الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسائل وفوائد
لقد حددت آية قرآنية واحدة مصارف الزكاة بما لا تنقضي عجائبه وذلك من معجزات القرآن الكريم قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (1).
وقد كتب في مصارف الزكاة الكثير واتفق الفقهاء في أمور واختلفوا في بعض التفصيلات وفي ذلك سعة لتقع هذه الأقوال كلها على أحداث الحياة وتلون أحوالها.
ولكون السنة النبوية كانت تعالج الأوابد كما تعالج المستجدات اليومية في حياة المسلمين زمن النبوة بما ينسجم مع الأوابد فإن نصوصها الكثيرة في الموضوع الواحد يمكن أن تتكرر كثيراً بحسب الفصول والأبواب وها أنت رأيت في بحث الصدقات والزكوات أن كثيراً مما ورد في باب القناعة والعفة والترهيب من السؤال يمكن أن نورده في فصل مصارف الزكاة، وكثير مما له علاقة في مصارف الزكاة تجده في باب الحث على الصدقة وكذلك في الفصول السابقة على هذا الفصل وتطبيق النصوص على الواقع هو الذي ينبغي أن ينصب عليه جهد العلماء الذين يعيشون هذا الواقع وذلك مقتضى قولنا: إن من وراثة النبوة معرفة سياسات النبوة والقيام بها على الذات والأسرة والمجتمع
…
مذهب الثوري وابن المبارك وإسحق بن راهويه: أنه متى ملك الإنسان خمسين درهماً أو قيمتها من الذهب لا تحل له الزكاة، ومذهب أبي حنيفة: أن الغنى المانع من أخذ الزكاة أحد أمرين:
ملك نصاب زكوي من أي مال كان، أو أن يملك من الأموال التي لا تجب فيها الزكاة ما يفضل عن حاجته ويبلغ قيمة الفاضل مائتي درهم، ومذهب الجمهور: أن الغنى هو ما تحصل به الكفاية فإذا لم يكن محتاجاً حرمت عليه الصدقة وإن لم يملك شيئاً، وإن كان محتاجاً حلت له الصدقة وإن ملك نصاباً أو أكثر، والأثمان وغيرها في هذا سواء.
وقد خلص الشيخ يوسف القرضاوي إلى اعتماد مذهب الجمهور ومن كلامه:
(1) التوبة: 60.
أولاً: أن من كان له مال يكفيه- سواء أكان ذلك من مال زكوي أو غير زكوي، أو من كسبه وعمله أو من أجرة عقارات أو غير ذلك- فليس له الأخذ من الزكاة. ويعتبر وجود الكفاية له ولعائلته ومن يعوله، لأن كل واحد منهم مقصود دفع حاجته، فيعتبر له ما يعتبر للمنفرد. وجمهور العمال والموظفين من هذا الصنف الذي يعد غنياً بكسبه المتجدد، لا بماله وثروته المدخرة. فلو كان من لا يملك نصاباً فقيراً، لكان كل هؤلاء يستحقون الزكاة. وهذا غير مقبول.
ثانياً: أن من ملك من أموال الزكاة نصاباً- أو أكثر- لا تتم به كفايته لنفسه ومن يعوله. فله الأخذ من الزكاة، لأنه ليس بغني.
فمن له عروض تجارة قيمتها ألف دينار، أو أكثر، ولكن لا يحصل له من ربحها قدر كفايته- لكساد السوق، أو كثرة العيال أو نحوها- يجوز له الأخذ من الزكاة.
ومن كان له مواش تبلغ نصاباً، أو له زرع يبلغ خمسة أوسق، لا يقوم ذلك بجميع كفايته، يجوز له الأخذ من الزكاة ولا يمنع ذلك وجوبها عليه، لأن الغنى الموجب للزكاة هو ملك النصاب بشروط. أما الغنى المانع من أخذها فهو ما تحصل به الكفاية ولا تلازم بينهما" (فقه الزكاة 2/ 555).
