الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد قال العلماء: إن ركوب النبي صلى الله عليه وسلم البغلة في موضع الحرب وعند اشتداد البأس هو النهاية في الشجاعة والثبات؛ ولأنه أيضًا يكون معتمدًا يرجع الناس إليه، وتطمئن قلوبهم به وبمكانه، وإنما فعل هذا عمدًا، وإلا فقد كانت له صلى الله عليه وسلم أفراس معروفة.
ومما يدل على شجاعة تقدمه صلى الله عليه وسلم وهو يركض بغلته إلى جمع المشركين، وقد فر الناس عنه، ونزوله إلى الأرض حين غشوه مبالغة في الشجاعة والصبر، وقيل: فعل ذلك مواساة لمن كان نازلًا على الأرض من المسلمين، وقد أخبر الصحابة رضي الله عنهم بشجاعته صلى الله عليه وسلم في جميع المواطن (1).
المثال الرابع: شجاعته صلى الله عليه وسلم في الحماية لأصحابه:
روى البخاري ومسلم، عن أنس رضي الله عنه قال: «كان
(1) انظر: شرح النووي على مسلم 12/ 114.
النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق الناس قِبَلَ الصوت، فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم قد سبق الناس إلى الصوت، وهو يقول:"لم تراعوا، لم تراعوا"، وهو على فرس لأبي طلحة عري ما عليه سرج، في عنقه سيف، فقال: "لقد وجدته بحرًا، أو إنه لبحر» (1).
وهذا المثال وغيره من الأمثلة السابقة تدل دلالة واضحة على أن صلى الله عليه وسلم أشجع إنسان على الإطلاق، فلم يكتحل الوجود بمثله صلى الله عليه وسلم، وقد شهد له بذلك الشجعان الأبطال (2).
قال البراء رضي الله عنه: «كنا والله إذا احمرَّ البأس نتقي به،
(1) البخاري مع الفتح، كتاب الأدب، باب حسن الخلق والسخاء، وما يكره من البخل 10/ 455، برقم 6033، ومسلم، كتاب الفضائل، باب في شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وتقدمه للحرب 4/ 1802، برقم 2307.
(2)
انظر: رواية علي بن أبي طالب في شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم في مسند أحمد 1/ 86، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي 2/ 143، وتقدم تخريجها في آخر المثال الأول من شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر.