراني عن أبي أيوب، وحديث البزار عن عائشة، وحديث الطبراني قال فيه الهيثمي: رواه الطبراني وإسناده حسن.

3002 -

كشف الأستار (4/ 39، 40) باب دعاء الولد لوالده.

مجمع الزوائد (10/ 153) وقال الهيثمي: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح، غير عاصم بن بهدلة وهو حسن الحديث، وله طرق في التوبة في استغفار الولد لوالده.

3003 -

أبو داود (2/ 86، 87) كتاب الصلاة، باب الدعاء.

3004 -

الترمذي (2/ 488) أبواب الصلاة، 416 باب ما ذكر في الثناء على الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الدعاء، وقال الترمذي: حديث عبد الله بن مسعود حديث حسن صحيح.

ص: 2090

3005 -

* روى الشيخان عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فجعل الناس يجهرون بالتكبير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس، اربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إنكم تدعون سميعاً بصيراً، وهو معكم، والذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته، قال أبو موسى: وأنا خلفه أقول: لا حول ولا قوة إلا بالله في نفسي، فقال: يا عبد الله بن قيس، ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله".

وفي رواية (1) الترمذي قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة، فلما قفلنا أشرفنا على المدينة، فكبر الناس تكبيرة ورفعوا بها أصواتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ربكم ليس بأصم ولا غائباً، وهو بينكم وبين رؤوس رحالكم، ثم قال: يا عبد الله بن قيس، ألا أعلمك كنزاً من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله" وفي هذا المعنى بسند قوي عن أبي هريرة.

وفي رواية (2) أبي داود نحو من رواية الترمذي، ومن راية البخاري ومسلم.

قال (النووي 17/ 26):

معناه ارفقوا بأنفسكم واخفضوا أصواتكم فإن رفع الصوت إنما يفعله الإنسان لبعد من يخاطبه ليسمعه وأنتم تدعون الله تعالى وليس هو بأصم ولا غائب بل هو سميع قريب وهو معكم بالعلم والإحاطة. ففيه الندب إلى خفض الصوت بالذكر إذا لم تدع حاجة إلى رفعه فإنه إذا خفضه كان أبلغ في توقيره وتعظيمه فإن دعت حاجة إلى الرفع رفع كما جاءت به.

3005 - البخاري (7/ 470) 64 - كتاب المغازي، 38 - باب غزوة خيبر.

(1)

مسلم (4/ 2076) 48 - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، 13 - باب استحباب خفض الصوت بالذكر.

الترمذي (5/ 509، 510) 49 - كتاب الدعوات، 58 - باب ما جاء في فضل التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

(2)

أبو داود (2/ 87) كتاب الصلاة، باب في الاستغفار.

(اربعوا) يقال: اربع على نفسك، أي: تثبت وانتظر.

(راحلته) الراحلة: البعير القوي على الأسفار والأحمال، سواء فيه الذكر والأنثى.

ص: 2091

أحاديث وقوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الأخرى: "والذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلة أحدكم" هو بمعنى ما سبق.

وترجم البخاري للحديث في كتاب الجهاد بقوله: باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير قال ابن حجر (6/ 135):

قال الطبري: فيه كراهية رفع الصوت بالدعاء والذكر، وبه قال عامة السلف من الصحابة والتابعين انتهى. وتصرف البخاري يقتضي أن ذلك خاص بالتكبير ند القتال، وأما رفع الصوت في غيره فقد تقدم في كتاب الصلاة حديث ابن عباس أن رفع الصوت بالذكر كان على العهد النبوي إذا انصرفوا من المكتوبة، وتقدم البحث فيه هناك.

وقد قال ابن حجر هناك (2/ 325) فيه دليل على جواز الجهر بالذكر عقب الصلاة، قال الطبري: فيه الإبانة عن صحة ما كان يفعله بعض الأمراء من التكبير عقب الصلاة

3006 -

* روى البزار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لينتهين ناس عن رفع أبصارهم إلى السماء عند الدعاء حتى تخطف يعني تخطف أبصارهم".