أقول: جرت عادة الأغنياء أن يؤدوا زكواتهم في رمضان وذلك إلى الحول القادم فمن عرضت عليه زكاة ممن كان مظنة الحاجة خلال العام فله أخذها، والأحسن في هذه الحالة ألا ينفق منها على نفسه وعياله إلا عند الحاجة فإذا استغنى عنها خلال الحول تصدق بها ومن كان معه مال يكفيه إلى أمد معين وبعد ذلك قد يحتاج، والجهة التي يمكن أن تدفع له بينه وبينها أمد أو أن تحصيل حاجته يحتاج إلى زمن فله أن يسأل قبل الزمن الذي يتوقع احتياجه فيه.
اختلف العلماء في بقاء سهم المؤلفة قلوبهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الحنفية ومالك: قد سقط سهم المؤلفة قلوبهم بانتشار الإسلام وغلبته، وقال الجمهور: حكم المؤلفة باق فيعطون عند الحاجة- وهو الذي نرجحه، الحج عند الحنابلة وبعض الحنفية من السبيل، فيعطى مريد الحج من الزكاة.
يعطى ابن السبيل ما يبلغ به مقصده إذا كان محتاجاً في سفره ولو كان غنياً في وطنه.
اتفق الفقهاء على أنه يدفع الإمام إلى العاملين بقدر ما يسعهم أو يكفيهم وأعوانهم بالوسط مدة ذهابهم وإيابهم لكن قيد الحنفية ذلك بأن لا يزاد على نصف ما يقبضه والذي يظهر أن عصرنا يحتاج إلى اجتهادات مكافئة لتنظيم الزكوات بما يناسب العصر.
من سأل الزكاة وعلم الإمام أنه ليس مستحقاً، لم يجز له صرف الزكاة إليه، وإن علم استحقاقه جاز الصرف إليه بلا خلاف.
يحرم أخذ الزكاة لمن ليس مصرفاً لها كما حددته النصوص والفتوى.
قال أبو حنيفة والحنابلة على الراجح عندهم: لا يجوز دفع زكاة الزوجة إلى زوجها لأن الزكاة تعود إليها بإنفاقه عليها، وقال الصاحبان والشافعية والمالكية على الصحيح عندهم يجوز.
قال الشافعية: الأظهر منع نقل الزكاة، ويجب صرفها إلى الأصناف في البلد الذي فيه المال، فإن لم توجد الأصناف في البلد الذي وجبت فيه الزكاة أو لم يوجد بعضهم، أو فضل شيء عن بعض من وجد منهم، نقلت إلى أقرب البلاد لبلد الوجوب، وقال الحنفية: يكره تنزيهاً نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر إلا أن ينقلها إلى قرابته المحاويج ليسد حاجتهم، أو إلى قوم هم أحوج إليها أو أصلح أو أورع أو أنفع للمسلمين، أو من دار الحرب إلى دار الإسلام أو إلى طالب علم. فلا كراهة بل يندب.
نص الحنفية والحنابلة: أن المسامحة بالدين لا تجزئ عن الزكاة وإنما يجب إعطاء الزكاة للفقير ويمكن استيفاء الدين منه بعد ذلك فيعطيه الزكاة، ثم بعد أن يستلمها يقول له: أعطني ديني.
لو اشترى بالزكاة طعاماً، فأطعم الفقراء غداءً وعشاءً، ولم يدفع عين المال إليهم، لا يجوز لعدم التمليك.
لو قضى دين ميت فقير بنية الزكاة، لم يصح عن الزكاة، لأنه لم يوجد التمليك من الفقير لعدم قبضه، لكن لو قضى دين فقير حي بأمره، جاز عن الزكاة لوجود التمليك من الفقير.
اتفق الفقهاء على أنه يجوز التوكيل في أداء الزكاة، بشرط النية من الموكل أو المؤدي، وللوكيل أن يوكل غيره بلا إذن، ولو نوى الوكيل ولم ينو الموكل لم يجز لأن الفرض يتعلق به. وإن دفعها إلى الإمام ناوياً ولم ينو الإمام حال دفعها إلى الفقراء جاز.
لا يصح أن تدفع الزكاة إلا إلى مسلم من الأصناف الثمانية التي ذكرتها الآية ولا يصح أن تدفع إلى الأصول والفروع ولا إلى من ليس رشيداً، وإنما تدفع في هذه الحالة إلى وكيله أو وصية.
