الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دينار، فرفعهما كلاهما عن طاوس به، ثم قال: وقوله: "في الصدقة" يرد قول من قال: إن ذلك كان في الخراج، وحكى البيهقي أن بعضهم قال فيه:"من الجزية" بدل "الصدقة" فإن ثبت ذلك سقط الاستدلال، لكن المشهور الأول، وقد رواه ابن أبي شيبة عن وكيع عن الثوري عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس:"أن معاذاً كان يأخذ العروض في الصدقة" وانظر الفتح.
3553 -
* روى الطبراني عن أبي موسى ومعاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثهما إلى اليمن فأمرهما أن يعلما الناس أمر دينهم وقال: لا تأخذا الصدقة إلا من هذه الأربعة: الشعير والحنطة والزبيب والتمر".
3554 -
* روى أبو داود عن سعيد بن أبيض رحمه الله عن أبيه أبيض بن حمال: "أنه كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقة- حين وفد عليه- أن لا يأخذها من أهل سبأ؟ فقال: يا أخا سبأ، لابد من صدقة، فقال: يا رسول الله، إنما زرعنا القطن، وقد تبددت سبأ، ولم يبق منهم إلا قليل بمأرب، فصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبعين حلة من قيمة وفاء بز المعافر كل سنة، عمن بقي من سبأ بمأرب، فلم يزالوا يؤدونها حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن العمال انتقضوا عليهم بعد ما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما صالح أبيض ابن حمال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلل السبعين، فرد ذلك أبو بكر على ما وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى مات أبو بكر، فلما مات أبو بكر رضي الله عنه انتقض ذلك، وصارت على الصدقة".
زكاة عروض التجارة:
3555 -
* روى أبو داود عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: "أما بعد، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا: أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع".
قال محقق الجامع: في الباب أحاديث مرفوعة وموقوفة استدل بمجموعها جمهور العلماء
3553 - مجمع الزوائد (3/ 75) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح.
3554 -
أبو داود (3/ 164) كتاب الخراج، باب ما جاء في حكم أرض اليمن، وهو حديث حسن على مذهب ابن حبان.
3555 -
أبو داود (2/ 95) كتاب الزكاة، باب العروض إذا كانت للتجارة، وهو حسن بشواهده.
على وجوب الزكاة في عروض التجارة، فمن المرفوعة، ما رواه الدارقطني في سننه صفحة (203) والحاكم في مستدركه (1/ 388)، والبيهقي في سننه (4/ 147) من حديث أبي ذر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البز صدقته" والبز، قال النووي في "تهذيب الأسماء واللغات" هو بالباء والزاي، وهي الثياب التي هي أمتعة البزاز، قال: ومن الناس من صحفه بضم الباء وبالراء المهملة، وهو غلط. اهـ. ولهذا الحديث طرق لا تخلو من ضعف.
وأما الآثار، فمنها ما رواه مالك في الموطأ (1/ 255) باب زكاة العروض، عن يحيى بن سعيد عن زريق بن حيان، وكان على جواز مصر في زمان الوليد، وسليمان، وعمر بن عبد العزيز، فذكر أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كتب إليه: أن انظر من مر بك من المسلمين فخذ مما ظهر من أموالهم مما يديرون من التجارة، من كل أربعين، ديناراً فما نقص فبحساب ذلك حتى يبلغ عشرين ديناراً، فإن نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئاً، ومن مر بك من أهل الذمة، فخذ مما يديرون من التجارة من كل عشرين ديناراً ديناراً، فما نقص فبحساب ذلك حتى يبلغ عشرة دنانير، فإن نقصت ثلث دينار فدعها، ولا تأخذ منها شيئاً، واكتب لهم بما تأخذ منهم كتاباً إلى مثله من الحول، وإسناده حسن.
وروى أحمد وعبد الرزاق، والدارقطني والشافعي عن أبي عمرو حماس عن أبيه أنه قال: كنت أبيع الأدم والجعاب (1)، فمر بي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: أد صدقة مالك، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنما هو في الأدم، قال: قومه ثم أخرج صدقته، وفيه ضعف، وروى عبد الرزاق في مصنفه قال: أخبرنا ابن جريج، أخبرني موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: في كل مال يدار في عبيد أو دواب، أو بز للتجارة، تدار الزكاة فيه كل عام، وأخرج عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، والقاسم، قالوا في العروض: تدار الزكاة كل عام، لا تؤخذ منها الزكاة حتى يأتي ذلك الشهر عام قابل.
وقد أخرج الشافعي في (الأم 2/ 29) بسند صحيح عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي
* (الجعاب): جمع جعبة: وهي الكنانة التي تجعل فيها السهام.
الله عنهما أنه قال: ليس في العروض زكاة إلا أن يراد به التجارة، ورواه البيهقي في السنن (4/ 147) وقال: وهذا قول عامة أهل العلم.