وفي رواية (2) لمسلم "لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء أو لتخطفن أبصارهم".

3007 -

*روى أحمد عن أبي هريرة قال "قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة وقمنا معه، فقال أعرابي وهو في الصلاة: اللهم ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحداً، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي: لقد حجرت واسعاً. يريد رحمة الله".

3006 - كشف الأستار (4/ 41) كتاب الأدعية، باب النهي عن رفع البصر عند الدعاء.

مجمع الزوائد (10/ 167) وقال الهيثمي: رواه البزار ورجاله رجال صحيح غير أحمد بن منصور، وهو ثقة.

(1)

مسلم (1/ 321) 4 - كتاب الصلاة، 26 - باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة.

3007 -

أحمد (2/ 171).

البخاري (10/ 438) 78 - كتاب الأدب، 27 - باب رحمة الناس والبهائم.

مجمع الزوائد (10/ 150) وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني بنحوه وإسنادهما حسن. وفي رواية أحمد والطبراني: "لقد حجبتهن عن ناس كثير".

ص: 2092

3008 -

* روى الطبراني عن محمد بن أبي يحيى قال: رأيت عبد الله بن الزبير ورأى رجلاً رافعاً يديه يدعو قبل أن يفرغ من صلاته فلما فرغ منها قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يرفع يديه حتى يفرغ من صلاته.

3009 -

*روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلاً من المسلمين، قد خفت، فصار مثل الفرخ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل كنت تدعو الله بشيء، أو تسأله إياه؟ قال: نعم، كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله! لا تطيقه ولا تستطيعه، أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار؟ قال: فدعا الله به، فشفاه الله تعالى".

وفي أخرى (1): "فقالها، فشفاه الله" هذه رواية مسلم، وانتهت رواية الترمذي عند قوله:"عذاب النار".

3010 -

* روى البزار عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما سأل العباد شيئاً أفضل من أن يغفر لهم ويعافيهم".

3011 -

* روى الطبراني عن أبي موسى الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ملعون من سأل بوجه الله، وملعون من سئل بوجه الله، ثم منع سائله ما لم يسأل هجراً".

3008 - مجمع الزوائد (10/ 169) وقال الهيثمي: رواه الطبراني وترجم له فقال: محمد بن أبي يحيى الأسلمي عن عبد الله ابن الزبير ورجاله ثقات.

3009 -

مسلم (4/ 2068، 2069) 48 - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، 7 - باب كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا.

مسلم الرواية في نفس الحديث السابق.

(1)

الترمذي (5/ 521، 522) 49 - كتاب الدعوات، 72 - باب ما جاء في عقد التسبيح باليد.

(خفت) الخفوت: الذبول والضعف.

3010 -

كشف الأستار (4/ 51، 52) كتاب الأدعية، باب طلب المغفرة والعافية.

مجمع الزوائد (10/ 174) وقال الهيثمي: رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح، غير موسى بن السائب، وهو ثقة.

3011 -

مجمع الزوائد (3/ 103) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن على ضعف في بعضه مع توثيق.

(الهجر): الخنا والقبيح من القول.

ص: 2093

3012 -

* روى الطبراني عن العرباض بن سارية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه سر الجنة، عليك بسر الوادي فإنه أمرعه وأعشبه".

3013 -

* روى الترمذي عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن أعمى أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ادع الله أن يكشف لي عن بصري. قال: أو أدعك قال يا رسول الله: إنه قد شق علي ذهاب بصري. قال: فانطلق فتوضأ، ثم صل ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة. يا محمد: إني أتوجه إلى ربي بك أن يكشف لي عن بصري اللهم شفعه في، وشفعني في نفسي" فرجع وقد كشف الله عن بصره (1).