لا يجوز دفع الزكاة إلى بني هاشم لأن آل البيت تحرم عليهم الزكاة لأنها أوساخ الناس، ولهم من خمس الخمس من المغانم في بيت المال ما يكفيهم، هذا وقد نقل عن أبي حنيفة وعن المالكية وبعض الشافعية: جواز إعطاء الهاشميين من الزكاة إذا حرموا من بيت المال سهم ذوي القربى منعاً لتضييعهم ولحاجتهم، وتحل صدقة التطوع لهم عند الأكثرين.
يجوز عند الشافعية أن ندفع للإنسان زكاة ثمن آلة حرفة لابد منها لكسب الإنسان قوته مهما بلغت ولو كان في الأصل يملك نصاباً، لكنه لا يكفيه لشراء آلة العمل التي تلزمه لكسب قوته.
يجوز عند الشافعية أن يدفع لتاجر ثمن بضاعة تجارة التي تلزمه لإقامة تجارته بما يسد حاجته من الزكاة مهما بلغ ذلك ولو كان في الأصل يملك نصاباً.
يجوز لمن لا يجد عملاً أو وجد عملاً، ولكن لا يغطي نفقاته أن يأخذ زكاة يستكمل فيها حاجته.
من كان عنده ملك يحتاجه لسد حاجاته وهذا الملك لا يغطي نفقاته فله أخذ الزكاة ولا يفترض عليه أن يبيع مورد رزقه.
يرى الشافعية أن الغنى الذي لا تجوز معه الزكاة هو الذي يكفي الإنسان لنفسه ولمن
يعوله مدة حياته إذا لم يكن له مورد دوري ويعتبرون سن الثانية والستين هو السن الذي يقدر فيه العمر، بينما يعتبر بعض العلماء أن من كان معه كفاية سنة يعتبر غنياً لا يصح له أخذ الزكاة، أما من كان معه أقل من ذلك فإنه يعتبر فقيراً يجوز له أخذ الزكاة، والعبرة عند الحنفية لملك النصاب الزائد عن الحاجة الأصلية فمن كان يملك نصاباً أو أكثر أو كان يملك نصاباً عن نفسه وعن كل فرد يعوله فلا يصح له أخذ الزكاة. ومن ههنا نجد اجتهادات متعددة للفقهاء في الغنى الذي لا تجوز معه الزكاة، وهذا يعطي الإمام أو السلطان سعة في العمل على ضوء المصلحة.
أجاز القرضاوي وآخرون من علماء العصر أن يقرض من مال الزكاة وعلى هذا فإنه يجوز للقائمين على أمر الزكاة من أفراد أو مؤسسات وحكومات أن يقرضوا من هذا المال. (فقه الزكاة 2/ 634).
الذي نرجحه أن العامل القادر على العمل إذا لم يجد عملاً وكان محتاجاً أنه يدفع له من الزكاة، أما العامل الذي يجد عملاً ولا يعمل فالذي نرجحه ألا يدفع له من الزكاة وإذا دفع له جاز ذلك للدافع عند الحنفية وحرم على الآخذ عند بعضهم، وقال النووي:(إذا لم يجد الكسوب من يستعمله حلت له الزكاة لأنه عاجز)(المجموع 6/ 191).
ذكر الشيخ يوسف القرضاوي أن بعض العلماء ذهبوا إلى أن الفقير والمسكين يعطيان من الزكاة ما يغنيهما مدى الحياة ونقل عن المالكية وجمهور الحنابلة أنه يجوز أن يعطى الفقير والمسكين ومن يعولانه ما يكفيهم سنة. وذهب الحنفية إلى أنه يدفع للإنسان الفقير أو المسكين مقدار النصاب وإذا كان له من يعوله فيدفع لكل واحد منهم مقدار النصاب وكلما احتاج جاز له الأخذ. انظر (فقه الزكاة 2/ 563).
