الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المثال الثاني: شجاعته صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد:
من مواقفه في الشجاعة أيضًا، وصبره على أذى قومه ما فعله صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد، فقد كان صلى الله عليه وسلم يقاتل قتالًا عظيمًا؛ فإن الدولة كانت أول النهار للمسلمين على المشركين، فانهزم أعداء الله وولوا مدبرين حتى انتهوا إلى نسائهم، فلما رأى الرماة هزيمتهم تركوا مركزهم الذي أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه، وذلك أنهم ظنوا أنه ليس للمشركين رجعة، فذهبوا في طلب الغنيمة، وتركوا الجبل فكرَّ فرسان المشركين فوجدوا الثغر خاليًا قد خلا من الرُّماة فجازُوا منه، وتمكَّنوا حتى أقبل آخرهم فأحاطوا بالمسلمين، فأكرم الله من أكرم منهم بالشهادة، وهم سبعون، وتولى الصحابة، وخلص المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجرحوا وجهه، وكسروا رباعيته اليمنى، وكانت السفلى، وهشموا البيضة على رأسه، وقاتل الصحابة دفاعًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
(1) انظر: زاد المعاد 3/ 196، 199، والرحيق المختوم ص255، 256.
وعندما اجتمع المسلمون، ونهضوا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشعب الذي نزل فيه، وفيهم أبو بكر، وعمر، وعلي، والحارث بن الصِّمة الأنصاري وغيرهم، فلما استندوا إلى الجبل أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أُبَيُّ بن خلف، وهو على جواد له، ويقول: أين محمد، لا نجوت إن نجا؟ فقال القوم: يا رسول الله، أيعطف عليه رجل منا، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتركه، فلما دنا منه تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب غزوة أحد 3/ 1415، برقم 1789.