3012 - مجمع الزوائد (10/ 171) وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله وثقوا.

(سر الوادي): سر كل شيء جوفه.

3013 -

الترمذي (5/ 569) 49 - كتاب الدعوات، 119 - باب، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. وكذلك رواه النسائي في عمل اليوم والليلة واللفظ له.

ابن ماجه (1/ 441) 5 - كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، 189 - باب ما جاء في صلاة الحاجة.

ابن خزيمة (2/ 225، 226) 527 - باب صلاة الترغيب والترهيب.

الحاكم (1/ 519) كتاب الدعاء، وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه.

(1)

حديث عثمان بن حنيف صحيح، أخرجه أحمد (3/ 138) والترمذي (3595) وابن ماجه (1385) والحاكم (1/ 313) والطبراني في الكبير (9/ 8311) وابن خزيمة كما في الترغيب والبيهقي أي في الدلائل، وكذا في الدعوات كما في القاعدة (107) والنسائي وكذا ابن أبي خيثمة كما في القاعدة (113) كلهم من حديث عثمان بن عمر عن شعبة عن أبي جعفر عن عمارة بن خزيمة عن عثمان بن حنيف، قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله أئمة ثقات لا مطعن فيه، وأبو جعفر هو الخطمي المدني خلافاً لمن ظنه الرازي كصاحب صيانة الإنسان، وكذا ابن حجر البوطامي وغيرهم لأمرين: أولهما: كونه ورد منسوباً عند أحمد والطبراني وغيرهم، ثانيهما: كون أبي جعفر هذا مدنياً والآخر رازياً، وثمة أمر آخر وهو كون الخطمي يروي عنه شعبة ويروي هو عن عمارة بن خزيمة، وليست هذه للأول، فثبت كون الحديث صحيحاً، وقد تابع شعبة حمخاداً ثنا أبو جعفر أخرجه أحمد (3/ 138) وحماد هو ابن سلمة أحد الأئمة إلا أن له أوهاماً: ثنا المؤمل ثنا حماد ثنا أبو جعفر به وهذا سند صحيح، وخالف المؤمل مسلم بن إبراهيم، أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا حماد بن سلمة به وزاد "وإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك" قلت: وقد أعل ابن تيمية هذه الزيادة بتفرد حماد بها ومخالفته لمن هو أجل وأحفظ. فهي زيادة شاذة قطعاً، ورجح كونها من قول عثمان بن حنيف وليست من المرفوع. قال الطبراني بعد سياقه: روى هذا الحديث شعبة عن أبي جعفر تفرد به عثمان بن عمر عن شعبة، قلت: بل تابع عثمان بن عمر روح بن عبادة، أخرجه أحمد (4/ 138) ثنا روح ثنا شعبة به وهو عند البيهقي في الدعوات من رواية روح، وقد ذكر الطبراني مبلغ علمه والله أعلم. قلت: وتابع شعبة كذلك روح بن القاسم، وهشام الدستوائي لكنهما روياه عن أبي جعفر عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أخرجه البيهقي وغيره كما =

ص: 2094

وليس عند الترمذي: ثم صل ركعتين، إنما قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه، ثم يدعو بهذا الدعاء فذكره بنحوه. ورواه في الدعوات.

قال المنذري رحمه الله: ورواه الطبراني [9/ 17/ 8311/] وذكر في أوله قصة (1) وهو أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له، وكان عثمان لا يلتفت إليه، ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان بن حنيف فشكا ذلك إليه، فقال له عثمان بن حنيف: أئت الميضأة فتوضأ، ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد! إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي حاجتي، وتذكر حاجتك ورح إلى حتى أروح معك، فانطلق الرجل فصنع ما قال له، ثم أتى باب عثمان فجاء البواب حتى أخذ بيده، فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة، وقال: ما حاجتك؟ فذكر حاجته فقضاها له، ثم قال:

= في القاعدة (108/ 1096) وإسنادهما صحيح، فلعل لأبي جعفر هذا شيخين فلا منافاة، لاسيما وتابعهما على هذه الطريق عون بن عمارة أخرجه الحاكم (1/ 526) وهو وإن كان ضعيفاً إلا أنه ينجبر ضعفه بمتابعة هذين الجبلين، ورواه شبيب عن روح واختلف عليه فيه، وسترى هذا الاختلاف.