إن الغارمين وهم الذين عليهم ديون يجوز أن ندفع لهم من الزكاة ما نسد به دينهم وما يحتاجون إليه، والعازب الذي يريد الزواج ومن اشترى مسكناً ليسكن فيه إذا أصبحا مدينين جاز لنا أن ندفع لهما من الزكاة وها ما لم يختلف به أهل العلم ومنهم من ذهب إلى أن الراغب في الزواج يصح لنا أن ندفع له ما يلزمه للزواج ابتداء قبل أن يكون عليه دين إن كان محتاجاً، كما يصح أن ندفع لطالب العلم ما يحتاج إليه من أجل طلب العلم سواء في ذلك نفقاته أو ثمن الكتب التي تلزمه لطلب العلم إن كان محتاجاً، سواء كان العلم فرض كفاية
دينياً أو دنيوياً أو كان العلم مندوباً إليه قال الدكتور يوسف القرضاوي:
الغارمون لمصلحة أنفسهم:
غارم استدان في مصلحة نفسه، كأن يستدين في نفقة، أو كسوة، أو زواج، أو علاج مرض، أو بناء مسكن، أو شراء أثاث أو تزويج ولد، أو أتلف شيئاً على غيره خطأ أو سهواً أو نحو ذلك.
روى الطبري عن أبي جعفر- ونحوه عن قتادة-: الغارم المستدين في غير سرف، ينبغي للإمام أن يقضي عنهم من بيت المال. [تفسير الطبري 14/ 338 بتحقيق محمود شاكر].
وأخص من ينطبق عليه هذا الوصف أولئك الذين فاجأتهم كوارث الحياة. ونزلت بهم حوائج اجتاحت مالهم، واضطرتهم الحاجة إلى الاستدانة لأنفسهم وأهليهم، فعن مجاهد قال: ثلاثة من الغارمين: رجل ذهب السيل بماله، ورجل أصابه حريق فذهب بماله، ورجل له عيال وليس له مال، فهو يدان وينفق على عياله [مصنف ابن أبي شيبة 3/ 207) انظر (فقه الزكاة 2/ 623).
أقول: بل ندفع لهم ديونهم ونعطيهم فوقها ما يكفيهم أو يغنيهم مدى العمر أو ما يغنيهم لسنة أو ما يقيمون به أعمالهم التي يتكسبون منها، على ما ذكره الفقهاء من موسع ومضيق.
نقل ابن رشد عن بعض الفقهاء أنهم أجازوا أن يدفع من الزكاة لمن تفرغ لشؤون المسلمين وإن كان غنياً قياساً على العاملين على الزكاة، ونحن نؤثر ألا يتوسع في هذا الموضوع إلا إذا لم توجد موارد أخرى، أو إذا كات ستضيع بعض المصالح إذا لم يتفرغ لها أحد إلا براتب من الزكاة.
والظاهر أن مصالح إسلامية كبيرة تضيع إذا لم نأخذ بهذه الرخصة فالمراكز الإسلامية في كل مكان والأنشطة الإسلامية والتعليم في البلدان الفقيرة ورعاية كثير من الشعوب الإسلامية
ومواجهة الدعاية الكافرة والتفرغ لكثير من التخصصات الإسلامية كل ذلك يحتاج إلى تفرغ وكل ذلك يحتاج إلى رواتب منتظمة وقد يدخل المتفرغون لذلك في دائرة الحرج إذا لم نجز الأخذ من الزكاة وإن كانوا أغنياء.
ذكر الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه القيم (فقه الزكاة) أن سهم المؤلفة قلوبهم لا زال مستمراً وذكر أصناف المؤلفة قلوبهم فذكر منهم:
أ- من يرجى بعطيته إسلامه أو إسلام قومه وعشيرته.
ب- من يخشى شره ويرجى بإعطائه كف شره وشر غيره معه.
ج- من دخل حديثاً في الإسلام فيعطى إعانة له على الثبات على الإسلام.
د- قوم من سادات المسلمين وزعمائهم لهم نظراء من الكفار إذا أعطوا رجي إسلام نظرائهم.
هـ- زعماء ضعفاء الإيمان من المسلمين مطاعون في أقوامهم ويرجى بإعطائهم تثبيتهم.
و- قوم من المسلمين في الثغور وحدود بلاد الأعداء يعطون لما يرجى من دفاعهم عمن وراءهم من المسلمين إذا هاجمهم العدو.
