الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس
في الإسراع في إخراج الصدقات وعدم كنز المال
3460 -
* روى البخاري عن عقبة بن الحارث رضي الله عنه قال: "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر، فأسرع، وأقبل يشق الناس حتى دخل بيته، فتعجب الناس من سرعته، ثم لم يكن بأوشك من أن خرج، فقال: ذكرت شيئاً من تبر كان عندنا، فخشيت أن يحبسني، فقسمته". وفي رواية (1)، قال: "صليت وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة العصر، فسلم، ثم قام مسرعاً يتخطى رقاب الناس إلى بعض حجر نسائه، ففزع الناس من سرعته، فخرج عليهم، فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته، فقال: ذكرت شيئاً من تبر عندنا، فكرهت أن يبيت عندنا، فأمرت بقسمته.
3461 -
* روى الطبراني في الكبير عن سعيد بن عامر بن حذيم قال بلغ عمر أنه لا يدخر في بيته من الحاجة فبعث إليه بعشرة آلاف فأخذها فجعل يفرقها صرراً فقالت له امرأته أين تذهب بهذه؟ قال: أذهب بها إلى من يرجح لنا فيها فما أبقى لنا إلا شيئاً يسيراً، فلما نفذ الذي كان عندهم قالت له امرأته اذهب إلى بعض أصحابك الذين أعطيتهم يرجحون لك فخذ من أرباحهم وجعل يدافعها ويماطلها حتى طال ذلك، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لو أن حوراء أطلعت أصبعاً من أصابعها لوجد ريحها كل ذي روح فأنا أدعهن لكن؟ لا والله لأنتن أحق أن أدعكن لهن منهن لكن".
3460 - البخاري (3/ 299) 24 - كتاب الزكاة، 20 - باب من أحب تعجيل الصدقة من يومها.
النسائي (3/ 84) 13 - كتاب السهو، 104 - باب الرخصة للإمام في تخطي رقاب الناس.
البخاري (2/ 337) 10 - كتاب الأذان، 158 - باب من صلى بالناس فذكر حاجة فتخطاهم.
(أوشك) هذا الأمر يوشك إيشاكاً: إذا أسرع.
(التبر) ما لم يضرب دنانير من الذهب، ولا يقال له وهو مضروب: تبر، ومنهم من يطلقه على الفضة أيضاً قبل أن تضرب دراهم.
(1)
(يحبسني) حبسني هذا الأمر يحبسني: إذا عاقني
3461 -
الطبراني (الكبير)(6/ 59).
مجمع الزوائد (3/ 124) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات.
أقول: كلام الصحابي يفيد أن الحور العين أحب إليه من نسائه، وهو إنما يتصدق من أجل الجنة لينال حورها على أنه من المعروف شرعاً أن زوجة الإنسان في الجنة أحلى من حور العين وأحب.
3462 -
* روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو كان عندي أحد ذهباً، لأحببت أن لا تأتي ثلاث وعندي منه دينار، ليس شيئاً أرصده في دين علي، أجد من يقبله".
وفي رواية (1): لو كان عندي مثل أحد ذهباً، لسرني أن لا يمر علي ثلاث ليال وعندي منه شيء، إلا شيئاً أرصده لدين".
3463 -
* روى الطبراني عن ابن عباس قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه ذات يوم وفي يده قطعة من ذهب فقال لعبد الله بن عمر: "ما كان محمد قائلاً لربه لو مات وهذه عنده؟ " فقسمها قبل أن يقوم، وقال:"ما يسرني أن لأصحاب محمد مثل هذا الجبل- وأشار إلى أحد- ذهباً وفضة فينفقها في سبيل الله ويترك منها ديناراً" فقال ابن عباس: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قبض ولم يدع ديناراً ولا درهماً ولا عبداً ولا أمة، ولقد ترك درعه مرهونة عند رجل من اليهود بثلاثين صاعاً من شعر كان يأكل منها ويطعم عياله.
3464 -
* روى مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة، فلما رآني قال:"هم الأخسرون ورب الكعبة"، قال: فجئت حتى جلست، فلم أتقار أن قمت، فقلت: يا رسول الله فداك أبي وأمي من هم؟ قال: "هم الأكثرون أموالاً، إلا من قال هكذا، وهكذا، وهكذا، - من بين
3462 - البخاري (13/ 217، 218) 94 - كتاب التمني، 2 - باب تمني الخير
…
إلخ.
مسلم (2/ 687) 12 - كتاب الزكاة، 8 - باب تغليظ عقوبة من لا يؤدي الزكاة.
(1)
البخاري (11/ 264) 81 - كتاب الرقاق، 14 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهباً".
3463 -
الطبراني (الكبير)(11/ 268، 269).
مجمع الزوائد (3/ 123) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير، ورجاله موثقون.
3464 -
مسلم (2/ 686) 12 - كتاب الزكاة، 8 - باب تغليظ عقوبة من لا يؤدي الزكاة.
يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله- وقليل ما هم، ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم، لا يؤدي زكاتها، إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه، تنطحه بقرونها، وتطؤه بأظلافها، كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها حتى يقضى بين الناس".
وأخرجه الترمذي والنسائي بطوله: وفيه- بعد قوله: وقليل ما هم-، ثم قال: والذي نفسي بيده، لا يموت رجل فيدع إبلاً ولا بقراً لم يؤد زكاتها
…
وذكر الحديث.