(1)

أما حديث القصة الزائدة فهي لا تصح، فقد أخرجها الطبراني في الكبير (9/ 16/ ق 8311) والطبراني في الصغير (103 - 104) والبيهقي في الدلائل كما في القاعدة (109) فالأولان أي حديثا الطبراني من حديث ابن وهب عن أبي سعيد شبيب بن سعيد المكي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي، وتابعه إسماعيل بن شبيب هذا، وإسماعيل لا يعرف، والسند الأول صحيح لكن له علة، فإن ابن وهب وإن كان ثقة حافظاً إلا أن له عن أبي سعيد شبيب هذا مناكير، وستعرف هذا من ترجمة شبيب، قال ابن عدي: حدث ابن وهب عنه بالمناكير وقال: ولعل ابن وهب كتب عنه في تجارته إلى مصر من حفظه فغلط ووهم ثم قال: ولشبيب أحاديث عن الزهري رواها عن يونس عنه وهي مستقيمة، وقال ابن المديني: كتابه صحيح وقد كتبته عن ابنه أحمد، قلت: فالحاصل أن شبيباً حديثه لا بأس به بشروط: أولاً: ألا يكون من رواية ابن وهب، ثانياً: أن يكون من رواية يونس وعن شبيب ابنه أحمد، ثالثاً: من يحدث من كتابه، لكن تابع ابن وهب إسماعيل وهو لا يعرف، فسقطت متابعته وهي عند البيهقي كما قدمناه، وكذا تابعه أحمد بن شبيب أخرجه البيهقي في الدلائل كما في القاعدة (109) رواه من طريق يعقوب بن سفيان عن أحمد بن شبيب عن شبيب بذكر القصة، فثبت شرط وبقي شرطان وهي كون الراوي عنه شبيب هو يونس وليس كذلك، ففقد هذا الشرط وفقد بالتبعية شرط آخر وهو كون شبيب حدث من حفظه، ويعكر على هذا أيضاً كون أحمد اختلف عليه فيه. فرواه ابن السني (202) والحاكم (1/ 526) من طرق ثلاثة عن أحمد بدون ذكر القصة، وكذا رواه عون بن عمارة عن روح به عن الحاكم (1/ 526) بدون ذكر القصة، وهو وإن كان ضعيفاً إلا أنه تابع حماداً وشعبة وشبيباً في عدم ذكر القصة فدل على ضعفها، والخلاصة أن هذه القصة منكرة لأمور:

أولاً: ضعف حفظ شبيب. ثانياً: الاختلاف عليه. ثالثاً: مخالفته للثقات لا سيما وفيهم شعبة وحماد بن سلمة فسقطت القصة التي توهموها تجيز التوسل.

ص: 2095

ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال: ما كانت لك من حاجة فائتنا، ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له: جزاك الله خيراً، ما كان ينظر في حاجتي، ولا يلتفت إلي حتى كلمته في، فقال عثمان بن حنيف: ولله ما كلمته، ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتاه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أو تصبر، فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد، وقد شق علي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ائت الميضأة فتوضأ، ثم صل ركعتين، ثم ادع بهذه الدعوات، فقال عثمان بن حنيف: فوالله ما تفرقنا، وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط. قال الطبراني بعد ذكر طرقه: والحديث صحيح (1).