قال محقق الجامع: وقد استدل بعض العلماء بقوله تعالى: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ..} الآية [البقرة: 268] على زكاة عروض التجارة، فقال البخاري في صحيحه (3/ 243) في الزكاة، باب صدقة الكسب والتجارة، لقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ..} الآية. وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: هكذا أورد هذه الترجمة مقتصراً على الآية بغير حديث، وكأنه أشار إلى ما رواه شعبة عن الحكم عن مجاهد في هذه الآية:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} قال: من التجارة الحلال، أخرجه الطري وابن أبي حاتم من طريق آدم عنه، وأخرجه الطبري من طريق هشيم عن شعبة، ولفظه {مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} قال: من التجارة: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} قال: من الثمار.
وقال الصنعاني في "سبل السلام" واستدل لوجوب الزكاة في مال التجارة بقوله تعالى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} قال: التجارة، وقال الطبري في تفسير الآية: يعني جل ثناؤه: زكوا من طيب ما كسبتم بتصرفكم، إما بتجارة، وإما بصناعته من الذهب والفضة.
وقال النووي في (المجموع 6/ 47)، باب زكاة التجارة: والصواب الجزم بالوجوب به قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين والفقهاء بعدهم أجمعين، وذكر عن ابن المنذر أنه قال: رويناه عن عمر بن الخطاب، وابن عباس، والفقهاء السبعة، والحسن البصري، وطاوس، وجابر بن زيد، وميمون بن مهران، والنخعي، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، والنعمان وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأبي عبيد.
وقال السيوطي الرحيباني في (مطالب أولي النهي 2/ 96، 97) طبع المكتب الإسلامي بدمشق: ووجوب الزكاة في عروض التجارة قول عامة أهل العلم، روي عن عمر، وابنه، وابن عباس، ودليله قوله تعالى:(وفي أموالهم حق معلوم) وقوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} ومال التجارة أعظم الأموال، فكان أولى بالدخول، ولحديث أبي
ذر مرفوعاً "وفي البز صدقته" .. قال: واحتج أحمد بقول عمر لحماس: أد زكاة مالك، فقال: مالي إلا جعاب وأدم، فقال: قومها وأد زكاتها، قال: ولأنه مال نام، فوجبت فيه الزكاة كالسائمة.
وقال صاحب "المنار" العلامة الشيخ محمد رشيد رضا: جمهور علماء الملة يقولون بوجوب زكاة عروض التجارة وليس فيها نص قطعي من الكتاب والسنة، وإنما ورد فيها روايات يقوي بعضها بعضاً، مع الاعتبار المستند إلى النصوص، وهو أن عروض التجارة المتداولة للاستغلال نقود لا فرق بينها وبين الدراهم والدنانير التي هي أثمانها، إلا في كون النصاب يتقلب ويتردد بين الثمن وهو النقد، والمثمن وهو العروض، فلو لم تجب الزكاة في التجارة، لأمكن لجميع الأغنياء أو أكثرهم أن يتجروا بنقودهم ويتحروا أن لا يحول الحول على نصاب من النقدين أبداً، وبذلك تبطل الزكاة فيهما عندهم، ورأس الاعتبار في المسألة أن الله تعالى فرض في أموال الأغنياء صدقة لمواساة الفقراء ومن في معناهم، وإقامة المصالح العامة، وأن الفائدة في ذلك للأغنياء تطهير أنفسهم من رذيلة البخل، وتزكيتها بفضائل الرحمة بالفقراء وسائر أصناف المستحقين، ومساعدة الدولة والأمة في إقامة المصالح العامة، والفائدة للفقراء وغيرهم إعانتهم على نوائب الدهر، مع ما في ذلك من سد ذريعة المفاسد في تضخم الأموال، وحصرها في أناس معدودين، وهو المشار إليه بقوله تعالى في حكمة قسمة الفيء:(كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) فهل يعقل أن يخرج من هذه المقاصد الشرعية كلها التجار الذين ربما تكون معظم ثروة الأمة في أيديهم؟
وقال الشيخ محمود شلتوت في كتابه "الفتاوى" صفحة (121): وأما عروض التجارة، فالرأي الذي يجب التعويل عليه- وهو رأي جماهير العلماء من سلف الأمة وخلفها- أنه تجب فيها الزكاة متى بلغت قيمتها في آخر الحول نصاباً نقدياً، ومعنى هذا أن التاجر المؤمن يجب عليه في آخر كل عام أن يجرد بضائعه جميعاً، ويقدر قيمتها، ويخرج زكاتها متى بلغت نصاباً، مع ملاحظة أنه لا يدخل في التقدير المحل الذي تدار فيه التجارة، ولا أثاثه الثابت، قال: وعروض التجارة في واقعها أموال متداولة بقصد الاستغلال، فلو لم تجب الزكاة في الأعيان التجارية- والأموال عند كثير من الأمم الإسلامية مصدرها الزراعة
والتجارة- لترك نصف مال الأغنياء دون زكاة، ولاحتال أرباب النصف الآخر على أن يتجروا بأموالهم، وبذلك تضيع الزكاة جملة، وتفوت حكمة الشارع الحكيم من تشريعها وجعلها ركناً من أركان الدين.
أقول: إن ما سنه الخلفاء الراشدون والسلاطين العدول الراشدون سوابق يستأنس بها ومن هؤلاء عمر بن عبد العزيز، وما سنه عمر بأن يتساهل فيما قل ثمنه مما يحمله المسافرون فلا يؤخذ منه شيء: أصل يمكن أن يقاس عليه.