ز- قوم من المسلمين يحتاج إليهم لجباية الزكاة ممن لا يعطيها إلا بنفوذهم وتأثيرهم إلا أن يقاتلوا فيختار بتأليفهم وقيامهم بهذه المساعدة أخف الضررين وأرجح المصلحتين ومما قاله الدكتور يوسف تحت عنوان (أين يصرف سهم المؤلفة في عصرنا؟):
[إن الجواب عن هذا واضح مما ذكرناه من بيان الهدف الذي قصده الشارع من وراء هذا السهم. وهو استمالة القلوب إلى الإسلام أو تثبيتها عليه، أو تقوية الضعفاء فيه. أو كسب أنصار له. أو كف شر عن دعوته ودولته. وقد يكون ذلك بإعطاء مساعدات لبعض الحكومات غير المسلمة لتقف في صف المسلمين، أو معونة بعض الهيئات والجمعيات والقبائل ترغيباً لها في الإسلام أو مساندة أهله، أو شراء بعض الأقلام والألسنة للدفاع عن الإسلام وقضايا أمته ضد المفترين عليه.
كما أن الذين يدخلون في دين الله أفواجاً كل عام لا يجدون من حكومات البلاد الإسلامية أي معاونة أو تشجيع. والواجب أن يعطوا من هذا السهم ما يشد أزرهم ويسند ظهرهم.
إن الإسلام بما فيه من وضوح وأصالة وملاءمة للفطرة السليمة والعقل الرشيد، ينشر نفسه بنفسه، في كثير من الأقطار. ولكن الذين يعتنقون الإسلام لا يجدون من الرعاية المادية والتوجيهية ما يمكنهم من التبصر في هذا الدين والانتفاع بهداه، ويعوضهم عن بعض ما قدموه من تضحيات، وما لقوه من اضطهاد من عشائرهم أو حكوماتهم.
وكثير من الجمعيات الإسلامية في بلدان شتى تحاول أن تسد هذه الثغرة، ولكنها لا تجد المدد اللازم، والعون الكافي] (فقه الزكاة 2/ 594 - 611).
أقول: إننا نندب الحكومات والجماعات الإسلامية والجمعيات والمؤسسات إلى أن تعلن عن مكافآت لمن يدخل في الإسلام وهذه المكافآت تشمل العطاء المباشر وتشمل الرعاية والتدريس والكفالة لذرية هؤلاء الداخلين في الإسلام وذلك تشجيع للناس على دخول الإسلام ولا يصح أن نستكبر عن سلوك هذا الطريق أو نأنف منه فهو جزء من السياسة النبوية، ولا يصح أن نخشى من لوم اللائمين فإنه لا قيمة للومهم، ومن استنكف من الداخلين في الإسلام عن أخذ المساعدة فهو مشكور مبرور.
قد يؤسر مسلم أو يسجن ولا يطلق سراحه إلا بفدية فهل يجوز أن تدفع من الزكاة؟ ذهب الحنابلة وبعض المالكية إلى جواز ذلك.
من له راتب متجدد أو كسب متجدد ولا يكفيانه بيقين، جاز له أن يأخذ من الزكاة كفايته لشهر أو لسنة أو للعمر على اختلاف بين الفقهاء.
من المسائل التي ذكرها الدكتور يوسف القرضاوي: مسألة ما إذا استدان الإنسان لمصلحة الآخرين أو استدان لإقامة مشروع لمصلحة الجماعة فإنه يعان بأن يدفع له من الزكاة وغيرها وإن كان غنياً. وهذا قوله:
"والنوع الثاني من الغارمين: فئة من أصحاب المروءة والمكرمات، والهمم العالية، عرفها
المجتمع العربي والإسلامي، وهم الذين يغرمون لإصلاح ذات البين، وذلك بأن يقع بين جماعة عظيمة- كقبيلتين أو أهل قريتين- تشاجر في دماء وأموال، ويحدث بسببها الشحناء والعداوة، فيتوسط الرجل بالصلح بينهما، ويلتزم في ذمته مالاً عوضاً عما بينهم، ليطفئ الثائرة، فهذا قد أتى معروفاً عظيماً، فكان من المعروف حمله عنه من الصدقة، لئلا يجحف ذلك بسادات القوم المصلحين، أو يوهن عزائمهم، فجاء الشرع بإباحة المسألة فيها، وجعل لهم نصيباً من الصدقة، ومن الجميل أن يصرح علماؤنا: أن الغارم لإصلاح ذات البين يعطى من الزكاة لسداد غريمه ولو كان هذا الإصلاح بين جماعتين من أهل الذمة.