أقول: هناك معركة كبيرة بين الذين يستحبون التوسل إلى الله برسوله صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد موته عليه الصلاة والسلام، وبين الذين لا يجيزون التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم وبغيره بعد الوفاة، بل غلا بعض هؤلاء واعتبر القول بعدم الجواز من العقائد، فضلل من يقول بالجواز أو الاستحباب، وهؤلاء منهم من حاول تضعيف الحديث الذي مر معنا أو تأويله مع أن الرواية الثانية ظاهرة في الجواز وقد صححها أكثر من إمام، وقد جع الأستاذ البنا هذه المسألة داخلة في باب الفروع الفقهية التي لا ينكر على من فعلها ولا على من لم يفعلها، ما دام معتقداً أن النفع والضر بيد الله وحده، قال الشوكاني في تحفة الذاكرين: وفي الحديث دليل على جواز التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله عز وجل مع

(1) قوله: قال الطبراني بعد ذكر طرقه: والحديث صحيح فقول فيه ما فيه لوجوه:

أولها: أن الطبراني لم يصحح الحديث في الكبير، وإنما صححه في الصغير، ولم ينقل منه الشيخ ولا أشار إليه لا سيما والعزو إلى الطبراني مطلقاً إنما يراد به الكبير وهو هنا كذلك ولم يقيد.

ثانيها: أن الطبراني إنما صحح أصل الحديث وهو حديث شعبة. بدليل كونه ذكر طريق شعبة وتكلم عليها وقال: والحديث صحيح، فلم يصحح القصة الطبراني، وإنما صحح أصل الحديث بدون ذكر القصة.

ثالثها: كونه قال: رواه الطبراني وذكر في أوله قصة توهم أنه رواه من نفس طريق شعبة وليس كذلك لما عرفت فظهر ما في كلامه من الخلل.

(الطنفسة): مثلثة الطاء والفاء أيضاً، وقد تفتح الطاء وتكسر الفاء: اسم للبساط، وتطلق على حصير من سعف يكون عرضه ذراعاً.

ص: 2096

اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى وأنه المعطي والمانع ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. اهـ، إلا أن بعضهم منعوا مثل هذا وما كان لهم أن ينكروا على الأستاذ البنا رحمه الله ما اتجه إليه، كيف وللمسألة أدلتها عند المجيزين، ومن ذلك:

ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في (فتح الباري 2/ 495) في الاستسقاء حديثاً في التوسل فقال روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الداري- وكان خازن عمر- قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتي الرجل في المنام فقيل ائت عمر "الحديث" وذكر الحافظ أن في إحدى روايات الحديث أن الرائي هو بلال بن الحارث الصحابي المشهور وفي ذلك تقرير من الحافظ على التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته وليس المراد الاستدلال بالرؤيا إنما المراد الاستدلال بالفعل فكيف فعل هذا الرجل أو هذا الصحابي هذا الفعل أمام الصحابة وأخبر سيدنا عمر ولم ينكروا عليه ويصفوه بالشرك. فحاشى الصحابة من الإقرار على الشرك حاشاهم وهم أعلم الناس بما يؤدي للشرك.

وقد روى أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما دفن فاطمة بنت أسد أم سيدنا علي رضي الله عنهما: "اللهم (1) بحقي وحق الأنبياء من قبلي اغفر لأمي بعد أمي" رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم والطبراني في الكبير والأوسط وصححوه.

ورجال الحديث رجال الصحيح إلا روح بن صلاح فيه ضعف لكن ذكره ابن حبان في الثقات وقال الحاكم: ثقة مأمون لذلك كان الحديث حسناً فقد قال الإمام ابن حجر أبو العباس في الجوهر المنظم هو سند جيد.

