الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شركهم ودعا إلى عبادة الله وحده، وتابع دعوته إلى الله في المواسم، والأسواق، وخرج إلى الطائف، وأسلم الجن في طريقه عند رجوعه من الطائف، وحصل له من الأذى الكثير فصبر واحتسب.
[الإسراء والمعراج]
ثم أُسريَ به إلى بيت المقدس ليلًا وعُرِج به إلى السماوات العُلى، وقبل الإسراء جاء جبريلُ ففرج صدره ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطستٍ ممتلئ حكمة وإيمانًا فأفرغه في صدره، ثم أطبقه، ثم أخذ بيده فَعُرِج به (1) وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم شُقَّ صدره ثلاث مرات، الأولى في بني سعد وهو صغير، والثانية عند البعثة فقال: (وثبت شق الصدر أيضًا عند البعثة كما أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوَّة، فالأول وقع فيه من الزيادة كما عند مسلم من حديث أنس:«فأخرج علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك» ، وكان هذا في زمن الطفولية فنشأ على أكمل الأحوال، من
(1) البخاري، برقم 349، ومسلم برقم 163.
العصمة من الشيطان، ثم وقع شق الصدر عند البعث زيادة في إكرامه؛ ليتلقى ما يُوحى إليه بقلبٍ قويٍّ في أكمل الأحوال من التطهير، ثم وقع شق الصدر عند العروج إلى السماء؛ ليتأهب للمناجاة، ويحتمل أن تكون الحكمة في هذا الغسل لتقع المبالغة في الإسباغ بحصول المرة الثالثة كما تقرر في شرعه صلى الله عليه وسلم (1).
وصل ليلة الإسراء والمعراج إلى مكان يسمع فيه صريف الأقلام فوق السماء السابعة، وفرضت عليه الصلاة، وصلى بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام ركعتين، ورجع قبل أن يصبح إلى مكة، واستمر في دعوته إلى التوحيد، وصلَّى في مكة قبل الهجرة ثلاث سنين، ولما اشتد الأذى من قريش، وأكمل ثلاثة عشر عامًا في دعوته قومه إلى التوحيد، أَذِنَ الله له بالهجرة، فهاجر إلى المدينة، وفرضت عليه فيها بقية شرائع الإسلام خلال
(1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 7/ 204 - 205.
عشر سنواتٍ، كما تقدم، وسيأتي إتمام الكلام في صبره صلى الله عليه وسلم على أذى قومه، وفي غزواته، وجهاده، وحجِّه حجة الوداع، ورجوعه إلى المدينة، ثم موته بعد أن كمَّل الله به الدين صلى الله عليه وسلم (1).
(1) انظر: زاد المعاد لابن القيم، 1/ 71 - 135، والبداية والنهاية لابن كثير، 3/ 353 - 563، والفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم لابن كثير، ص91 - 330، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي، 1/ 22 - 33.