الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد كان هناك خلاف مستحكم بين الأوس والخزرج، وكانت بينهما حروب في الجاهلية، وآخرها يوم بُعاثٍ ولا يزال في النفوس شيء منها (1).
[أمثلة تطبيقية لحكمة النبي صلى الله عليه وسلم في الإصلاح وجمع شمل المسلمين]
لقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بحل هذه المشكلات كلها، بحكمته العظيمة، وحسن سياسته، وكان حله وإصلاحه لهذه الأوضاع، وجمعه لشمل المسلمين كالآتي:
1 -
بناء المسجد والاجتماع فيه أول عمل وحَّد بين القلوب:
كان أول عمل قام به صلى الله عليه وسلم في الإصلاح والتأسيس بناء المسجد النبوي، واشترك المسلمون جميعًا في البناء، وعلى رأسهم إمامهم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان أول عمل تعاوني عام، وَحَّد بين القلوب، وأظهر الهدف العام للعمل، وقد كان
(1) انظر: البداية والنهاية 3/ 214، وسيرة ابن هشام 2/ 114، وزاد المعاد 3/ 62، والتاريخ الإسلامي لمحمود شاكر 2/ 159، والرحيق المختوم ص171، وهذا الحبيب يا محب ص174، وفقه السيرة لمحمد الغزالي ص188، والبخاري مع الفتح، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد 1/ 524 (رقم 428)، ومسلم، كتاب المساجد، باب بناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم 1/ 373، 374 (رقم 524).
لكل حي في المدينة - قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم مكان يلتقون فيه، فيسمرون ويسهرون، وينشدون الأشعار، فكانت هذه الحال تدل على الفرقة والاختلاف، فعندما بُنيَ المسجد كان مركز المسلمين جمعيًا، ومكان تجمعهم، يلتقون به في كل وقت، ويسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعلمهم ويرشدهم ويوجههم (1).
وبهذا تجمعت الأندية، والتفَّت الأحياء، واقتربت القبائل، وتحابَّت البطون، وانقلبت التفرقة إلى وحدة، ولم تعد في المدينة جماعات، بل جماعة واحدة، ولم تعد زعامات، بل قائد واحد، هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتلقى من ربه الأوامر والنواهي، ويُعلِّم أمته، فأصبح المسلمون صفًا واحدًا، وامتزجت النفوس والعقليات، وتقوت الوحدة، وتآلفت الأرواح، وتعاونت الأجسام (2).
(1) انظر: البخاري مع الفتح، كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه 7/ 239، 240 (رقم 3906).
(2)
انظر: التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر 2/ 161، 162، والرحيق المختوم ص179.