(1) أما حديث فاطمة بنت أسد: فأخرجه الطبراني في الكبير (24/ 351/ ق/ 871) وكذا في الأوسط كما في مجمع البحرين (356 - 357) قاله محققه، وابن حبان والحاكم وأبو نعيم من طريق الطبراني (3/ 121) كلهم من حديث روح بن صلاح ثنا سفيان الثوري عن عاصم الأحول عن أنس بن مالك وذكر الحديث، قال الطبراني بعد سياقه: لم يروه عن عاصم إلا سفيان تفرد عنه روح بن صلاح، قلت: وروح بن صلاح هذا ضعفه ابن عدي والدارقطني، وقال ابن ماكولا: ضعفوه، وقال ابن يونس: رويت عنه مناكير، وقال ابن عدي: له أحاديث كثيرة في بعضها، نكرة إذن فقول ابن حبان والحاكم فيه لا يعتد به لوجوه منها: أ- لكثرة من جرحه. ب- أنه جرح مفسر فلا يقبل تفرده. ج- كون ابن حبان والحاكم متساهلين كما هو معلوم فثبت ضعف القصة والله أعلم.

ص: 2097

ففي الحديث توسله صلى الله عليه وسلم بالأنبياء من قبله وقد توفاهم الله تعالى.

وفي صحيح البخاري أن عمر رضي الله عنه استسقى عام الرمادة بالعباس رضي الله عنه عم النبي صلى الله عليه وسلم، ومن قوله توسلاً به: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، قال فيسقون.

وذكر العلماء أن اكتفاءه بالاستسقاء بالعباس إذا لم يستسق بالنبي صلى الله عليه وسلم كان لدفع توهم عدم جواز الاستسقاء بغيره عليه وآله الصلاة والسلام لا لحق الاستسقاء بالحي حياة ظاهرة إذ أن الصحابة توسلوا به صلى الله عليه وسلم بعد موته دون نكير وقد أتينا بمثالين في ذلك فسيدنا عمر استسقى وتوسل بالعباس لدفع توهم عدم جواز التوسل إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولإظهار شرف آل البيت النبوي، وقد توسل سيدنا عمر رضي الله عنه بالعباس لنكتة أخرى وهي جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل فإن علياً رضي الله عنه وكرم وجهه أفضل من عمه العباس فتوسل سيدا عمر بالعباس لهذا الملحظ. ولهذا قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري عند شرح هذا الحديث: ويستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة، وفيه فضل العباس وفضل عمر لتواضعه للعباس (فتح 2/ 497) ولم يقل الحافظ أنه يستفاد من هذا الحديث أنه لا يجوز التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته.

وفي الحقيقة أن توسل الصحابة رضوان الله عليهم كان بذات العباس، وبدعاء العباس، إذ ذكر الحافظ أن في بعض الروايات مما قاله العباس في دعائه (اللهم إن القوم توجهوا بي إليك لمكاني من نبيك) فتح (2/ 497) فلولا قربه ومكانته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لذهب سيدنا عمر لغيره من آل بيت النبوة فجعلوه وسيلتهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال الإمام الشافعي رضي الله عنه:

آل النبي وسيلتي

وهم إليه ذريعتي

أرجو بهم أعطى غداً

بيدي اليمين صحيفتي

هذا وجميع ما أوردناه من الأحاديث والآثار الصحيحة الصريحة في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته هي في الحقيقة شارحة لقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ

ص: 2098

فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} فالآية عامة في حياته قبل وفاته وبعد وفاته وما زال عمل العلماء على ذلك وقد ذكر العلماء المفسرون لهذه الآية كالحافظ ابن كثير حكاية العتبي المشهورة قال العتبي (1): كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} . وقد جئتك مستغفراً من ذنبي مستشفعاً بك إلى ربي ثم أنشأ يقول:

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه

فطاب من طيبهن القاع والأكم

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه

فيه العفاف وفيه الجود والكرم

قال العتبي: ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيناي فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم فقال: يا عتبي الحق الأعرابي وبشره بأن الله قد غفر له. أهـ. وقال الحافظ ابن كثير إنها حكاية مشهورة (2).

وإن الذين أنكروا على الأستاذ البنا رحمه الله اعتباره أن مسألة التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم من باب الفروع الفقهية فاتهم أن هناك كثيراً من أئمة الهدى توسلوا بالنبي صلى الله عليه أو أجازوا التوسل به، وإن من الغلو أن نحكم على أمثال هؤلاء بالضلال.