ومثل هؤلاء المصلحين بين الناس كل من يقوم من أهل الخير في عمل مشروع اجتماعي نافع كمؤسسة للأيتام، أو مستشفى لعلاج الفقراء، أو مسجد لإقامة الصلاة، أو مدرسة لتعليم المسلمين، أما ما شابه ذلك من أعمال البر والخدمة الاجتماعية، فإنه قد خدم في سبيل خير عام للجماعة، فمن حقه أن يساعد من المال العام لها. وليس في الشرع دليل يقصر الغارمين على من غرموا لإصلاح ذات البين دون غيرهم، فلو لم يدخل أولئك في لفظ "الغارمين"، لوجب أن يأخذوا حكمهم بالقياس.
ومعنى هذا أن يعطى من استدان من أجل هذه الخدمات الاجتماعية النافعة من مال الزكاة ما يسد به دينه وإن كان غنياً، كما نص على ذلك بعض الشافعية.
وإذا كان النوع الأول قد استدانوا لمصلحة أنفسهم وأعينوا عليها، فهؤلاء قد استدانوا لمصلحة المجتمع وهم أولى بالمعونة وإذا كان الأولون لا يعطون إلا مع المجاعة. فهؤلاء يعطون ولو مع الغنى". (فقه الزكاة 2/ 630).
أقول: هذا مقيد بأن المتبرع لم يباشر الدفع من مال نفسه وإنما استدان ولا زال الدين عليه قائماً وفي هذا تشجيع للأغنياء أن يستدينوا لصالح مشروع خيري أو أن يتحملوا لحل مشكلة فالناس تثق بهم ولهم أن يجمعوا تبرعات لصالح وفاء هذا الدين.
ونتمنى أن توجد مجموعات من الأغنياء للقيام بمثل هذه المشروعات وإن كثيراً من الحكومات الإسلامية لتفعل هذا الشيء بالأموال التي تجب فيها الزكاة دون نية الزكاة فلو نووا الزكاة لكان ذلك مجزئاً عنهم عند الله تعالى.
هناك صورتان أدخلهما الدكتور يوسف القرضاوي في سهم (سبيل الله) كمصرف من مصارف الزكاة: العمل لتحرير بلاد الإسلام من الكافرين، والعمل لإقامة شريعة الإسلام في البلاد الإسلامية، ومقتضى كلامه أنه يجوز أن تدفع للجمعيات والمؤسسات والأحزاب الإسلامية القائمة على تلك الزكاة. انظر (فقه الزكاة 2/ 666).
ذكر فقهاء الحنفية أن من له مال لا يقهر عليه ولو في بلده يصح له أن يأخذ من الزكاة قياساً على ابن السبيل ويدخل في ذلك من باب أولى المشردون واللاجئون الذين لهم مال في أوطانهم ولا يقدرون عليه.
ما تحتاجه رعاية اليتيم واللقيط يصح أن يكون من الزكاة إذا لم يكن لهما مال ينفق عليهما منه.
الولد يعتبر غنياً بغنى أبيه ما دام دون البلوغ فإذا بلغ يعتبر فقيراً وإن كان والده غنياً وعلى هذا فكل من تجاوز البلوغ وليس له ملك خاص به، وإن كان من أبناء الأغنياء فلنا أن ندفع له من الزكاة.
الأصل أن تدفع الزكاة إلى مسلم عدل لكن أجاز الفقهاء أن تدفع الزكاة إلى فاسق بعمل أو ببدعة ولم يجيزوا أن تدفع الزكاة إلى من كفر ببدعته وإن ادعى الإسلام، وفي عصرنا يجب أن يتأكد من إسلام الإنسان قبل دفع الزكاة لأن كثيراً من الناس ارتدوا بانخراطهم بأحزاب كافرة وتبنيهم لأفكار مكفرة.
قال جمهور الفقهاء: يجوز أن تدفع الزكاة إلى الأقارب ما عدا الأصول والفروع والزوجة.