قال النووي (7/ 73 - 74): "فيه الحث على الصدقة في وجوه الخير وأنه لا يقتصر على نوع من وجوه البر بل ينفق في كل وجه من وجوه الخير يحضر، وفيه جواز الحلف بغير تحليف بل هو مستحب إذا كان فيه مصلحة كتوكيد أمر وتحقيقه ونفي المجاز عنه" وقد عنون النووي لهذا الحديث بقوله: (تغليظ عقوبة من لا يؤدي الزكاة).
3465 -
* روى أحمد عن أبي البختري عن علي رضي الله عنه قال: قال عمر للناس: ما ترون في فضل فضل عندنا من هذا المال؟ فقال الناس يا أمير المؤمنين قد شغلناك عن أهلك وضيعتك وتجارتك فهو لك. فقال لي: ما تقول أنت؟ فقلت: قد أشاروا عليك فقال لي: قل: فقلت لم تجعل يقينك ظناً؟ فقال لتخرجن مما قلت. فقلت أجل لأخرجن مما قلت: أتذكر حين بعثك نبي الله صلى الله عليه وسلم ساعياً فأتيت العباس بن عبد المطلب فمنعك صدقته فكان بينكما شيء فقلت لي: انطلق معي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوجدناه خاثراً فرجعنا ثم غدونا عليه فوجدناه طيب النفس فأخبرته بالذي صنع فقال
= الترمذي (3/ 12) 5 - كتاب الزكاة، 1 - باب ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في منع الزكاة من التشديد.
النسائي (5/ 10) 23 - كتاب الزكاة، 2 - باب التغليظ في حبس الزكاة.
(أتقار) بمعنى أقر وأثبت: أي لم ألبث أن سألته.
(بأظلافها) الظلف للبقر والغنم: بمنزلة الحافر للفرس والبغل، وبمنزلة الخف للبعير.
3465 -
أحمد (1/ 94).
أبو يعلي (1/ 414).
كشف الأستار: رواه البزار إلا أنه قال إنكما أتيتماني وعندي دنانير قد قسمتها وبقيت منها سبعة.
مجمع الزوائد (10/ 238) وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وأبو يعلى والبزار إلا أن أبا البختري لم يسمع من علي، ولا من عمر.
(خاثراً): أي غير نشط.
"أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه"، وذكرنا له الذي رأينا من خثوره في اليوم الأول والذي رأيناه من طيب نفسه في اليوم الثاني، فقال:"إنكما أتيتما في اليوم الأول وقد بقي عندي من الصدقة ديناران فكان ذلك الذي رأيتما من خثوري له وأتيتماني اليوم وقد وجهتهما فذلك الذي رأيتما من طيب نفسي" فقال عمر: صدقت. والله لأشكر نلك الدنيا والآخرة. وزاد أبو يعلى فيه: فقلت، لم تجعل يقينك ظناً وعلمك جهلاً؟ فقال: لتخرجن مما قلت أو لأعاقبنك. وقال لأشكرن لك الدنيا والآخرة. فقلت يا أمير المؤمنين لم تعجل العقوبة وتؤخر الشكر.
قوله: لم تجعل يقينك ظناً؟:
مفاده أن اليقين: أن يخرج ما في يده من المال في سبيل الله وأن ما سوى ذلك محل نظر فلم يستبدل الشك باليقين.
أقول: قوله لم تعجل العقوبة وتؤخر الشكر:
إشارة منه إلى أن عمر هدده ناجزاً، ووعده الشكر، فإنجاز الوعيد والوعد بالشكر: إسراع بالعقوبة ومماطلة بالشكر فكأنه يطلب من عمر أن يعجل له بالشكر بأن يكافئه سريعاً على كلامه.
والحوار بين علي وعمر رضي الله عنهما ..
3466 -
* روى الطبراني في الكبير عن قيس بن أبي حازم قال: دخلنا على ابن مسعود نعوده فقال: ما أدري ما يقولون ولكن ليت ما في تابوتي هذا حجر فلما مات نظروا فإذا فيه ألف أو ألفان.
أقول: هذا النص دليل على أنه يجوز للإنسان أن يتملك وأن يخلف مالاً على أن يؤدي الحقوق التي فيه.
3466 - مجمع الزوائد (3/ 125) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح.
3467 -
* روى الشيخان عن أبي هريرة، قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل، فقال: يا رسول الله أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال: "أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر، وتأمل البقاء، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا ألا وقد كان لفلان".
قال البغوي في شرح السنة: (قوله: لفلان كذا كناية عن الموصى له).
وقوله: قد كان لفلان كذا كناية عن الوارث. وفي الحديث دليل على أن الموصي ممنوع من الإضرار في الوصية لتعلق حق الورثة بماله لقوله: "وقد كان لفلان" وأنه إذا أصر كان للورثة رد الضرر وهو ما زاد على الثلث" (6/ 173).
3467 - البخاري (3/ 284، 285) 24 - كتاب الزكاة، 11 - باب فضل صدقة الشحيح الصحيح.
مسلم (2/ 716) 12 - كتاب الزكاة، 31 - باب بيان أن أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح
…
إلخ.