وقد تتبع بعض أهل العلم ما أثر عن بعض العلماء في هذا الشأن:

قال الإمام مالك (3) رضي الله عنه للخليفة المنصور لما حج وزار قبر النبي عليه وآله

(1) أما قوله: وذكر الحكاية التي رواها العتبي: نقول: هذه الحكاية أوردها ابن عبد الهادي في "الصارم المنكي في الرد على السبكي" وعزاها لابن عساكر في التاريخ وابن الجوزي في "مثير العزم الساكن" قال ابن عبد الهادي: وسندها مظلم وفيها من لا يعرف، ولو صحت فمتى كانت المنامات حجة، فليس في المنام ما يثبت حكماً شرعياً، وهذا قول العلماء اللهم إلا قول بعض المتصوفة الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله.

(2)

وقول ابن كثير: إنها مشهورة: لا يعني صحتها، فليس كل مشهور صحيحاً، وهذا كثرة في الحكايات والأحاديث فمنها الكثير الموضوع، ومن أراد المعرفة فليراجع كتب المصطلح وكتب الأحاديث المشهورة كالمقاصد الحسنة، وتمييز الطيب من الخبيث وغيره، ففيها من هذا النوع الكثير.

(3)

أما قصة مالك التي ذكرها الشيخ: فقد أخرجها القاضي عياض في الشفاء كما في التوسل والوسيلة لابن تيمية ص 72 رواها عن غير واحد بالإجازة: ثنا أبو العباس بن دلهاث ثنا أبو الحسن بن فهر ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن =

ص: 2099

الصلاة والسلام وسأل مالكاً قائلاً: يا أبا عبد الله، استقبل القبلة وأدعو أم استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدعو؟ فقال الإمام مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله تعالى بل استقبل واستشفع به فيشفعه الله فيك. قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} . ذكر هذه القصة الإمام القاضي عياض في الشفا بإسناد صحيح والسيد السمهودي في خلاصة الوفا والعلامة القسطلاني في المواهب اللدنية والعلامة ابن حجر في الجوهر المنظم انظر كتاب الشفا للقاضي عياض (2/ 92) أو (596) من طبعة محمد علي البجاوي، وشرح "الشفا" للمحدث ملا علي قاري (3/ 636). وثبت عن الإمام أحمد أنه قال: يستحب التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم عند القحط، مذكور في كتب الحنابلة في باب الاستسقاء ككتاب الإنصاف فيما ترجح من الخلاف. انظر الإنصاف (2/ 456).

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني يمدح النبي صلى الله عليه وسلم في قصيدة ويتوسل به: (1)

بباب جودك عبد مذنب كلف

يا أحسن الناس وجهاً مشرقاً وقفا

بكم توسل يرجو العفو عن زلل

من خوفه جفنه الهامي لقد ذرفا

وإن يكن نسبة يعزى إلى حجر

فطالما فاض عذباً طيباً وصفا

والمدح فيك قصور عنكم وعسى

في الخلد يبدل من أبياته غرفا

لا زال فيك مديحي ما حييت له

فما أرى لمديحي عنك منصرفا

= الفرج ثنا أبو الحسن بن المنتاب ثنا يعقوب بن إسحاق ثنا محمد بن حميد قال وذكر الحكاية.

