الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا من مظاهر حلم النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أخذ بالظاهر ولم يؤمر أن ينقب قلوب الناس، ولا أن يشق بطونهم، والرجل قد استحق القتل واستوجبه؛ ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتله؛ لئلا يتحدث الناس أنه يقتل أصحابه ولاسيما من صلَّى (1).
المثال الثالث: مع الطفيل بن عمرو رضي الله عنه:
من مواقف الحلم ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه، فقد أسلم الطفيل رضي الله عنه قبل الهجرة في مكة، ثم رجع إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام، فبدأ بأهل بيته، فأسلم أبوه وزوجته، ثم دعا قومه وعشيرته إلى الله عز وجل فأبت عليه وعصت، وأبطؤوا عليه، فجاء الطفيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر له أن دوسًا هلكت وكفرت وعصت وأبت.
(1) انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري 8/ 69.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن دوسًا قد عصت وأبت، فادع الله عليهم، فاستقبل رسول الله القبلة ورفع يديه، فقال الناس: هلكوا. فقال: اللهم اهد دوسًا وائت بهم، اللهم اهد دوسًا وائت بهم» (1).
وهذا يدل على حلم النبي صلى الله عليه وسلم وصبره وتأَ نِّيه في الدعوة إلى الله عز وجل؛ فإنه صلى الله عليه وسلم لم يعجل بالعقوبة، أو الدعاء على من رد الدعوة؛ ولكنه صلى الله عليه وسلم دعا لهم بالهداية، فاستجاب الله دعاءه، وحصل على ثمرة الصبر والتأنِّي وعدم العجلة، فقد رجع الطفيل إلى قومه، ورفق بهم،
(1) البخاري مع الفتح، في كتاب الجهاد، باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم 6/ 107، برقم 2937، وفي كتاب المغازي، باب قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسي 8/ 101، برقم 4392، وفي كتاب الدعوات، باب الدعاء على المشركين 11/ 196، برقم 6397، ومسلم، في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل غفار وأسلم وجهينة وأشجع وتميم ودوس وطي 4/ 1957، برقم 2524، وأخرجه أحمد واللفظ له 2/ 243، 448، وانظر: البداية والنهاية 6/ 337، 3/ 99، وسيرة ابن هشام 1/ 407.