قال ابن تيمية: وهذه الحكاية منقطعة بين محمد بن حميد وبين مالك فإنه لم يدركه في زمن المنصور، فإن أبا جعفر المنصور توفي بمكة سنة ثمان وخمسين ومائة وتوفي مالك سنة تسع وتسعين ومائة وولد ابن حميد سنة ثمان وأربعين ومائة ولم يرحل من بلده في طلب العلم إلا وهو كبير مع أبيه، وهو مع هذا ضعيف جداً فقد كذبه أبو زرعة وابن دارة وصالح جزرة، وقال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بالمقلوبات، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال ابن شيبة (أي يعقوب): كثير المناكير، ثم قال ابن تيمية: فضلاً عن وجود من لا يعرف في الإسناد، ثم قال أيضاً: ومن وجوه الطعن فيها كون أحد من أصحاب مالك لم يذكرها، وقال: وأصحاب مالك متفقون على أنه ليس بمثل هذا النقل يثبت عن مالك مسألة في الفقه، وأطال في رد القصة إسناداً ومتناً فليراجع كلامه فإنه مفيد.

ص: 2100

وقال ابن حجر الهيتمي في قصيدته المشهورة التي ذكرها الإمام المحدث محمد حبيب الله الشنقيطي وغيره:

عبيد هيتمي مستجير

بمن حطت بساحته الحمول

وقال الحافظ ابن دقيق العيد في قصيدة له يمدح فيها النبي صلى الله عليه وسلم ويتوسل به:

يا خاتم الرسل الكرام نداء من

وافى إليك بمدحه مستعذراً

أنا ضيفك المدعو يوم معادنا

المرتجى فاجعل قراي الكوثرا

وقال ابن حجر العسقلاني أيضاً كما هو في ديوانه بخط القلم:

اصدح بمدح المصطفى واصدع به

قلب الحسود ولا تخف تفنيداً

واقصد له واسأل به تعط المنى

وتعيش مهما عشت فيه سعيداً

خير الأنام فمن أوى لجنابه

لا بدع أن أضحي به مسعودا

انظر مجموعة القصائد النبهانية (2/ 57).

قال الإمام الحافظ السبكي: ويحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه ولم يكر ذلك أحد من السلف ولا من الخلف أهـ.

* ولقد رأينا من الفائدة أن نذكر بإيجاز ما هو التوسل الصحيح ملخصاً مجموعاً من كلام العلماء ومعناه لغة كما قال ابن الأثير: الواسل: الراغب، والوسيلة: القربة والواسطة وما يتوصل به إلى الشيء ويتقرب، وقال الفيروزآبادي: وسل الله تعالى توسيلا: عمل عملاً تقرب به إليه كتوسل.

وقال ابن فارس: هو الرغبة والطلب، يقال: وسل: إذا رغب.

والوسيلة قسمان: كونية: وهي كل سبب طبيعي يوصل إلى المقصود ويؤدي إلى المطلوب، فالماء وسيلة للري، والطعام للشبع. شرعية: وهي كل سبب يوصل إلى المقصود عن طريق ما شرعه الله وبينه في كتابه وسنة نبيه، وهي خاصة بالمؤمن، ومن أمثلتها النطق بالشهادتين وسيلة لدخول الجنة والنجاة من النار وهكذا والتوصل منه ما هو محرم وما هو مباح.

أما التوسل المشروع فهو أنواع: أولاً: التوسل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، ودليله من الكتاب قوله تعالى:(ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) والايات في هذا الباب كثيرة، ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم:"اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق .. إلى آخر الحديث" وقوله: "اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك المنان بديع السماوات والأرض يا حي يا قيوم أسألك الجنة وأعوذ بك من النار". =

ص: 2101

انظر فيض القدير (2/ 135).

راجع في هذه المسألة: محق التقول في مسألة التوسل للشيخ محمد زاهد الكوثري، والبدعة للدكتور عزت عطية (373 - 391) ورسالة بهجة الناظر.

= ثانياً: التوسل إلى الله بعمل صالح قام به الداعي، والدليل من الكتاب:(ربنا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار)(ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين) ومن السنة قصة الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار.

ثالثاً: التوسل بدعاء رجل صالح، كحديث الأعرابي الذي أتى يستسقى النبي، وحديث العباس وعمر، وحديث الأعمى. والله أعلم. تمت الإضافات بعلم الناشر.

ص: 2102